الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1297 -
[3] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 778].
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
1298 -
[4] عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا،
ــ
غير جماعة بقرينة ما جاء في الحديث من قوله: فأمر أبي بن كعب أن يصليها بالناس جماعة.
1297 -
[3](جابر) قوله: (من صلاته) من سببية أو تبعيضية أو زائدة، وفي إيراد هذا الحديث في هذا الباب إشارة إلى أداء التراويح في المسجد بالجماعة، ومع ذلك ينبغي أن يصلي في رمضان شيئًا من النوافل في البيت وإلا لو أريد من الصلاة في المسجد الفريضة، وفي البيت الرواتب والنوافل، فلا وجه لإيراده في هذا الباب، فافهم.
الفصل الثاني
1298 -
[4](أبو ذر) قوله: (حتى بقي سبع، فقام بنا) أي: ليلة الثالث والعشرين.
وقوله: (فلما كانت السادسة) أي: بقي ست، يدل على هذا ما روي في (المواهب) (1) عن النعمان بن بشير قال: قمنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة
(1)"المواهب اللدنية"(4/ 197).
حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ نَفَلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ. فَقَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيامُ لَيْلَةٍ". فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثُلَثُ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ. قُلْتُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السَّحُورُ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّ التِّرْمِذِيَّ لَمْ يَذْكُرْ: ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ. [د: 1375، ت: 806، ن: 1605، جه: 1327].
ــ
ثلاثة وعشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين، الحديث، حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح ويسمونه السحور، رواه النسائي، انتهى. وهذا الأخير هو ما قال في حديث الكتاب: فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه.
وقوله: (لَوْ نفلتنا) أي: لو زدتنا من صلاة الليل وقيامه على نصف الليل، و (لو) للشرط أو للتمني.
وقوله: (حتى بقي ثلث الليل) أي: فقام بعض قيامه المعتاد، ومن ثم نفى في بعض الروايات قيامه بهم في هذه الليلة؛ لأنه لم يقم زيادة على المعتاد، كذا في شرح الشيخ.
وقوله: (قلت: وما الفلاح؟ ) قائله الراوي عن أبي ذر، وفاعل (قال) في:(قال: السحور) أبو ذر، في (القاموس) (1): الفلاح: الفوز، والنجاة، والسحور، انتهى. وإنما سمي السحور فلاحًا لأنه يعين على إتمام الصوم والفوز بما قصده، ويوجب الفلاح
(1)"القاموس المحيط"(ص: 227).
1299 -
[5] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ، فَقَالَ: أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي ظَنَنْتُ أنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا،
ــ
في الآخرة، ولأن فيه إقامة سنة، وذلك الفلاح كل الفلاح، فعلم من هذا الحديث أن قيامه صلى الله عليه وسلم بهم كان في ثلاث ليال، وهو المراد بالليالي المذكورة في الفصل الأول في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، ولم تكن متوالية.
1299 -
[5](عائشة) قوله: (فقال: أكنت تخافين أن يحيف اللَّه عليك ورسوله؟ ) إيراد هذا الحديث في هذا الباب للمناسبة والتقريب، وتفصيل هذا الحديث وقصته ما رواه البيهقي (1) عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فوضع عنه ثوبيه، ثم لم يستتم أن قام فلبسهما، فأخذتني غيرة شديدة، ظننت أنه يأتي بعض صويحباتي، فخرجت أتبعه فأدركته بالبقيع بقيع الغرقد، يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والشهداء، فقلت: بأبي أنت وأمي، أنت في حاجة ربك، وأنا في حاجة الدنيا، فانصرفت فدخلت في حجرتي، ولي نفس عال، ولحقني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:(ما هذا النفس يا عائشة رضي الله عنها؟ ) فقلت: بأبي أنت وأمي، أتيتني فوضعت ثوبيك، ثم لم تستتم أن قمت فلبستهما، فأخذتني غيرة شديدة، وظننت أنك تأتي بعض صويحباتي، حتى رأيتك بالبقيع تصنع ما تصنع، قال: (يا عائشة أكنت تخافين أن يحيف اللَّه عليك ورسولك؟ ، بل أتاني جبريل عليه السلام فقال: هذه الليلة ليلة النصف من شعبان، وللَّه فيها عتقاء من النار بعدد شعر غنم كلب، لا ينظر اللَّه فيها إلى مشرك، ولا إلى مشاحن، ولا إلى قاطع
(1)"شعب الإيمان"(3/ 383).
فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَزَادَ رَزِينٌ: "مِمَّنِ اسْتَحَقَّ النَّارَ" وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي البُخَارِيَّ يُضَعِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ. [ت: 739، جه: 1389].
1300 -
[6] وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجدِي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. [د: 1044، ت: 450].
ــ
رحمه، ولا إلى مسبل، ولا إلى عاقٍّ لوالديه، ولا إلى مدمن خمر)، الحديث، وبنو كلب قبيلة، وهم أكثر غنما من سائر قبائل العرب، ثم الظاهر من قوله:(لأكثر) باللام الجارة أن يكون المراد أصحاب الذنوب، ويؤيده رواية رزين:(ممن استحق النار)، وفي بعض الشروح: المراد بغفران الأكثر عدد الذنوب المغفورة لا عدد أصحابها، هكذا رواه البيهقي.
1300 -
[6](زيد بن ثابت) قوله: (أفضل من صلاته في مسجدي) فيه تتميم ومبالغة، فإن الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم يعدل ألف صلاة في غيره، وإنما خص بمسجده ولم يذكر المسجد الحرام، والأفضلية ثابتة بالنسبة إلى المسجد الحرام أيضًا لورود الحديث في المدينة المطيبة، وفيها مسجده على أن الصلاة في مسجده قد تكون أفضل وأكمل باعتبار الكيفية، وإن كانت الصلاة في المسجد الحرام أكثر كمية كما يقوله القائلون بأفضلية المدينة من مكة، وقد ذكرنا هذا المبحث بالتفصيل في (تاريخ المدينة)، فلينظر ثمة.
وقد تمسك بهذا الحديث مالك وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم في أن الأفضل صلاة التراويح فرادى في البيوت، وإنما فعلها صلى الله عليه وسلم بالجماعة في المسجد لبيان الجواز، أو لأنه كان معتكفًا، وقال أبو حنيفة والشافعي وجمهور أصحابه وبعض