الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله اثاقلتم إلى الأرض} [التوبة: 38]. يعني: ملتم إليها بثقل، ومعلوم أن الذي يختار الأرض على السماء ضائع} أرضيتم بالحياة الدنيا من االآخرة فما متاع الحياة الدنيا إلا في الآخرة إلَّا قليل * إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا ويستبدل قومًا غيركم ولا تضروه شيئًا والله على كل شيء قدير {] التوبة: 38، 39 [.
الثالث: إذا حضر العدو بلده، وهذا هو الشاهد لما قلناه قبل قليل، إذا حصر العدو بلدك صار الجهاد الآن واجبًا؛ لأنه جهاد دفاع؛ لأن العدو إذا حصر البلد معناه أن أهلها يكونون عرضة للهلاك لاسيما في مثل وقتنا الحاضر، إذا حصر العدو البلد وقطع الكهرباء وقطع المياه وقطع مصادر الغاز معناه أن الأمة سوف تهلك فيجب الدفاع ما دام عندهم ما يمكن أن يدافعوا به.
الرابع: إذا كان محتاجًا إليه، يعني: إذا احتيج إلى هذا الرجل بعينه وجب أن يقاتل مثل أن نغنم دبابات أو طائرات من عدو ونحن لا نعرف كيف نشغلها، لكن يوجد واحد من الناس قد عرف هذه الصنعة وعرف كيف يشغلها فهذا يجب عليه بعينه أن يقاتل، لا يقول: الناس كثير. نقول: نعم، الناس كثير لكن يعرفون تدبير هذا الطائرات فيجب أن تخرج أنت بنفسك. فهذه أربعة مواضع ذكرها العلماء رحمهم الله أن الجهاد فيها يكون فرض عين، وما عدا ذلك فهو فرض كفاية، الجهاد فرض كفاية على المسلمين لأمر الله تعالى في آيات كثيرة من القرآن، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد ذروة سنام الإسلام - يعني: أعلاه؛ لأن المجاهدين يعلون على أعدائهم فلهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بذروة السنام، لأنه أعلى ما في البعير، فالجهاد فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإذا لم يقم به من يكفي تعيَّن عليهم.
شرط القدرة على الجهاد وضوابطه:
ولكن اعلموا أن كل واجب لابد فيه من شرط القدرة، والدليل على ذلك النصوص من القرآن والسنة ومن الواقع أيضًا؛ أما القرآن فقد قال الله تعالى: } لا يكلف الله نفسا إلا وسعها {] البقرة: 286 [وقال تعالى: } فاتقوا الله ما استطعتم {] التغابن: 16 [. وقال تعالى: } وجاهدوا في الله حقَّ جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج {] الحج: 78 [يعني: حتى لو أمرتم بالجهاد لا يوجد حرج إن قدرتم عليه فهو سهل، وإن لم تقدروا عليه فهو حرج مرفوع، إذن لابد من القدرة والاستطاعة، ومن السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم وإذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، وهذا عام لكل أمر؛ لأن قوله تعالى: "بأمر" نكرة في سياق الشرط فيكون للعموم سواء أمر العبادات أو الجهاد أو غير ذلك، وأما الواقع فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة يدعو الناس إلى توحيد الله وإلى
الصلاة، وبقي على هذا ثلاث عشرة سنة لم يؤمر بالجهاد مع شدة الإيذاء له ولمتبعيه صلى الله عليه وسلم وقلة التكاليف، أكثر أركان الإسلام وما وجبت إلا في المدينة، ولكن هل أمروا بالقتال؟ لا، لماذا؟ لأنهم لا يستطيعون، هم خائفون على أنفسهم، إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة خائفًا على نفسه وهذا معروف، ولذلك لم يوجب الله عز وجل القتال إلا بعد أن صار للأمة الإسلامية دولة وقوة: } أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير {] الحج: 39 [.
وعلى هذا فإذا قال لنا قائل: الآن لماذا لا نحارب أمريكا وروسيا وفرنسا وانجلترا؟
فالجواب أن يقال: لعدم القدرة، الأسلحة التي قد ذهب عصرها عندهم هي التي بأيدينا وهي عند أسلحتهم بمنزلة السكاكين الموجودة عند الصواريخ ما تفيد شيئًا، فكيف يمكن أن نقاتل هؤلاء؟ !
ولهذا أقول: إن من الحمق أن يقول قائل: إنه يجب علينا الآن أن تقاتل أمريكا وفرنسا وانجلترا وروسيا، هذا تأباه حكمة الله عز وجل ويأباه شرعنا، لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر الله عز وجل: } وأعدُّوا لهم ما استطعت من قوة {] الأنفال: 60 [. هذا الواجب علينا أن نعد لهم ما استطعنا من قوة نعدها هو الإيمان والتقوى؛ لأننا بالإيمان والتقوى سوف نقضي على أهوائنا، ونقضي على تكاسلنا، ونقضي على محبتنا للدنيا، لأننا الآن نحب الدُّنيا ونكره الموت.
الصحابة المجاهدون حالهم عكس حالنا يريدون الموت ويكرهون الحياة في الذل، فالواجب أن نعد ما استطعنا من قوة وأولها الإيمان والتقوى ثمَّ التسلح، الذي علَّم هؤلاء ألا يعلمنا؟ ّ! يعلمنا لكننا لم نتحرك ثم في الواقع لو تحركنا كمخت الرءوس ما نستطيع، ولا حاجة إلى أن نعين لكم أنهم إذا رأوا دولة يمكن أن تنتعش بالأسلحة فعلوا ما فعلوا مما هو معلوم لكم.
أقول: إن الواجب الآن أن نستعيد بالإيمان والتقوى، وأن نبذل الجهد والشيء الذي لا نقدر عليه نحن غير مكلفين به ونستعين الله عز وجل على هؤلاء الأعداء، ونحن نعلم أن الله عز وجل لو شاء لانتصر منهم كما قال تعالى: } ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم {] محمد: 4 [. يعني: حتى لو ابتلى بعضنا ببعض وقتل من قتل منا فإن الله لا يضل أعمال هؤلاء الذين قتلوا في سبيله سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفا لهم.
فالحاصل: الذي أحب أن أقوله وأؤكده أنه لابد من القدرة، أما مع عدم القدرة فإن الشرع والقدر يتفقان بأنه لا يجب علينا أن نتحرك ما دمنا لا نستطيع الواقع، والشرع كله يدل على هذا