الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1167 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من أسلم، ورجلًا من اليهود، وامرأةً". رواه مسلمٌ.
- وقصَّة رجم اليهوديَّين في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
قوله: "رجلًا من أسلم" هو ماعز رضي الله عنه، "ورجلًا من اليهود"، وهو اليهودي الذي زنى بامرأة يهودية، وقوله:"وامرأة" هل المراد: امرأة من اليهود، أو المراد: امرأة مطلقًا؛ الظاهر أن المراد: امرأة من اليهود فهؤلاء ثلاثة رجمهم النبى صلى الله عليه وسلم، والباقي اثنان وهما الغامدية وامرأة صاحب العسيف، والغامدية هي الجهنية.
تخفيف الحد على المريض الضعيف:
1168 -
وعن سعيدٍ بن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: "كان في أبياتنا رويجلٌ ضعيفٌ، فخبث بأمةٍ من إمائهم، فذكر ذلك سعيدٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اضربوه حدَّه. فقالوا: يا رسول الله، إنَّه أضعف من ذلك، فقال: خذوا عثكالًا فيه مائة شمراخ ثمَّ اضربوه به ضربةً واحدةً؛ ففعلوا". رواه أحمد، والنِّسائيُّ، وابن ماجه، وإسناده حسنٌ، لكن اختلف في وصله وإرساله.
قوله: "في أبياتنا"، في للظرفية، والمعنى: في حيّنا، "رويجل"، تصغير رجل، يعني: أنه رجل ضعيف ممتهن، "فخبث" أي: زنى؛ لأن الزنا خبث كما قال الله تبارك وتعالى: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطَّيبات للطَّيِّبين والطَّيِّبون للطَّيِّبات أولئك مبرَّءون ممَّا يقولون لهم مَّغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ} [النور: 26]. "فخبث بأمة من إمائهم" والظاهر أنها كانت أمة مملوكة، "فذكر ذلك سعيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اضربوه حدًّا، فقالوا: يا رسول الله، إنه أضعف من ذلك" يعني: لا يستطيع الحد، فقوله:"اضربوه حدًّا" وهو مائة جلدة، وهذا يدل على أن هلًا الرويجل غير محصن، فقال: "خذوا عثكالًا فيه مائة شمراخ ثم أضربوه
…
إلخ".
قوله: "إنه أضعف من ذلك" أي مرن أن يضرب الحد، وقوله:"عثكالًا "، العثكال أصل الشماريخ، وأنتم تعرفون عذق النخل له أصل وله شماريخ، الأصل يسمى عثكالًا، والشمراخ هو الذي تنبت عليه حبات الرطب، "ثم أضربوه به ضربة واحدة" فإذا ضرب به ضربة وفيه مائة شمراخ كانت هذه الضربة الواحدة عن مائة ضربة.
قال: "لكن اختلف في وصله وإرساله"، وإذا اختلف في وصله وإرساله اتبع الأرجح؛ لأن من خالف الأرجح فهو شاذ عند أهل المصطلح، فإن تساووا قدم من وصل؛ لأن معه زيادة علم.
هذا الحديث فيه فوائد: منها: الحذر من المظاهر، وإلَّا يغتر الإنسان بها، وذلك أن هذا الرويجل الضعيف لا يظن به أن يعمد إلى أمة من الإماء فيفجر بها؛ لأنه ضعيف فيجب الحذر، وإلَّا يغتر الإنسان بالمظاهر.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجب الستر على من زنى، وجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على من أخبره بزنا هذا الرويجل.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز التوكيل في إقامة الحد لقوله: "اضربوه حدَّه".
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجب التغريب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكره، ولكن في هذا الاستدلال نظر؛ لأننا نقول: إن كان هذا الرويجل مملوكًا كما هو ظاهر الحال حيث زنى بأمة، فالمملوك لا يغرب؛ لأن في ذلك ضررًا على سيده، وقد قال بعض العلماء: إنه يغرب، وبعضهم قال: يغرب نصف سنة، وسبق ذكر الخلاف في هذا وإن كان حرًّا فإن عدم الذكر ليس ذكرًا للعدم، وإذا كان كذلك فإنه لا ينافي الأحاديث الدالة على أنه يغرب الزاني.
ومن فوائد الحديث: أن هذا الرويجل ليس محصنًا، وجه ذلك: أنه قال: "اضربوه حده"، ولم يقل: ارجموه، فإن كان مملوكًا فعدم إحصانه ظاهر؛ لأن من شرط الإحصان: أن يجامع زوجته التي تزوجها بنكاح صحيح وهما بالغان عاقلان حران، وإن كان حرًّا فإنه يستدل باللازم، فإن من لازم الاقتصار على الأمر بالجلد أنه ليس بمحصن.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا كان من وجب عليه الحد لا يقوى على تحمل الحد فإنه يعدل إلى ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن يؤخذ عثكالًا من النخل فيه مائة شمراخ ويضرب به ضربة واحدة، واختلف العلماء رحمهم الله: هل يجب آن تنشر الشماريخ حتي يباشر كل شمراخ بدن هذا المحدود أو لا يشترط؟ الصحيح أنه لا يشترط أولًا: لأنه لم يذكر في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن تفرق هذه الشماريخ، والثاني: أن تفريقها فيه مشقة شديدة، وقد لا يمكن أن تنشر مائة شمراخ حتى تباشر الضرب هذا صعب أو متعذر، فالصواب أنه لا يشترط أن تفرق هذه الشماريخ، وهل مثل ذلك ما ذكره الله عن أيوب حين قال له:{وخذ بيدك ضغثًا فاضرب به ولا تحنث} [ص: 44]؟ الجواب: نعم مثل هذا؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أقسم أن يضرب امرأته مائة جلدة، ولكن أفتاه الله عز وجل بذلك {وخذ بيدك ضغثًا فاضرب به ولا تحنث} ، وهل يقال: إنه متى وجب الحد على ضعيف لا يحتمله فإنه يضرب بالعثكال الذي فيه مائة شمراخ بكل حال أو