الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
1322 -
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: "يَا بِلَالُ! حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ". قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي. . . . .
ــ
الفصل الأول
1322 -
[1](أبو هريرة) قوله: (حدثني بأرجى عمل) من إضافة الصفة إلى الموصوف، و (أرجى) يجوز أن يكون بمعنى المفعول، والإضافة والوصف بحال المتعلق، أي: عمل مرجو ثوابه وصعوده، أو بمعنى الفاعل، والمعنى بعمل أنت ترجو به الثواب عند اللَّه من بين سائر الأعمال، وقيد (في الإسلام) اتفاقي ذكر لبيان شرف العمل.
وقوله: (فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة) في (القاموس)(1): الدف: السير اللين من سير الإبل، والمشي الخفيف كالدفيف، ومن الطائر: سيره فويق الأرض، أو أن يحرك جناحيه ورجلاه في الأرض، والمراد ههنا صوت دبيبه على الأرض، وبنعليه حسيسه كما يجيء في الفصل الثاني:(إلا سمعت خشخشتك أمامي)، ومشى بلال بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما يمشي الخادم بين يدي سيده للخدمة، وهذا شيء كوشف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في نومه أو يقظة، ويحتمل أن يكون ذلك ليلة المعراج، واللَّه أعلم.
فإن قلت: هل يكون هذا بشارة بدخول الجنة كما للمبشرين به من الصحابة؟ قلت: محتمل، فإن دخول الجنة في حالة الحياة لا يستلزم دخولها بعد الممات
(1)"القاموس المحيط"(ص: 747).
أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا مِنْ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1149، م: 2458].
1323 -
[2] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ،
ــ
لاحتمال عروض ما يخرجه عن استحقاقه، والعياذ باللَّه، ويحتمل أن يكون مبالغة في دخول الجنة كأنه دخل في حالة حياته، ومن دخل الجنة لا يخرج منها إلا أن يكون ذلك مخصوصًا بالآخرة، فليتدبر. وتحقيقه في رسالة لنا مسماة بـ (تحقيق الإشارة إلى تعميم البشارة)، واللَّه أعلم.
وقوله: (أني لم أتطهر) أي: من أني لم أتطهر (طهورًا) أي: وضوءًا أو غسلًا أو تيممًا.
وقوله: (ما كتب لي) أي قدر، وهذا كما وقع في بعض الأحاديث: فصلى أو صليت ما شاء اللَّه، ومر في حديث معاذة: ويزيد ما شاء اللَّه، وقيل: كتب بمعنى وجب، بأن أوجب ذلك على نفسه، والأوقات المكروهة مستثناة كما يستثنى في من نذر صوم سنة الأيامُ الخمسة التي يكره فيها الصوم، وتلك الأوقات قليلة تمضي بأدنى صبر وتوقف واستعداد للطهارة، فلا يتم الاستدلال به على جواز إيقاعها في الأوقات المكروهة.
1323 -
[2]: (جابر) قوله: (يعلمنا الاستخارة) الاستخارة طلب الخير، والمراد ههنا الصلاة المعهودة مع الدعاء المأثور بعدها، والمراد بالأمور التي يعتني لشأنها ويندر وجودها مثل السفر والعمارة ونحوهما لا كالأكل والشرب المعتاد بعد أن يكون مباحًا، وأما ما كان خيرًا محضًا فالاستخارة فيه يكون باعتبار تعين وقت أو حالة مخصوصة.
يَقُولُ: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّك تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقَدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ. . . . .
ــ
وقوله: (فليركع ركعتين) في بعض الأحاديث: وليقرأ من القرآن ما تيسر، وفي بعضها ورد التخصيص بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وهذا هو المأثور.
وقوله: (من غير الفريضة) فتجزئه السنة الراتبة.
وقوله: (بعلمك) الباء للاستعانة.
وقوله: (أو قال: عاجل أمري واجله) قال الشيخ (1): هذا بدل الألفاظ كلها، أو بدل الآخرين (2).
وقوله: (فاقدره) يروى بضم الدال وكسرها، أي: اقض به وهيِّئْه لي من القدر لا من القدرة.
(1)"فتح الباري"(11/ 186).
(2)
وزاد بعده في نسخة (ب): وفي "الحصن الحصين": أو عاجل أمري وآجله، قال مصنفه: أو فيها للتخيير، أي أنت مخير إن شئت قلت: عاجل أمري أو عاقبه أمري، ولا يخفى ما فيه.