الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النظر"، فيُلْحَق به الجوع والعطش المُفْرِطَين وغَلَبَة النعاس، وسائر ما يتعلق به القلب تعلُّقاً يشغله عن استيفاء النظر (1).
وبهذا يتبيَّن أن الاستدلال بالإجماع على أن الشارع ألغى ذلك الوصف، ولم يعتبره مؤثراً في الحكم، أو ألغى خصوصه وأناط الحكم بما هو أعمّ منه يُعَدُّ دليلاً على حَذِف ذلك الوصف أو خصوصه عن درجة الاعتبار.
وإذا حُذِف ذلك الوصف وأنيط الحُكْم بالباقي من الأوصاف، أو حُذِف خصوصه وأنيط الحُكْم بالمعنى الأعمِّ استناداً إلى دليل الإجماع فقد تنقَّح المناط بدليله.
ثالثاً: كون الحُكْم ثابتاً في صورةٍ ما بالباقي من الأوصاف دون الوصف المحذوف
(2).
وذلك لأن المُسْتَدِل إذا بيَّن أن الحُكْم ثابتٌ في إحدى صوره بالباقي من الأوصاف التي دلَّ عليها ظاهر النصِّ دون الوصف المحذوف عُلِمَ حينئذٍ أن ذلك الوصف غير مُعتبرٍ في الحُكْم.
قال الآمدي: " ومنها - أي: من طرق الحذف - أن يُبَيِّن المُسْتَدِل أن الوصف الذي استبقاه قد ثبت به الحُكْم في صورةٍ بدون الوصف المحذوف"(3).
أما الزركشي فقد صرَّح بهذا الطريق واعتباره دليلاً على تنقيح المناط حيث قال: " أن يدل لفظٌ ظاهرٌ على التعليل بمجموع أوصاف، فَيُحْذَف بعضها عن درجة الاعتبار؛ إما لأنه طردي، أو لثبوت الحُكْم على بقية الأوصاف بدونه، ويُنَاطُ بالباقي "(4).
(1) ينظر: إحكام الأحكام لابن دقيق العيد (1/ 467)، فتح الباري لابن حجر (13/ 137)، شرح الكوكب المنير (4/ 116)، نثر الورود (2/ 524).
(2)
ينظر: المقترح في المصطلح للبروي (216)، بيان المختصر للأصفهاني (3/ 104)، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (2/ 238)، تيسير التحرير (4/ 46)، نشر البنود (2/ 169).
(3)
الإحكام: (3/ 335).
(4)
تشنيف المسامع: (4/ 319).
ومثاله: تنقيح المناط بحذف وصف " الأعرابية " الذي دلَّ عليه ظاهر النصِّ في قصة الأعرابي الذي واقع أهله في نهار رمضان (1)؛ وذلك لأن الحُكْم ثابتٌ بالباقي من الأوصاف دون ذلك الوصف، فعُلِم حينئذٍ أن وصف " الأعرابية " غير مُعتبَرٍ في الحُكْم، فَيُحْذَف وتُحْذَف كلُّ الأوصاف التي هي مثله، ويُنَاطُ الحُكْم بالباقي من الأوصاف.
وبهذا يتبيَّن أن ثبوت الحُكْم في صورةٍ ما بالباقي من الأوصاف دون الوصف المحذوف يُعدُّ دليلاً على حذف ذلك الوصف عن درجة الاعتبار.
وإذا حُذِف ذلك الوصف وما هو مثله، وأنيط الحُكْم بالباقي من الأوصاف استناداً إلى ثبوت الحُكْم بها دون الوصف المحذوف فقد تنقَّح المناط بدليله.
(1) سبق تخريجه: (48).