الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يمكن فهذا أقول إنه إذا سقط القصاص لعدم تمام الشروط أو لوجود مانع أو لعفو أولياء المقتول فإنه لا يجب عليهم إلا دية واحدة والفرق بينها وبين القصاص واحد أن القصاص لا يمكن تبعضه وأما الدية فيمكن تبعضها.
التخيير بين الدية والقصاص وشروطه:
1129 -
وعن ابن شريح الخزاعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن قتل له قتيل بعد مقالتي هذه، فأهله بين خيرتين: إما أن يأخذوا العقل، أو يقتلوا". أخرجه أبو داود، والنسائي.
- وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة بمعناه.
هذا قاله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح يقول: "بعد مقالتي هذه" لأن هذا الوقت هو الذي قرر فيه صلى الله عليه وسلم ماذا يكون في قتل العمد وأن أولياء المقتول يخيرون بين كذا أو كذا فقوله: "فأهله" المراد بالأهل الورثة ورثة القتيل هم الذين لهم الخيار فإذا كان أخوان وعمان فقال العمان نريد القصاص وقال الإخوان نريد الدية فمن القول قوله؟ الأخوين دون العمين؛ لأن العمين لا ميراث لهما فلا حق لهما في شأن المقتول وقوله غما أن يأخذوا العقل أي الدية وهي مئة من الإبل وسميت عقلًا لأن الذين يضمنونها يأتون بها على بيت أولياء المقتول ويعقلونها بعقولها وهي الحبال التي تربط بالإبل وهي باركة حتى لا تقوم قال: وإما أن يأخذوا هناك شيء ثالث وهو العفو مجانًا ولم يذكر في الحديث لأن أمره ظاهر ولأن المقصود العوض وهو القتل وإما الدية وهي مائة من الإبل - كما سيأتي - إذن يخيرون بين ثلاثة أشياء: العفو مجانًا وأخذ الدية والقصاص هناك شيء رابع لو قالوا نحن لا نسقط القصاص إلا بديتين، يعني: مائتي بعير فعل لهم ذلك؟
الحديث قد يمنع ذلك.
إذن هذا الحديث فيه فوائد: تقرير هذا الحكم الشرعي عند فتح مكة لقوله: "بعد مقالتي هذه".
من فوائده: أن الأحكام الشرعية تتجدد شيئًا فشيئًا وهو أمر واضح فالأحكام الشرعية تتجدد في أعظم أصول الدين وفي الفروع أيضًا ويدل لهذا قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} فالدين يكمل شيئًا فشيئًا حتى انتهى.
ومن فوائد الحديث: أن أولياء المقتول عمدًا يخيرون بين الدية وبين القصاص، ولكن هذا التخيير بعد أن تتم شروط القصاص إذا تمت شروط القصاص حينئذ يخيرون أما إذا اختل شرط واحد منها فإنهم لا قصاص لهم فلو كانوا أهل كتاب وقتل مسلم واحدًا منهم فهل يخيرون بين العقل والقود؟ لا لعدم شروط القصاص وكذلك لو أن حرًا قتل عبدًا فهل يخير أولياء العبد بين القصاص والدية على القول بأنه لا يقتل الحر بالعبد؟ لا، وهلم جرُّا، المهم إذا تمت الشروط خير أهل القتيل وهم ورثته بين هذين الشيئين.
ومن فوائد الحديث: أنه ليس هناك شيء ثالث فيما يعوض به عن القتيل، وإنما قلنا: يعوض به عن القتيل ليخرج العفو مجانًا فيقال لأولياء المقتول إما أن تقتلوا وإما أن تأخذوا الدية فقط، وأما العفو فليس واردًا في هذا الحديث وعلى هذا فلو قال أولياء المقتول لا نسقط القصاص إلا بديتين أو ثلاثًا أو أربعًا أو عشرًا منعوا وقيل: إما أن تقتلوا وإما أن تأخذوا الدية، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم وقالوا: إنه لا يمكن المصالحة عن الدية بأكثر منها لأن الدية عوض مقدر شرعًا وما قدر شرعًا فإنه لا يجوز تجاوزه وقال بعض العلماء بل يجوز المصالحة عن القصاص بأكثر من دية لأن أولياء المقتول إذا قالوا إذا كنتم لا تريدون أن تعطوننا إلا الدية فسنقتله فقال أولياء القاتل أو القاتل نفسه أنا أدفع ديتين، أنا أريد أن أفدي نفسي الواجب شرعًا دية لكن إذا كنتم مصممين على القتال فأنا أريد أن أفدي نفسي بزيادة، فإذا ردوا بذلك فما المانع؟ والجواب عن القول بأن هذا مقدر شرعًا أن المراد به: ألا يقل عن مائة من الإبل فلو قال، من تلزمه الدية؟ نحن لا نعطيكم إلا خمسين أو ثمانين نقول: لا وهذا القول أرجح؛ وذلك لدعاء الحاجة إليه لأن الذي سيحتاج إليه من؟ القاتل وأولياؤه ربما يكون القاتل غنيًّا، وأولياؤه أغنياء ولا يهمهم أن يبذلوا ديتين أو ثلاثًا أو عشرًا المهم أن يبقى صاحبهم فما المانع من هذا ولكن يقال الأولى لأولياء المقتول أن يقتصروا على الدية؛ لأن ذلك ربما يكون أبرك لهم وأنفع وإذا بارك الله في المال نما وزاد وإذا نزعت البركة منه نقص وزال، لو أن أولياء المقتول اختلفوا بعضهم يريد القصاص وقال آخرون نريد الدية فمن القول قوله؟ القول قول من يطلب الدية لأن الله تعالى قال في القرآن {فمن عفا له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف} أي من المقتول شيء وشيء نكرة في سياق الشرط تشمل أدنى شيء فلو أن واحدًا من الورثة لا يرث إلا واحدًا من ألف، وأسقط القصاص وقال أنا أريد الدية سقط القصاص ووجبت الدية لقوله:{فمن عفا له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف} أما الدليل النظر فإنه لما سقط القصاص بحق هذا الرجل صار القصاص الآن واجبًا في هذا الرجل إلا واحدًا من ألف والقصاص لا يتبعض فكيف نقتله تسعمائة وتسع وتسعين قتلة هل يمكن هذا؟ لا يمكن فصار الدليل الأثري والنظري على أنه إذا عفا بعض أوليا المقتول فإنه يسقط القصاص ويترتب على