الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
1420 -
[1] عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ فَوَازينَا الْعَدُوَّ، فَصَافَفْنَا لَهُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي لَنَا، فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ، وَأَقْبَلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَدُوِّ، وَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْ مَعَهُ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ، فَجَاؤُوا، فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهِمْ رَكْعَةً، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ،
ــ
الفصل الأول
1420 -
[1](سالم) قوله: (عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه) هذا الحديث مروي في الكتب الستة بأجمعها عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، واللفظ المذكور للبخاري، وقد استدل في (الهداية)(1) بحديث عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه بهذا المعنى، رواه أبو داود عن خصيف الجزري عن أبي عبيدة عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه، وخصيف ليس بالقوي، فالأولى الاستدلال بحديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وقوله: (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: نحوه وجهته، فهو منصوب على الظرفية، والنجد في الأصل: ما ارتفع من الأرض والطريق الواضح المرتفع، وهو اسم لبلاد مخصوصية أعلاه تهامة واليمن، وأسفله العراق والشام، وفي بعض الشروح أن المراد ههنا نجد الحجاز لا نجد اليمن.
وقوله: (فوازينا العدو) أي: واجهناهم وحاذيناهم، (فصاففنا لهم) أي: أقمنا لحربهم صفًّا صفًّا، أي: جعلنا نفوسنا صفين في مقابلتهم، فدل الحديث على أن كل
(1)"الهداية"(1/ 88).
فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. وَرَوَى نافِعٌ نَحْوَهُ، وَزَادَ: فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا، قَالَ نَافِعٌ: لَا أُرَى ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 942].
1421 -
[2] وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ: . . . . .
ــ
طائفة اقتدوا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ركعة واحدة، وصلوا لأنفسهم الركعة الأخيرة منفردين، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وقالوا: هذا الطريق أوفق بنص القرآن، فتدبر. ولا يخفى أنه لا سبيل إلى أن يصلي كلا الطائفتين في حالة واحدة لما فيه من تضييع أمر الحرب، ولم يدل الحديث على أن أي الفريقين يتم صلاته أولًا، فقال أشهب صاحب مالك رحمه الله: الطائفة الثانية التي يدل عليه الحديث الآتي لسلامتها عن كثرة المخالفة، وقال أبو حنيفة رحمه الله: الطائفة الأولى، كذا في بعض الشروح.
وقوله: (فإن كان خوف هو أشد من ذلك) بأن لا يتمكنوا من الهيئة المذكورة.
وقوله: (صلوا رجالًا) جمع راجل كما بينه بقوله: (قيامًا) أي: قائمين على أقدامهم.
1421 -
[2] قوله: (يزيد بن رومان) بضم الراء وسكون الواو، و (خوات) بفتح المعجمة وتشديد الواو وآخره مثناة، أنصاري.
وقوله: (عمن صلى) هو سهل بن أبي حثمة أو والده، وهذا أرجح.
وقوله: (يوم ذات الرقاع) اسم غزوة غزاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في السنة الخامسة، فلقي الكفار فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هذه الصلاة، ثم انصرف المسلمون والكافرون، ولم يجر بينهم حرب على ما هو المشهور، سميت بذات الرقاع؛ لأنهم شدوا الرقاع على
أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ ركْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4129، م: 842].
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ بِطَرِيقٍ آخَرَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [خ: 4131].
1422 -
[3] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ، قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. . . . .
ــ
أرجلهم لحفاوتهم وفقد نعالهم، وقيل: لأن فيه أرضًا أو جبلًا بعضه أحمر وبعضه أبيض وبعضه أسود، أقول: ويؤيد الأول ما روي عن موسى قال: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزاة، ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع.
وقوله: (وطائفة) بالنصب والرفع عطف على طائفة أو على الضمير في (صفّت)، و (وجاه) بكسر الواو ويُضم، وفي رواية: تجاه بإبدال التاء من الواو كما في تراث ووراث.
وقوله: (ثم سلم بهم) أي: بالطائفة الأخرى، وفي هذا الطريق أيضًا صلى كل طائفة ركعة مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وركعة فرادى، ولكن في وقت صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا قضاءها بعد إتمام صلاته صلى الله عليه وسلم كما كانت في الطريق الأول، وبهذا عمل مالك والشافعي -رحمهما اللَّه-.
1422 -
[3](جابر) قوله: (فجاء رجل من المشركين) قيل: اسمه غورث بالغين
وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ، فَأَخَذَ سَيْفَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَرَطَهُ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَخَافُنِي؟ قَالَ: "لَا". قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: "اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ" قَالَ: فتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَغَمَدَ السَّيْفَ وَعَلَّقَهُ، قَالَ: فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعُ ركَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4136، م: 834].
ــ
المعجمة على وزن جعفر، وقيل: بضم العين، وقيل: غويرث بالتصغير، وقيل: دعثور بالدال والعين المهملتين والمثلثة، وروي أنه أسلم.
وقوله: (فاخترطه) أي: سلّه عن غمده.
وقوله: (فتهدده) هدد وتهدد بمعنى.
وقوله: (فكانت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان) واختلفوا في توجيه كون صلاته صلى الله عليه وسلم أربعًا، فقيل: القصر كانت رخصة كما هو مذهب بعض الأئمة فصلى أربعًا، لكن هذا يخالف ما ذكره بعض المحققين أنه لم يصل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أربعًا في سفر قط، واللَّه أعلم.
وقيل: هذا من خصائص صلاة الخوف حتى يصلي كل طائفة خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصلاة تامة، ولعله وقع النزاع في ذلك منهم في هذا الوقت دون غيره من الأوقات، وقيل: من جهة جواز تكرار الصلاة كما يقول به الشافعية، ويصح اقتداء المفترض بالمتنفل، ولذا وقع في بعض عبارات الشافعية من شروح (الحاوي): كان للقوم ركعتان وللنبي صلى الله عليه وسلم أربع، وفي المغرب ست، وقيل: لعله كانت الصلاة في هذه الحالة في الحضر، واقتصار القوم على اثنين اثنين كان من خصائص ضرورة الخوف كما جاء من رواية أبي داود والنسائي عن حذيفة أنه كان في بعض الأحيان صلى مع كل طائفة ركعة،
1423 -
[4] وَعَنْهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ، ثُمَّ قَامُوا ثُمِّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ وَتَأَخَّرَ الْمُقَدَّمُ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوْعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدوِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ،
ــ
وكانوا يكتفون بركعة، ولم يقضوا ركعة أخرى، وجاء في رواية لأبي داود القضاء، كذا في (جامع الأصول)(1)، واللَّه أعلم.
1423 -
[4](عنه) قوله: (ثم انحدر بالسجود) أي: انهبط إليه، والباء بمعنى (إلى).
وقوله: (والصف الذي يليه) بالرفع عطف على فاعل (انحدر)، وبالنصب على أنه مفعول معه.
وقوله: (وقام الصف المؤخر) أي: بقي قائمًا.
وقوله: (في نحر العدو) بالراء، أي: مقابله وإزاءه، النحر: موضع القلادة من الصدر.
وقوله: (وقام الصف الذي يليه) أي: رفعوا رؤسهم من السجود.
(1)"جامع الأصول"(5/ 740).