الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن فوائد الحديث: أن الإنسان إذا لقي عدوه فإنه لا يباغته بالقتال ولكن يعرض عليه الخصال الثلاث التي ذكرها النبي صلي الله عليه وسلم لقوله: "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلي ثلاث خصال .... الخ".
فإن قيل: ما الجمع بين هذا الحديث وبين إغارة النبي صلي الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون؟
فالجواب أن يقال: إما أن الدعوة على سبيل الاستحباب وأنه إذا اقتضت المصلحة أن يغير على العدو بدون دعوة فليفعل، وإما أن يقال: إن بني المصطلق قد بلغتهم الدعوة وأصروا على ما هم عليه من الكفر وحينئذٍ تكون الدعوة واجبة فيمن لم تبلغه ومن بلغته فلا ندعوه إلا على سبيل الاستحباب
فائدة جواز الجزية من مشركي العرب:
ومن فوائد الحديث: أخذ الجزية من المشركين لقوله: "إذا لقيت عدوك من المشركين"، وعلى هذا فلا يختص أهل الجزية باليهود والنصارى والمجوس، وهذه المسألة اختلف فيها العلم فقال أكثر أهل العلم: إنها لا تؤخذ إلا من اليهود والنصارى لقوله تعالى: ? قتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون? [التوبة: 29]. وقال في غيرهم: ? فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم وأقعدوا لهم كل مرصد? [التوبة: 5]. وقال النبي صلي الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة"، وعلى هذا فلا تكون الجزية إلا لليهود والنصارى.
ثم إنه أورد على القول بأنه قد ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر، وهم ليسوا من أهل الكتاب، أجابوا على ذلك بأن لهم شبهة كتاب وأن لهم كتابًا أنزل لكنهم ضلوا عنه، ولكن هذه الإجابة فيها نظر، والصواب أن يقال: إن كونه يخص الجزية بالذين أوتوا الكتاب لا يدل على أن غيرهم لا يؤخذ منهم بدليل هذا الحديث: "إذا لقيت عدوك من المشركين"، لكن خص أهل الكتاب، لأن معهم علمًا ببعثة الرسول صلي الله عليه وسلم، فإذا أخذت الجزية منهم وعاشوا في بلاد الإسلام فربما يستجيبون وهذا فيما سبق، أما الآن فإن النصارى واليهود أشد عداوة من غيرهم في الوقت الحاضر وأبعد الناس عن الدخول في الإسلام والاستجابة ولاسيما العرب
منهم فإن عندهم عنادًا عظيمًا في البقاء على كفرهم ولا تكاد تجد أحدًا من نصارى العرب أو اليهود أسلم لكن غير العرب يوجد كثير من النصارى يسلمون ومن المشركين، إذن القول الراجح: أخذها من جميع الكفار.
ومن فوائد الحديث: أن فيه دليلًا على أنه لا إكراه على الإسلام، لأنه لو كان إكراه ما قبلت الجزية، فبقبول الجزية يدل على أن لا إكراه في الإسلام، إذن ما الواجب نحو الإسلام والله تعالى يقول: ? ليظهره على الدين كله? ؟ الواجب: أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الظهور للإسلام إما بالدخول فيه وإما ببذل الجزية مع الصغار، لأنه إذا بذل الجزية وصار يعطينا الجزية بذل وخضوع فهذا هو العلو، ثم إن هذا الذي يعطي الجزية لو أنه نقض العهد ولو بتعد على مسلم انتقض عهده ووجب أن يقتل وحل دمه وماله حينئذٍ يحصل إعلاء كلمة الله عز وجل.
ومن فوائد الحديث: أن أول ما يدعي إليه الناس الإسلام، فيكون فيه رد لقول من يقول: إن أو لواجب هو النظر، لأن هذا القول ضعيف إذ إن الفطرة كافية في ذلك فأول واجب أن يدعى الناس إلى الإسلام ولا حاجة أن نقول: انظر في الآيات أولًا ثم أسلم، لأن هذا سوف يطيل المسألة ثم هو مخالف لسنة الرسول صلي الله عليه وسلم ودعوته إلى الإسلام بل كان يدعو إلى التوحيد رأسًا دون أن يقول: انظر للمقدمات والنتائج وكيف حصل كذا وهذا لابد له من محدث والمحدث لابد أن يكون واجب الوجود ثم يدور رأيه ويقول: ما دام الإسلام السلام عليكم بل نقول: أول ما ندعو إليه هو التوحيد كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله".
ومن فوائد الحديث: أنه يجب التحول إلى دار الهجرة دون البقاء في البادية لما في ذلك من اجتماع الكلمة واجتماع الناس في بلد واحد، لكنه يجب هذا أو أن يسقطوا حقهم من الغنيمة والفيء، فيقال: أنتم كنتم تريدون أن يكون لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم فتحولوا إلى بلد المهاجرين ولا تبقوا في البادية وإذا شئتم بقيتم ولا حق لكم في الغنيمة إلا أن تشاركوا في الجهاد إذا شاركتم في الجهاد فلكم من الغنيمة
ومن فوائد هذا الحديث: جواز أخذ الجزية على الكافر إذا لم يسلم وهل هي عقوبة أو من أجل حمايته، لأن من له ذمة يجب حمايته وعصمته؟ الظاهر: الثاني، ولهذا يجب علينا أن نحميهم وإذا اعتدى عليهم أحد بحقهم ويجب علينا أن نكف عنهم أيضًا لو اعتدى أحد
على عرضهم وغير ذلك فإن قيل: إنها عقوبة على بقائه على الكفر فإننا نقفز منها إلى فائدة ثانية، وهي: جواز العقوبة بالمال والعقوبة بالمال ثابتة لا شك فيها منها: ما سبق في تحريق رحل الغال، ونمها: إضعاف القيمة على من كتم الضالة، ومنها: إضعاف القيمة على من سرق من الثمر المعلق قبل أن يئويه الجرين.
المهم: أن القول الراجح أنه يجوز التعزيز بأخذ المال ولكن لو قال قائل: التعزيز بأخذ المال لأنه يستفاد منه أن نأخذ المال ونجعله في بيت المال، لكن كيف تعزرون بإحراق المال أو بكسر آلات اللهو أو ما أشبه ذلك؟ يقال إن التعزيز هو التأديب فإذا كان التغزيز بالإحراق أو بالكسر كان هو الواجب ونحن أتلفنا هذه المالية على صاحبها إذن نتلفها على بيت المال، لأنه عام فإذا جاز إتلافها على الأخص جاز إتلافها على الأعم وهذا هو القياس.
ومن فوائد الحديث: استحضار الاستعانة بالله عز وجل عند قتال الكفار لقوله: "فاستعن عليهم بالله وقاتلهم" والاستعانة بالله تكون بالقلب وتكون باللسان أما بالقلب فواضح أن الإنسان يستعين الله عز وجل، وأما باللسان فيقول: اللهم أعني عليهم اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم اللهم إنا نقاتلهم فيك، وما أشبه ذلك من الكلمات التي يتوسل بها الإنسان إلى ربه عز وجل في الدعاء المفيد للاستعانة.
ومن فوائد الحديث: جواز محاصرة العدو، بمعني: أن نحيط به ونطوقه، لكن هل يجوز في محاصرته أن نقطع عنهم الماء؟ إذا كان هذا مصلحة قطعناه، إذا كان أقرب إلى إجابتهم فإننا فننا نقطع الماء عنهم.
فإن قال قائل: قطعكم الماء يستلزم هلاك الصبيان والنساء والشيوخ ومن لا يجوز أن يقتل.
قلنا: هذا اللازم يكون تبعًا غير مقصود، فإننا لم نقصد بذلك هلاك هؤلاء الذين لا يقاتلون وإنما قصدنا قتل هؤلاء المقاتلين وجاء هلاك تبعًا غير مقصود، ولهذا يجوز أن نرمي العدو بالمنجنيق، وهو- فيما سبق- عبارة عن خشبتين تنصبان وثالثة تكون عرضًا ويكون هناك حبلان طرفهما في مكان يجعل فيه الحجر ثم يدار بشدة، إذا دير بشدة ثم يطلق فإن الحجر سوف ينطلق ويكون على حسب قوة الرامي على كل حال، المنجنيق بدله الآن المدفع والصواريخ يجوز أن نفعل هذا بالكفار وإن قتلنا من لا يحل قتله، لأن هذا غير مقصود بل هو تبع ولأننا لا يمكن أن نصل إلى المقصود إلا بهذه الطريقة ويمكن أن يستدل لذلك بإغارة النبي صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق، لأنه إذا أغار عليهم سوف يكون عندهم نساء وربما يقتلون نساء أو أطفالاً.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز للقائد المحاصر للحصن إذا أرادوا أن ينزلوا على حكمه أن يجعل لهم ذمة الله وذمه رسوله، يعني: عهد الله وعهد الرسول، لأنه ربما تخفر الذمة وخفر ذمم الإنسان أهون من خفر ذمة الله ورسوله.
فإن قيل: إذا كان الإنسان واثقًا من الوفاء فما الجواب؟
أقول: وإن كان واثقًا فإن إخفار الذمة وارد، قد يكون بسبب مباح لكن العدو لا يعلم فيظنه غادرًا فيغدر أمام العدو بذمة الله وذمة رسوله أو يقال: الإنسان بشر يمكنه عند عقد العهد واثقًا من الوفاء لكنه يطرأ عليه الغدر والخيانة، فلذلك نقول: لا يجوز أن تجعل لهم ذمة الله وذمه رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أن الأحكام معللة يعني: أنها ليست مجرد حكم بل لا بد لها من علة إما أن تكون معلومة أو مجهولة أو منصوصًا عليها أو غير منصوص، فالأقسام أربعة: علة معلولة منصوص عليها وعلة معلومة مستنبطة، والثالث: علة مجهولة لنا لكنها معلومة عند الله عز وجل الرابع: أن تكون مجرد امتحان للعباد والمعلومة يمكن أن نقسمها إلى معلومة عند جميع الناس ومعلومة عند بعض الناس.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للمتكلم في الفقه أو الموعظة أن يعلل ما يذكر من أحكام مهما أمكن، لأن ذلك يستفاد منه فائدتان: الفائدة الأولى: بيان سمو الشريعة الإسلامية، ، أن أحكامها كلها مركودة بالمصالح، والثانية: اطمئنان المكلف؛ لأنه إذا ذكر لك الحكم المعلل أطمأنت أكثر، وربما نزيد ثالثة: وهو القياس على الحكم المنصوص عليه المعلل، لأن الأحكام تتبع العلل، مثال ذلك قوله تعالى: {قل لا أجد في ما أوحى إلى محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنه رجس) [الأنفال: 145] علل تحريم هذه الأشياء بأنها رجس، إذن نأخذ من هذا: أن كل ما كان رجسًا فهو حرام حتى روث الحمير مثلاً وعزره الإنسان فهي حرام، لأنها رجس.
ومن فوائد الحديث: جواز اشتراك الحكم الثابت لله ورسوله بدون"تم" لقوله: "ذمه الله وذمه رسوله"، وهذا يحتاج إلى تفصيل، فيقال: في الأمور القدرية لا تشرك الله مع رسوله بما يقتضي الاشتراك والتساوي في الأمور الشرعية لا بأس، وذلك لأن ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو شرع الله أما الأمور القدرية فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستقل بشيء من الأمور القدرية فهي لله وحده هذا هو الضابط.
ومن فوائد الحديث: إثبات تفاضل الأعمال قبحًا وحسنًا ومن قوله: "أهو من أن تخفر دمه الله وذمه رسوله" وهذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الأعمال تتفاضل قبحًا وحسنًا وإذًا