الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
918 -
[13] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: مِنَ السُّنَّةِ إِخْفَاءُ التَّشَهُّدِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. [ت: 291].
* * *
16 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها
ــ
طمع الشيطان من وقوعه في الإشراك والكفر.
918 -
[13](ابن مسعود) قوله: (من السنة إخفاء التشهد) قد تقرر في علم أصول الحديث أن قول الصحابي: (من السنة كذا) في حكم الرفع؛ لأن الظاهر من إطلاق السنة سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإن كانوا يقولون: سنة العمرين.
16 -
باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها
الصلاة: الدعاء، والرحمة، والاستغفار، وحسن الثناء من اللَّه عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو من العباد: طلب إفاضة الرحمة الشاملة لخير الدنيا والآخرة من اللَّه تعالى عليه صلى الله عليه وسلم، وقد أمر اللَّه المؤمنين به، وقد أجمعوا على أنه للوجوب، فهي واجبة في الجملة، فقيل: تجب كلما جرى ذكره، وقيل: الواجب الذي به يسقط المأثم بترك الفرض هو الإتيان بها مرة كالشهادة بنبوته صلى الله عليه وسلم، وما عدا ذلك فهو مندوب، يرغب فيه، ومن سنن الإسلام وشعار أهله.
وقال القاضي أبو بكر: افترض اللَّه تعالى على المؤمنين أن يصلوا على نبيه ويسلموا تسليمًا، ولم يجعل لذلك وقتًا معلومًا، فالواجب أن يُكثر المرء منها، ولا يغفل عنها، وشذّ الشافعي -رحمة اللَّه عليه- في ذلك، وخالف الإجماع، فقال: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير قبل السلام واجبة، ومن لم يصلّ فصلاته فاسدة، وإن صلَّى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه قبل ذلك لم يجزه، ويعيد الصلاة بتركها.
وقال إسحاق: الإعادة واجبة مع تعمد تركها دون النسيان، ولا سلف للشافعي في هذا يقتدى به، ولا سنة يَتَّبِعُها، وقد بالغ جماعة في الإنكار عليه في هذه المسألة؛ لمخالفته الإجماع والأخبار، وما ورد في الحديث:(لا صلاة لمن لم يصل علي) فهو ضعيف عند أهل الحديث بأسرهم، وإن صح فالمراد نفي الكمال، هذا حاصل كلام القاضي عياض في (الشفا)(1).
ونقل الشُّمُنِّي عن النووي أنه قال: قد نقل بعض أصحابنا فرضية الصلاة في التشهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابنه، ونقله الشيخ أبو حامد عن ابن مسعود وأبي سعيد الخدري، ورواه البيهقي وغيره عن الشعبي، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، فارتفع الشذوذ، وقال في إثبات سنة يتَّبعها: بل له سنة، وهي ما رواه ابن حبان والحاكم في صحيحهما (2) من حديث أبي مسعود الأنصاري: أنهم قالوا: كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فقال: (قولوا: اللهم صل على محمد)، الحديث، انتهى.
وأقول: لعل مراد القاضي نفي السنة الدالة على فرضيتها بدلالة السياق، لا مطلق السنة، إذ هو ثابت اتفاقًا بالأحاديث والآثار المرضية فيها، وهو عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله واجب في الجملة، سنة بعد التشهد الأخير.
وفضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة لا تحصى، وهي أفضل القربات، وأفضل العبادات بعد الفرائض، وقد رجَّحـ[ـها] بعضهم على الذكر من حيث التوسل، وإن كان ذكر
(1)"الشفا بتعريف حقوق المصطفى"(2/ 628 - 629).
(2)
"صحيح ابن حبان"(5/ 289، رقم: 1959)، و"المستدرك"(1/ 401، رقم: 988).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّه أكبر، وفيها من الذكر وزيادة عليه، وقد ذكرنا بعض فضائلها وأحكامها في رسالة منفردة منتخبة (1) من كتابنا (جذب القلوب إلى ديار المحبوب) في تاريخ المدينة الطيبة.
ثم اختلفوا هل يجوز الصلاة على غيره صلى الله عليه وسلم أو على غير الأنبياء بالاستقلال؟ والمختار عند الجمهور: أن الصلاة والسلام مخصوص بالأنبياء، ولا يشارك فيهما سواهم، وإنما يذكر بالمغفرة والرحمة والرضوان، ونقل الطيبي (2) أنه خلاف الأولى، وقيل: حرام، أو مكروه كراهة تحريم، أو تنزيه، والصحيح هو الثاني، وهذا فيما تعارف من معنى الصلاة على وجه التعظيم والتحية، وأما بمعنى الترحم والدعاء فقد ورد به الكتاب والسنة، قال اللَّه تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: 43]، وقد تعارف في المتقدمين التسليم على أهل بيت الرسول مخصوصًا، ويوجد (3) ذلك في كتبهم القديمة عن مشايخ أهل السنة والجماعة.
وقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم صل على آل أبي أوفى)، وهذا الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بعد أخذ الصدقة بقوله:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ، وقد ورد فيه:(اللهم صل على آل أبي أوفى، واللهم صل على عمرو بن العاص)، وكان يأتي بالصدقة على التطوع (4) والرغبة، فاستحسن ذلك منه، واللَّه أعلم.
(1) هي رسالة فارسية تسمى بـ: "ترغيب أهل السعادات على تكثير الصلاة على سيد الكائنات"، ولها نسخة خطية في مكتبة خدا بخش، باتنه، الهند. ينظر:"حياة شيخ عبد الحق محدث دهلوي"(ص: 189 - 190).
(2)
"شرح الطيبي"(2/ 360).
(3)
في ع: "يؤخذ".
(4)
كذا في النسخ المخطوطة إلا (ب)، ففيها:"الطوع".