الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى لا يكلف صاحب الذهب بشراء الإبل ولا يكلف صاحب الإبل بيعها بالذهب حتى يسلم الذهب، فيكون هذا من باب التخفيف وأنتم تعلمون أن الغالب أن العاقلة هي التي تحمل الدية فناسب أن يخفف عنها وقد اختلف العلماء هل الذهب والفضة والبقر والغنم التي ورد في الحديث أنها من الدية هل هي أصول أو أن الأصل الإبل وهذه مقومة؟ فقال بعض العلماء الأصل الإبل وليس الذهب ولا الفضة ولا البقر ولا الغنم وعلى هذا القول إذا اختلفت القيم نرجع إلى الإبل فلو كان ألف الدينار لا يأتي إلا بعشرين بعيرًا فقط فإننا نرجع إلى الإبل، مائة بعير ولو كان ألف الدينار يأتي بخمسمائة بعير فإننا نرجع إلى الإبل وهذا القول هو الراجح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والدليل على هذا أنكم ترون أن الجروح التي دون النفس قدَّرها الشرع بالإبل فدلَّ هذا على أن الأصل هو الإبل وهذا الذي يقضى به هنا في المملكة العربية السعودية أن الأصل الإبل، ولهذا يختلف تقدير الدية من وقت لآخر كانت الدية بالأول أربعمائة ريال فرنسي ثم رفعت ثم استقرت الآن بمائة ألف وربما تتغير لكن لا يمكن يغيرونها كل سنة كلما طال الزمن واختلف السعر اختلافًا بينًا غيروها، يقول واختلفوا في صحته ولكن المحققين من أهل العلم يقولون إن هذا الحديث صحيح بقطع النظر عن سنده وذلك لأن الأمة تناقلته وتلقته الأمة بالقبول ومثل هذا يكون صحيحًا وعليه فيكون ما ذكر في هذا الحديث من تقدير الدية يكون صحيحًا معمولًا به، المائة من الإبل كيف تكون أسنانها؟ بيَّنها في الحديث الذي بعده.
دية القتل الخطأ:
1131 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دية الخطأ أخماسًا: عشرون حقَّةً، وعشرون جذعةً، وعشرون بنات مخاضٍ، وعشرون بنات لبونٍ، وعشرون بني لبونٍ". أخرجه الدارقطني.
وأخرجه الأربعة، بلفظٍ:"وعشرون بني مخاضٍ"، بدل "بني لبونٍ". وإسناد الأول أقوى، وأخرجه ابن أبي شيبة من وجهٍ آخر موقوفًا، وهو أصحُّ من المرفوع.
يقول: "دية الخطأ أخماسًا" أي: تجب أخماسًا، وعلى هذا فأخماسًا ليست خبرًا لمبتدأ، وإنما خبر المبتدأ محذوف والتقدير: تجب أخماسًا، ثم فصل فقال:"عشرون حقة"، الحقة ما لها ثلاث سنوات والجذعة ما لها أربع سنوات، والثنية خمس سنوات، لكن الثنية لا تجب في الديات إنما تجب في الأضاحي، وعشرون بنات مخاض لها سنة، وعشرون بنات لبون لها سنتان فصار أول السنوات سنة واحدة ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة، أعلاها الجذعة ثم الحقة ثم بنات اللبون وبنو اللبون ثم بنات المخاض فإذا كانت الجناية خطأ وجبت الدية على العاقلة على هذا النحو. إذن ليس فيها ثنية وليس فيها ما فوق الثنية كلها صغار ويظن الظان أنه إذا قيل: إن الدية مائة من الإبل يظن أنها مائة كبيرة وليس كذلك بل هي صغيرة أولها لها سنة. إذن هي صغيرة فتقدر هذه الصغار بالقيمة إذا ذهبنا إلى أن الأصل هو الإبل ثم تدفع القيمة من الدراهم أو من الدنانير.
في هذا الحديث وما يتبعه فوائد أولًا: العمل بالكتابة لقوله: "كتب إلى أهل اليمن".
ومن فوائده: جواز كتابة الحديث، وقد كان في ذلك خلاف في الزمن الأول فأنكره بعض الصحابة والتابعين وقالوا: لا يمكن أن يكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لو كتب لظن الظان أنه قرآن ولكن الصحيح أنه جائز- أعني: كتابة الحديث- أولًا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "اكتبوا لأبي شاة" لما سمع خطبته في عام الفتح قال اكتبوا لي يا رسول الله فأمرهم بالكتابة له، ثانيًا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكتب إلى الملوك، وهذا كتابة حديث.
ثالثًا: أن الكتابة مشهورة بين الصحابة، قال أبو هريرة: لا أعلم أحدًا أكثر حديثًا مني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب.
ومن فوائد الحديث: أن من قتل مؤمنًا متعمدًا فعليه القود لقوله: "من اعتبط
…
إلخ".
ومن فوائده: أنه لا يثبت القود، يعني: القصاص إلا ببينة إذ لو يعطي الناس بدعواهم لادَّعى رجال دماء قوم وأموالهم، فمثلًا لو وجدنا إنسانًا يتشحط في دمه وشخص هارب فهل نقول إن هذا الهارب هو القاتل؟ لا، لماذا؟ لاحتمال إن هذا الهارب لما وقف عند القتيل خاف أن يتهم به فهرب، ولكن إذا وجدت قرينة تكون حجة لنا في اتهام هذا الهارب فلا بأس أن نأخذه وننظر في الأمر ثم هل تجري القسامة أو يقال يحلف هذا المتهم بأنه ما قتل ويخلَّى سبيله في هذا قولان للعلماء منهم من قال إن القسامة تجرى في كل شيء يغلب على الظن أنه حصل به القتل والقسامة أن يدعي أولياء المقتول أن فلانًا قتل قتيلهم ويكون هناك قرينة تدل على صدق دعواهم فيؤتى بالمتهم ويقال: احلفوا عليه خمسين يمينًا بأنه هو القاتل، فإذا حلفوا خمسين يمينًا أنه هو القاتل فإنهم يأخذون برمته ويقتلونه، وإن أبوا ردَّت اليمين على المتهم
ويقال: احلف أنك لم تقتل، فإذا حلف برئ وهنا أعملنا قول المدعي لقوة جانبه ورجحانه من أجل القرينة ولكننا لم نجتزئ بيمين واحدة لعظم الحكم فلابد من خمسين يمينًا يحلفها ورثة القتيل، لو أن رجلًا وجد في بيته شخص مقتول وادعى صاحب البيت أن هذا الرجل لص دخل عليه أو أنه رجل فاجر يريد الفاحشة وأنه لم يندفع إلا بقتله فما الحكم؟ المشهور على المذهب أنه إن أتى ببينة على دعواه وإلا قتل به، يعني: صاحب البيت لأننا لو قبلنا دعواه لكان كل شخص يكون بينه وبين شخص عداوة يقول: أدعوك إلى بيتي حتى نزيل ما بيننا من العداوة ويقول إزالة العداوة بين المسلمين واجبة، يقول له: تفضل ثم يقتله، ومن أجل هذا الاحتمال قال العلماء لا نقبل دعواه حتى يأتي ببينة، لكن قال شيخ الإسلام يجب أن ننظر للقرائن فإذا كان القاتل صاحب البيت رجلًا معروفًا بالصلاح وعدم العدوان وكان هذا القتيل معروفًا بالشر والفساد كل يوم يتسور على بيت فإن القول قول صاحب البيت ولو أن أخذنا بما قاله الفقهاء- رحمهم الله على الإطلاق لحصل شر كثير وفساد كبير وبقي الإنسان لا يقدر أن يدافع عن نفسه في بيته لأنه ليس من المعقول أن نجد بينة تكون في البيت وتشهد بأن الرجل مهاجمًا وأن صاحب البيت مدافعًا، المهم لابد من بينة ولهذا قال عن بينة فإنه قود.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا رضي أولياء المقتول بما دون القتل فإنه يسقط القتل وليس من شرط ذلك أن يرضي الجميع بل إذا عفا بعضهم عن القتل سقط عن الباقين لقوله تعالى: {فمن عفى له من أخيه شيءٌ فاتباع بالمعروف} .
ومن فوائد الحديث: أن في النفس الدية كاملة وظاهر الحديث ولو اشتركا في ذلك جماعة فتوزع الدية عليهم فإذا اشترك في قتل إنسان خطأ خمسة وزِّعت الدية عليهم كل واحد عشرون، بخلاف ما لو وجب القصاص فإنه يقتص من كل واحد، والفرق بين الدية والقصاص: أن الدية تتبعض والقصاص لا يتبعض.
ومن فوائد الحديث: أن الأصل في الديات الإبل لقوله: "في النفس الدية" ثم فسر الدية بقوله مائة من الإبل وظاهر الحديث العموم أن في النفس أي عموم ذلك للذكر والأنثى ولكن سيأتي أن الأنثى عقلها نصف عقل الرجل أي خمسون بعيرًا.
ومن فوائد الحديث: أن ما في البدن منه واحد كالأنف واللسان والذكر ففيه الدية كاملة والحكمة من ذلك أنه لا يوجد له نظير في البدن فإذا أتلفه فقد أتلف منفعة كاملة في البدن وعضوًا لا نظير له فتجب الدية.
ومن فوائده: أن ما في الجسد منه شيئان ففي الواحد نصف الدية وفي الاثنين الدية كاملة يؤخذ من قوله: "ففي العينين الدية
…
إلخ".