الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن فيه دليل أيضًا: على جواز نكاح الهاشمي لغير الهاشمية، وهذا هو الذي جاءت به السنة خلافًا لمن يدعون الآن أنهم أشراف ويقولون:
لا نزوج إلا من كان شريفًا وهذه حمية جاهلية، لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من بني عدى، وعلي بن أبي طالب من بني هاشم وعمر تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وأيهما أشرف نسبًا؟ أم كلثوم أشرف نسبًا من عمر رضي الله عنه ومع ذلك تزوجها، ولم يقولوا: لن نزوجك، لكن الحمية الجاهلية العمياء أوجبت ألا يتزوج أحد ممن يقولون الآن: نحن من آل الرسول لا يزوجون ولا يتزوجون بقيت نساؤهم مساكين أرامل عوانس، وبقي أيضًا شبابهم ربما يختارون المرأة الدينة المهذبة، ولكن لا تحصل له لأنه ممنوع عندهم عرفًا أن يتزوج أحد من بني هاشم من غير بني هاشم.
وصايا الرسول صلي الله عليه وسلم لأمراء الجيوش:
1218 -
وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنها قال: "كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أمر أميرًا علي جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: اغزوا على اسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تفلحوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا.
وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، فأيتهن أجابوك إليها، فأقبل منهم، وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فأقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون كأغراب المسلمين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فأقبل منهم، فإن هم أبوا فاستعن عليهم بالله تعالى وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تفعل، ولكن أجعل لهم ذمتك، فإنكم أن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله، وإذا أرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تفعل، بل على حكمك، فإنك لا تدرى أتصيب فيهم حكم الله تعالى أم لا". أخرجه مسلم.
هذا الحديث يقول: "إذا أمر أميرًا" يعني: إذا نصبه أميرًا وقوله: "على جيش أو سرية، "أو" هنا التنويع، والفرق بين الجيش والسرية: أن ما زاد على أربعمائة فهو جيش وما دون ذلك فهو سرية، "أوصاه في خاصته بتقوى الله"، "أوصاه" يعني: عهد إليه عهدًا موثقًا، لأن الوصية العهد
بالشيء على الغير على وجه موثق يعني: مؤكد، وقوله:"في خاصته" أي: في نفسه بتقوى الله، وتقوى الله سبحانه هي اتخاذ ما يقي من عذابه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، قال" "وبمن معه من المسلمين خيرًا" يعني: عهد إليه أن يختار لهم الخير، لأنه ولي عليهم فيجب أن يختار ما يراه خيرًا.
ثم قال بعد هذه الوصية وهي وصية فليلة اللفظ كثيرة المعنى، لأن تقوى الله تشمل القيام بكل أوامر الله وترك نواهيه، والخير للمسلمين يشمل كل خير لهم في دينهم ودنياهم، ثم قال:"اغزوا على اسم الله""اغزوا" الخطاب هنا للأمير ومن معه، "على اسم الله" هو قولنا: سر على بركة الله، فالمعنى: اجعل غزوك مقرونًا باسم الله عز وجل وقوله: "في سبيل الله" متعلق ب"اغزوا"، وهو إشارة إلى إخلاص النية، وقد سبق قبل قليل في حديث أبي موسى- أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ففي سبيل الله" قال: "قاتلوا من كفر بالله"، ومن كفر بالله يشمل من كان كفره بجحود أو شرك أو استهزاء أو غير ذلك، "اغزوا" هذا تكرار لقوله:"اغزوا على اسم الله" للتوكيد، "اغزوا ولا تغلوا" أي: لا تأخذوا شيئًا من الغنيمة ولا تغدروا أي: لا تغدروا بالعهد إن جرى بينكم وبين أعدائكم عهد، "ولا تمثلوا" أي: تقطعوا الأعضاء إن ظفرتم بعدوكم، "ولا تقتلوا وليدًا" أي: صغيرًا في السن.
قال: "وإذا لقيت عدوك من المشركين" أي: واجهته، وقوله:"عدوك" ولم يقل إذا لقيت أحدًا بل أتى بالعدو من أجل إثارته وإغرائه على ما يراد بهذا المشرك وقوله: "من المشركين" المراد بذلك: المشرك شركًا أكبر الذين يقاتلون على شرك، "فادعهم إلى ثلاث خصال" يعني: اطلب منهم أن يحضروا إلى هذه الخصال "فإن هم أجابوك إليها فأقبل منهم وكف عنهم" ثم بينها بقوله: "ادعهم إلى الإسلام، وصوم رمضان، وحج البيت، هذا الإسلام عند الإطلاق كما أجاب به النبي صلي الله عليه وسلم جبريل حسين سأله عنه.
"فإن أجابوك فأقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين" يعني: إذا أسلموا فاطلب منهم التحول إلى دار المهاجرين اختيارًا لا لزامًا، لأنه قال:"فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون كأعراب المسلمين"، ولو كان إلزامًا لم يقبل منهم وقوله:"إلى دار المهاجرين" الظاهر أن المراد بها: المدينة، لأنها هي التي هاجر المسلمون إليها كما قال تعالى: ? والذين تبوءو الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم? [الحشر: 9]. ولأن هجرتهم إلى المدينة فيها تكثير المسلمين واجتماعهم في مكان واحد، "فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون من كأعراب .... إلخ"، إن أبوا التحول من دارهم إلى دار المسلمين، يعني: لهم أن يبقوا في دارهم ولكنهم يكونون
كأعراب المسلمين، يعني: البادية، "ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن جاهدوا وهم في ديارهم استحقوا ما يستحقه المجاهدون من الغنيمة، والغنيمة هي ما أخذ من مال المشرك أو الكافر بقتال وما ألحق به وأما الفيء فهو ما أخذ بغير قتال وله موارد متعددة، منها ما يؤخذ من الكفار بغير قتال كالجزية والخراج، ومنها: الأموال المجهولة التي لا يعلم مالكها فهذه تجعل في بيت المال، ومنها: دية من لا وراث له فإنها أيضًا تجعل في بيت المال، ومنها خمس خمس الغنيمة يعني: واحدًا من خمسة وعشرين جزءًا من الغنيمة أيضًا فيئًا في بيت المال ومصرف الفيء المصالح العامة، أما الغنيمة فقد سبق بيان أنها تقسم خمسة أسهم، أربعة منها للغانمين، وواحد يقسم إلى خمسة أسهم أيضًا.
"فإن هم أبوا" يعني: أبوا الإسلام "فاسألهم الجزية" هي مال يضعه ولاة الأمر على كل كافر تحت ذمة المسلمين مثل لو كان في بلد فتحناها واستولينا عليها، ثم إننا قلنا لأهلها إذا كانوا كفارًا: تبقون فيها بالجزية كل واحد يبذل الجزية التي توضع عليه ويبقى على دينه ويستحق له ما يقتضيه هذا العقد مما هو معروف عند أهل العلم، "فإن هم أجابوك فاقبل منهم"، هاتان اثنتان " فإن هم أبوا فاستعن عليهم بالله تعالى وقاتلهم"، "إن أبوا" أي: الجزية، فاستعن عليهم بالله" أي: اطلب العون من الله تعالى عليهم وقاتلهم فبدأ أولًا بالاستعانة بالله حتى ينبني عليها الفعل، لأن الاستعانة بالله قبل كل شيء لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز" يعني: لا تتكاسل، استعن عليهم بالله وقاتلهم هكذا.
قال شراح الحديث في هذه الخصال: الإسلام أولًا ثم الجزية ثانيًا ثم القتال لكنه يشكل على هذا قوله: "فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم"، لأن القتل يختلف على هذا الشرط أفلا يمكن أن تكون الخصلة الثانية أن يتحولوا من دارهم إلى دار المهاجرين والثالثة سؤال الجزية؟ يمكن لكن يشكل على هذا أنهم إن امتنعوا من التحول من دارهم إلى دار المهاجرين لم يجز قتالهم فالحديث فيه شيء من الإشكال، وعلى هذا فيكون جملة "فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم" يراد بها: الأكثر لا الكل وذلك لأن قتالهم ليس فيه كف وعدم تحولهم من دارهم إلى دار المهاجرين ليس فيه قتال، فيتعين أن يكون قوله:"فإن هم أجابوك إليها" يعني: باعتبار الأغلب والأكثر وإلا لبقي الحديث مشكلًا. ثم قال: "وإذ حاصرت" الحصر: بمعني التضييق، ومعني حصر أي: أحاط بهم حتى منعهم من الخروج من حصنهم إذا حصر.
أهل حصن فأرادوا أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تفعل، يعني: إذا قالوا: ننزل ونسلم أنفسنا على ذمة الله وذمة رسوله فلا تفعل لهم ذلك، والذمة يعني: العهد، لا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة رسوله وعلل النبي صلي الله عليه وسلم ذلك فقال:"فإنكم إن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله" قوله: "أن تخفروا" بفتح الهمزة "أن" على أنها مصدرية، وهي بدل اشتمال من الكاف في قوله:"فإنكم" يعني: فإنكم خفركم، وعلى هذا فتكون "أنج مؤولة بمصدر منصوبة على أنها بدل اشتمال في قوله:"فإنكم إن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله" وخفر الذمة يعني: نقض العهد، ومعلوم أن نقض الإنسان عهده أهون من أن ينقض عهد الله وعهد رسوله صلي الله عليه وسلم فلهذا نهاهم النبي صلي الله عليه وسلم أن يجعلوا لهم ذمة الله وذمة نبيه، وإذا أرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تفعل ولكن أنزلهم على حكمك ثم علل ذلك إذا قالوا: ننزل على حكم الله فلا تفعل بل أنزلهم على حكمك واجتهادك وذلك لأنك تدري أن تصيب فيهم حكم الله، لأنك قد تجتهد فتخطيء وحينئذ لا تكون مصيبًا لحكم الله، وقد تجتهد وتصيب حكم الله ولكن ينفسخ الحكم، لأن الوقت وقت تشريع، فلهذا قال: "فإنك لا تدري
…
إلخ" نحن عللنا بأنه قد يجتهد ويخطئ وقد يحكم بصواب يكون قد نسخ ما دام الوقت وقت تشريع وسيأتي في الفوائد ما يترتب على اختلاف هذين التقديرين. هذا الحديث يعتبر أساسًا لتوجه ولي الأمر لمن ينفذه في الجهاد، لأنه ذكر فيه كل ما يحتاج من نفذ في الجهاد
ففيه فوائد: أولًا: مشروعية التأمير.
ومن فوائد الحديث: أن من هدي النبي صلي الله عليه وسلم بعث السرايا والجيوش.
فإن قال قائل: لماذا يبعث السرايا والجيوش ويتأخر؟
قلنا: لأن الدين الإسلامي له شعائر وله شرع يحتاج إلى أن يقيم الإنسان بعضها ويقيم غيره بعضها فهل كان الرسول صلي الله عليه وسلم يذهب مع كل جنازة؟ لا كانت تمر الجنازة من عنده ولا يقوم لها، لأنه يشتغل بما هو أهم من اتباع الجنازة كذلك أيضا في الجهاد هل كان يغزو مع كل جيش وسرية؟ لا بل يبقي في المدينة يعلم الناس الخير وقد أشار الله إلي ذلك في قوله: ? وما كان المؤمنون لينفروا كافة? [التوبة: 122]. فالدين الإسلامي لابد له أن يتكامل فالمؤمنون يكمل بعضهم شيئًا ويكمل الآخرون شيئًا آخر.
ومن فوائد الحديث: أنه يشرع للإمام أن يوصي الأمراء بما أوصى به النبي صلي الله عليه وسلم الأمراء وهو تقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا.
ومن فوائد الحديث: أنه يجب على من كان أميرًا أو وليًا أن يختار لمأموره وموليه ما هو خبر لقوله: "أوصاه ومن معه من المسلمين"، والوصية بالشيء تدل على الاهتمام به، ومن هنا
أخذ العلماء- رحمهم الله فائدة قالوا: إن من خير بين شيئين فإن كان التخيير للتيسير على المكلف فهو تخيير تشه، يعني: ما يريد مثل التخيير في كفارة اليمين وإن كان تخيير مصلحة فالواجب أن يفعل ما هو الأصلح وذلك فيمن يتصرف لغيرها فكل ما يتصرف لغيره إذا قيل: يخير بين كذا وكذا يجب عليه أن يختار ما هو أصلح إذن التخيير بين الأشياء إذا كان المقصود منه التيسير على المكلف فالتخيير تشه، يعني: افعل ما تريد، مقاله: خصال كفارة اليمين وإن كان التخيير للمصلحة فهذا تخيير مصلحة يفعل ما هو الأصلح، وهذا يكون فيمن يتصرف لغيره فالأمير على الجيش يجب عليه أن يفعل الأصلح، إمام المسجد يجب عليه أن يفعل الأصلح لا يقول: أنا بالخيار إن شئت طولت وإن شئت خففت لا، ولكن يجب عليه أن يفعل من السنة ما يستطيع
ومن فوائد الحديث: تشجيع الغزاة وتوجيههم بالاستعانة بالله عز وجل وإلى الإخلاص، تشجيعهم بقوله:"اغزوا" ثم أكدوها بقوله: "اغزوا" يعني: الغزو الحقيقي المبني على الشجاعة والإقدام،
ومن فوائد الحديث: النية على الاستعانة بالله لقوله: "على اسم الله"، والإخلاص لقوله:"في سبيل الله"، قد يفوت الإنسان الإخلاص لله عز وجل ويقع في قلبه شيء من الرياء، وقد يفوته الاستعانه بالله إذا رأى من نفسه القوة والقدرة غاب عنه الاستعانه بالله، وكلاهما يخل بالعمل لابد من إخلاص واستعانه ولهذا إذا اعتمد الإنسان على نفسه فالغالب من ذلك أن يخذل ولا أدل على ذلك من قصة حنين حينما أعجبت المسلمين كثرتهم فغلبوا مع أنهم اثنا عشر ألفًا وعددهم ثلاثة آلاف وخمسمائة ومع ذلك هزم المسلمون لأنهم أعجبوا بالكثرة.
ومن فوائد الحديث: وجوب مقاتلة الكفار لقوله: "قاتلوا من كفر بالله" وهذا العموم مخصص بنفس الحديث، وهو أن من بذل الجزية من الكفار وجب الكف عنه.
ومن فوائد الحديث: تحريم الغلول لقوله: "ولا تغلوا" وقد مر معنى الغلول وهو أن يكتم الغال شيءًا من الغنيمة، وهل للغلول عقوبة؟ نعم عقوبة أخروية وعقوبة دنيوية، أما الأخروية فقد قال الله تعالى: ? ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة? [آل عمران: 161]. وأما الدنيوية فإنه يحرق رحله إلا الحيوان والمصحف والسلاح وإلا فيحرق رحله تنكيلًا به، وهل يدخل في ذلك السرقة من بين المال؟ الجواب لا، لأن النهي موجه إلى الغزاة لكن من غل من بيت المال فإنه شبيه به، لأنه أخذ من مال عام خلافًا لما يفهمه العامة أهل الجشع الذين يقولون: إن مال
الحكومة حلال هذا غلط مال الحكومة قد يكون أشد تحريمًا من مال الشخص المعين، لأن مال الحكومة يتعلق به حق كل إنسان حتى العجائز والشيوخ والصبيان، ثم إذا أراد الإنسان أن يتخلص منه قد يصعب عليه ذلك، لكن حق المعين حث خاص لواحد يمكنه أن يستحله يمكنه أن يعطيه عوضًا عما أخذ وما أشبه ذلك.
ومن فوائد الحديث: تحريم الغدر لقوله: "ولا تغدروا"، والغدر هو الخيانة في موضع الأمانة فإن قيل: كيف يجاب عن المبارزة التي وقعت من الصحابة مع أعدائهم وحصل فيها الغدر؟ ويذكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بارز عمرو بن ود- نقله الفقهاء رحمهم الله لما بارزه وخرج عمرو بن ود يريد أن يقتله صاح به على ما خرجت لأبارز رجلين فالتفت عمرو لعل أحدًا لحقه فلما التفت ضربه علي حتى سقط رأسه على الأرض، هذا غدر في ظاهرة لكنه ليس غدرًا، إذ إن الرجل جاء ليقتله ليس بينهما أمانة فليس بغدر، ولهذا جاء عن النبي صلي الله عليه وسلم:"الحرب خدعه"، ما عقبة الغادر؟ له عقوبة عظمة فإن لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به يقال هذه غدرة فلان بن فلان في ذلك اليوم المشهود وهذه من أعظم العقوبات
ومن فوائد الحديث: تحريم التمثيل لقوله: "ولا تمثلوا" وظاهر الحديث العموم وألا نمثل ولو كانوا يمثلون بنا، لأنه لم يستثن من ذلك شيئًا ولكن يقال: إن هذا العموم يعارض بعموم آخر وهو قوله تعالى: ? فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدى عليكم? [البقرة: 194]. ولقوله: ? وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به? [النحل: 126]. ولأن في التمثيل بهم إذا مثلوا بنا كفا لهم وإهانة وذلة وعلى هذا فيكون هذا العموم مخصوصًا بعمومات أخرى، فإن قيل: هل يدخل في ذلك ما أخذنا جسد حربي قتلناه من أجل إجراء التجارب على الجسد للعلم، ليس لقصد التمثيل أو الأهانة أو الذل هل يدخل في التمثيل أو لا يدخل؟ محل نظر، وذلك لأن الشرع حرم بيع أجزاء الكافر على الكفار يعني مثلًا: لو قال الكفار: أنتم الآن قتلتم سيدنا ولكن أعطونا رأسه قلنا لا نعطيكم رأسه إلا بكذا وكذا من القيمة يقول العلماء: هذا حرام فالانتفاع بجثثهم كالانتفاع بعوض المال فلا يجوز، وقد يقال إن هذا جسد حربي لا حرمة له وإذا لم يكن له حرمة ولنا منه فائدة فما المانع فالمسألة عندي يتجاذبها أصلان وأنا فيها متوقف.
ومن فوائد الحديث: تحريم قتل الصغار لقوله: "ولا تقتلوا وليدًا" ولأن في قتل الصغار تفويت ماليتهم على المسلمين، لأنهم يسترقون بالسبي فإذا قتلوا فوتت ماليتهم على المسلمين، ولأن الصغار قريبون من الإسلام، لأن الشاب الصغير ميله أكثر من ميل الشيخ الكبير ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم" لأن الصغار أقرب للإجابة من الكبار.