الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثبوت الطلاق يترتب على ثبوت النكاح:
1043 -
وعن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك". رواه أبو يعلى، وصححه الحاكم، وهو معلول، وأخرج ابن ماجه: عن المسور بن مخرمة مثله، وإسناده حسن، لكنه معلول أيضًا.
يعني: لا يقع الطلاق ولا يعتبر إلا بعد نكاح، ووجه ذلك: أن الطلاق فرع عن النكاح فإذا ثبت النكاح ثبت الطلاق أما أن يطلق قبل أن ينكح فلا، وهذا له صور: الصورة الأولى: أن يقول لامرأة: أنت طالق امرأة. لم يتزوجها فقال لها ذلك فلا يقع الطلاق؛ لأن الطلاق فرع عن النكاح، الصورة الثانية: أن يقول: كل امرأة أتزوجها فهي طالق فهذا أيضًا لا يقع الطلاق لأنه قاله قبل أن يملك الطلاق إذ لا يملك الطلاق إلا بعد العقد، الصورة الثالثة: أن يقول: كل امرأة أتزوجها من بني فلان فهي طالق وهذا أخص من الذي قبله ولا يقع الطلاق أيضًا، والصورة الرابعة: أن يقول لامرأة معينة: إن تزوجتك فأنت طالق أو إن تزوجت فلانة فهي طالق فهذا أيضًا لا يقع لأن الطلاق فرع عن النكاح وهذه المسألة وإن كان الحديث ضعيفًا لكن يؤيده قوله تعالى: {يا أيها الذين امنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [الأحزاب: 49].
فإن قوله: {ثم} يدل على الترتيب وأنه لا طلاق إلا بعد نكاح، وعلى هذا فيكون كل الصور التي ذكرناها كلها لا يقع فيها الطلاق لأنها كانت قبل النكاح، ومع هذا اختلف العلماء فيما إذا علق الطلاق على نكاح امرأة معينة فقال: إن تزوجتك فأنت طالق، أو إن تزوجت فلانة فهي طالق هل تطلق؟ على قولين فمنهم من قال: إن الطلاق يقع اعتبارًا بحال وقوع الشرط؛ لأن الشرط التزوج، فإذا وجد الشرط وهو التزوج، وجد المشروط، فإذا تزوجها فهي طالق ولكن الصحيح أنه لا يصح لأن هذا لا يملك تنجيز الطلاق فلا يملك تعليقه ثم إن تعليق الطلاق بالنكاح تناقض لأن النكاح إمساك والطلاق تخل فيكون جمع بين الشيء ونقيضه في آن واحد والقواعد تأبى ذلك وعلى هذا فلا يقع الطلاق لو قالت امرأة لزوجها: سمعت أنك تريد أن تتزوج فلانة فقال إن تزوجتها فهي طالق أبدًا ثم تزوجها فلا يقع الطلاق، فإن قال: إن كنت قد تزوجتها فهي طالق ثم تزوجها فلا يقع الطلاق، فإن قال إن كنت قد تزوجتها فهي طالق وكان
قد تزوجها فيقع لأن الشرط حصل، وقوله:"ولا عتق إلا بعد ملك" وهذا لا يقع عتق العبد إلا إذا ملكه وهذا له صور: الصورة الأولى: أن يقول لعبد فلان أنت عتيق فلا يعتق لأنه ليس مالكًا له ولا وكيلًا في عتقه، الصورة الثانية: أن يقول أيما عبد أملكه فهو حر، الصورة الثالثة: أن يقول إن ملكت عبد فلان فهو حر، الصورة الرابعة: أن يخاطبه فيقول إن ملكتك فأنت حر وكل هذه الصور يدل الحديث على أن العتق فيها لا يقع وعلى هذا فإذا قال لشخص إن ملكت أحدًا من عبيدك فهو حر ثم اشترى من عبيده عبدًا فإنه لا يعتق لأنه علق عتقه قبل أن يملكه والمعلق كالمنجز فكما أنه لا يقع العتق عليه لو أعتقه وهو ملك غيره فكذلك إذا علق عتقه على ملكه، هذا هو ظاهر الحديث وهو الأقرب ولكن مذهب الإمام أحمد: أن العتق يقع إذا قال: إن ملكت هذا العبد أو إن ملكتك فأنت حر ثم ملكه فإنه يقع وفرق بينه وبين النكاح لأن ملك الرقيق يراد لعتقه بمعنى: إني أنا قد أحرص على ملك العبد لعتقه لا ليخدمني ولا أن يشاركني في عمل التجارة مثلًا اشتريته لأعتقه وهذا واقع لكن لا يوجد أحد يتزوج امرأة ليطلقها أبدًا يعني: لو قال إنسان أريد أن أطبق الطلاق على الواقع فأتزوج من أجل أن أطلق، هذا لا يمكن فهذا لو أنه عقد لقلنا عقد غير صحيح لأنه مجنون يعني يتزوج امرأة من أجل أن يجرب الطلاق، لكن يملك عبد ليعتقه هذا يمكن فالإمام أحمد فرق بينهما قال: إذا علق عتقه بملكه صح وعتق بملكه وإذا علق الطلاق بالنكاح لم يصح، وكأن الإمام أحمد يشك في صحة الحديث أو لا يصح عنده؛ لأن من صحح الحديث لزمه أن يقول بأن تعليق العتق بالملك لا يصح، كما أن تعليق الطلاق بالنكاح لا يصح لأن الحديث واحد والقائل واحد فإما أن نقول بالأمرين وإما أن ننفي القول بالأمرين وأما أن يفرق بناء على علة عللنا بها فهذا نعم إذا لم يصح عندنا الحديث قلنا: أن ترجع إلى العلل أما إذا صح النقل فإنها تبطل العلل، على كل حال الإمام أحمد يفرق بين تعليق الطلاق بالنكاح فيرى أنه غير صحيح وأن المرأة إذا تزوجها لا تطلق، وبين تعليق العتق بالملك فيرى أنه صحيح وأنه إذا ملكه عتق عليه وهذه إحدى الصور التي يعتق فيها العبد بالملك ومن ذلك أيضًا إذا ملك الإنسان ذا رحم محرم منه فإنه يعتق عليه مثل أن يملك أباه أو أمه أو ابنه أو ابنته أو أخاه أو عمه المهم إذا ملك ذا رحم محرم منه فإنه يعتق فلو وجد الإنسان أخاه عبدًا فاشتراه من سيده عتق وإن لم يقل أعتقتك لأنه ذو رحم محرم منه وما ضابط الرحم المحرم؟ ضابطه أنه لو قدر أن أحدهما أنثى لا يتزوجها الأخ ابن الأخ لو ملك ابن عمه لم يعتق لأنه لو كان ابن العم بنتا تزوجها، لو ملك ابن أخيه يعتق لأنه لو كان أنثى لا يصح التزوج بها فيعتق بمجرد الملك لو وهب له هبة عتق، وقوله صححه الحاكم وهو معلول، الحاكم رحمه الله