المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٣

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌13 - باب الركوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب السجود وفضله

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب الدعاء في التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الذكر بعد الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب السهو

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب سجود القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب أوقات النهي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌23 - باب الجماعة وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌24 - باب تسوية الصف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌25 - باب الموقف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌26 - باب الإمامة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌27 - باب ما على الإمام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌28 - باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌29 - باب من صلى صلاة مرتين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌30 - باب السنن وفضائلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌31 - باب صلاة الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌32 - باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌33 - باب التحريض على قيام الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌34 - باب القصد في العمل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌35 - باب الوتر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌36 - باب القنوت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌37 - باب قيام شهر رمضان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌38 - باب صلاة الضحى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌39 - باب التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌40 - [باب] صلاة التسبيح

- ‌41 - باب صلاة السفر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌42 - باب الجمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌43 - باب وجوبها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌44 - باب التَّنظيف والتَّبكير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌45 - باب الخطبة والصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌46 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌47 - باب صلاة العيدين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌48 - باب في الأضحية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌49 - باب في العتيرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌50 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌51 - باب في سجود الشكر

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌52 - باب الاستسقاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌53 - باب في الرياح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

1480 -

[1] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ، مُنَادِيًا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ،

ــ

المعهود، وهو الموافق لروايات الإطلاق، نحو قوله عليه الصلاة والسلام:"فإذا كان ذلك فصلوا"، وعن هذا الاضطراب الكثير وفَّقَ بعض مشايخنا بحمل روايات التعدد على أنه لما أطال في الركوع أكثر من المعهود جدًّا، ولا يسمعون له صوتًا؛ رفع مَن خلفه متوهِّمين رفعَه، فرفع الصفُّ الذي يلي مَن رفع، فلما رأى مَن خلفه أنه صلى الله عليه وسلم لم يرفع فلعلهم انتظروه على توهم أن يدركهم فيه، فلما أيسوا من ذلك رجعوا إلى الركوع، فظن مَن خلفهم أنه ركوع بعد ركوع منه صلى الله عليه وسلم.

ثم قال: لعل روايات الثلاث والأربع بناء على اتفاق تكرُّر الرفع من الذي خلف الأول هكذا، وهذا كله إذا كان الكسوف الواقع في زمنه مرة واحدة، فإن حمل على أنه تكرر مرارًا على بُعْدِ أن يقع نحو ثلاث مرات في نحو عشر سنين؛ لأنه خلاف العادة، كان رأينا أولى؛ لأنه لما لم ينقل تاريخ فعله المتأخر في الكسوف المتأخر فقد وقع التعارض، فوجب الإحْجَام عن الحكم بأنه كان المتعدد على وجه التثنية والجمع ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا أو كان المتحد، فبقي المجزوم به استنانَ الصلاة مع التردد في كيفية معينة من المرويات، فيترك ويصار إلى المعهود، واللَّه سبحانه أعلم بحقيقة الحال.

وصاحب "الهداية" رجّح بأن الحال أكشف للرجال، وهو يتم لو لم يروِ حديث الركوعين غَيْرُ عائشة رضي الله عنها من الرجال، فالمعوّل على ما صرنا إليه، انتهى.

الفصل الأول

1480 -

[1](عائشة) قوله: (الصلاة جامعة) برفعهما على أنهما مبتدأ وخبر، وهذا أظهر الوجوه، والجملة خبرية لفظًا وإنشاءٌ معنًى، والمقصود طلب الحضور للجماعة،

ص: 595

فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجدَاتٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَكَعْتُ رُكُوعًا قَطُّ وَلَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1066، م: 901].

1481 -

[2] وَعَنْهَا قَالَتْ: جَهَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقرَاءَتِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1065، م: 901].

1482 -

[3] وَعَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ مَعَهُ،

ــ

واللام في (الصلاة) للعهد، أي: هذه الصلاة تصلى بجماعة فاحضروها، ويجوز نصبهما، الأول بتقدير نحو احضروا، والثاني على الحالية، ورفع الأول بتقدير مبتدأ، ونصب الثاني على أنه حال، ونصب الأول بتقدير الفعل، ورفع الثاني بتقدير المبتدأ.

وقوله: (أربع ركعات) أي: ركوعات (1).

1481 -

[2](وعنها) قوله: (في صلاة الخسوف) أي: خسوف القمر، كذا في شرح الشيخ، لعله ثبت ذلك رواية، وإلا فالخسوف يستعمل في الشمس أيضًا كما ذكرنا.

1482 -

[3](عبد اللَّه بن عباس) قوله: (انخسفت الشمس) كذا في رواية البخاري، وفي مسلم: انكسفت، وفي (شرح السنة): خسفت، كذا قال الطيبي (2)، و (خسفت) يحتمل صيغة المعلوم والمجهول؛ لكونه لازمًا ومتعديًا كما ذكرناه.

(1) به قال الشافعي وأحمد، وعند الحنفية بركوعين، واستدل برواية أَبِي بَكْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلَاتِكُمْ هَذِهِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. قَالَ الْحَاكِمُ (1/ 484): إِنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الذَّهَبِيُّ. انظر:"مرقاة المفاتيح"(3/ 1092).

(2)

"شرح الطيبي"(3/ 261).

ص: 596

فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّه"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَأَيْنَاك تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذا،

ــ

وقوله: (فقام قيامًا طويلًا. . . إلخ) فكان بقراءتين وركوعين.

وقوله: (ثم سجد) أي: سجدتين كما هو المعهود.

وقوله: (ثم انصرف) أي: بعد التشهد والتسليم، ولم يذكرهما للظهور.

وقوله: (لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته) دفع لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن ذلك يكون لحادث عظيم، كموت عظيم وضرر عام، وقد كان مات يومئذ إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (ولا لحياته) إما أن يكون هذا معتقدهم؛ بأن يكون بسبب أمر عظيم، سواء كان من قِبلَ الضرر أو غيره، لكن الذي بينوه إنما هو الضرر، فيكون ذكره استتباعًا وتقريبًا لذكر الموت، واللَّه أعلم.

وقوله: (تناولت) أي: قصدت التناول، والتناول: الأخذ بعد الإعطاء، يقال: ناوله فتناول، والمعطي هو اللَّه سبحانه.

وقوله: (في مقامك هذا) أي: في حال قيامك في هذه الصلاة، أو في قيامك

ص: 597

ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ؟ فَقَالَ: "إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَرَأَيْتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ". قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "بِكُفْرِهِنَّ"، قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: "يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا؟ قَالَتْ: . . . . .

ــ

الذي وعظتنا وخوفتنا فيه، وكان صلى الله عليه وسلم خطب بعد الصلاة كما جاء في الأحاديث.

وقوله: (ثم رأيناك تكعكعت) أي: تأخرت، وأصله التأخر للجبن والخوف، (فتناولت) أي: قصدت الأخذ ولو أخذته، أو المراد تناولت لنفسي ولو أخذته، أي: تناولته لكم وأعطيتكم لأكلتم ما بقيت الدنيا، والخطاب لجماعة الحاضرين كما هو الظاهر.

ويفهم من كلام الطيبي (1) أنه محمول على الخطاب العام، وهو قليل بصيغة الجمع كما صرحوا به، والأكل منه إلى مدة بقاء الدنيا بأن يخلق اللَّه مكان كل حبة تُقتطف حبةً أخرى كما هو المروي من خواص ثمار الجنة، وهذا الاحتمال هو الأظهر في هذا المقام كما في زيادة الطعام والتمر بمعجزته صلى الله عليه وسلم، وقيل: بأن يزرع فيبقى نوعه، وهذا تأويل وصرف عن الظاهر، واللَّه أعلم. وإنما لم يفعل صلى الله عليه وسلم ذلك ليبقى الإيمان بالغيب.

وقوله: (فلم أر كاليوم منظرًا) أي: ما رأيت منظرًا مثل منظر رأيته اليوم، أو ما رأيت منظرًا في يوم كرؤيتي اليوم منظرًا، والمآل واحد.

وفظع الأمر: اشتدت شناعته وجاوز المقدار في ذلك.

وقوله: (يكفرن العشير) أي: الزوج.

وقوله: (يكفرن الإحسان) أي: من العشير وغيره.

(1)"شرح الطيبي"(3/ 262).

ص: 598

مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1065، م: 907].

1483 -

[4] وَعَنْ عَائِشَةَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَتْ: ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأْيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا"، ثُمَّ قَالَ:"يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ؛ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1044، م: 901].

1484 -

[5] وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ،

ــ

1483 -

[4](عائشة) قوله: (أغير من اللَّه) الغيرة: كراهة اشتراك غيره فيما هو حقه، وغيرة اللَّه: كراهة مخالفة أمره ونهيه، ومعنى صيغة التفضيل في (أغير) إما مطلق، يعني أن اللَّه أغْيَرُ من غيره في كل المعاصي، وذِكْر الزنا يكون تمثيلًا، أو مقيد بالزنا، يعني غيرته في الزنا أزيد وأكثر من غيرته في غيره، فقوله:(أن يزني) متعلق (بأغير) بتقدير حرف الجر.

1484 -

[5](أبو موسى) قوله: (فزعًا) بكسر الزاء، (يخشى أن تكون الساعة)(كان) تامة، قيل: هذا تخييل من الراوي وتمثيل منه، كأنه قال: فزعًا كفَزَعِ مَنْ يخشى أن تكون الساعة، وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم كان عالمًا بأن الساعة لا تقوم وهو بين أظهرهم، وقد وعد اللَّه مواعد لم تتم بعد، وأيضًا كيف يعلم أبو موسى ما في ضمير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من

ص: 599

وَقَالَ: "هَذِهِ الآيَاتُ الَّتِي يُرْسِلُ اللَّهُ لَا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؛ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغفَارِهِ". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1095، م: 912].

1485 -

[6] وَعَن جَابِرٍ قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

ــ

أن سبب الفزع خشية قيام الساعة، بل الظاهر أن الفزع من وقوع العذاب والهيبة من جلال اللَّه سبحانه.

وقوله: (هذه الآيات) أي: العلامات؛ كالخسوف والزلازل، والرياح والصواعق.

وقوله: (يخوف اللَّه بها عباده) التخويف بالإنذار بنزول البلايا وتغير الحالات، وبسلب نور الإيمان -والعياذ باللَّه- كما سلب نور الشمس في ساعة وقد كان بها العالم مضيئًا منورًا.

1485 -

[6](جابر) قوله: (يوم مات إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) ولد بالمدينة في ذي الحجة سنة ثمان، ومات في ذي الحجة سنة عشر، وله ستة عشر شهرًا، فقيل: ثمانية عشر، وقيل: إن وفاته كانت يوم الثلاثاء بعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر، كذا في (جامع الأصول)(1)، وفي بعض الكتب: بلغ سنة وعشر أشهر وستة أيام، وقيل: مات في الليلة الرابم من ربيع الأول، وقيل: يوم عاشوراء كما قاله بعض الحفاظ، واتفقت الروايات أنه كان في مدة الرضاع.

وقد ورد في بعض الطرق الضعيفة: لو عاش إبراهيم لكان نبيًّا، ومعناه أنه لو عاش لكان نبيًّا، ولا نبي بعدي فلم يعش، لكن الكلام في الملازمة، فإنه لا يلزم أن

(1)"جامع الأصول"(12/ 107).

ص: 600

فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 904].

1486 -

[7] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حِينَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ ثَمَانَ رَكْعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجدَاتٍ.

1487 -

[8] وَعَنْ عَليٍّ مِثْلُ ذَلِكَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 908].

ــ

يكون أبناء الأنبياء أنبياء، والحديث ليس بصحيح، كذا ذكروا، ثم كسوف الشمس يوم مات يبطل قول المنجمين في قولهم: إنه لا يمكن كسوفها في غير اليوم السابع أو الثامن أو التاسع والعشرين.

وقوله: (فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات) يعني صلى ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات (1).

1486 -

[7](ابن عباس) قوله: (ثمان ركعات) أي: في كل ركعة أربع ركوعات.

1487 -

[8](علي) قوله: (وعن علي مثل ذلك) أي: روي عنه أنه مثل ذلك، أو روي عنه أيضًا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى كذلك كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، والظاهر أن المراد هو الأول، ولو كان المراد الثاني لجعله حديثًا على حدة.

(1) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْخُسُوفَ إِذَا تَمَادَى جَازَ أَنْ يُرْكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةِ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ، وَخَمْسُ رُكُوعَاتٍ، وَأَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الآتِي. قَالَ مِيْرَكُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كُتُبِهِمْ مِنَ "الْمِنْهَاجِ" وَ"الْمُحَرَّرِ" وَ"الْعُجَالَةِ" وَ"الْقُونَوِيِّ".

أقولُ: لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَأَتْبَاعِهِ، وَفِيهِ إِشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ يَعْرِفُ التَّمَادِيَ فِي الْخُسُوفِ أَوَّلَ وَهْلَةِ حَتَّى يَبْتَدِئَ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ أَوْ بِثَمَانٍ أَوْ بِنَحْوِهَا، مَعَ أَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ كُلَّهَا فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَلَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهُ عَادَةً فِي زَمَنٍ يَسِيرِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ عِنْدَ أَرْبَابِ الأَثَرِ وَالنَّظَرِ. "مرقاة المفاتيح"(3/ 1096).

ص: 601

1488 -

[9] وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كُنْتُ أَرْتَمِي بِأَسْهُمِ لِي بِالْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ فَنَبَذْتُهَا، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا حَدَثَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ رَافِعٌ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يُسَبِّحُ وَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ وَيَدْعُو حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا، فَلَمَّا حُسِرَ عَنْهَا قَرَأَ سُورَتَيْنِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَكَذَا فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ" عَنْهُ، وَفِي نُسَخِ "الْمَصَابِيحِ" عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. [م: 913، "شرح السنة" 4/ 379].

ــ

1488 -

[9](عبد الرحمن بن سمرة) قوله: (كنت أرتمي بأسهم لي) وروي: (أترامى)، رميت بالسهم وارتميت وتراميت وراميت: إذا رميت به عن القسي، وقيل: يقول: خرجت أرتمي: إذا رميتَ القنص، وأترامى: إذا خرجتَ ترمي في الأهداف ونحوها.

وقوله: (حتى حسر عنها) أي: أزيل الخسوف عن الشمس، ويحتمل أن لا يكون في (حسر) ضمير، ويكون مسندًا إلى الجار والمجرور.

وقوله: (ويحمد) قد صحح في النسخ بالتخفيف من الحمد، وإن كان الفهم يذهب إلى أن يكون بالتشديد من التحميد، واللَّه أعلم.

وقوله: (وصلى ركعتين) أي: أتم صلاته التي كان شرع فيها وحسر عنها في أثنائها.

وقوله: (رواه مسلم في "صحيحه" عن عبد الرحمن بن سمرة) هو أبو سعيد عبد الرحمن بن سمرة بن نجيب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي.

وقوله: (وفي نسخ "المصابيح" عن جابر بن سمرة) أبو عبد اللَّه، ويقال: أبو خالد جابر بن سمرة بن جنادة بن جندب، وهو ابن أخت سعد بن أبي وقاص.

ص: 602