الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفي النفقة في حديث فاطمة .. الخ في سياق المؤلف لهذا إيهام بأن حديث فاطمة في البينونة في الموت وليس كذلك.
مسألة طلب المرأة الطلاق عند عجز زوجها عن النفقة:
1101 -
وعن أبي هريرة رضي الله ع نه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خبر من اليد السفلى، ويبدأ أحدكم بمن يعول. تقول المرأة: أطعمني، أو طلقني". رواه الدارقطني، وإسناده حسن.
وما هي "اليد العليا"؟ يد المعطي، و"اليد السفلى" يد الآخذ، و"يبدأ أحدكم بمن يعول" أي: بعياله الذين يجب عليه إعالتهم، ثم ضرب مثلا يقول:"تقول المرأة أطعمني أو طلقني"، والمرأة ممن يعولها، وعول المرأة أوكد أنواع العول، لأن عولها معاوضة عن عوض والرجل قد أخذ عوضا -عوض هذا الإنفاق- فلا يمكن أن يهمله عوض الإنفاق، هو يستمتع بالزوجة من جماع وغير جماع فإذا كان يستوفيه ومنعها حقها صار أبلغ من منع نفقة الأقارب لأن نفقة الأقارب واجبة للصلة والمواساة لكن نفقة الزوجة واجبة معاوضة فتقول المرأة:"أطعمني" يعني: أنفق عليّ "أو طلقني" والقريب يقول أطعمني وإلا فعليك الإثم.
فيستفاد من هذا الحديث فوائد: أولا: فضل اليد العليا على اليد السفلى وسبق الكلام فيه وما يترتب على هذه الأفضلية، وأنها تدل على أن السؤال ذل وانحطاط رتبة.
ومن فوائد الحديث: وجوب البدء بمن يعول لقوله: "يبدأ أحدكم بمن يعول".
ومن فوائد الحديث: أن أعظم من يعوله الإنسان الزوجة، لأنها تهدد بهذا القول.
ومن فوائده: أن المرأة أن تطالب بالطلاق إذا لم ينفق عليها الزوج، وهذا واضح إذا كان قادرا على الإنفاق، لأنه لا عذر له ولكن إذا كان غير قادر على الإنفاق فهل لها أن تقول أطعمني أو طلقني؟ ظاهر الحديث أن لها ذلك، وهذا هو الذي ذهب إليه أكثر العلماء، لأن نفقة الزوجة معاوضة فإذا لم تحصل لها ولو بعذر فإن لها أن تطالب بالطلاب أو الفسخ، ولو لم يثبت هذا لقلنا: إنه يجب أن يحمل الحديث على ما إذا قالته لشخص قادر على الإطعام تقول: أطعمني أو طلقني.
من فوائد الحديث: جواز سؤال المرأة الطلاق إذا كان له سبب لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها على هذا القول ولو لم يكن لها أن تقول هذا القول لم يقرها الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك.
1102 -
وعن سعيد بن المسيب في الرجل لا يحد ما ينفق على أهله قال: "يفرق بينهما". أخرجه سعيد بن منصور: عن سفيان، عن أبي الزناد قال:"فقلت لسعيد بن المسيب: سنة؟ فقال: سنة". وهذا مرسل قوي.
يقال: المسيب والمسيب، المسيب لغيره، والمسيب من غيره، المسيب من غيره معناه: أنه لا قيمة له منبوذ؛ ولهذا يشهر عن سعيد أنه يقول: أنا ابن المسيب وسيب الله من سيبني، يعني: من قال: ابن المسيب، لكن المعروف عند العلماء جواز الوجهين، سئل سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على أهله قال: يفرق بينهما، ومعلوم أن هذا ليس على سبيل الوجوب بل يفرق بينهما بطلب من المرأة، أما لو أن المرأة رضيت بحال زوجها ولم تطالب وصبرت فلا شك أن أعظم لأجرها وأولى لها وأفضل لوجهين:
الأول: أن في ذلك إحسانا إلى زوجها، وإحسانا إلى أولادها إن كانت ذات أولاد.
وثانيا: إن لها أجرا بالصبر على اللأوى والجوع والكسوة وغير ذلك فالأفضل ألا تطالب ولو كان زوجها فقيراً لكن لو أنها أصرت على المطالبة وقالت أنا لا يمكن أن أبقى في بيت أجد ما آكل ولا ما أكتسي فلها الحق وحينئذ يجب أن يفرق بينهما يطلبها يقول سئل سعيد هل هذا سنة؟ فقال: إنه سنة لكن سنة من؟ هذه المسألة عند أهل الاصطلاح إن قالها الصحابي فهي من قسم المرفوع مثل قول أنس بن مالك: "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أن يقيم عندها سبعا"، ومثل قول ابن عباس في قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة حين جهر بها قال: ليعلموا أنها سنة فالصحابي إذا قال: هذا من السنة أو هذا سنة فهو في حكم المرفوع، لأنه لا يريد بالسنة إلا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما التابعي إذا قال: هذا سنة فقد اختلف أهل العلم في الاصطلاح هل يكون موقوفا أو يكون مرفوعا مرسلا ووجه ذلك أن التابعي لم يدرك من الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا قدرنا أن قوله من السنة مرفوع فالتابعي حينئذ رفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم
يدرك زمانه ومعلوم أن التابعي إذا أضاف حديثا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرسل؛ لأنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ومن العلماء من فقال: هو غير مرسل، لكنه موقوف؛ لأن التابعي لا يعني بالسنة إلا سنة الصحابة الذين أدركهم، فيكون هذا من باب الموقوف أي: يكون موقوفا متصلا؛ لأنه أدرك الصحابة، وظاهر صنيع ابن حجر في قوله:"وهذا مرسل قوي" أنه يختار القول بأن قول التابعي من السنة مرفوع مرسل، ولهذا قال: هذا مرسل قوي، والمرسل: ما رفعه التابعي أو الصحابي الذي لم يسمع من الرسول صلى الله عليه وسلم، والراجح أنه ينظر إلى السنة في هذا إذا وجد له شواهد تدل على أنه مرفوع فهو مرفوع وإلا فالأقرب أن قول التابعي:"من السنة" أي: سنة الخلفاء الذين أدركهم.
1103 -
وعن عمر رضي الله عنه: "أنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم: أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا". أخرجه الشافعي والبيهقي بإسناد حسن.
"الأمراء": جمع أمير، و"الأجناد" جمع جند، وهم الذين يبعثون للقتال في سبيل الله عز وجل فتركوا نساءهم بلا نفقة، كتب عمر رضي الله عنه أن يأخذوا هؤلاء الأزواج بأن ينفقوا أو يطلقوا وهذا "أو" لأحد الشيئين يعني: إما الإنفاق وإما الطلاق فإذا أنفقوا لم يلزموا بالطلاق، وإن لم ينفقوا ألزموا بالطلاق فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا أي: بالنفقة التي حبسوها يبعثون بها إلى أزواجهم.
هذا الأثر أخرجه الشافعي والبيهقي يقول: "بإسناد حسن" فيكون حجة، وهو من سنة أحد الخلفاء الراشدين وهو عمر رضي الله عنه فيكون حجة يعمل بها.
فيستفاد من هذا الأثر فوائد: منها: مراسلة الإمام أمراءه بالأمر الذي يقتضي المراسلة، لأن عمر كتب إلى أمراء الأجناد.
ومن فوائد الحديث: حماية عمر بن الخطاب للرعية حيث كان يتفقد أحوال الرعية إلى أن يتفقد النساء رضي الله عنه.
ومن فوائده: أن الإنسان يطالب بالنفقة فإن أبى ألزم بالطلاق؛ لقوله: "يأخذوهم"، يعني: بأن ينفقوا أو يطلقوا، وهو كذلك على القول الراجح، وقد علمتم الخلاف، لكن القول الراجح أن للزوجة أن تطلب الفسخ.
ومن فوائد الحديث: أن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي الزمان؛ لقوله: "فإن طلقوا بعثوا بنفقة من حبسوا"، ووجه ذلك: أن الإنفاق على الزوجة معاوضة عن الاستمتاع بها فإذا كان معاوضة فإنه يجب على الزواج أن يدفع نفقة ما مضى، لأنها تثبت في ذمته فإن قال قائل: كيف يدفع نفقة ما مضى وهو لم يستمتع بها؟
نقول: لأن هذا نم قبله هو فهو الذي سافر، أما لو كانت هي التي نشزت وسافرت فليس لها شيء وهل القريب مثلها يطالب بنفقة ما مضى مثل أن يغيب عنه قريبه وينفق هذا على نفسه بالاستدانة من الناس فهل على القريب أن يقضي هذا الدين الذي كان بسبب النفقة؟
يقول العلماء: لا يلزمه نفقة ما مضى بالنسبة للقريب لأن هذا مجرد إحسان يفوت بفوات وقته، نعم لو فرض أن هذا القريب استدان على ما تجب عليه النفقة بني الرجوع يرجع أنه قضى عنه شيئا واجبا.
1104 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، عندي دينار؟ قال: أنفقه على نفسك. قال: عندي آخر؟ قال: أنفقه على ولدك. قال: عندي آخر؟ قال أنفقه على أهلك. قال: عندي آخر؟ قال: أنفقه على خادمك. قال عندي آخر، قال: أنت أعلم". أخرجه الشافعي، وأبو داود واللفظ له، وأخرجه النسائي والحاكم بتقديم الزوجة على الولد.
يقول: "جاء رجل" من هو الرجل؟ لا تعلم عينه ولا يهمنا أن نبحث عن عينه من هو لأن المقصود هو الحكم إلا إذا كان يترتب على معرفة عينه حكم لا يترتب على إبهامه فحينئذ يتعين طلب التعيين أما إذا كان الحكم لا يختلف فلا حاجة إلى أن نضيع الأوقات الكثيرة في الوصول إلى تعيين هذا الشخص، لأن العبرة بالحكم لا بالشخص، نعم لو فرض أننا نحتاج إلى معرفة عينه لتغير الحكم بكونه مبهما أو معينا، كما لو جاء رجل يسأل الزكاة ونحن لا نعلم هو من أهل البيت أو لا؟ فحينئذ يتعين البحث عنه لأنه يختلف به الحكم، قال:"يا رسول الله، عندي دينار"، الدينار: هو قطعة النقد من الذهب وزنته مثقال قال: "أنفقه على نفسك" والدرهم في عهد الرسول أصغر من الدينار بخلاف عهدنا الآن، قال:"عندي آخر" قال: أنفقه على ولدك"، المراد بالنفس نفقته التي يحتاج إليها من طعام وشراب ولباس قال: "عندي آخر" قال: "أنفقه على ولدك قال: عندي آخر
…
الخ" كلمة "أهل" ظاهر كلام ابن حجر أنه يراد بها: الزوجة، ولكن يحتمل أن يراد بها ما هو أعم؛ لأنه إذا سكت عما هو أعم صار ذكر الولد والزوجة