الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن فوائد الحديث: وجوب قطع اليد بجحد العارية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع يد المرأة.
ومن فوائد الحديث: جواز استتابة الغير في إقامة الحد؛ يعني: يجوز للإمام الذي يتولى إقامة الحدود أن ينيب غيره في إقامة الحد لقوله: "فأمر النبي صلى الله عليه وسلم
…
إلخ".
فإن قال قائل: هل الأولى أن يأمر الإمام بقطع اليد، أو أن يباشر القطع بيده؟ حسب المصلحة إذا كان من المصلحة أنه إذا تولى بنفسه قطع يد السارق كان أعظم شأنًا وأشد على الناس فليفعل، وله في ذلك أجر، لأن إقامة الحدود قيام بفريضة من فرائض الله يثاب عليه الإنسان ثواب الفريضة.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز للإمام إذا وكل أحدا في إقامة الحد أن يتغيب؛ لأن الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحضر.
فإذا قال قائل: هل يقاس على العارية جحد ما سواها من الأمانات كجحد الشيء المستأجر وجحد الوديعة؟
فالجواب: لا قياس؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق العلة التي ثبت بها قطع يد المستعير في أي صورة أو في أي مسألة من مسائل الجحد، ومن شرط القياس أن يتساوى الأصل والفرع في العلة، فلنأت أولًا إلى الوديعة مثل أن نعطي لشخص دراهم أو سيارة نقول خذ هذه عندك إلى حين، هذه لا يمكن أن نقيسها على العارية؛ لأن قابض العارية قبضها لمصلحتها والمودع لمصلحة المعطي، الإجارة لو أن الإنسان استأجر شيئًا ثم جاء مالكه وقال: أعطني ملكي، قال: لا أعطيك أبدًا ليس لك، لا يمكن أن يقاس على العارية؛ لأن المستأجر قبضها لمصلحة مالكها وهي الأجرة، الرهن كذلك، يعني: إنسان أعطى شخصًا شيئًا رهنًا عنده هذا قبضه المرتهن لمصلحته، فبينهما فرق؛ يعني: لا يمكن أن تساوي العارية من جميع الأمانات؛ ولهذا لا يصح أن نقيس هذا بالأمانات التي لا يقطع من جحدها؛ لأن بعض العلماء رحمهم الله قالوا: لا يمكن أن نقطع جاحد العارية، كما أنه لا يمكن أن نقطع جاحد الوديعة، قلنا: هذا قياس مع الفارق فيعتبر قياسًا فاسدًا.
المختلس والمنتهب:
1184 -
وعن جابر رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على خائنٍ ولا منتهبٍ، ولا مختلسٍ قطعٌ". رواه أحمد والأربعة، وصحَّحه التِّرمذيُّ، وابن حبَّان.
هذا الحديث أتى به المؤلف رحمه الله بعد العارية لأحد احتمالين: إما أنه يريد أن يضعف الوجه الثاني في صحيح مسلم وهو أن المرأة قطعت يدها لجحدها العارية، وإما أنه يريد الفرق بين جحد العارية وهذه الصور الثلاث، وهذا هو الأقرب.
قوله: "ليس على خائن"، الخائن: هو الذي يغدر بك عند الائتمان، ومن غدر بك في غير موضع الائتمان فليس بخائن؛ ولهذا صارت الخديعة مما يحمد عليه الإنسان في بعض الأحيان، ويذم عليها في بعض الأحيان، وأما الخيانة فهي مذمومة بكل حال، وانظر إلى قول الله تعالى:{إنَّ المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم} [النساء: 142]. فذكر أن الله خادعهم؛ لأن الخديعة هي المكر في غير موضع الائتمان، وانظر إلى الخيانة فقد قال الله تعالى:{وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم} [الأنفال: 71]. ولم يقل: فخانهم، والفرق ظاهر أن الخيانة غدر في موضع الائتمان، وأما الخديعة فهي الغدر بالإنسان في غير موضع الائتمان؛ ولهذا جاء في الحديث:"الحرب خدعة"، ويذكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أراد أن يبارز عمرو بن ودّ فخرج إليه عمرو وخرج عليّ فصاح به علي وقال: ما خرجت لأبارز رجلين فظن عمرو أن وراءه أحد فالتفت فضربه على عنقه، الخديعة هنا في محلها تمامًا، لأن هذا الرجل جاء ليقتله، فغره بهذه الخديعة حتى قتله.
فالحاصل: أن الخائن هو الغادر في محل الائتمان، ولهذا جاء في الحديث:"لا تخن من خانك"، حتى من جحد مالك وله عندك مال فلا تخته، مثال الخائن في الوديعة، ائتمنته على وديعة فخان.
الثاني: مختلس المختلس: هو الذي يخطف الشئ ويمر به، وإن شئت فقال: هو الذي. يتحين غفلتك حتى يأخذ ما أراد، وهنا يكثر في السُّراق، يأتي اثنان إلى الدكان ويقول أحدهم لصاحب الدكان، كم هذه؟ فيتكلم معه بالمماكسة، والثاني يسرق ويمشي هذا نسميه مختلس، ويذكر أن رجلين في بلد عربي من السُّراق رأيا يهوديًّا قبل مسألة فلسطين فقال أحدهما للآخر: سنوقع هذا اليهودي قال: ماذا نعمل؟ قال: تقدم أنت ومعه بوك - الذي تحفظ به الدراهم - قال: اذهب أمامه وارم بالبوك، وعلى كل حال: الإنسان إذا سقط أمامه بوك إنسان يقول: يا فلان، خذ البوك، وقال: اجعل فيه دينارًا وندعي أن به مائة دينار، تقدم الرجل ورمى بالبوك وأخذه اليهودي فقال: خذ البوك، فقال: إنك لأمين وأثنى عليه خيرًا وفتح البوك، وقال: