الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
زكاة أسهم الشركات
السَّهم في اللغة هو: الحظُّ والنصيب (1).
وفي الاصطلاح: حصةٌ شائعةٌ في رأس مال شركةٍ مساهِمة (2).
ويُطلَق السَّهم أيضاً على: الصك الذي يمثل نصيباً عينياً أو نقدياً لمالكه في رأس مال الشركة المساهِمة، ويكون قابلاً للتداول، أي: قابلاً للبيع والشراء (3).
والشركة المساهِمة هي: الشركة التي يُقسَم رأسُ المال فيها إلى أجزاءٍ متساوية القيمة، وكلُّ جزءٍ منها يُسمَّى سهمًا، وتكون قابلةً للتداول، ولا يُسأل الشركاء عن خسائر الشركة إلا بمقدار الأسهم التي يملكونها (4).
ومن أهم خصائص الأسهم: تساوي قيمة السَّهم في الشركة المساهِمة ، وتساوى مسؤولية الشركاء ، وقابلية السَّهم للتداول وعدم قابلية السَّهم للتجزئة ، (5).
وإذا كانت أسهم الشركات بهذه الخصائص: فهل تجب فيها الزكاة؟
(1) ينظر: الصحاح (5/ 1956) ،معجم مقاييس اللغة (3/ 111) ،لسان العرب (12/ 308) ،تاج العروس (32/ 440)
(2)
ينظر: الأسهم والسندات (47) ، موسوعة المصطلحات الاقتصادية والإحصائية (775).
(3)
ينظر: الأسهم والسندات (47) ، موسوعة المصطلحات الاقتصادية والإحصائية (775).
(4)
ينظر: القانون التجاري السعودي للجبر (289) ، شركة المساهمة في النظام السعودي للمرزوقي (259).
(5)
ينظر: الأسهم والسندات (61)، أحكام التعامل في الأسواق المالية (1/ 166).
وإذا وجبت الزكاة فيها: فهل تجب على الشركة أو على المساهِمين؟ وكيف يتمُّ حينئذٍ إخراج الزكاة في أسهم تلك الشركات؟
لقد بحث مجلس مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي هذا الموضوع في دورته الرابعة ، وأصدر قراراً بهذا الشأن ما نصُّه:
" أولاً: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابةً عنهم إذا نُصَّ في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرارٌ من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويضٌ من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.
ثانياً: تُخْرِج إدارةُ الشركة زكاةَ الأسهم كما يُخْرِج الشخصُ الطبيعي زكاةَ أمواله، بمعنى أن تُعْتبَر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخصٍ واحد، وتفرض عليها
الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عمَّمَه من الفقهاء في جميع الأموال.
ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين.
ثالثاً: إذا لم تزكِّ الشركة أموالها لأي سببٍ من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهِم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكَّت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكَّى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.
وإن لم يستطع المساهِم معرفة ذلك: فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة؛ فإنه يزكيها زكاة المستغلات، وتمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد
دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.
وإن كان المساهِم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكَّاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في مِلْكِه، زكَّى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوقٌ، زكَّى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2.5% من تلك القيمة، ومن الربح إذا كان للأسهم ربح.
رابعاً: إذا باع المساهِم أسهمه في أثناء الحول ضمَّ ثمنها إلى ماله وزكَّاه معه عندما يجيء حول زكاته، أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق" (1).
ويمكن إبراز أوجه تطبيق الاجتهاد في المناط على هذه المسألة فيما يأتي:
أولاً: من ضوابط الاجتهاد في تحقيق المناط اعتبار مقاصد المكلَّفين ، فاختلاف مقصود المكلَّف له أثرٌ في اختلاف الحُكْم ، كما تقدم (2).
وقد راعى مجلس مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي هذا الضابط في تحقيق مناط مايجب من الزكاة في الأسهم في حال قصد ريعها السنوي، وفي حال قصد المتاجرة بها في أسواق المال؛ لاختلاف الحُكْم في الحالتين بناءً على اختلاف قصد المكلَّف.
حيث جاء في القرار ما نصُّه: "فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة؛ فإنه يزكيها زكاة المستغلات. . . وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكَّاها زكاة عروض التجارة.
ثانياً: من ضوابط الاجتهاد في تحقيق المناط مراعاة اختلاف أحوال
(1) قرارات مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة بجدة في المملكة العربية السعودية من (18 - 23) جمادي الآخرة 1408 هـ، قرار رقم (28) بشأن زكاة الأسهم في الشركات
(2)
ينظر: (241 - 244).
المكلَّفين ، فاختلاف أحوالهم التي تصاحب محل الحُكْم له أثرٌ كبيرٌ في اختلاف الأحكام التي تجري عليهم كماتقدم بيانه (1).
وقد راعى مجلس مجمع الفقه الإسلامي هذا الضابط في تحقيق مناط مايجب من الزكاة في الأسهم إذا لم تخرج الشركة زكاة أموالها ، وذلك في حال استطاعة المساهِم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخصّ أسهمه من الزكاة ، أوفي حال عدم استطاعته معرفة ذلك؛ لاختلاف الحُكْم في الحالتين بناءً على الاستطاعة وعدمها.
حيث جاء في القرار ما نصُّه: "إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سببٍ من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم.
وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك:
فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة؛ فإنه يزكيها زكاة المستغلات .. ".
ثالثاً: النصُّ من أهم المسالك الدالة على مناط الحُكْم كما تقدم (2) ، وقد ثبت بالنصِّ أن مناط الحُكْم في وجوب زكاة الأموال غير النقدية هو ماكان يُعَدُّ للبيع والشراء بقصد الربح (3).
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267].
قال الجصَّاص: "عموم هذه الآية يوجب الصدقة في سائر الأموال; لأن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} ينتظمها، وإن كان غير مكتَفٍ بنفسه في المقدار
(1) ينظر: (229 - 235).
(2)
ينظر: (262 - 264).
(3)
وهو مايُسمى ب"عروض التجارة"، مثل: البضائع، والآلات ،والسيارات، والعقارات وغيرها التي تشترى بنية الاتجار بها. ينظر: المغني لابن قدامة (4/ 249) ، بدائع الصنائع (2/ 20 - 21) ، مغني المحتاج (2/ 104) ، التاج والإكليل لمختصر خليل (3/ 153 - 154).
الواجب فيها، فهو عمومٌ في أصناف الأموال ، مُجمَلٌ في المقدار الواجب فيها، فهو مفتقرٌ إلى البيان ، ولما ورد البيان من النبي صلى الله عليه وسلم بذكر مقادير الواجبات فيها صحَّ الاحتجاج بعمومها في كلِّ مالٍ اختلفنا في إيجاب الحق فيه، نحو أموال التجارة" (1).
وقال ابن العربي: " قال علماؤنا: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} [البقرة: 267] يعني: التجارة: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] يعني: النبات، وتحقيق هذا أن الاكتساب على قسمين: منها ما يكون من بطن الأرض وهو النباتات كلها، ومنها ما يكون من المحاولة على الأرض كالتجارة والنتاج، والمغاورة في بلاد العدو، والاصطياد، فأمرَ اللهُ تعالى الأغنياءَ من عباده بأن يؤتوا الفقراء مما آتاهم على الوجه الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم"(2).
وقال الفخر الرازي: "ظاهر الآية يدل على وجوب الزكاة في كلِّ مالٍ يكتسبه الإنسان، فيدخل فيه زكاة التجارة، وزكاة الذهب والفضة، وزكاة النَّعم، لأن ذلك مما يوصف بأنه مُكتسَب"(3).
وعن سمرة بن جندب (4) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نُعِدُّ للبيع (5).
وقد استدلَّ العلماء بهذا الحديث على "أن المال الذي يُعَدُّ للتجارة إذا
(1) أحكام القرآن: (1/ 554).
(2)
أحكام القرآن لابن العربي: (1/ 313).
(3)
مفاتيح الغيب: (7/ 53).
(4)
هو: سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، صحابيٌ جليل، من الشجعان القادة، نشأ في المدينة، ونزل
…
البصرة، توفي سنة (60 هـ).
ينظر في ترجمته: الاستيعاب (2/ 653)، الإصابة (3/ 150)، الأعلام للزركلي (3/ 139).
(5)
أخرجه أبوداود في "سننه"،باب العروض اذا كانت للتجارة هل فيها من زكاة؟ برقم (5621) ، والبيهقي
في "السنن الكبرى "،كتاب الزكاة، باب زكاة التجارة، برقم (7388)، وحسَّنه ابن عبدالبر في التمهيد
(8/ 488)
بلغت قيمته نصاباً تجب فيه الزكاة من أي صنفٍ كان" (1).
وقوله: "للبيع" أي: للتجارة ، وقد خُصّ بالذكر لأنه الأغلب ، حيث إن أعمّ الأموال هي أموال التجارة (2).
وعمومات الكتاب والسُّنَّة التي ورد فيها الأمر بزكاة المال لاتُفرِّق بين مالٍ ومال، إلا ماخُصَّ بدليل ، فيشمل ذلك أموال التجارة وغيرها إلا ما كان للقُنية والانتفاع ، حيث لاتجب فيها الزكاة (3).
فثبت بنصِّ الكتاب والسُّنَّة أن مناط وجوب الزكاة في غير النقدين هو ما ماكان يُعِدُّه مالكُه للمتاجرة به قصد التربُّح منه.
بل إن المنذر حكى الإجماع على وجوب الزكاة في ذلك فقال: " وأجمعوا على أن في العروض التي تُدار للتجارة الزكاة إذا حال عليها الحول"(4).
ولهذا نصَّ الشافعية (5) والحنابلة (6) على اشتراط قصد المتاجرة عند تملُّك العروض؛ لأن الأصل تملُّك العروض للقنية والانتفاع ، فلايصار للتجارة إلا بنية التجارة مع استصحابها إلى تمام الحول.
وقد اجتهد مجلس مجمع الفقه الإسلامي في تحقيق مناط وجوب زكاة العروض في الأسهم المُتاجَر بها في الأسواق المالية ، وهي تلك الحالة التي يقصد فيها مالك الأسهم التربُّح منها بالبيع والشراء ، ولايقصد ريعها السنوي.
وبناءً على ذلك صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي في تلك الحالة بوجوب إخراج زكاة الأسهم باعتبارها من عروض التجارة؛ لأن مالكها قصد التربُّح منها بالمتاجرة فيها.
(1) شرح سنن أبي داود: (6/ 219).
(2)
ينظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود (4/ 297) ، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (2/ 96).
(3)
ينظر: بدائع الصنائع (2/ 20) ،عارضة الأحوذي لابن العربي (3/ 104).
(4)
الإجماع: (48).
(5)
ينظر: المجموع (6/ 48 - 49) ، مغني المحتاج (2/ 106).
(6)
ينظر: المغني لابن قدامة (4/ 251) ، شرح منتهى الإرادات (1/ 435).
وقد ورد في القرار مانصُّه: " وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكَّاها زكاة عروض التجارة ".
رابعاً: من مسالك الاجتهاد في تحقيق المناط الاعتماد على قول أهل الخبرة فيما يحتاج إلى تقويمٍ وتقدير ، كما تقدم في مسالك تحقيق المناط (1).
وقد ردَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي تقويم الأسهم المُعَدَّة للمتاجرة التي تجب فيها زكاة عروض التجارة إلى أهل الخبرة بقيم الأسهم في أسواق المال، وذلك في حال ما إذا لم يكن لتلك الأسهم سوقٌ يُرجَع إليه في قيمتها.
حيث جاء في القرار ما نصُّه: " وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكَّاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكَّى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوقٌ زكَّى قيمتها بتقويم أهل الخبرة .. ".
خامساً: ثبت بالنصِّ أن الخلطة تؤثر في زكاة بهيمة الأنعام، وهي: الإبل، والبقر، والغنم، فتجعل مالَ الرجلين أو أكثر كمالِ الرجل الواحد في الزكاة، سواءٌ كانت خلطة أعيان، وهي أن تكون الماشية مشتركةً بينهما، لكلِّ واحدٍ منهما نصيبٌ مشاع، أو خلطة أوصاف، وهي أن يكون مالُ كلِّ واحدٍ منهما مميزاً، فخلطاه، واشتركا في الأوصاف كالمسرح، والمبيت، والمحلب، والمشرب، والفحل (2).
فإن اختلط جماعةٌ في خمسٍ من الإبل، أو ثلاثين من البقر، أو أربعين من الغنم، وكان مسرحهم، ومبيتهم، ومحلبهم، ومشربهم ، وفحلهم، واحداً أُخِذت منهم الزكاة، وتراجعوا فيما بينهم بالحِصص (3).
(1) ينظر: (269 - 272).
(2)
وقد ذهب إلى ذلك جمهور الفقهاء مع اختلافٍ بينهم في شروط وجوب الزكاة في المال المختلط ،وذهب الحنفية إلى القول بعدم تأثير الخلطة في الزكاة. ينظر: روضة الطالبين (2/ 170) ، المغني لابن قدامة (4/ 51 - 52) ، مواهب الجليل (2/ 266) ، حاشية ابن عابدين (2/ 304).
(3)
ينظر: المراجع السابقة.
قال صلى الله عليه وسلم: «لا يُجْمَع بين متفرق، ولا يُفْرَّق بين مُجْتَمع، خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية» (1).
ومعناه: أن يكون النفر الثلاثة لكلِّ واحدٍ منهم -مثلاً- أربعون شاة وجبت فيها الزكاة فيجمعونها حتى لا تجب عليهم كلهم فيها إلا شاةٌ واحدة ، أو يكون للخليطين مائتا شاةٍ وشاتان ،فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فيفرقونها حتى لا يكون على كلِّ واحدٍ إلا شاةٌ واحدة (2).
و" هو خطابٌ لربِّ المال من جهة ، وللساعي من جهة ، فأمَرَ كلَّ واحدٍ منهم أن لا يُحدِث شيئاً من الجمع والتفريق خشية الصدقة ، فربُّ المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع ، أو يفرِّق لتَقِلّ ، والساعي يخشى أن تَقِلَّ الصدقة فيجمع ، أو يفرِّق لتكثر "(3).
ومعنى قوله: "يتراجعان بينهما بالسوية": أن يكون بين رجلين أربعون شاةً، لكلِّ واحدٍ منهما عشرون ، وقد عَرَفَ كلُّ واحدٍ منهما عينَ مالِه ، فيأخذ المُصَّدِّق من نصيب أحدهما شاةً، فيرجِع المأخوذُ من مالِه على شريكه بقيمة نصف شاة (4).
وقد ذهب الشافعية إلى تعميم زكاة الخلطة في السائمة وفي غيرها مما تجب فيه الزكاة ، كالزروع والثمار ، وعروض التجارة ، والنقدين، وذلك لعموم الحديث (5).
وبناء على ذلك اجتهد مجلس مجمع الفقه الإسلامي في تحقيق مناط زكاة المال المختلط في أموال شركة المساهمة، وذلك باعتبار أنه مالٌ مختلط تعدَّدَ مُلاّكُه ، فيُعامَل معاملة المال الواحد في وجوب الزكاة إذا بلغ النصاب مجتمعاً كالماشية.
(1) أخرجه البخاري في "صحيحه"، كتاب الزكاة، باب: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، برقم (1450) ، من حديث أنس عن أبي بكر رضي الله عنهما.
(2)
ينظر: الموطأ (2/ 371) ،فتح الباري لابن حجر (3/ 314).
(3)
فتح الباري لابن حجر: (3/ 314).
(4)
ينظر: معالم السنن للخطابي (2/ 27) ،فتح الباري لابن حجر (3/ 314).
(5)
ينظر: روضة الطالبين (2/ 172) ، المجموع للنووي (5/ 450) ، مغني المحتاج (2/ 76).
حيث جاء في القرار ما نصُّه: " تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخصٍ واحد، وتُفرَض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عمَّمَه من الفقهاء في جميع الأموال".