المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب: - فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية - جـ ٥

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌7 - باب الطلاق

- ‌تعريف الطلاق لغة وشرعًا:

- ‌ذكر المفاسد المترتبة على الطلاق:

- ‌حكم طلاق الحائض

- ‌المحرم من الطلاق:

- ‌اختلاف حكم الطلاق ثلاثة مجموعة في عهد عمر رضي الله عنه:

- ‌مسألة: هل يقع الطلاق بحديث النفس أو الوسوسة

- ‌حكم الطلاق الخطأ وطلاق المكره:

- ‌ثبوت الطلاق يترتب على ثبوت النكاح:

- ‌حكم طلاق الصغير والمجنون والسكران:

- ‌كتاب الرجعة

- ‌حكم الإشهاد في الطلاق والرجعة:

- ‌1 - باب الإيلاء والظهار والكفارة

- ‌حكم الإيلاء:

- ‌مدة الإيلاء:

- ‌حكم المجامع في رمضان:

- ‌كفارة الظهار:

- ‌2 - باب اللعان

- ‌تعريف اللعان:

- ‌3 - باب العدة والإحداد والاستبراء وغير ذلك

- ‌عدة الوفاة

- ‌عدة الطلاق وفسخ النكاح:

- ‌حكم السكنى والنفقة للمطلقة البائنة وعدتها:

- ‌حكم التطيب والحناء في الحداد:

- ‌حكم الكحل في الحداد:

- ‌حكم خروج المعتدة المطلقة:

- ‌حكم خروج المعتدة بعد وفاة زوجها من بيتها:

- ‌طلاق الأمة وعدتها:

- ‌الاستبراء وأحكامه:

- ‌أحكام امرأة المفقود في العدة وغيرها:

- ‌التحذير من الحلوة بالأجنبية:

- ‌أحكام السبايا في الاستبراء:

- ‌4 - باب الرضاع

- ‌تعريف الرضاع:

- ‌مسألة إرضاع الكبير وأحكامها:

- ‌يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب:

- ‌صفة الرضاع الذي يثبت به التحريم:

- ‌النهي عن استرضاع الحمقى:

- ‌5 - باب النفقات

- ‌أسئلة ومناقشة:

- ‌النفقة على الزوجة والأولاد وأحكامها:

- ‌النفقة على المملوك وأحكامها:

- ‌حكم النفقة على الحامل المتوفى عنها زوجها:

- ‌مسألة طلب المرأة الطلاق عند عجز زوجها عن النفقة:

- ‌النفقة على الوالدين وأحكامها:

- ‌6 - باب الحضانة

- ‌تعريف الحضانة:

-

- ‌كتاب الجنايات

- ‌تعريف الجنايات لغة وشرعًا:

- ‌حرمة دماء المسلمين وتعظيمها:

- ‌المعتدي جان يفعل به كما فعل:

- ‌حالات إباحة قتل المسلم:

- ‌حرمة الدماء:

- ‌القصاص من الحر للعبد:

- ‌حكم قود الوالد بولده:

- ‌حكم قتل المسلم بكافر:

- ‌حكم قتل المؤمن بمعاهد:

- ‌الجناية على النفس:

- ‌جناية الصغير والمجنون:

- ‌ترك القصاص في الجروح قبل البرء:

- ‌الجناية على الحمل:

- ‌العفو عن الجناية:

- ‌الجناية على النفس وأنواعها:

- ‌الاشتراك في الجناية:

- ‌قتل الجماعة بالواحد:

- ‌التخيير بين الدية والقصاص وشروطه:

- ‌1 - باب الديات

- ‌مقادير الدية في الجروح:

- ‌دية القتل الخطأ:

- ‌دية قتل العمد وشبه العمد:

- ‌إلحاق دية شبه العمد بالقتل الخطأ:

- ‌دية الأصابع والأسنان:

- ‌ضمان الطبيب:

- ‌دية الشجاج:

- ‌دية أهل الكتاب:

- ‌دية المرأة والرجل:

- ‌تغليظ الدية وضوابطه:

- ‌2 - باب دعوى الدم والقسامة

- ‌3 - باب قتال أهل البغي

- ‌تعريف البغي، وبيان أهل البغي بالتفصيل:

- ‌قتال من حمل السلاح على المسلمين:

- ‌عقوبة مفارقة الجماعة:

- ‌ضوابط معاملة البغاة:

- ‌الحث على الاجتماع ونبذ الفرقة:

- ‌4 - باب قتال الجانب وقتل المرتدِّ

- ‌جواز قتل الصائل:

- ‌سقوط الضمان في الدفاع عن النفس:

- ‌سقوط الضمان للمتطلع لبيوت المسلمين:

- ‌ضمان ما أتلفته المواشي:

- ‌قتل المرتد:

- ‌شروط قتل المرتد:

- ‌قُتل من سب النبي أو زوجاته أو أصحابه:

- ‌كتاب الحدود

- ‌مفهوم الحدود وحكمه:

- ‌1 - باب حد الزاني

- ‌حد الزاني غير المحصن:

- ‌حكم الجمع بين الجلد والرجم:

- ‌ثبوت الزنا بالإقرار:

- ‌وجوب التثبت في إثبات الزنا:

- ‌طرق ثبوت الزنا

- ‌حد الأمة الزانية:

- ‌السيد يقيم الحد على مملوكه:

- ‌تأجيل إقامة حل الزنا على الحامل:

- ‌تخفيف الحد على المريض الضعيف:

- ‌عقوبة اللواط:

- ‌الجمع بين الجلد والتغريب للزاني البكر:

- ‌لعنة المخنثين والمترجلات:

- ‌درء الحدود بالشبهات:

- ‌وجوب إقامة حد الزنا عند ثبوته:

- ‌2 - باب حدِّ القذف

- ‌اللعان:

- ‌حد المملوك القاذف:

- ‌3 - باب حدِّ السَّرقة

- ‌نصاب السرقة الموجب للقطع:

- ‌جحد العارية:

- ‌المختلس والمنتهب:

- ‌اشتراط الحرز لوجوب القطع:

- ‌ثبوت السرقة بالإقرار:

- ‌لا ضمان على السارق:

- ‌حكم الجمع بين الضمان والقطع:

- ‌الشفاعة في الحدةد، ضوابطها:

- ‌الشبهة أنواعها وشروط انتفائها:

- ‌4 - باب حدِّ الشَّارب وبيان المسكر

- ‌عقوبة شارب الخمر:

- ‌تجنب الضرب على الوجه:

- ‌الخمر بين الطهارة والنجاسة:

- ‌كل مسكر خمر:

- ‌حكم مزج الزبيب بالماء أو اللبن:

- ‌حكم التداوي بالمحرم:

- ‌حكم التداوي بالخمر:

- ‌5 - باب التعزيز وحكم الصَّائل

- ‌التعزيز بين الوجوب والاجتهاد:

- ‌إقالة العثرات وضوابطها:

- ‌حكم الصائل:

- ‌الدفاع عن النفس:

-

- ‌كتاب الجهاد

- ‌تعريف الجهاد لغة وشرعًا:

- ‌أقسام الجهاد:

- ‌وجوب جهاد الدفاع وشروطه:

- ‌شرط القدرة على الجهاد وضوابطه:

- ‌الترغيب في الجهاد في سبيل الله:

- ‌جهاد النساء:

- ‌تقديم بر الوالدين على الجهاد:

- ‌حكم الإقامة في دار الكفر:

- ‌الهجرة من دار الكفار وأحكامها:

- ‌وجوب الإخلاص في الجهاد:

- ‌جواز الهدنة:

- ‌حكم الإغارة بلا إنذار:

- ‌وصايا الرسول صلي الله عليه وسلم لأمراء الجيوش:

- ‌فائدة جواز الجزية من مشركي العرب:

- ‌التورية عند الغزو:

- ‌القتال أول النهار وأخره:

- ‌جواز قتل النساء والذرية عند التبييت:

- ‌لا يستعان بمشرك في الحرب:

- ‌النهي عن قتل النساء والصبيان في الحروب:

- ‌جواز قتل شيوخ المشركين:

- ‌المبارزة في الحروب:

- ‌الحمل على صفوف الكفار وضوبطه:

- ‌إتلاف أموال المحاربين:

- ‌النهي عن الغلول:

- ‌سلب القاتل:

- ‌الرمي بالمنجنيق:

- ‌جواز قتل المرتد في الحرم:

- ‌القتل صبرًا:

- ‌الأسير وأحواله:

- ‌إسلام الكافر ونتائجه:

- ‌معرفة الجميل لأهله:

- ‌النهي عن وطء المسبية حتى تستبرأ أو تضع:

- ‌تنفيل المجاهدين بعد قسمة الفيء:

- ‌سهم الفارس والفرس والراجل:

- ‌حكم التنفيل:

- ‌حكم الأخذ من طعام العدو قبل القسمة:

- ‌وجوب المحافظة على الفيء:

- ‌يجير على المسلمين أدناهم:

- ‌إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب:

- ‌إجلاء بني النضير من المدين

- ‌تقسيم غنائم خيبر:

- ‌لا يحبس الرسول صلى الله عليه وسلم الرسل ولا ينقض العهد:

- ‌حكم الأرض المفتوحة:

- ‌1 - باب الجزية والهدنة

- ‌أخذ الجزية من المجوس:

- ‌أخذ الجزية من العرب:

- ‌مقدار الجزية عن كل حالم:

- ‌علو الإسلام بالوقوف عند العمل به:

- ‌السلام على الكفار وحكمه:

- ‌صلح الحديبية:

- ‌النهي عن قتل المعاهد:

- ‌2 - باب السبق والرمي

- ‌السباق على الخف والحافر والنصل:

- ‌محلل السبَّاق:

- ‌شرعية التدريب على القوة:

الفصل: ‌إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب:

قومه؛ لأن الإجازة بيننا وبينه فقط وهذا يكون من الإمام وغير الإمام، وهل يجب علينا إجابة طلبه للإجازة؟ ذكرنا تفضيلاً وأنه على ثلاثة أحكام: واجب ومباح وحرام.

‌إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب:

1251 -

وعن عمر رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لأخرجنَّ اليهود والنَّصارى من جزيرة العرب، حتَّى لا أدع إلَاّ مسلمًا". رواه مسلم.

قوله: "لأخرجن" هذه الجملة مؤكدة بثلاث مؤكدات، وهي القسم المقدر واللام ونون التوكيد، وقوله:"اليهود" هم الَّذين ينتسبون إلى موسى والنصارى الَّذين ينتسبون إلى عيسى فلماذا سمي اليهود يهودًا؟ قيل: إن ذلك نسبة إلى جدهم يهوذا، وقيل: إنه من قوله تعالى: {إنَّا هدنا إليك} [الأعراف: 156]. أي: من الهود وهو الرجوع ولا يبعد أن يكون من هذا ومن هذا لكننا قلنا: هم المنتسبون إلى موسى، فلماذا لم نقل هم أتباع موسى؟ لأنهم لم يتبعوه حقيقة، بل هم كافرون به وبجميع الرسل حتى الرسل الَّتي قبله كإبراهيم وغيره هم كافرون بهم؛ وذلك لأن المكذب بواحد من الرسل مكذب بجنس الرسالات وجنس الرسالات عام وإلا فما الفرق بين أن يكون فلانًا أو فلانًا، وقلنا أيضًا في النصارى: إنهم المنتسبون إلى عيسى ولم نقل أتباع عيسى لأنهم لم يتبعوه بل كذبوه وردوا بشارته وقال لهم عيسى: {يا بني إسراءيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التَّوراة} وهذا الرسول الَّذي قبله {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} [الصف: 6]. بشرهم وهل يبشرهم برسول لا ينتفعون به؟ لا، إذن بشرهم برسول، يعني: أنه رسولكم الَّذي تحصلون بإتباعه على كل خير وتسلمون من كل شر، ولهذا جعلها بشرى، لكن أتدرون ماذا قال النصارى؟ قالوا: إن الرسول الَّذي بشرنا به أحمد وهذا محمد ونحن ننتظر أحمد، فيقال لهم: قبحكم الله أخذتم بالمتشابه وتركتم المحكم، في هذه الآية نفسها:{فلمَّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحر مبين} إذن هذا الرسول الَّذي اسمه أحمد جاء فتبيَّن بطلان حجتهم.

فإن قال قائل: لماذا لم يسمه محمدًا؟

قلنا: إن عيسى لا يعلم الغيب، وإنه تلقى الاسم من الوحي أوحاه الله إليه وأوحى الله إليه هذا الاسم لفائدة عظيمة؛ لأن أحمد اسم تفضيل وهو إقرار من عيسى بفضيلة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه أحمد الناس لله وأحق الناس أن يحمد، فاسم التفضيل هنا للفاعل والمفعول، يعني: أحق الناس أن يحمد هو محمد صلى الله عليه وسلم فأوحى إليه هذا الاسم ليتبين فضله- صلوات الله وسلامه عليه- دون محمد الَّذي هو اسم مفعول، ثمَّ نقول للنصارى: إنه جاءكم بالبينات وقلتم: هذا سحر

ص: 501

مبين وأن الله ألهم عيسى أن يسميه أحمد لهذا السبب ليتبين فضله وأنه أحمد الناس لله وأحق الناس أن يحمد صلى الله عليه وسلم.

قوله: "لأخرجن اليهود

إلخ" أقسم أن يخرجهم من جزيرة العرب والنصارى سموا بهذا الاسم إما لأنهم من بلدة تسمى الناصرة في فلسطين وإما من قوله تعالى: {قال الحواريُّون نحن أنصار الله} [آل عمران: 52]. وإما من الأمرين جميعًا وهؤلاء النصارى كانوا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أقرب إلى المؤمنين من اليهود لقوله تعالى: {لتجدنَّ أشدَّ الناس عداوة للَّذين ءامنوا اليهود والَّذين أشركوا ولتجدن أقربهم مَّودَّةً للَّذين ءامنوا} يعني: من الكفار {الَّذين قالوا إنَّا نصارى} وعلل آية: {ذلك بأنَّ منهم قسيسين ورهبانًا وأنَّهم لا يستكبرون (82) وإذا سمعوا مآ أنزل إلى الَّرسول ترى أعينهم تفيض من الدَّمع

} إلخ، ومثل هذه الأوصاف لا توجد في اليهود؛ لأن اليهود عتاة معاندون من أشد الناس عنادًا وكبرًا، فلا تجد فيهم هذا الوصف أما النصارى ففيهم هذا ولهذا صاروا أقرب الناس مودة إلى المؤمنين من سائر الكفار، ولكن بما أن الحكم يدور مع علته فإنه إذا انتفت هذه العلة انتفى الحكم، ولذلك نجدهم اليوم من أشد الناس عداوة للمؤمنين وأشدهم شراسة في قتال المسلمين وهذا شيء مشاهد فمنذ الحروب الصليبية إلى يومنا هذا وهم في صراع دموي وغير دموي مع المسلمين ولا يسعون أبدًا إلا لصالح أنفسهم ولو على حساب المسلمين، ونجد أنهم الآن تحقق فيهم قول الله- تبارك وتعالى:{يأيها الَّذين ءامنوا لا تتَّخذوا اليهود والنَّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ} [المائدة: 51].

فاليهود مع النصارى أولياء وفي هذا الزمن ظهر هذا تمامًا في قضية اليهود في فلسطين وقضية النصارى في البلاد الأخرى وأنهم يساعدون بالمال والعتاد وكذلك أيضًا بالسياسة، وهذا أمر معروف ولهذا قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم""لأخرجن اليهود والنصارى"، فجعل الاثنين حكمهما واحد في أنه يخرجهم من جزيرة العرب لما في إبقائهم فيها من الشر، ولأن جزيرة العرب منها خرج الإسلام وشاع نوره في الآفاق وإليها يعود كما ثبت عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "أن الإيمان يأرز إلى المدينة، - أي: يرجع - كما تأرز الحية": ، إلى جحرها؛ ولأنه لو فشا فيها هذان الدينان لفسدت، ولهذا جاء في الحديث: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب"، يعني: لا يمكن أن تقام

ص: 502

شعائر دين الكفر مع شعائر دين الإسلام في المدينة، فإما هذا وإما هذا وهو إشارة إلى وجوب أن تمحيص هذه الجزيرة للمسلمين.

فما هي الجزيرة؟ الجزيرة حدودها: من الشمال الشام الشامل لسوريا وفلسطين وما والاها، وحدودها من الغرب البحر الأحمر وحدودها من الشرق العراق وحدودها من الجنوب اليمن، هذه جزيرة العرب، وسميت جزيرة من باب التغليب على خلاف المعروف عند الجغرافيين؛ لأن الجزيرة عند الجغرافيين هي ما جزر عنه الماء في وسط البحر، فيكون البحر محيطًا بها من كل جانب أما الجزيرة العربية فإنه لا يحيط بها البحر من كل جانب، ولهذا يعبر بعضهم بشبه الجزيرة؛ لأنها ليست جزيرة كاملة، هذا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بأنه يؤكد إخراج هؤلاء من جزيرة العرب.

وورد عنه فيما رواه أهل السنن أنه أمر بذلك فقال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" وفي مرض موته صلى الله عليه وسلم أوصى أمته فقال: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب".

وعلى هذا فالواجب على المسلمين إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وإخراج المشركين من جزيرة العرب وقد ذكرنا آنفًا الحكمة في ذلك.

فإن قال قائل: يرد على هذا أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع وأقره ولم يجلهم إلا عمر بن الخطاب لسبب من الأسباب؟

فالجواب أن نقول: إن إقامة اليهود والنصارى في الجزيرة على نوعين:

النوع الأول: على وجه الإذلال وأنهم عمال من جملة العاملين، فهذا لا بأس به لكن بشرط أن نأمن شرهم فإنه لا يجوز أن يبقوا.

والثاني: إقامة استيطان فهذا هو الذي منع منه الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بإخراجهم، بقاء اليهود في خيبر من النوع الأول، فلهذا قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في العقد الَّذي جرى بينهم:"نقركم على ذلك ما شئنا" ولما استغنى المسلمون عنهم في عهد عمر رضي الله عنه ولما حصل منهم من الغدر أجلاهم إلى أذرعات في الشام وإلى مواطن أخرى.

فالحاصل أن نقول: إن المراد استيطان اليهود والنصارى والمشركين في المدينة هذا ممنوع ويجب على ولي الأمر منعه؛ لأنهم إذا استوطنوا سوف يطالبون بطلب المواطن من المدارس والمعابد وغيرها من الحقوق لا سيما الدين وهذا يوجب إشكالاً كبيرًا؛ لأنهم إما أن يجابوا فيجتمع دينان في جزيرة العرب، وإما ألَاّ يجابوا فيحصل منهم شر وبلاء؛ لهذا يمنع استيطان اليهود والنصارى والمشركين في الجزيرة مطلقًا بأي حال من الأحوال، أما بقاؤهم بأنهم عمال فهذا لا بأس به ما لم يؤد إلى شر وفساد فإن خيف شرهم وفسادهم فإنهم لا

ص: 503