الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من بيته وأخذت بعرة من روث البعير ثم رمت بها إشارة إلى أن هذا العذاب والجحيم لا يساوي عندها رمية هذه البعرة، لكن جاء الإسلام- ولله الحمد- بخلاف ذلك.
ومن فوائد الأثر: أن الله عز وجل وقَّت للرجال في الإيلاء أربعة أشهر ثلث الحول، والثلث معتبر في عدة أحكام في الشريعة، منها: قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الوصية: "الثلث والثلث كثير"، ومنها: عدة المتوفى عنها زوجها إن لم تكن حاملًا، فإن عدتها أربعة أشهر- ثلث الحول- وعشرة أيام- ثلث الشهر- فأعطيت المرأة في الإسلام تيسيرًا كبيرًا في الأحكام الشرعية.
ومن فوائد الأثر: أن المصطلحات الشرعية قد تخالف المصطلحات اللغوية، يعني: أن هناك حقائق شرعية وحقائق لغوية، وهناك قسم ثالث: حقائق عرفية، فالحقائق ثلاثة، فإذا جاءت الكلمة ولها مدلولان: شرعي ولغوي وهي مكتوبة بلغة العرب فإنه تحمل على المدلول اللغوي، وإن كانت في لسان الشرع تحمل على المدلول الشرعي، أما الحقيقة العرفية فهي ما يتعارفه الناس فيما بينهم، فلتحمل ألفاظهم على حقائقها العرفية وإن خالفت الحقائق الشرعية أو حقائق اللغة العربية، فمثلًا الشاة في اللغة العربية تطلق على الأنثى من الضأن والمعز، بل وعلى الذكور أيضًا، في أربعين شاة شاة ولو كانت ذكورًا، ولكن قد جرى العرف عندنا هنا على أن الشاة تطلق على الأنثى من الضأن، فإذا أقر شخص لآخر بشاة وأعطاه أنثى من المعز فقال المقر له: لا، أنا أريد أنثى من الضأن، فقال المقر: الأنثى في اللغة تطلق على هذا وعلى هذا، قلنا: المعتبر العرف، أي: أنثى من الضأن.
حكم المجامع في رمضان:
1053 -
وعنه رضي الله عنه: "أنَّ رجلًا ظاهر من امرأته، ثمَّ وقع عليها، فأتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنِّي وقعت عليها قبل أن أكفِّر، قال: فلا تقربها حتَّى تفعل ما أمرك الله تعالى به". رواه الأربعة وصحَّحه التِّرمذيُّ، ورجَّح النَّسائيُّ إرساله.
- ورواه البزَّار: من وجهٍ آخر، عن ابن عبَّاسٍ وزاد فيه:"كفِّر ولا تعد".
هذا الحديث في الظهار، وقد سبق لنا أن الظهار: أن يشبِّه الرجل زوجته بمن تحرم عليه
تحريمًا مؤبدًا بنسب أو سبب مباح، النسب القرابة والسبب المباح هو المصاهرة والرضاع، فإذا قال لزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي فهذا ظهار، أنت عليَّ كظهر أمك ظهار؛ لأن أم الزوجة حرام على الزوج، أنت عليَّ كظهر من أرضعتني ظهار؛ لأن من أرضعته تحرم عليه، وسبق لنا أيضًا أن الظهار محرم، وأن الله وصفه بوصفين قبيحين: المنكر والزور، فقال سبحانه:{وإنَّهم ليقولون منكرًا من القول وزورًا} .
مسألة مهمة: هل يجوز للمظاهر الاستمتاع بامرأته؟
إذا ظاهر من امرأته فإنه يجب عليه أن يتجنب جماعها ولا يجامعها حتى يكفر، والكفارة بينها الله عز وجل في كتابه وكذلك السنة بينتها، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، فلا يجوز أن يجامع زوجته حتى يكفر، أما في الرقبة وفي الصيام فمنصوص عليه، وأما في الإطعام فبالقياس ومختلف فيه، وهذا الحديث الذي معنا. "أن رجلًا ظاهر
…
إلخ"، وكأن هذا الرجل عنده علم بأنه لا يجوز له أن يقع عليها إلا بالتكفير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به"، والذي أمر الله به هو عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا حسب الترتيب الذي في الآية، وقوله: "لا تقربها" يحتمل أن يكون المراد: لا تقربها بأي اسمتاع، سواء بالجماع أو بالتقبيل أو بالضم أو بغير ذلك من أنواع الاستمتاع، ويحتمل أن يراد به: أي قربان الجماع فقط، بدليل قوله- في الرواية الأخرى-: "ولا تعد" أي: لا تعد إلى ما فعلت وهو الجماع، وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من يقول: إنه لا يجوز أن يقرب المظاهر منها لا بجماع ولا بغيره من أنواع الاستمتاع حتى يكفر ومنهم من يقول بل إنه يستمتع منها بما عدا الجماع لقوله تعالى: {من قبل أن يتماسَّا}، والمماسة هي: الجماع، فالآية تدل على أن الممنوع هو الجماع، وهذا الحديث ليس نصًا في الموضوع؛ لأن الرواية الأخرى تقيد القربان بما فعله هذا الرجل، والرجل قد وقع عليها، فيكون المراد: لا تقربها قرب جماع، والقول الراجح: أن الممنوع هو الجماع أخذا بظاهر الآية، فإن الواجب إجراء النصوص على ظاهرها ما لم يوجد قرينة لكن الذين قالوا: إن المحرم كل استمتاع ولو بغير جماع استدلوا بظاهر اللفظ الأول وهو قوله: "لا تقربها"، واستدلوا أيضًا بأنه إذا حرم الجماع حرمت ذرائعه التي توصل إليه بدليل المحرم يحرم عليه الجماع، وكذلك مقدمات الجماع كالتقبيل واللمس، ولكن هذا القياس فيه نظر؛ لأنه معارض بقياس