الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستدل بهذا الحديث على جواز أخذ الجزية من غير اليهود والنصارى والمجوس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذها من أكيدر دومة الجندل.
مقدار الجزية عن كل حالم:
1258 -
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "بعثني النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كلِّ حالم دينارًا، أو عدله معافريًّا". أخرجه الثَّلاثة، وصحَّحه ابن حبَّان والحاكم.
معاذ بن جبل بعثه النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى اليمن في السنة العاشرة في ربيع الأول بعثه داعيًا وقاضيًا وحاكمًا فدعاهم، وقصته - في الصحيحين من حديث ابن عباس- معروفة، فيقول:"أمرني أن آخذ من كل حالم دينارًا" والدينار: هو الوحدة من النقد الذهبي وهو أكبر وزنًا من الدرهم؛ لأن الدينار مثقال من الذهب والدرهم سبعة أعشار المثقال، فكل مائتي درهم تساوي مائة وأربعين مثقالاً بخلاف الدنانير فإن الدينار مثقال وهذا يتعجب منه الإنسان أن يكون النقد الذهبي أكبر من النقد الفضي في ذلك الوقت أما في وقتنا الحاضر فمعروف أن النقد افضي أكبر من النقد الفضي في ذلك الوقت أما في وقتنا الحاضر فمعروف أن النقد الفضي أكبر من النقد الذهبي، وقوله:"من كل حالم" أي: بالغ، وقوله:"أو عدله معافريًّا": نوع من ثياب اليمن، عدله أي: ما يعادله، ففي هذا دليل على تقدير الجزية وأنها دينار أو ما يعادله ولكن هل هذا حكم شرعي أو حكم مصلحي يعني: ينظر فيه للمصلحة؟ الجواب: الثاني ينظر فيه للمصلحة قد يكون من المصلحة أن نجعل الجزية أكثر؛ لأن حماية هؤلاء الذميين تقتضي نفقةكبيرة فلا يكفي الدينار وقد يكون الأمر بالعكس فيكفي دون الدينار؛ ولهذا قال العلماء: المرجع في الجزية إلى اجتهاد الإمام ويختلف هذا في كل وقت بحسبه.
علو الإسلام بالوقوف عند العمل به:
1259 -
وعن عائذ بن عمرو المزنيِّ رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"الإسلام يعلو ولا يعلى". أخرجه الدَّارقطنيُّ.
ذكره المؤلف في باب الجزية والهدنة إشارة إلى أن من علو الإسلام أن يأخذ المسلمون
الجزية من غير المسلمين لأن الجزية فيها إهانة وفيها ذل كما قال الله تعالى: {حتَّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} فهذا وجه المناسبة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يعلو ولا يعلى" هذا خبر ولكنه يتضمن الحكم فالإسلام لا شك يعلو ولكن بشرط أن يكون أهله حاملون له حقيقة فإذا حملوه حقيقة نصرهم الله به. ودليل هذا في كتاب الله: {هو الَّذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون} [التوبة: 33]. أما إذا لم يحمله أهله حقيقة فإنه يوشك أن يكون هؤلاء الَّذين لم يحملوه أخبث من اليهود والنصارى؛ لأن الله تعالى قال: {مثل الَّذين حملوا التوراة ثمَّ لمّ يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا} [الجمعة: 5]. وإذا كان الله قد منَّ على هذه الأمة بميزات لم تكن لغيرها كان له عليها من الحق ما هو أوكد من حقوق الآخرين فإذا أهملوا هذا الحق صاروا أخبث وإذا نظرنا إلى المسلمين اليوم وجدنا أنهم على اختلاف طوائفهم كلُّ أخذ بنصيب مما عليه اليهود والنصارى، فالتحريف لكتاب الله وسنة رسوله موجود كما أن التحريف في التوراة والإنجيل موجود، الحسد موجود، إيثار الدُّنيا على الآخرة موجود
…
إلى غير ذلك، لو تتبعت أحوال المسلمين اليوم لوجدتهم-أو أكثرهم- قد أخذوا من خصال الكفار والمشركين بنصيب ولذلك وصلوا إلى الحال الَّتي ترى صاروا من أذل الأمم بل إننا إذا اعتبرنا كثرتهم قلنا: هم أذل الأمم؛ لأن أمة تبلغ إلى هذا الحد من العدد وإلى هذا الحد من الغنى في بعض الجهات ثمَّ تذل هذا الذل لا شك أنها أرذل الأمم، فمن الأمم من هم دونهم في الكثرة والغنى ومع ذلك لهم نصيبهم من الكلمة في المجتمعات أكثر من نصيب المسلمين.
فالحاصل أن قوله: "الإسلام يعلو" متى؟ إذا أخذ أهله به فإنه سوف يعلو ويعلو بهم؛ أي: يعليهم حتَّى يكونوا فوق الناس، و"لا يعلى" أي: لا يمكن أن يهزم ويكون شيء فوقه، وهذه البشرى لكن هذه الجملة الأخيرة ليست شاملة عامة بل مقيدة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين"، هذه الطائفة هي الَّتي لا يمكن أن يعلى إسلامها أما الطوائف الأخرى فإنه قد يعلى إسلامها والحقيقة أنها قد تعلى هي ولا يعلى إسلامها الإسلام نفسه لا يمكن أن يعلوه أي: دين؛ لأن الدين الإسلامي هو العالي الظاهر لكن إن جاء تسلط غير المسلمين مع ضعف المسلمين فهو لأنهم لم يقوموا بما أوجب الله عليهم.
يستفاد من هذا الحديث: البشرى التامة لمن تمسك بدين الإسلام وأنه سيكون له العلو والظهور.