الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما أشبه ذلك وأن ذلك يزيد في القيمة فهذا لا بأس به، وليس هذا من البحيرة ولكنه مما يفعله الإنسان للمصلحة، إلا أننا نقول: إذا أمكن قطع آذانها بلا أذية وبلا إيلام كان واجبًا ولكن كيف يكون بلا إيلام؟ بالبنج تبنج وتقطع الأذن بدون إيلام وهذا لا بأس به.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي مراعاة الشوط في بعده وقربه بحسب الخيل الَّتي سابق عليها، المضمرة يمد لها في الشوط، وغير المضمرة يقصد، لأن غير المضمرة تتعب فيلحقها مشقة لا داعي لها.
ومن فوائد الحديث: أنه لا بأس أن تكون المسابقة مع من لم يبلغوا الأشد، فإن ابن عمر كان لم يبلغ أشده ومع ذلك دخل في المسابقة فلا يحقرن أحد نفسه في مثل هذا.
وزاد البخاريٌّ: قال سفيان: "ومن الحفياء إلى ثنيَّة الوداع خمسة أميالٍ أو ستة، ومن الثَّنية إلى مسجد بني زريق ميل".
فالفرق - إذن - عظيم، ميل إلى خمسة أميال أو سبعة واحد من خمسة أو واحد من ستة لأن كل واحد من هذه الخيل يسابق على حيث ما يمكنه.
1265 -
وعنه رضي الله عنهما: "أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل، وفضَّل القرَّح في الغاية". رواه أحمد، وأبو داود، وصحَّحه ابن حبَّان.
هذا أيضًا كالذي قبله في أنه يفرق بين ما يحتمل بعد الشوط وما لا يحتمل.
السباق على الخف والحافر والنصل:
1266 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في خفٍّ، أو نصلٍ، أو حافرٍ". رواه أحمد والثَّلاثة وصحَّحه ابن حبَّان.
السبق: هو العوض الَّذي يؤخذ على المسابقة، قوله:"لا سبق إلا في خف" معروف أن "لا" نافية للجنس وأن خبرها محذوف، أي: لا سبق كائن إلا في خف، والخف إشارة إلى الإبل لأنها هي ذات الخفاف، والنصل إشارة إلى الرمي بالسهام، والحافر إشارة إلى الخيل
فهذه الثلاثة أجاز النَّبيّ صلى الله عليه وسلم المسابقة فيها على عوض، وأما غيرها فلا يجوز وهذا الاستثناء استثناء من شبه الميسر أو من الميسر نفسه؟ لأن المسابقة إذا أخذ عليها العوض صارت من الميسر إذ إن الداخل فيها بين غانم وغارم وهذا هو حقيقة الميسر.
فإن قال قائل: لماذا أبيح السبق في هذه الثلاثة؟
فالجواب: أنه أبيح؛ لأن ذلك مما يعين على الجهاد في سبيل الله، فالإبل تحمل أمتعة المجاهدين وأسلحتهم، وتحمل المجاهدين أيضًا، والنصل يرمي به المجاهد فيدافع عن نفسه، ويهاجم عدوه، وأما الحافر فكذلك يركب عليه ويفر فهو مما ينتفع به في الحرب للجهاد في سبيل الله.
يستفاد من هذا الحديث فوائد: أولًا: تحريم المسابقة على عوض إلا في هذه الثلاث، وجه ذلك: قوله "لا سبق" وهذا النفي بمعنى النهي، فهو نفي لكن يراد به النهي كقوله تعالى: } ذلك الكتاب لا ريب فيه {[البقرة: 2]. نفي لكنه بمعنى النهي، أي: لا ترتابوا فيه.
فإن قال قائل: وهل تجوز المسابقة في غير ذلك على غير عوض؟
فالجواب: نعم تجوز المسابقة على غير عوض في غير هذا تجوز المسابقة في المصارعة لأن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم صارع ركانه بن يزيد، وتجوز المسابقة على الأقدام؛ لأن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم سابق عائشة وتجوز المسابقة في كل عمل مباح لكن بلا عوض وأما العمل غير المباح فلا تجوز المسابقة فيه، مثل النرد والشَّطرنج وما أشبههما وبذلك نعرف أن المسابقة على ثلاثة أقسام: القسم الأول: ما جاز بعوض وبغير عوض وهو هذه الثلاث، والثاني: ما حرم بعوض وغيره مثل النَّرد والشَّطرنج، وضابطه: أنه يلهى كثيرًا ويكسب قليلًا، فكل ما ألهى كثيرًا وأكسب قليلًا فإنه محرم، والثالث: ما يجوز بلا عوض ولا يجوز بعوض وهو المسابقة في الأشياء المباحة، لكن القسم الثاني الَّذي لا يجوز بعوض ولا غيره يرخص فيه للصبيان ما لا يرخص فيه للكبار، وذلك لأن الصبي لابد أن يلهي نفسه باللعب والمسابقة وما أشبه ذلك وليس مكلفًا بحفظ الوقت كما يكلف الكبير، فلهذا يرخص للصبيان في أشياء من اللعب مما ترخص للكبار.
من فوائد الحديث: أن ظاهره أنه يجوز السبق ولو كان من أحد المتسابقين مثل أن يقول أحدهما: سأسابقك على فرس وأنت على فرسك والغالب منا له ألف درهم ثمَّ يتسابقا على ذلك فمن سبق أخذ ألف الدرهم وهذا هو القول الراجح، بمعنى: أنه يجوز أن يكون السبق من