الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدة الوفاة
أن يحصل وطء أو خلوة ممن يولد لمثله فالذي يولد لمثله من الذكور من تمَّ له عشر سنوات، ومن الإناث من تمَّ لها تسع سنوات، فلو خلا بمن دون ذلك فلا عدة ولو كان الزوج دون العشر فخلا بالزوجة فلا عدة فصارت الشروط شرطًا واحدًا شاملًا وهو أن يكون عقد النكاح غير باطل. هذا الشرط شامل للعدة من الحياة والوفاة. الشرط الثاني: أن يحصل وطء أو خلوة ممن لم يولد لمثله وهذا الشرط خاصٌ بالمفارقة في الحياة بناء على ذلك، لو تزوج رجل امرأة وهي صغيرة ثم مات عنها فعليها العدة؛ لأنه لا يشترط في عدة الوفاة إلا شرط واحد أن يكون النكاح غير باطل ولو تزوَّج امرأة وطلقها قبل الدخول والخلوة فليس عليها عدة ولو تزوج امرأة دون التسع وخلا بها ثم طلقها فليس عليها عدة؛ لأنها ممن لا يولد لمثله وأهم شيء في العدة هو العلم ببراءة الرحم وهذه لا يمكن أن يشتغل رحمها بشيء؛ لأنه لا يولد لمثلها.
فإذا قال قائل: إذا كان النكاح فاسدًا وفارق فيه من يعتقد فساده فهل فيه عدة وهو يعتقد أنه فاسد؟
الجواب: نعم فيه عدة احتياطًا لمن يرى أن النكاح صحيح؛ يعني: فرض أني أرى أن النكاح بلا ولي غير صحيح، فتزوجت امرأة بلا ولي ثم ندمت وطلقتها قبل الدخول فهل عليها عدة؟ عليها عدة كيف يكون عليها عدة كيف يكون عليها عدة وأنا أعتقد أن النكاح غير صحيح احتياطًا لمن يرى أن النكاح صحيح كالحنفية مثلًا؛ لأني لو لم أطلقها لامتنع نكاحها عند من يرى أن العقد صحيح وحينئذٍ مشكل تبقى المرأة هذه لا يتزوجها فلذلك أوجبنا العدة عليها احتياطًا، وإن كان الإنسان يرى أنه فاسد إذا كان أحد من العلماء يرى أنه صحيح أما من يرى أن النكاح المختلف صحيح فالمسألة فيه واضحة أن عليها العدة، سيأتينا- إن شاء الله- أن العدد أقسام
عدة الوفاة:
1064 -
عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه: "أنَّ سبيعة الأسلميَّة رضي الله عنها نفست بعد وفاة زوجها بليالٍ، فجاءت إلى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكح، فأذن لها، فنكحت". رواه البخاريُّ.
- وأصله في الصحيحين.
هذه عدة الوفاة "سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها""نفست" أي: وضعت الحمل، "بعد وفاة زوجها بليال" معدودة عشرون ليلة أو نحوها، "فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته" أي: طلبت منه الإذن أو استفتته؛ وذلك لأن أبا السنابل بن بعكك رآها متجملة للخطاب لما وضعت
الحمل فمر بها قال: ما شأنك كيف تتجملين؟ والله لن تنكحي حتى يمضي عليك أربعة أشهر وعشر فلفت عليها ثيابها، ثم جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستفتيه وأخبرت أن أبا السنابل قال لها: كذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كذب أبو السنابل" يعني: أخطأ، لأن الكذب- في لغة الحجازيين- يطلق على الخطأ، ويطلق على تعمد الخطأ، وأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتزوج، يقول:"فنكحت قبل أن يمضي عليها أربعة أشهر وعشر".
فيستفاد من هذا الحديث فوائد: منها: حرص الصحابة على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم، وليعلم أن سؤال الصحابة سؤال للعمل لا للنظر، أي: أنهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ليعلموا بما قال لا لينظروا ماذا يقول خلافًا، لبعض الناس اليوم، حيث يسألون لينظروا، وتجده يقابل الجواب بفتور! ! أما الصحابة- رضي الله عنهم فيسألو ليعلموا ولهذا تجدهم يقابلو الجواب بالقوة والعمل والقبول، وفرق كبير بين الحالين.
ومن فوائد الحديث: جواز مخاطبة المرأة للرجال لأن أبا السنابل خاطب سبيعة الأسلمية وخاطبته، وهو كذلك، فيجوز للرجل أن يخاطب المرأة، ويجوز للمرأة أن تخاطب الرجل، إلا إذا كان هناك فتنة أو أسباب فتنة؛ ودليل هذا في كتاب الله قال تعالى مخاطبًا أمهات المؤمنين:{فلا تخضعن بالقول فيطمع الَّذي في قلبه مرضٌ وقلن قولًا معروفًا} [الأحزاب: 32]. فالنهي عن الأخص دليل على جواز الأعم فلما نهين عن الخضوع بالقول دل ذلك على أن مطلق القول جائز وهو كذلك لكن إذا خشيت الفتنة فإنه لا يجوز؛ لأن درء المفاسد واجب فإذا خيف من الفتنة فإنه لا يجوز أن يخاطب الرجل المرأة ولا المرأة الرجل حتى بالسلام.
ومن فوائد الحديث: أن الحامل إذا توفي عنها زوجها فقد انتهت عدتها ودليله أن سبيعة نفست بعد وفاة زوجها بليال فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح وهذا دليل على انقضاء العدة وأن قوله تعالى: {ولا تعزموا عقدة النِّكاح حتَّى يبلغ الكتاب أجله} [البقرة: 235]. يعني: تمام العدة بوضع الحمل أو بأربعة أشهر وعشر.
ومن فوائد الحديث: أن الحمل أم العدد وأن الحامل أم المعتدات؛ لأن الحمل يقضي على كل عدة وقد اختلف العلماء- رحمهم الله فيما إذا ولدت المتوفى عنها زوجها قبل أربعة أشهر وعشرٍ، أو تأخر حملها عن أربعة أشهر وعشر، فعن علي بن أبي طالب وابن عباس- رضي الله عنهم أنها تعتد بأطول الأجلين فإن كانت أربعة أشهر وعشر أطول اعتدت بها وإن كان الحمل أطول اعتدت به فإذا وضعت لثلاثة أشهر، قلنا على هذا القول أتمي أربعة
أشهر وعشرًا وإن مضت أربعة أشهر وعشر ولم تضع قلنا: انتظري حتى تضعي وهذا القول مخالف للسنة؛ لأن حديث سبيعة صريح في أن الحمل يقضي على كل عدة وعلى هذا فنقول تعتد بوضع الحمل سواء وضعت قبل أربعة أشهر وعشر أو بعد أربعة أشهر وعشر تنتظر الحمل، إلى متى تنتظر الحمل؟ إلى أن تضع فلو بقيت سنة لم تضع تنتظر بقيت سنتين أو ثلاثًا أو أربع تنتظر بقيت خمسًا لا تنتظر؛ لأن أكثر مدة الحمل أربع سنوات لكن هذا هو المذهب والصحيح خلاف ذلك أنه ما دام الحمل في بطنها فإنها لا تنتهي عدتها إلا بوضعه لأن الله تعالى قال:{وأولئك الأحمال أجلهنَّ أن يضعن حملهنَّ} [الطلاق: 4]. فما دامت هذه المرأة لم يأتها رجل والحمل في بطنها منذ مات زوجها وهي امرأة أمينة وترقب الحمل، وقد بقي الحمل في بطنها إلى خمس سنوات، نقول: الصواب أنها تبقى حتى تضع الحمل ولو زاد على أربع سنوات، ويمكن أن تصل المدة إلى خمس أو ست أو سبع، وهو إذا وجد سبع سنوات خرج وله أسنان، على كل حال كيف يمكن أن نقول: انقضت عدتها وحملها في بطنها لا يمكن والله يقول: {وأولات الأحمال أجلهنَّ أن يضعن حملهنَّ} وما هو الحمل الذي تنقضي به العدة- كل هذا متفرع على قولنا: إن الحمل هو أم العدات؟ الحمل الذي تنقضي به العدة قالوا: إنه ما يتبين فيه خلق الإنسان فإن كان علقة لم تنقض به العدة وإن كان مضغة غير مخلقة لم تنقض به العدة، لا تنقض العدة إلا بما تبين فيه خلق الإنسان فإن شككنا لم تنقض العدة إذا لم تنقض نرجع إلى الأشهر، أربعة أشهر وعشرة أيام نكمل أربعة أشهر وعشرة أيام، امرأة توفي عنها زوجها ووضعت قبل أن يدفن الزوج انقضت عدتها وإحدادها أيضًا؛ لأن الإحداد تابع للعدة وإذا رجل يرتقب انقضاء العدة فتزوجها ودخل بها قبل أن يدفن زوجها يجوز، في هذه الحال هل تغسل زوجها؛ لأن المرأة يجوز أن تغسل زوجها؟ لا تغسله لأن العدة انقضت.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا تعارض عامَّان فإنه يؤخذ بما دل الدليل على أن أحد العمومين مقدم على الآخر فإن لم يدل الدليل أخذنا بما يجمع العمومين، يوجد عمومان الآن {والَّذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربَّصن بأنفسهن أربعة أشهرٍ وعشرًا} [البقرة: 234]. هذا عامٌّ في الحوامل وغير الحوامل {وأولات الأحمال أجلهنَّ أن يضعن حملهنَّ} [الطلاق: 4]. عامة في