الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فوائد الحديث: وجوب الاعتداد بثلاث حيض على من فسخ نكاحها لكونها عتقت تحت زوج عبد هذا إن صح الحديث.
ومن فوائده: جواز حبس الفاعل للعلم به لقولها: "أمرت بريرة"، والآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائده: أن المباشر للقصة يكون أعلم بها من غيره، فإن عائشة رضي الله عنها مباشرة للقصة، لأنها اشترت بريرة وأعتقتها.
حكم السكنى والنفقة للمطلقة البائنة وعدتها:
1066 -
وعن الشَّعبيِّ، عن فاطمة بنت قيسٍ رضي الله عنها، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في المطلَّقة ثلاثًا:"ليس لها سكنى ولا نفقةٌ". رواه مسلم
المطلقة إما أن تكون مطلقة بواحدة أو اثنتين، فهذا لها نفقة ولها سكنى، يعني: يجب على الزوج أن ينفق عليها وأن يسكنها، بل يجب أن تبقى في بيت زوجها؛ لقول الله تعالى:{لا تخرجوهنَّ من بيوتهنَّ ولا يخرجن إلَّا أن يأتين بفاحشةٍ مُّبينةٍ وتلك حدود الله ومن يتعدَّ حدود الله فقد ظلم نفسه} [الطلاق: 1]. فيجب عليه أن تبقى في البيت نأكل مما يأكل زوجها وتسكن مما يسكن فيه، وإما أن تكون مطلقة آخر ثلاث تطليقات فهذه تبين من زوجها وتحرم عليه حتى تنكح زوجًا غيره، ولا يحل لها الكشف له، ولا أن يخلو بها في العدة؛ لأنها صارت بائنة منه بينونة كبرى لا تحل له إلا بعد الزواج، وعلى هذا فليس لها نفقة وليس لها كسوة، كما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها ليست في حكم الزوجة، بل هي بائن منه، هكذا قضى النبي صلى الله عليه وسلم: وقوله: "في المطلقة ثلاثًا" قد يفهم منه بعض الناس أن فاطمة بنت قيس طلِّقت ثلاثًا في مجلس واحد وليس كذلك، وقد جاء التصريح في صحيح مسلم أنها طلِّقت آخر ثلاث تطليقات، يعني: أن زوجها طلقها ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها ثم طلقها ثالثًا، وكان في اليمن وأمر وكيله أن يأتيها بشيء من شعير حين طلقها متاعًا لها، فجاء به إليها فسخطته وقالت: لا أريده، يعني: كأنها تريد نفقة أحسن من هذا، فقال: ليس لك إلا ذلك، يعني: أنه وكيل ولم يوكل إلا بإعطاء الشعير، فرفع شأنهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها:"ليس لك نفقة ولا سكنى"، وعلى هذا فيكون الشعير الذي أمر وكيله أن يأتيها إياه يكون على سبيل التبرع والصدقة وليس على سبيل الوجوب هكذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعض العلماء: إن المطلقة ثلاثًا تجب لها النفقة والسكنى؛ لأنها محبوسة من أجل حق زوجها فهي كالرجعية ولهذا لا يجوز أن تتزوج ما
دامت في العدة فإذا كانت محبوسة بحق زوجها وجب لها النفقة والسكنى؛ والنفقة هي الطعام والشراب، والكسوة ولكن هذا القول قياس في مقابلة النص فيكون فاسد الاعتبار لا عبرة به.
القول الثالث: أن لها السكنى دون النفقة؛ لأنها محبوسة لحق زوجها فوجب عليه أن يسكنها وأما النفقة فلا لأنه لا يملك الرجوع إليها والصحيح القول الأول: أنه ليس لها نفقة ولا سكنى إلا إذا كانت حاملًا فلها النفقة لعموم قوله تعالى: {وإن كنَّ أولات حملٍ فأنفقوا عليهنَّ حتَّى يضعن حملهنَّ} [الطلاق: 6]. فإذا كانت حاملًا فإنه ينفق عليها لكن النفقة لها أو للحمل؟ لها من أجل الحمل لا من أجل العدة فتبين الآن أن المطلقات ثلاثة أقسام: قسم حامل فهذه لها النفقة والسكنى بكل حال، وقسم غير حامل لكنها رجعية فهذه كذلك لها النفقة والسكنى، وقسم ثالث حائل بائن فهذه ليس لها نفقة ولا سكنى، لأنها بانت من زوجها، وهل مثل ذلك المفسوخة؟ الجواب: نعم؛ لأن الفسخ لا رجعة فيه للفاسخ، وإنما المراجعة في الطلاق، وعلى هذا فالمفسوخة ليس لهها نفقة ولا كسوة ولا شراب ولا طعام ولا سكنى ما لم تكن حاملًا.
من فوائد الحديث: ما ساقه المؤلف من أجله وهو أن المعتدة البائنة بالثلاث ليس لها نفقة ولا سكنى.
ومن فوائده: جواز الطلاق ثلاثًا؛ يعني: يجوز أن تطلق آخر ثلاث تطليقات التي بها البينونة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرَّ ذلك، وقد دل عليه القرآن، قال الله تعالى: {الطَّلاق مرَّتان
…
} ثم قال: {فإن طلَّقها فلا تحلُّ له من بعد حتَّى تنكح زوجًا غيره} [البقرة: 230].
النهي عن الإحداد على الميت فوق ثلاث إلا الزوج:
1067 -
وعن أمِّ عطيَّة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تحدُّ امرأةٌ على ميِّتٍ فوق ثلاثٍ إلا على زوجٍ أربعة أشهرٍ وعشرًا، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا، إلا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمسَّ طيبًا، إلَّا إذا طهرت نبذةً من قسطٍ أو أظفارٍ". متَّفقٌ عليه، وهذا لفظ مسلمٍ، ولأبي داود، والنَّسائيِّ من الزِّيادة:"ولا تختضب"، وللنَّسائيِّ:"ولا تمتشط".
"لا تحدُّ" بالضم ويجوز الجزم، والفرق بينهما: أن الجزم على تقدير "لا" ناهية، لكنه حرك بالفتح لالتقاء الساكنين، وأما الضم فعلى أنها نافية، فأما على كونها ناهية فالأمر ظاهر، وأما على كونها نافية فالجملة خبرية لكنها بمعنى الطلبية؛ أي: أنها خبر بمعنى النهي، ودائمًا يأتي الخبر بمعنى النهي أو بمعنى الأمر، فمن الثاني قوله تعالى: {والمطلَّقات يتربَّصن بأنفسهن {
فالجملة خبرية لكنها بمعنى الأمر وكذلك: {والَّذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربَّصن بأنفسهنَّ أربعة أشهرٍ وعشرًا {.
قال أهل العلم: وفائدة إتيان الخبر في مكان الطلب الإشارة إلى تأكده، وكأنه أمر ثابت يخبر عنه، والعكس يأتي أحيانًا، أي: يأتي الطلب والمراد به الخبر، مثل قوله تعالى:{وقال الَّذين كفروا للَّذين ءامنوا اتَّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم} [العنكبوت: 12]. فاللام هنا للأمر لكنه بمعنى الخبر يعني وحن نحمل خطاياكم لكنهم أتوا به بضيغة الأمر من شدة التزامهم به كأنهم يقولون: ونحن نلزم أنفسنا بذلك، وقوله:"امرأة" نكرة في سياق النهي أو النفي فتكون للعموم، أيُّ امرأة سواء كانت أمَّا أم بنتًا أم أختًا أم عمة أم هالة، قوله:"على ميت فوق ثلاث" أي: ثلاث ليال، وإنما جاء الحديث بلفظ ثلاث دون ثلاثة كأنه- والله أعلم- موافقة للآية {والَّذين يتوفَّون منكم ويذرون أزواجًا يتربَّصن بأنفسهنَّ أربعة أشهرٍ وعشرًا} أي: عشر ليال، وهنا "فوق ثلاث" أي: ثلاث ليال، "إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا" يعني: إلا تحد على زوج أربعة أشهر وعشرًا؛ أي: عشر ليال.
وقوله: "أربعة أشهر" المراد بها: الهلالية لأنها هي الأشهر الشرعية الكونية أما كونها شرعية فلقوله تعالى: {شهر رمضان الَّذي أنزل فيه القرءان} [البقرة: 185]. وقد أجمع المسلمون على أن شهر رمضان هنا ما بين الهلالين لا ثلاثين يومًا وأما الكونية فقوله تعالى: {يسئلونك عن الأهلَّة قل هي مواقيت للنَّاس} [البقة: 189]. للناس عمومًا وقوله تعالى: {إنَّ عدَّة الشُّهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعةٌ حرمٌ} [التوبة: 36]. وهذا توقيت لجميع الخلق والتوقيت الذي يعمل به الكفار اليوم وتبعهم عليه المستعمرون من المسلمون توقيت لا أصل له؛ ولهذا لم يعرف هذا التاريخ في كتب المسلمين إلا بعد أن تولى المستعمرون على بلادهم، صحيح أنهم يعرفون هذا عن العجم، وربما يشيرون إليه في بعض الكتب، لكن كونه هو تاريخ البلاد الذي تتحدد فيه الآجال وغيرها هذا غير معروف عند المسلمين، ولكن على القاعدة المعروفة أن الضعيف يقلد القوي، صار الناس الآن يقلدون الأقوياء وإن كانوا على باطل إلا من عصم الله، قال:"ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب" الثياب المصبوغة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثياب الزينة فلهذا نهى أن تلبس ثوبًا مصبوغًا فليبقى على ما هو عليه على ما نسج عليه إن كان من صوف أسود فهو أسود، وإن كان من وبر أحمر فهو أحمر، على ما هو عليه.
يقول "إلا ثوب عصب" وهذا ثياب معروفة عندهم تكون خيوطها من الأصل مصبوغة،