الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع
علاقة الاجتهاد في المناط بالعُرف
سأتناول في هذا المبحث بيان علاقة الاجتهاد في المناط بالعُرف ، وذلك من خلال ثلاثة مطالب ، وهي على النحو الآتي:
المطلب الأول: تعريف العُرف لغةً واصطلاحاً
.
العُرف لغةً: ضد النُّكر ، وجمعه أعراف (1).
وهو: كلُّ ما تعرفه النفس من خيرٍ، وتأنس به وتطمئن إليه (2).
والعُرف اصطلاحاً: عادة جمهور قومٍ من قولٍ أو فعل (3).
وهو من أوضح التعريفات وأدقِّها وأشملها ، فهو واضحٌ في العبارة، دقيقٌ في الدلالة على المراد ، شاملٌ لحقيقة العُرْف وأقسامه ، كما سيتبيَّن في شرح التعريف.
وله تعريفاتٌ أخرى لاتسلم من المؤاخذات القوية (4).
(1) ينظر: الصحاح (4/ 1401)، معجم مقاييس اللغة (4/ 281)، لسان العرب (9/ 239)، تاج العروس (24/ 139) مادة" ع ر ف".
(2)
ينظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 281)، لسان العرب (9/ 239).
(3)
ينظر: المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (2/ 872).
(4)
ينظر: التعريفات للجرجاني (149) ، نشر العَرْف (2/ 114) ضمن رسائل ابن عابدين، الأشباه والنظائر لابن نجيم (101) ،شرح الكوكب المنير (4/ 448) ،العُرْف والعادة في رأي الفقهاء لأبي سنة (8 - ) ،أثر العُرْف للسيد صالح عوض (50 - ).
وفيما يأتي شرحٌ للتعريف ، وبيانٌ لأهم محترزاته:
قوله: (عادة) يشير إلى أن العادة جنسٌ أعمّ تحته أنواعٌ منها العُرف (1).
والعادة هي: الأمر المتكرِّر من غير علاقةٍ عقلية ، أي بدون تلازمٍ عقليًّ يستدعي حدوث التكرار، فلايُسمَّى التلازم العقلي عادةً مهما تكرَّر (2).
وقوله: (جمهور) يفيد أن العُرف لايُعْتَبر إلا إذا كان شائعاً عند أكثر القوم (3).
وقوله: (قوم) ليشمل ما إذا كان العُرف عامَّاً بين الناس ، أو كان خاصاً بين طائفةٍ منهم ،كأهل حِرْفَةٍ معيَّنة ،أو أهل بلدٍ معيَّن (4).
وقوله: (من قولٍ أو فعل) ليشمل الحدُّ العُرفَ اللفظي ، والعُرفَ العملي (5).
والعُرف اللفظي هو: أن يشيع بين الناس استعمال بعض الألفاظ أو التراكيب في معنىً معيّن، بحيث يصبح ذلك المعنى هو المفهوم المتبادر منها إلى أذهانهم عند الإطلاق، بلا قرينةٍ ولا علاقةٍ عقليّة، وذلك كاستعمال لفظ «الدراهم» بمعنى النقود الرائجة في البلد مهما كان نوعها وقيمتها، مع أنّ الدرهم في الأصل نقدٌ فضِّيٌ مسكوكٌ بوزنٍ معيَّنٍ وقيمةٍ محدَّدة (6).
والعُرف العملي هو: اعتياد الناس على شيءٍ من الأفعال العادية أو
(1) ينظر: المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (2/ 873) ،العُرْف والعادة لأبي سنة (13).
(2)
ينظر: التقرير والتحبير (1/ 282) تيسير التحرير (1/ 317) ، نشر العُرْف (2/ 116) ضمن رسائل ابن عابدين.
(3)
ينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي (92) ، نشر العُرْف (2/ 134) ضمن رسائل ابن عابدين، المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (2/ 873) ، العُرْف والعادة لأبي سنة (56 - 57).
(4)
ينظر: الموافقات (2/ 509) ، نشر العَرْف (2/ 116) ضمن رسائل ابن عابدين، المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (2/ 873).
(5)
ينظر: نشر العَرْف (2/ 114) ضمن رسائل ابن عابدين، المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (2/ 873).
(6)
ينظر: نشر العَرْف (2/ 114) ضمن رسائل ابن عابدين، المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (2/ 875 - 876).