الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله صلى الله عليه وسلم حينئذ: (جاهدوا المشركين) هل هُو خاص بالمشركين أو حتَّى الكفار والمنافقين وغيرهم؟ الثاني، ويكون ذكر المشركين على سبيل التمثيل، ويدل لذلك قوله تعالى:{يأيها النبيُ جهد الكُفار والمنفقين واغلظ عليهم} وهذا يعُمُ أي: كفار.
فيستفاد من الحديث: وجوب جهاد المشركين، أي: بذل الجهد في قتالهم حتى تكون كلمة الله هي العليا.
وفيه من الفوائد: أن الجهاد يكون بالمال والنفس واللسان لقوله: (بأموالكم ..... إلخ)، وهل هذا ينزل على حالات أو على التخيير؟ الظاهر الثاني، لأننا إذا قلنا بأنه على الحالات صار الجهاد بالمال واجبًا على من لا يستطيع ببدنه، وصار الجهاد واجبًا بالنفس على من لا يستطيع بماله، وكذلك يقال في الجهاد باللسان، أما إذا قلنا على التخيير فصار من لم يجاهد بنفسه صار يجاهد بماله، وربما يكون الجهاد بالمال أنفع من الجهاد بالنفس، قد يكون الإنسان جبانًا أو ضعيف الجسم أو غير ذلك وعنده ثروة مالية يستطيع أن يبذل منها في الجهاد فهنا نقول: الأفضل الجهاد بالمال، لأن هذا الرجل ضعيف لا يستطيع المقاومة أو يكون جبانًا، والجبان لا يستطيع المجابهة إذَّا رأى العدو ألقى بالسيف ثُم هرب فهذا لا يصلح للجهاد.
فالحاصل: أن المسلم إذا كان عنده مال وهو ضعيف أو جبان نقول له: جاهد بمالك، أما إذا لم يكن عنده مال ولا قوة بدن فهذا نقول له: جاهد بلسانك، وكم من إنسان يستطيع أن يجاهد بلسانه دون ماله ونفسه، فالظاهر: أنه على التخيير، ولكنه ينظر فيه للمصلحة.
جهاد النساء:
1210 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسُول الله، على النَّساء جهاد؟ قال: نعم، جهاد لا قتال فيه: هو الحجُّ والعُمرة). رواهُ ابن ماجه، وأصلهُ في البُخاريِّ.
فسر الجهاد لهن بأنه الحج، فالحج نوع من الجهاد، لأنه يبذل فيه المال والنفس ويلحق فيه من المشقة جهاد، ولذلك قال الله عز وجل:{وأنفقُوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنُوا إن الله يحب المحسنين} (وأتمُوا الحجَّ والعُمرة لله) فذكر إتمام الحج بعد ذكر الإنفاق في سبيل الله، فدل هذا على أن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله.
وقوله: (هُو الحج والعُمرة)، الحج هُو التعبد لله تعالى بقصد مكة والمشاعر لإقامة أعمال معلومة، وهذا أحسن من تعريف من عرفه بقوله: قصد مكة لعمل مخصوص، لأن هذا التعريف
يشمل ما لو ذهب رجل إلى مكة ليتَّجر فقد ذهب إلى مكة لعمل مخصوص، فالتعريف هنا غير مانع، والصواب أن يقال: التعبد لله، الحج إذن هُو التعبد لله بقصد مكة والمشاعر لعمل مخصوص، والعمرة: التعبد لله تعالى بقصد البيت لعمل مخصوص، لأن عمل المعتمر لا يشمل كل مكة فهو لا يخرج إلى مزدلفة ولا إلى منى ولا إلى عرفة.
في هذا الحديث فوائد: أولًا: حرص الصحابة على العلم، وذلك بسؤال عائشة النَّبي صلى الله عليه وسلم هل على النساء جهاد، وهل سؤال الصحابة لمجرد العلم، أو للعلم والعمل؟ الثاني خلافا لكثير من الناس اليوم يسأل لمجرد أن يعلم فقط، ولكن العمل قليل إلا من شاء الله.
من فوائد الحديث: رغبة النساء في الجهاد، لأنه من أفضل الأعمال بل هُو ذروة سنام الإسلام كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ووجهه: هل عليهن جهاد؟
ومن فوائده: أن الجهاد لا يجب على المرأة وهو كذلك، فالمرأة لا يجب عليها الجهاد، بل للحاكم أن يمنعها من الجهاد، وذلك لأنها ليست من ذوي العزائم والقوى والجلد، إذ إنها عزيمتها ضعيفة وكذلك صبرها وقتها وجلدها ضعيف فلا تصلح أن تكون من أهل الجهاد، بل ربما يكون وجودها ضرراً على الجاهدين.
فإن قال قائل: في وقتنا قد تكون المرأة قائدة لطائرة مسلحة أفلا يجب عليها أن تجاهد؟
نقول: لا يجب، لأنها وإن كانت قائدة لطائرة مسلحة فإنها ربما تجبن عند اللقاء فلا يجب عليها الجهاد، ولكن هل تخرج مع المجاهدين؟ نقول: إن خرجت من أجل القيام بمداواة الجرحى وتضميدهم فلا بأس كما فعل نساء الصحابة، وأما إن خرجت للقتال فلا، لأنها لا تستطيع المواجهة والمقاومة، فإذا وجدت امرأة نادراً تستطيع ذلك فالنادر لا حكم له.
ومن فوائد الحديث: وجوب الحج والعمرة، يؤخذ من قولها:(عليهن جهاد) و (على) تفيد الوجوب، وهذا هُو القول الراجح أن الحج والعمرة كلاهما واجب، ومن العلماء من قال: إن العمرة ليست بواجبة مطلقًا، ومنهم من قال: ليست بواجبة على مكي وواجبة على الآفاقي الَّذي ليس من أهل مكة، وهذا هُو نص الإمام أحمد رحمة الله أي: أن أهل مكة لا عمرة عليهم، وأما غيرهم فعليه العمرة، ولكن الَّذي ليس من أهل مكة، وهذا هُو نص الإمام أحمد رحمة الله أي: أن أهل مكة لا عمرة عليهم، وأما غيرهم فعليهم فعليه العمرة، ولكن الَّذي لي من النصوص وجوب الحج والعمرة على أهل مكة وغيرهم.