المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌35 - باب الوتر - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٣

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌13 - باب الركوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب السجود وفضله

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب الدعاء في التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الذكر بعد الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب السهو

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب سجود القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب أوقات النهي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌23 - باب الجماعة وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌24 - باب تسوية الصف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌25 - باب الموقف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌26 - باب الإمامة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌27 - باب ما على الإمام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌28 - باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌29 - باب من صلى صلاة مرتين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌30 - باب السنن وفضائلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌31 - باب صلاة الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌32 - باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌33 - باب التحريض على قيام الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌34 - باب القصد في العمل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌35 - باب الوتر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌36 - باب القنوت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌37 - باب قيام شهر رمضان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌38 - باب صلاة الضحى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌39 - باب التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌40 - [باب] صلاة التسبيح

- ‌41 - باب صلاة السفر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌42 - باب الجمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌43 - باب وجوبها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌44 - باب التَّنظيف والتَّبكير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌45 - باب الخطبة والصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌46 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌47 - باب صلاة العيدين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌48 - باب في الأضحية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌49 - باب في العتيرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌50 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌51 - باب في سجود الشكر

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌52 - باب الاستسقاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌53 - باب في الرياح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌35 - باب الوتر

‌35 - باب الوتر

ــ

35 -

باب الوتر

اعلم أن العلماء اختلفوا في الوتر اختلافين، الأول: في أنها واجبة أو سنة، فعامة الأئمة وأبو يوسف ومحمد من أصحابنا يقولون: إنها سنة، وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنها واجبة لا بمعنى الفرض، وقال الشُّمُنِّي: وهو آخر أقواله، وقال: وفي (المحيط)(1): وهو الصحيح، وفي الحاشية: هو الأصح، وعنه أنه فرض، وعنه أنه سنة، وهو قول أبي يوسف ومحمد وأكثر أهل العلم، وحجتهم أن آثار السنن ظاهرة فيه حيث لا يكفَّر جاحده، ولا يؤذَّن له، وقيل عليه: إن الواجب بالمعنى المقصود ههنا أيضًا لا يكفر جاحده فلا يقتضي السنية، وكذا عدم التأذين يوجد في بعض الواجبات كصلاة العيد، فلا يستلزم السنية، وأجيب بأن الاستدلال بمجموع عدم التكفير وعدم الأذان، على أنهم قد ذهبوا إلى سنية صلاة العيد أيضًا، وقد يستدل بقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال له: هل علي غيرهن: (لا إلا أن تَطَّوَّع)، كما سبق في أول الكتاب، وقوله:(خمس صلوات كتبهن اللَّه على العباد)، الحديث، والجواب (2): أنه يجوز أن يكون وجوب الوتر بعد ذلك، لأن هذا القول كان في أول الإسلام، ولهذا لم يذكر الحج فيه، على أنه يجوز أن يكون المراد هناك الفرض القطعي الذي لا شبهة فيه، وبمثل هذا يمكن الجواب عن تمسكهم بقوله صلى الله عليه وسلم:(خمس صلوات كتبهن اللَّه على العباد)، الحديث.

(1)"المحيط البرهاني"(2/ 19).

(2)

هذا الكلام بطريق البحث، وقد وقع في بعض الأحاديث الواردة في آخر العهد ما يدل على وجوبه كحديث بعث معاذ إلى اليمن، كما سيجيء، وفي حديث معاذ أيضًا احتمال نسخه بعده باق، وإن كانت مدة يسيرة، كما سيجيء، (منه).

ص: 360

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واستدل صاحب (الهداية) على مذهب أبي حنيفة رحمه الله بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن اللَّه زاد لكم صلاة ألا وهي الوتر، فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر)، قال: هذا أمر، والأمر للوجوب، ولهذا يجب القضاء بالإجماع (1)، وإنما لم يكفر جاحده لأن وجوبه ثبت بالسنة، يعني السنة الغير المتواترة التي تكون قطعي الدلالة عليه، وهو المعني بما روي عنه أنه سنة، وهو يؤدى في وقت العشاء فاكتفي بأذانه وإقامته، كذا قال في (الهداية)(2)

وقال الشيخ ابن الهمام (3): إن هذا الحديث قد روي عن عدة من الصحابة: عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم، وذكر له طرقًا كثيرة، ونقل عن بعض المحدثين تضعيفها، ثم أثبت صحته، وقال: فتم أمر هذا الحديث على أتم وجه في الصحة، ولو لم يكن هذا كان في كثرة طرقه المضعَّفة ارتفاعٌ له إلى الحسن، بل بعضها حسنٌ حجةٌ.

ثم قال: بقي الكلام في وجه الاستدلال به فقيل: من لفظ (زادكم)، فإن الزيادة لا تتحقق إلا عند حصر المزيد عليه، والمحصور الفرائضُ لا النوافل، ويشكل عليه ما ثبت بسند صحيح أخرجه الحاكم والبيهقي عنه صلى الله عليه وسلم:(إن اللَّه زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير لكم من حمر النعم ألا وهي ركعتان قبل صلاة الفجر)، فإن اقتضى لفظ (زادكم)

(1) وإنما يجب القضاء عند القائل بكونها سنة احتياطًا لموضع الخلاف، وإنما لم يعتبر الاحتياط في القول بوجوب الأداء لئلا يزداد الوجوب على الخمس أو ترك القياس بالأثر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم قضى الوتر ليلة التعريس، وبقوله صلى الله عليه وسلم:"من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا ذكر واستيقظ"، (منه).

(2)

"الهداية"(1/ 66).

(3)

"شرح فتح القدير"(1/ 424).

ص: 361

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحصر، فإنه يكفي في هذا كونُ المحصورة [المزيدة عليها] السننَ الرواتبَ، وحينئذ فالمحصورة أعم من الفرائض والسنن الرواتب، فلا يستلزم لفظ (زادكم) كون المزيد فرضًا، وكأنّ هذا هو الصارف لصاحب (الهداية) عن التمسك بهذه الطريقة -مع شهرتها بينهم- إلى الاقتصار على التمسك بلفظ الأمر، لكن لفظ الأمر إنما هو في بعض طرق هذا الحديث وقد ضعف، فالأولى التمسك فيه بما في (سنن أبي داود) (1) عن أبي المنيب عبد اللَّه العتكي عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (الوتر حق فمن لم يوتر فليس مني، الوتر حق فمن لم يوتر فليس مني)، الوتر حق فمن لم يوتر فليس مثي ثلاث مرات، ورواه الحاكم وصححه وقال: أبو المنيب ثقة، ووثقه ابن معين أيضًا، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء، وتكلم فيه النسائي وابن حبان. وقال ابن عدي: لا بأس به، فالحديث حسن.

وأخرج البزار عن عبد اللَّه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الوتر واجب على كل مسلم)، فإن قيل: الأمر قد يكون للندب، والحق هو الثابت، وكذا الواجب لغة، ويجب الحمل عليه دفعًا للمعارضة لما أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير، وما أخرجاه أيضًا: أنه عليه السلام بعث معاذًا إلى اليمن، وقال له فيما قال:(فأعلِمْهم أن اللَّه قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة)، قال ابن حبان: وكان بعثه قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بأيام يسيرة، وفي (موطأ مالك) أنه صلى الله عليه وسلم توفي قبل أن يقدم معاذ، وما أخرجه ابن حبان (2) أنه صلى الله عليه وسلم قام بهم في رمضان، فصلى ثمان ركعات وأوتر، ثم

(1)"سنن أبي داود"(1419).

(2)

"صحيح ابن حبان"(2415).

ص: 362

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

انتظرُه من القابلة، فلم يخرج إليهم فسألوه فقال: خشيت أن يكتب عليكم الوتر.

والجواب عن الأول: أنه واقعة حال لا عموم له، فيجوز كون ذلك لعذر، والاتفاق على أن الفرض يصلَّى على الدابة لعذر الطين والمطر ونحوه، أو كان قبل وجوبه؛ لأن وجوبه لم يقارن وجوب الخمس بل متأخر، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان ينزل للوتر، وروى الطحاوي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصلي على راحلته ويوتر بالأرض، ويزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، فدل على أن وتره ذلك إما حالةَ عدم وجوبه أو للعذر.

وعن الثاني: أنه يجوز أن يكون الوجوب كان بعد سفر معاذ، وعن الثالث كذلك، أو المراد المجموع من صلاة الليل المختتَمة بوتر. وقد يطلق الوتر على صلاة الليل، كما سبق هناك، وهي غير واجبة، ويدل على ذلك ما صرح به في رواية البجلي لهذا الحديث من قوله:(خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل)، وكيف يحمل الوجوب على المعنى اللغوي، وهو محفوفٌ بما يؤكد مقتضاه من الوجوب، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:(فمن لم يوتر فليس مني) مؤكَّدًا مع التكرار ثلاثًا على ما تقدم، هذا كلام الشيخ ابن الهمام مع حذف واقتصار.

وقال العبد الضعيف صانه اللَّه عما شانه: لا يضر احتمال الحمل على غير الوجوب بالاستدلال عليه؛ لأن الواجب ههنا ما ثبت بدليل فيه شبهة، ودلائل إيجاب الوتر كلها فيها شبهة، ومع ذلك يثبت غلبة الظن بوجوبه، ويكفي ذلك في المطلوب، والصواب أن دلائل الوجوب والسنة متعارضة ولكلٍّ وجهةٌ هو موليها، كذا قال التُّورِبِشْتِي (1)، واللَّه أعلم.

الاختلاف الثاني في أنها ركعة أو ثلاث ركعات، فعند أكثر الأئمة ركعة، وعندنا

(1)"كتاب الميسر"(1/ 220).

ص: 363

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثلاث، وقد وردت الأحاديث في كل من الأمرين، بل ورد الإيتار بخمس أو سبع أيضًا، والذي تقرر عليه أمر الوتر ثلاث أو واحدة إلا قول سفيان الثوري، فإنه يخير في خمس أو ثلاث أو واحدة، والذين يقولون بأنها واحدة يصلون قبلها ركعتان يسلم فيهما، ثم يصلي ركعة، وهل يكره إن لم يكن قبلها شفع -وتسمى البتيراء- أو لا يكره؟ لأنه روي عن عشرة من الصحابة رضي الله عنهم، منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، [وعلي]، وعائشة: الوتر ركعة واحدة، وحديث البتيراء ضعيف، ولو صح كان المراد به ما لا يشفع قبلها، كذا في (شرح كتاب الخرقي)(1) في مذهب الإمام أحمد رحمه الله.

وورد في الآثار عن أحمد أنه سئل: ما تقول في الوتر؟ قال: أكثر الأحاديث وأقواها ركعة فأنا أذهب إليها، وسئل مرة أخرى، قال: يسلِّم في الركعتين، وإن لم يسلم رجوت أن لا يضره، والتسليم أثبت، انتهى، والإيتار بواحدة هو قول الأئمة الثلاثة، ولقد بالغ بعض الشافعية في تزييف القول بالثلاث، وتضعيف الأحاديث الواردة فيها، والحق خلافه لكثرة الأحاديث والآثار الصحيحة فيها.

وروى الترمذي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث) الحديث، وقال: وفي الباب عن عمران بن حصين، وعائشة، وابن عباس، وأبي أيوب رضي الله عنهم، وقد ذهب قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا، ورأوا أن يوتر الرجل بثلاث، وقال سفيان: إن شئت أوتر بخمس، وإن شئت أوتر بثلاث، وإن شئت أوتر بركعة، وقال سفيان: والذي يستحب أن يوتر بثلاث ركعات، وهو قول ابن المبارك وأهل الكوفة.

(1)"الزركشي على مختصر الخرقي"(1/ 293).

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال في (الهداية)(1): روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات بتسليمة واحدة، وقال ابن الهمام (2): رواه الحاكم وقال: على شرطهما، وروى النسائي عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسلم في ركعتي الوتر، وقال الحاكم: قيل للحسن: إن ابن عمر رضي الله عنهما كان يسلم في الركعتين من الوتر، فقال: عمر كان أفقه منه، وكان ينهض في الثانية بالتكبير، وفي (مصنف ابن أبي شيبة) عن الحسن رضي الله عنه أنه قال: اجتمع المسلمون على أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن.

وقال الطحاوي: حدثنا أبو العوام محمد بن عبد اللَّه المرادي قال: حدثنا خالد بن نزارٍ الأيلي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد عن أبيه قال: أَوْعيت عن الفقهاء السبعة أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن. ورَوَى عن أبي العالية أنه قال: علمنا أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن الوتر مثل صلاة المغرب، وقال: أما قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة تُوتر له ما قد صلى)، فليس فيه دلالة على أن الوتر واحدة بتحريمة مستأنفة لنحتاج إلى الاشتغال بجوابه، إذ يحتمل كلًّا من ذلك، ومن كونه إذا خشي الصبح صلى واحدة متصلة، فأنّى تقاوِم الصرائحَ التي ذكرناها، وغيرُها كثير تركناه للتطويل مع أن أكثر الصحابة عليه، كذا ذكر ابن الهمام عن الطحاوي.

ونقل الشُّمُنِّي عنه أنه قال: ومذهبنا قوي من جهة النظر؛ لأن الوتر لا يخلو إما أن يكون فرضًا، أو سنة، فإن كان فرضًا فالفرض ليس إلا ركعتين أو ثلاثًا أو أربعًا،

(1)"الهداية"(1/ 66).

(2)

"شرح فتح القدير"(1/ 426).

ص: 365