الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكلِّ طريقةٍ موضوعةٍ بوضعٍ إلَهيٍّ ثابتٍ من نبيٍّ من الأنبياء" (1).
والشرع اصطلاحاً: كلُّ ما شرعه الله من العقائد والأعمال (2).
والمقصود بشرع مَنْ قَبْلَنا في اصطلاح الأصوليين: "ما ثبت من الأحكام في شرع مَنْ مضى من الأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم- السابقين على بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم"(3).
المطلب الثاني: حُجِّيَّة شرع مَنْ قَبْلَنا
.
شرع مَنْ قَبْلَنا إذا ثبت بطريق الوحي في الكتاب أو السُّنَّة الصحيحة ولم يقع التصريح بالتكليف به، أو إنكاره، أو نسخه: فهو حُجَّةٌ مُعتَبرةٌ في الاستدلال به على إثبات الأحكام الشرعية، ويلزم العمل بمقتضاه (4).
وقد ذهب إلى ذلك: الحنفية (5) ، والمالكية (6) ، وبعض
(1) الكليات: (524).
(2)
ينظر: الإحكام لابن حزم (1/ 46) ، مجموع الفتاوى لابن تيمية (19/ 306).
(3)
التحبير في شرح التحرير: (8/ 3767).
وحسب اطلاعي لم أعثر عند الأصوليين على تعريف محدَّد لهذا الاصطلاح؛ وذلك لظهور معناه ، وقد اكتفوا بإيراد لقب المسألة ، وتحرير محل النزاع فيها، ونقل مذاهب الأصوليين في ذلك.
(4)
اختلف الأصوليون في حجية شرع مَنْ قَبْلَنا على قولين:
القول الأول: أنه شرعٌ لنا ، وهو حجةٌ يلزم العمل به.
وقد ذهب إلى ذلك: الحنفية ، والمالكية، وبعض الشافعية، والإمام أحمد في أصح الروايتين عنه، واختاره:
…
ابن الحاجب.
القول الثاني: أنه ليس بشرعٍ لنا ، ولايصح الاحتجاج به، وقد ذهب إلى ذلك: الشافعية، والإمام أحمد في رواية عنه، واختاره: الغزالي ، والآمدي.
ينظر: البرهان (1/ 503 - 504) ، العدة (3/ 753 - 757) ، المستصفى (2/ 438 - 439) ، قواطع الأدلة (2/ 209 - 211) ، المحصول (3/ 265 - 266) ،الإحكام للآمدي (4/ 172) ، البحر المحيط للزركشي (6/ 41 - 45) ، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (2/ 287) ،شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناني (2/ 352) ، شرح الكوكب المنير (4/ 412) ، تيسير التحرير (3/ 131) ، فواتح الرحموت (2/ 229) ، إرشاد الفحول (2/ 982 - 985).
(5)
ينظر: أصول السرخسي (2/ 99) ، كشف الأسرار (3/ 214) ، تيسير التحرير (3/ 131) ، فواتح
…
الرحموت (2/ 229)
(6)
ينظر: شرح تنقيح الفصول (279).
الشافعية (1) ،والإمام أحمد في أصح الروايتين عنه (2).
واختاره: ابن الحاجب (3) ، وابن تيمية (4).
واستدلوا على ذلك بأدلةٍ كثيرة، ومن أقواها دلالةً على المطلوب مايأتي:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في قصة الربيع بنت النضر بالقصاص في السِّنّ، وقال:"كتاب الله القصاص"(5)،وليس في القرآن: السِّنّ بالسِّنِّ إلا ما حكي فيه عن التوراة بقوله عز وجل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45] فدلَّ على أنه عليه الصلاة والسلام قضى بحُكْمٍ في شرع مَنْ قَبْلَه، ولولم يكن شرعاً له لما قضى به ، ولما صحَّ هذا الاستدلال منه صلى الله عليه وسلم (6).
ثانياً: أن النبي عليه الصلاة والسلام استدلَّ على وجوب قضاء الصلاة المنْسيَّة عند ذكرها بقوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} [طه: 14] وإنما الخطاب فيها لموسى عليه السلام على ما دلَّ عليه سياق القرآن، وذلك لمَّا نزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلاً، فنام فيه وأصحابه، حتى فات وقت صلاة الصبح أمرهم، فخرجوا عن الوادي، ثم صلَّى بهم الصبح، واستدلَّ بالآية ، ولولا التعبُّد بعد البعثة بشرع مَنْ قَبْلَه، لما قرأها الرسول
(1) ينظر: البرهان (1/ 503 - 504) ،قواطع الأدلة (2/ 209 - 211) ، البحر المحيط للزركشي (6/ 41 - 45) ، شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناني (2/ 352) ، إرشاد الفحول (2/ 982 - 985).
(2)
ينظر: العدة (3/ 753) ،التمهيد للكلوذاني (2/ 416) ، شرح الكوكب المنير (4/ 412).
(3)
ينظر: مختصر ابن الحاجب (2/ 1183).
(4)
ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 462 - 464).
(5)
أخرجه البخاري في " صحيحه" ، كتاب الصلح ، باب الصلح في الدية ، رقم (2703) ، وأخرجه مسلم في "صحيحه" ، كتاب القسامة والمحاربين ، باب إثبات القصاص في الأسنان ومافي معناها، رقم (1675).
(6)
ينظر: العدة (3/ 760) ، روضة الناظر ، الإحكام للآمدي (4/ 175) ، شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 171) ، بيان المختصر للأصفهاني (3/ 271) ، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (2/ 287) ، التقرير والتحبير (2/ 309) ، شرح الكوكب المنير (4/ 417) ، إرشاد الفحول (2/ 983 - 984).