الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند الله وقال بعض العلماء بل ينظر للقرائن فإذا كان المقتول معروفًا بالشر والفساد أو قد سبق منه تهديد للقاتل فإن دعوى القاتل أنه مدافع دعوى صحيحة لأن كونه يتهدده، بالقتل أو يتحدث إلى الناس بأنه سيقتل فلانًا يدل دلالة واضحة على أنه هو القاتل وكذلك إذا عرف أن القاتل رجل مستقيم الدين بعيد عن العدوان، وأن هذا صاحب شرٍّ معروف بالعدوان ولاسيما إن قتله في بيته -بيت القاتل- فهذه قرينة واضحة تدل على صدقه فيحكم ببراءته وأنه لا شيء عليه وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الأصح.
ترك القصاص في الجروح قبل البرء:
1121 -
وعن عمرو بن شعيٍب، عن أبيه، عن جدِّه رضي الله عنه:"أنَّ رجلًا طعن رجلًا بقرٍن في ركبته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقدني. فقال: حتَّى تبرأ. ثمَّ جاء إليه. فقال: أقدني، فأقاده، ثمَّ جاء إليه. فقال: يا رسول الله، عرجت، فقال: قد نهيتك فعصيتني، فأبعدك الله وبطل عرجك، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتصَّ من جرٍح حتَّى يبرأ صاحبه". رواه أحمد، والدَّارقطنيُّ، وأعلَّ بالإرسال.
القرن معروف قرن الماعز أو غيره، طعنه أي ضربه بهذا القرن في الركبة ومعروف أن الركبة في بعض مواضعها طعنها يكون سبب لعرج الركبة، ومعنى أقدني، يعني: خذ لي القود من هذا الذي ضربني فقال النبي صلى الله عليه وسلم حتى تبرأ، يعني: انتظر حتى تبرأ من أثر هذه الطعنة ثم جاء إليه فقال
…
إلخ.
وقوله: "فأقاده" يعني: اقتص له من الذي طعنه وبماذا اقتص؟ اقتص بقول الله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} أي: أنه طعن هذا الطاعن رجلًا بقرن أو ما يقوم. مقامه في ركبته ثم جاء المطعون فقال يا رسول الله عرجت؛ أي: من طعن هذا الرجل؟ فقال: "قد نهيتك فعصيتني" أين النهي؟ قوله: "حتى تبرأ" لأن تقدير الحديث: لا أقيدك حتى تبرأ فأبعدك الله يحتمل أن يكون خبًا ويحتمل أن يكون دعًاء فإن كان دعًاء فإنه مشكل حيث يدعو عليه النبي صلى الله عليه سلم بهذا الدعاء مع أنه أجابه إلى طلبه فأقاده وإن كان خبرًا فالمعنى أن الله أبعدك أي أبعدك حكمًا أي أنك لا تدرك على هذا الجاني شيئًا الآن لأنك استقدت قبل أن تبرأ وبطل عرجك أي بطل قود عرجك ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من جرح، يعني: أن يجرح الجارح حتى يبرأ المجروح لماذا لأجل أن تعرف الغاية وهل تسري الجناية أو لا تسري وحين يستقر الواجب إما بدية أو قصاص؟
فيستفاد من هذا الحديث: جواز القصاص فيما دون النفس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد هذا الرجل لكن اشترط العلماء لجواز القصاص فيما دون النفس أن يكون المقتص منه فيما دون النفس يقتص منه في النفس وعلى هذا فالشروط السابقة في القصاص لابد أن تتوافر في القصاص فيما دون النفس، فلا يقتص من مسلم لكافر ولا من حر لعبد ولا من والد لولده ولا من صغير، يشترط أيضًا زيادة على ما سبق أن يمكن الاستيفاء فإن كان لا يمكن بأن جرحه في موضعه لا يمكن في القصاص، فإنه لا قصاص مثل الجرح في البطن فإن هذا الجرح لا ينتهي إلى عظم وليس له مفصل يمكن أن يقتص منه، ومثل قطع اليد من نصف الذراع فإنه لا يمكن القصاص لأنه لو قدرناه بمساحة، فقد تكون ذراع الجاني أطول أو بالعكس فلا يمكن القصاص، وما ذكره الأصحاب في مثل هذه الأمور واقع في زمنهم، أما في زماننا اليوم فإنه يمكن القصاص تمامًا حتى فيما إذا كان في غير مفصل أو إذا كان الجرح ينتهي إلى عظم، وعلى فهذا فيقاس الجرح الذي في البطن ويقتص من بطن الجاني بمثل ما جنى على هذا الذي جنى عليه، وكذلك إذا كان القطع من نصف الذراع فإنه يمكن القصاص فيه بماذا؟ بالنسبة وليس بالمساحة؛ لأن ذراع الجاني قد تكون قصيرة فإذا اعتبرناها بالمساحة وكان نصف ذراع المجني عليه يساوي ثلثي ذراع الجاني فنكون زدنا، فيعتبر ذلك بالنسبة ويشترط أيضًا للاستيفاء فيما دون النفس ألا يتعدى غير الجاني مثل أن يكون على حامل أو يخشى أن هذا يموت إذا اقتص منه فحينئٍذ لا يمكن القصاص.
ومن فوائد الحديث: أنه يجب الانتظار حتى يبرأ جرح المجني عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك.
ومن فوائده: أن سراية الجناية إذا كان القصاص قبل البرء غير مضمونه دليله قول النبي صلى الله عليه وسلم بطل عرجك، فإن سرت الجناية قبل أن يقتص فإنها مضمونة، مثاله: رجل جرح شخصًا في ركبته ثم سرى الجرح حتى صار الرجل أعرج فإنه تضمن هذه السراية إلا أن يقتص قبل البرء فإنها لا تضمن.
مثال آخر: رجل قطع أصبع رجل ثم إن الجرح تعفن وسرى إلى اليد ثم سرى إلى النفس فمات فهل يقتص من الجاني بالموت يقتل أو نقول يقطع أصبعه فقط؟ الجواب: الأول لأن سراية الجناية في النفس فما دونها مضمونة بشرط ألا يقتص قبل البرء فإن اقتص قبل البرء بطلت السراية، وهاهنا قاعدة هي سراية الجناية مضمونة؛ والعلة في ذلك أن ما ترتب على المأذون فليس بمضمون، يعني: لو أننا انتظرنا فيمن قطع أصبعه حتى برأ الأصبع ثم اقتصصنا من الجاني فسرت الجناية