الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط قتل المرتد:
1157 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لدَّل دينه فاقتلوه". رواه البخاري.
"من بدل دينه" أي: دينه الإسلامي، "فاقتلوه" أما من بدل دينه غير الإسلامي فإننا نرحب به ولا نقتله لكن المرد بالدين دين الإسلام هذان الحديثان هما أصل في قتل المرتد فلابد إذن من أن نعرف من هو المرتد؟ المرتد هو الذي كفر بعد إسلامه وهو في اللغة الراجع مأخوذ من ارتد بمعنى رجع ولكنه شرعًا هو الذي يكفر بعد إسلامه والكفر يدور على شيئين أما جحد وإما استكبار فمن جحد شيئًا مما أخبر الله به ورسوله أو مما حكم الله به ورسوله فأنكر الحكم وجحده فإنه كافر مثال ذلك: لو قال: إن آية من القرآن ليست منه فإنه كافر كفر جحود ولو قال إن الصيام ليس فريضة فهو كافر كفر جحود ولو صام، ومن قال: إن الزنا ليس محرمًا فهو كافر كفر جحود وهلم جرا، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فهو كافر إذا كان إنكاره جحود فإن إنكاره إنكار تأويل فإنه لا يكفر بذلك وله أحكام تليق به أما الاستكبار فإن لا يجحد شيئاً ولكن يستكبر عنه كما فعل إبليس فإن إبليس أمر أن يسجد لآدم ولكنه أبى واستكبر لم يجحد الأمر لكنه استكبر، وقال: أنا خير منه وقال أأسجد لمن خلقت طينًا وهذا لو استكبر أحد عن شيء من فرائض الله ولو أقر بوجوبها، فإنه يكون كافرًا لكن هناك تقييدات، فإن بعض الشرائع لا تكفر الإنسان بالاستكبار عنها، الاستكبار عن الصلاة وعن الزكاة وعن الصيام وعن الحج هذا كفر وليس هذا من باب التهاون، التهاون ليس يرى نفسه أنه كبير وأنه أعظم من أن يؤمر المستكبر هو الذى يرى نفسه أنه أعظم من أن يؤمر بهذه الشرائع أو الشعائر والمتهاون متهاون يوجه الخطاب إليه ويؤمر ولكنه متهاون فترك التهاون لا يكفر به إلا في الصلاة وأما ترك الاستكبار والعند والتعارض على أوامر الله فهذا يكفر به ولو كان غير الصلاة حتى لو لكان من الزكاة والصيام والحج، بقينا من اتخذ الله صاحبة أو ولدًا أو شريكًا في الملك أو ما أشبه ذلك من أي أنواع الكفر هذه؟ هذا كفر جحود أنه جحد أن يكون الله واحدًا حيث أشرك به وقد يكون من باب الجحود والاستكبار أيضًا فإن الله نهى أن يشرك به فإذا أشرك فهو مستكبر بناء على ذلك نقول إن الإنسان إذا ارتد على الوجه الذي ذكرنا فإنه ينتقل من وصف الإسلام إلى وصف الكفر ولكن لابد لهذا من شروط الشرط الأول العلم فإن لم يكن عنده علم فإنه لا يكفر سواء جحدًا أو استكبارًا ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى:(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)
رسولاً ليعلم الناي، وقال تعالى:(رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) فدل ذلك على أنه إذا لم تبلغ الرسالة فاللناس حجة فلا يكفرون وقال الله تعالى: (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلوا عليهم آياتنا وما كنا مهلكى القرى إلَاّ وأهلها ظالمون)[القصص: 59]، قال حتى يبعث في أمها رسولاً يتلو عليهم آياتنا
…
إلخ.
وقال الله تعالى: (وما كان الله ليضل قوما بعد غذ هداهم حتَّى يبين لهم ما يتقون)[التوبة: 115]، وقال تعالى:(وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليبين لهم)[إبراهيم: 4]، وإذا لم يبن فلا فائدة من الرسالة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جئت به إلا كان من أصحاب النار"، وهذا يدل على أنه إذا لم يسمع فليس من أهل النار لأنه جاهل وأنكر عمر رضي الله عنه آية من الفرقان؛ لأنه سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم على غير الوجه الذي سمعها من قارئها حتى إنه خاصمه وذهب به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فحكم بينهما وقال هكذا أنزلت لما قال عمر ولما قال الرجل الآخر ومعلوم أن إنكار آية أو حرف من القرآن كفر لكن عمر لم يعلم إذن لابد من العلم.
فإن قال قائل: إذا ادعى أنه جاهل فهل تقبل دعوى الجهل؟
نقول في هذا تفصيل: إن كان في مكان ناءٍ بعيد كمن عاش في بادية بعيدة ليس عندهم من يعلمهم فإن دعوى الجهل منه مقبولة وإن كان قد عاش بين الناس الذين عندهم علم في هذا الأمر فإنه لا يقبل فمن كان حديث عهد بإسلام هو في بلده بلد كفر يعبدون الأشجار والأصنام ويزنون ويشربون الخمر ثم أسلم وقال إن الخمر ليست حرامًا فإننا نعذره في ذلك لأنه جاهل لكن لو قال إن الخمر غير حرام وهو عائش في بلاد المسامين فإننا لا نقبل منه لأن هذه الدعوى خلاف الظاهر، الشرط الثاني: أن يكون قاصدًا للكفر وانتبهوا لكلمة قاصدًا لأنها دقيقة فمن قصد الكفر كفر سواء كان جادًا أم هازلاً المهم أنه قصد فمن نطق بالكفر غير قاصد فإنه لا يكفر وتحت هذا عدة صور الصورة الأولى: أن يغضب غضبًا شديدًا حتى لا يدري ما يقول ثم يتكلم بكلمة الكفر فهذا لا يكفر لعدم القصد.
الصورة الثانية: أن يفرح فرحًا شديدًا فيقول كلمة الكفر وهو غير قاصد فهو أيضًا لا يكفر بدليل صاحب الناقة التي أضلها حتى اضطجع تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بخطام ناقته متعلقًا بالشجرة فأخذ به وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح ولم يكفر؛ لأنه غير قاصد، ويشبه هذا من فعل مكفرا لكمال تعظيمه لله وخوفه منه لا استهانة بالله مثل
الرجل الذي كان مسرفًا على نفسه فقال لأهله: والله إن قدر الله علي لعذبني عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين ولكن إذا مت فأحرقوني واذروني في اليم ففعل أهله فجمعه الله عز وجل وقال ما الذي حملك على هذا قال يا رب مخافتك فغفر الله له لأن هذا جاهل كيف ينفذ هذا الخوف من الله عز وجل ورأى أن هذا أسلم طريق يسلم به من مخافة الله ومن صور هذه المسألة -أعني القصد- إذا أكره الإنسان على الكفر ففعله لداع الإكراه لا قاصدًا إياه فإنه لا يكفر لقول الله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا)[النحل: 106]، ولا فرق بين أن يكره على قول أو على فعل وقصة الذبابة التي ذكرت ليست بصحيحة التي فيها أنه قبل لأحدهم: قرب ولو ذبابة فقرب فدخل النار وقيل للآخر: قرب فقال: ما كنت لأقرب لأحد من شيء دون الله فإنها غير صحيحة ثم على فرض صحتها هي شرع من قبلنا وقد ورد شرعنا بخلافه لقوله تعالى: (ألا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان) ولم يقيد ذلك من أكره بقول وكذل الحديث إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، المهم أن هذه الصور كلها تدخل تحت كلمة قصد الكفر ولا فرق بين كونه جادًا أو هازلًا، يعني: لو نطق بكلمة الكفر جادًا أو هازلًا أو فعل فعلة الكفر جادًا أو هازلًا فهو كافر ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)[التوبة: 65، 66].
الشرط الثالث: أن نعلم أن هذا الشيء كفر منطبق على من قام به بمعنى أن نعرف أن هذا كفر دل عليه الشرع وأن الذي قام به هذا العمل المكفر قابل لأن يكفر فإذا لم نعلم أنه كفر وشككنا هل هذا كفر أو غير كفر فالأصل عدم الكفر وأن الإنسان مسلم وإذا علمنا أنه كفر لكن شككنا في حال من قام به هذا العمل هل هو معذور بتأويل أو جهل أو لا فإننا أيضًا لا نحكم بكفره ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من منابذة الولاة قال "إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان" فهذه قيود مبينة عظيمة أن تروا، يعني: تعرفوا وصده الجهل أو الظن كفرًا أي: لا فسقًا لابد أن نعلم أنه كفر بواحًا أي: صريحًا واضحًا عندكم فيه من الله برهان أي دليل واضح.
من فوائد الحديث: أن في دليل على أنه يجب على الإمام بعث الدعاة إلى الأقطار للدعوى للإسلام وهل توافقوني على وجوب البعث؟ لو قال قائل: هذا فعل والفعل لا يدل على الوجوب فالجواب هذا فعل مفسر لقوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) والأمر للوجوب بلا شك فيكون الفعل المفسر له واجبًا.
ومن فوائد الحديث: مشروعية استعانة الدعاة بعضهم ببعض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لأبا موسى ولأتبعه معاذًا.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي لمن بعث داعيتين فأكثر أن يأمرهما بالتطاوع وعدم التعارض كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذاً أن يتطاوعا، يعني: لا يتنازعا في شيء يطبع أحدهما الآخر ولو كان يرى في ذلك غضاضة عليه لما في الاتفاق والتطاوع من الخير والمصلحة.
ومن فوائد الحديث: حسن الصحبة بين الصحابة -رضى الله عنهم-؛ لأنه قد ورد في نفس الحديث وقد رواه البخاري أنه كلما قرب أحدهما من الآخر ذهب إليه ليجدد العهد به ويتفرع على هذه المسألة ما ذكره بعض العلماء من أنه يستحب للعلماء والدعاة إلى الحق أن يكثروا الزيارات بينهم لأن هذا يجلب المودة والألفة وينشط الدعاء ويغيظ أعداء الدعوى وأعداء الخير وهذا أمر لا شك انه مطلوب لا سيما بين العلماء ودعاة الخير.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي لمن بعث دعاة إلى الإسلام أن يأمرهم بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذاً حيث قال "يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا" وهذا عام أو إن شئت فقل مطلق كل ما كان فيه التيسير بدون إخلال بالشرع فهو مطلوب كل ما كان فه التبشير حتى لو أذنب الإنسان وجاء يقول إنه أذنب فبشره قل أبشر يا أخي إذا أذنبت فتب والتوبة تهدم ما قبلها وربما تجعل التائب أحسن حالاً منه قبل قبل فعل الذنب وتبشره خلافًا لبعض الأخوة الذين عندهم غيره إذا جاء إنسان يقر بذنبه ويقول فعلت كذا وكذا اكفهر وجهه وعبس وقال أعوذ بالله فعلت هذا، هذا ليس بصحيح الذي جاء تائبًا ينبغي أن يفرج عنه ويشرح له الأمر ويوسع له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: إكرام الصاحب والزميل لأن أبا موسى أكرم معاذًا بوضع الوسادة له والوسادة هي المخدة التي ينام عليها الإنسان يضع رلأسه عليها عند النوم ووضعها له ليجلس عليها دليل على إكرامه.
ومن فوائده: أنه لا بأس أن يجلس شريف القوم على فراش او وسادة وإن كان الآخرون لم يجلسوا عليها ولا يقال إن في هذا كبرياء وأنفة لأن لكل مقام مقالاً.
ومن فوائد الحديث: قوة معاذ بن جبل رضي الله عنه، يعني: كأنه جاء على بغلة فقال له انزل قال لا أنزل ولا أجلس حتى يقتل وهذا لا شك يدل على القوة لأن هذا الرجل كان يهوديًّا فأسلم ثم عاد فتهود.
ومن فوائد الحديث: أن المرتد لا يقر على ردته وإن كان يقر على دينه الأول لأن اليهودي يقر على دينه لكن إذا اسلم ثم ارتد وتهود فإنه لا يقر.
ومن فوائد الحديث: استدلال العالم بالنص وإن كان عالمًا مع أن معاذ بن جبل من القضاة المشهورين في الإسلام ومن أئمة الفتوى في الصحابة ومع ذلك استدل على ما قال بقضاء الله ورسوله.
ومن فوائد الحديث: أن قضاء رسول الله قضاء لله وعلى هذا فمعصية رسول الله معصية لله وإن لم يكن هذا في القرآن لأن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم من الشرع فهو شرع الله عز وجل.
ومن فوائد الحديث: جواز قرن الرسول صلى الله عليه وسلم مع الله بالواو فى المسائل الشرعية؛ لقوله: "قضاء الله ورسوله".
ومن فوائد الحديث: تعظيم قضاء الله ورسوله عند الصحابة وأنهم يرون لزامًا عليهم أن ينفذوا قضاء الله ورسوله وهكذا يجب على كل مؤمن أن يرى من نفسه وجوب تنفيذ قضاء الله ورسوله والقيام بذاك؟
ومن فوائد الحديث: إذا لم نعتبر رواية أبي داود أن المرتد يقتل بدون استتابة.
أما الحديث الثاني قال: من بدل دينه فاقتلوه، "من" هذه شرطية وألفاظ الشرط تفيد العموم وجواب الشرط قوله فاقتلوه وإنما اقترن الجواب بالفاء؛ لأنه جملة طلبية، والناظم يقول في الجمل التي يجب أن تقترن بالفاء إذا وقعت جوابًا:
أسمية طلبية وبجامد
…
وبما ولن وبقد وبالتنفيس
يقول: "من بدل دينه" يعني: أتى بدين غير دينه الذي كان عليه "فاقتلوه" والخطاب هنا للأمة جميعًا لكن المراد بذلك ذوو الأمر منها لأن ذوي الأمر نواب عن الأمة، ولهذا قال العلماء: إن ولي الأمر نائب عن الأمة فهو نائب عنها يرعى مصالحها، ولهذا لا يمكن أن يكون خليفة إلا بالمبايعة من ذوي الشأن والجاه أو بنص ممن قبله حسب ما ذكره العلماء في هذه المسألة فإذا وجه الأمر فى الحدود وقتل المرتد إلى الجماعة فالمراد بذلك ولى الأمر لأنه نائب عن الجماعة سياق هذا الحديث في قصة وردت عن علي بن أبي طالب وهو أنه رُفع إليه قوم عن الزنادقة والزنادقة قيل: إنهم الدهريون الذين يقولون (ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكها إلا الدهر)[الجاثية: 24]، وقيل: إنهم المنافقون، وقد جاء في روايات أخرى في هذه القضية أن على بن أبي طالب جاءه أناس من الشيعة يتشيعون له وقالوا له: أنت الله حقًا، أنت الذي خلقتنا، وأنت الذي رزقتنا، فنهاهم فأصروا إلا كذلك فأمر بالأخدود -يعني: حفرة- وأمر أن يجعل فيها الحطب ثم توقد فيه النار ثم جاء بهم وألقاهم في النار فبلغ ذلك عبد الله بن عباس فأنكر ذلك وقال لو لم يعذبهم بالنار وقتلهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يعذب بالنار، وقال:"من بدل دينه فاقتلوه" فبلغ ذلك علي بن أبي طالب، أي: بلغه قول ابن عباس فقال: ما أسقط ابن أم الفضل
على الهناة، يقصد عبد الله بن عباس ولكن الفضل أكبر منه، والهناة ما يعاض على المرء، وهذا إقرار من علي رضى الله عنه بان الصواب مع عبد الله بن عباس قوله:"من بدل دينه فاقتلوه""من" هذه للعموم.
فيستفاد من الحديث فوائد: أولاً: أن من بدل دينه وجب قتله من رجل أو امرأة ولكن بشرط أن يكون بالغًا، وأما الصغير فإنه قد رُفع عنه القلم، وقيل: بل يكفر التمييز إذا كان مميزًا وارتد فإنه يقتل إذا لم يرجع إلى الإسلام، لكن المشهور الأول أنه لابد أن يكون بالغًا عاقلاً فإن كان غير بالغ أو غير عاقل فلا عبرة بردته لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"رُفع القلم عن ثلاثة" وعلى هذا فيكون قوله "من"هذا العام يكون عامًا أريد به؟ البالغ العاقل ويشمل المرأة والرجل.
وهل من فوائد الحديث: أنه لو تهود نصراني أو تنصر يهودي قُتل؟ كله باطل والكفر ملة واحدة وهذه المسألة فيها خلاف فذهب بعض العلماء أن اليهودي إذا تنصر أو النصراني إذا تهود يقتل لأنه انتقل عن شيء يعتقده دينًا فهو دينه ويكون بهذا الانتقال ساخرًا بآيات الله التي يرى أنها حق ولكن لو كان صاحب هذا الرأي قال إن تهود نصراني قتل وإن تنصر يهودي لم يقتل لكان اقرب إلى المعقول لأن اليهودي إذا تنصر إلى دين خير من دينه لأنه ناسخ له بخلاف العكس، لكن القول هذا ضعيف فالحديث لا يشمله لا شك والدليل على أن الحديث ليس على عومه من كل صورة أننا لو أخذنا بعمومه في كل صورة لكان الرجل إذا أسلم وهو كافر يُقتل لأنه بذل دينه ولا قائل به وعلى هذا فنقول إذا انتقل الكافر للإسلام فإنه لا يقتل بالإجماع وإذا انتقل كافر من ملته إلى ملة أخرى ففيه خلاف والصحيح أنه لا يقتل لأن كلا الدينين باطل لكن بعض العلماء يقول إنه إذا تهود نصراني أو تنصر اليهودي فإنه لا يقبل منه إلا الرجوع إلى دينه أو الإسلام؛ لأنه متلاعب، لكنه لا يقتل، بل يقال: ارجع لدينك أو الإسلام.
الصورة الثانية: أن ينتقل من الإسلام إلى الكفر فهذا هو الذي يقتل وهذا هوة المراد وعلى هذا فقوله: "من بدل دينه" أي: دينه الذي يرتضيه الله والذي هو دينه شرعًا؛ لأن الدين غير دين الإسلام وإن كان دين الإنسان قدرًا فليس دينه شرعًا ويكون المراد من بدل دينه الشرعي ولا دين شرعي إلا الإسلام، فيكون إذن الحديث من ارتد عن الإسلام إلى دين آخر وجب قتله، وإنما يقتل؛ لأنه انتقل إلى ما لا يرضي الله؛ لأنه انتقل من الإسلام إلى الكفر إما إذا انتقل من