المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌36 - باب القنوت - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٣

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌13 - باب الركوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب السجود وفضله

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب الدعاء في التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الذكر بعد الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب السهو

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب سجود القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب أوقات النهي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌23 - باب الجماعة وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌24 - باب تسوية الصف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌25 - باب الموقف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌26 - باب الإمامة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌27 - باب ما على الإمام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌28 - باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌29 - باب من صلى صلاة مرتين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌30 - باب السنن وفضائلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌31 - باب صلاة الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌32 - باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌33 - باب التحريض على قيام الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌34 - باب القصد في العمل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌35 - باب الوتر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌36 - باب القنوت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌37 - باب قيام شهر رمضان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌38 - باب صلاة الضحى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌39 - باب التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌40 - [باب] صلاة التسبيح

- ‌41 - باب صلاة السفر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌42 - باب الجمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌43 - باب وجوبها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌44 - باب التَّنظيف والتَّبكير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌45 - باب الخطبة والصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌46 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌47 - باب صلاة العيدين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌48 - باب في الأضحية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌49 - باب في العتيرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌50 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌51 - باب في سجود الشكر

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌52 - باب الاستسقاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌53 - باب في الرياح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌36 - باب القنوت

فَإِنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ وَإِلَّا كَانَتَا لَهُ". رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 1/ 384].

1287 -

[34] وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْوِتْرِ وَهُوَ جَالِسٌ، يَقْرَأ فِيهِمَا {إِذَا زُلْزِلَتِ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}. رَوَاهُ أحمد. [حم: 5/ 260].

* * *

‌36 - باب القنوت

ــ

وقوله: (فإن قام من الليل وإلا كانتا له) أي: قام بالليل فصلى التهجد فهو الأفضل، وإن لم يقم ولم يصل كانتا مجزئتين عن أصل ثواب التهجد، وحاصله أن فيهما ثواب التهجد لمن لم يتيسر له ذلك.

1287 -

[34](أبو أمامة) قوله: (كان يصليهما) أي: الركعتين، وفي بعض النسخ:(يصليها)، أي: الصلاة المذكورة، وكذا الاختلاف في قوله:(فيهما) و (فيها)، والظاهر من السياق أداؤهما في الإيتار قبل الليل، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين بعد الوتر وإن أوتر آخر الليل، كما مرّ.

36 -

باب القنوت

القنوت يجيء لمعان، في (القاموس) (1): القنوت: الطاعة، والسكوت، والدعاء، والقيام في الصلاة، والإنصات عن الكلام، وأقنت: دعا على عدوه، وأطال القيام في الصلاة، وأدام الحج، وأدام الغزوة، وتواضع للَّه، والمراد ههنا الذكر والدعاء المخصوص على مذهب الأكثرين بخلاف ما نقل عن بعض المشايخ، ويروى ذلك

(1)"القاموس المحيط"(ص: 158).

ص: 389

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن محمد رحمه الله أنه لا يوقت دعاء في القنوت، وفي غيره من مواضع الدعاء كالطواف ونحوه؛ لأن تعيين الدعاء يذهب برقة القلب ويورث السآمة، والأكثرون على التوقيت؛ لأنه ربما يجري على اللسان ما يشبه كلام الناس إذا لم يوقت فتفسد الصلاة، ولا شك أن هذا الخلاف لا يكون فيما ثبت توقيته في الشرع، وفيه يلزم التوقيت، إما وجوبًا فيما يجب أو استحسانًا فيما يستحب، واستثنى في (المحيط) و (الذخيرة) من عدم التعيين:(اللهم إنا نستعينك)، و (اللهم اهدنا)، فعندنا الموقت في القنوت هو (اللهم إنا نستعينك)؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم اتفقوا عليه، ولو اكتفى به جاز، والأولى أن يقرأ بعده:(اللهم اهدنا فيمن هديت)، وذكر الشُّمُنِّي عن أبي الليث:(اللهم اغفر لي) ثلاث مرات، انتهى.

وقيل: يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وقيل: من لم يحسن القنوت يقرأ باللهم اغفر لي وربنا آتنا، كذا في شرح ابن الهمام (1)، هذا عندنا، وعند الشافعية يقرؤون هذا ويكتفون به، ولا يرون إنا نستعينك من القنوت، وقالوا: ليس روايته في الصحيحين والسنن المعروفة، ولكن أئمتنا أثبتوه بطرق صحيحة من الطبراني وغيره، وأورد الشيخ ابن الهمام عن أبي داود من حديث خالد بن أبي عمران قال: بينما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر، إذ جاء جبريل عليه السلام فأومأ عليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد! إن اللَّه لم يبعثك سبّابًا ولا لعّانًا، وإنما بعثك رحمة للعالمين، ليس لك من الأمر شيء، ثم علمه اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك، ونخضع لك، ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إلى قوله: إن عذابك الجد بالكفار ملحق.

(1) انظر: "شرح فتح القدير"(1/ 430 - 432).

ص: 390

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذكر الشيخ جلال الدين السيوطي من الشافعية من (عمل اليوم والليلة) بهذا الوجه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير، ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، بسم اللَّه الرحمن الرحيم، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك بالكفار ملحق، اللهم اهدني فيمن هديت. . . إلخ. وقال بعض العلماء: إن هذا كان سورتين من القرآن، لكن لما لم يثبت قرآنيتها بالتواتر بلا شبهة، جعلوها في صلاة الوتر الذي في وجوبه شبهة، واللَّه أعلم.

والمشهور فيه هذا اللفظ: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير، ونشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك بالكفار ملحق. وقيل: لا حاجة بأن يقول بالواو في أول سبع كلمات، وهي نؤمن، ونثني، ونشكرك، ونخلع، ونسجد، ونحفد، ونرجو، وقالوا: الأولى أن يأتي بالواو، وفي العطف زيادة الثناء وتعدد الأثنية كما في التشهد، وقد حقق في موضعه، وقال الشُّمُنِّي عن شرح الطحاوي: ملحق بكسر الحاء بمعنى لاحق، وعن (غاية البيان) أنه لا يجوز فتحها، وفي (القاموس) (1): ألحقه لازم ومتعد، وإن عذابك بالكفار ملحق، أي: لاحق، والفتح أحسن أو الصواب.

إذا عرفت هذا فاعلم أن قراءة القنوت في الوتر متفق عليه بين الأئمة الأربعة، فعند الإمام أبي حنيفة -رحمة اللَّه عليه- يقنت في الوتر دائمًا في رمضان وغيره قبل

(1)"القاموس المحيط"(ص: 849).

ص: 391

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الركوع، ولا يقنت في صلاة الصبح وغيره، وهو مذهب أحمد، وفي رواية عنه، لكن المشهور من مذهبه أنه يقنت بعد الركوع، ولا قنوت عنده في الصبح إلا في النوازل، إما في الفجر خاصة أو في الفجر والمغرب أو في جميع الصلوات، ثلاث روايات، ويختص ذلك بالإمام الأعظم أو بأمير الجيش، لا لكل إمام على المشهور، وعند الشافعي -رحمة اللَّه عليه- وهو رواية عن مالك وأحمد -رحمهما اللَّه- يقنت في الوتر بعد الركوع في النصف الأخير من رمضان، ويقنت في الصبح دائمًا بعد الركوع عنده وعند مالك رحمه الله.

فحصل في الباب ثلاثة اختلافات، الأول: أنه إذا قنت في الوتر قنت قبل الركوع أو بعده، فالقائل بالقنوت بعد الركوع له ما روى الدارقطني (1) عن سويد بن غفلة قال: سمعت أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا رضي الله عنهم يقولون: قنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في آخر الوتر، وكانوا يفعلون ذلك.

وأجاب عنه صاحب (الهداية)(2) بأن ما زاد على نصف الشيء فهو آخره، يعني إذا قنت في الركعة الثانية ولو قبل الركوع صدق أنه قنت في آخر الوتر، فلا دليل فيه على كون القنوت بعد الركوع، ولهم ما هو أصرح في ذلك (3) وهو حديث حسن بن علي رضي الله عنهما على ما رواه الحاكم وصححه قال: علمني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في وتري إذا رفعت رأسي، ولم يبق إلا السجود: اللهم اهدني فيمن هديت. . . إلخ.

ولنا ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع، وفي بعض الروايات: كان يقنت، وفي

(1)"سنن الدارقطني"(2/ 32).

(2)

"الهداية"(1/ 66).

(3)

في "فتح القدير"(1/ 428): أنص من ذلك.

ص: 392

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حديث ابن ماجه وحديث النسائي عن أبي بن كعب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع، وهذا لفظه، ولفظ النسائي: وكان يوتر بثلاث، يقرأ في الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وفي الثانية: بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثالثة: بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ويقنت قبل الركوع، نعم قد روى هذا الحديث غير واحد، ولم يذكر:(يقنت قبل الركوع)، لكن زيادة الثقة مقبولة.

وأخرج الخطيب في (كتاب القنوت) له عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع، وذكره ابن الجوزي في (التحقيق) وسكت عنه، وأخرج أبو نعيم عن عطاء بن مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أوتر النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث، فقنت فيها قبل الركوع، وأخرج الطبراني في (الأوسط)(1) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات، يجعل القنوت قبل الركوع.

أورد الشيخ ابن الهمام هذه الأحاديث مع أسانيدها، وقال: إن كل طريق منها إما صحيح أو حسن، ولو كان في بعضها غرابةٌ وتفرُّدٌ كما حكم أبو نعيم تظافر بعضها ببعض، وقال: ما في حديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع، فالمراد منه أن ذلك كان شهرًا فقط بدليل ما في (الصحيح) عن عاصم الأحول قال: سألت أنسًا عن القنوت في الصلاة، قال: نعم، فقلت: كان قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله، قلت: فإن فلانًا أخبرني عنك أنك قلت: بعده، قال: كَذَبَ، إنما قنت صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرًا، وعاصم كان ثقة جدًا، ولا معارضة متجهة (2) في ذلك مع ما رواه أصحاب السنن، بل هذه

(1)"المعجم الأوسط"(8/ 36، رقم: 7885).

(2)

كذا في الأصول المخطوطة، وفي "فتح القدير" (1/ 429): مُحَتَّمَةٌ.

ص: 393

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تصلح مفسرة للمراد بمرويهم أنه قنت بعده، ومما تحقق ذلك أن عمل الصحابة وأكثرهم كان على وفق ما قلنا: روى ابن أبي شيبة (1) عن علقمة: أن ابن مسعود وأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع، انتهى كلام الشيخ، ولم يتعرض للجواب عن حديث الحسن رضي الله عنه، ويمكن أن يقال: إنه على ما رواه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه كما ذكره المؤلف مطلق من أن يكون قبل الركوع أو بعده، فلا حجة لهم في ذلك، فيحمل على ما هو الراجح من كونه قبل الركوع، وأما على ما رواه الحاكم من الحديث الدال على كونه بعد الركوع فيقال بالنسخ، وكونه في المدة التي ذكره الشيخ وهو كونه في المدة التي كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقنت فيها بعد الركوع، واللَّه أعلم (2).

الاختلاف الثاني في أنه هل يقنت دائمًا أو في النصف الأخير من رمضان فقط، استدل القائلون بالتخصيص بما رواه أبو داود أن عمر رضي الله عنه جمع الناس على أبي بن كعب رضي الله عنه، فكان يصلي بهم عشرين ليلة من الشهر يعني رمضان، ولا يقنت بهم إلا في النصف الباقي، وإذا كان العشر الأواخر تخلف فصلى في بيته، وللمتن طريق [آخر] ضعفها النووي في (الخلاصة)، وما أخرج ابن عدي (3) عن أنس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقنت في النصف من رمضان. . . الحديث، ضعيف بأبي عاتكة، وضعّفه البيهقي مع أن القنوت فيه وفيما قبله يحتمل كونُه بمعنى طول القيام، فإنه يقال عليه تخصيصًا

(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(6911).

(2)

وإنما قلنا ذلك لأنه في قصته سر معنوي، وهي كانت في سنة أربع، والحسن رضي الله عنه ولد سنة اثنتين. (منه).

(3)

"الكامل في ضعفاء الرجال"(5/ 189).

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للنصف الآخر بزيادة الاجتهاد، ويستأنس له بما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره، وكذا جاء في رواية الترمذي، وكان الذي يروى عنه صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة الليل بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، ولا يمر بآية تخويف إلا وقف وسأل في قيام رمضان بالليل على ما ذكر في (المواهب اللدنية)(1).

ولنا الأحاديث الواردة في قنوت الوتر مطلقًا من غير تخصيص كونه في رمضان أو غيره كقولهم: كان يقنت في الوتر، وقنت في وتره، وكان يقول في وتره، وأمثال ذلك، والوتر كان دائمًا غير مخصوص برمضان ونصفه الأخير، فالقنوت كذلك.

الاختلاف الثالث في قنوت الصبح، والشيخ ابن الهمام أورد الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة من الخلفاء الأربعة وغيرهم كثيرًا، وأجاب عن ذلك بتعليل تلك الأحاديث وتضعيف رواتها، وقرر بعد التقييد والتحقيق أن ذلك كما قال صاحب (الهداية): منسوخ تمسكًا بما رواه البزار وابن أبي شيبة والطبراني والطحاوي (2) كلهم من حديث عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لم يقنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الصبح إلا شهرًا ثم تركه، لم يقنت قبله ولا بعده، وقال: روى الخطيب في (كتاب القنوت) عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا عليهم، وهو صحيح، وما روى الخطيب بخلاف ذلك مما يدل على أنه كان يقنت حتى مات، وروى الدارقطني وغيره عن أبي جعفر الرازي عن أنس: ما زال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقنت في الصبح

(1)"المواهب اللدنية"(4/ 194، 208).

(2)

"مسند البزار"(5/ 15)، و"مصنف ابن أبي شيبة"(6904)، و"المعجم الكبير"(10/ 69)، و"شرح معاني الآثار"(1/ 245).

ص: 395

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حتى فارق الدنيا، فقد شَنَّعَ عليه ابن الجوزي بما لا يجوز ذكره وأبطله، واشتهر بعض الرواة فيها بالوضع على أنس، وقد صح حديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه أنه قال: أي بني مُحدَث، يعني المواظبة والمداومة على قنوت الصبح.

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر. وأخرج عن علي رضي الله عنه أنه لما قنت في الصبح أنكر الناس عليه، فقال: استنصرنا على عدونا. وأخرج عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم أنهم كانوا لا يقنتون في صلاة الفجر. وأخرج عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال في قنوت الفجر: ما شهدت وما علمت.

وقال محمد بن الحسن: أخبرنا أبو حنيفة -رحمة اللَّه عليه- عن حماد عن إبراهيم عن الأسود أنه صحب عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنتين في السفر والحضر، فلم يره قانتًا في الفجر، وهذا سند لا غبار عليه.

وبالجملة لو كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قنت في صلاة الفجر، وكانت سنة راتبة لم يخف ذلك، ونقلوه كنقل جهر القراءة، فكل ما روي عن فعله صلى الله عليه وسلم إن صح فهو محمول على النوازل بالدعاء لقوم أو على قوم، وهذا خلاصة كلام الشيخ ابن الهمام مع اختصار وتنقيح، وعليه يحمل المداومة المستفادة من مثل قول أبي جعفر وغيره: كان يقنت حتى توفاه اللَّه تعالى، يعني كان يداوم مدة عمره على القنوت في النوازل، وعليه يحمل عمل بعض الصحابة.

وقد روي عن الصديق رضي الله عنه أنه قنت في الصبح عند محاربة الصحابة مسيلمة وعند محاربة أهل الكتاب، وكذا قنت عمر رضي الله عنه، وكذا علي رضي الله عنه في محاربة معاوية، ويروى في هذا العكس أيضًا، فقد ثبت بما ذكرنا نفي سنية القنوت في الصبح راتبة،

ص: 396