الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
1029 -
[7] عَنْ عَمْروِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرآنِ، مِنْهَا ثَلَاثٌ في الْمُفَصَّلِ. وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 1401، جه: 1057].
ــ
من غير ترك، واستقر عليه بعد أن كان قد لا يعزم عليها، فظهر أن ما رواه (1) إن تمت دلالته كان قبل هذه القصة.
الفصل الثاني
1029 -
[7](عمرو بن العاص) قوله: (أقرأه) وفي بعض النسخ أقرأني، أي: أعلمني، كذا في بعض الشروح، وفي شرح الشيخ: أي: أمرني أن أقرأ عليه، كما يقول الشيخ المحدث المجيز: أقرأني فلان، أي: حملني على أن أقرأ عليه.
وقوله: (وفي سورة الحج سجدتين) أي: أقرأني سجدتين، وفي رواية: وفي الحج سجدتان، اتفق الأئمة الثلاثة غير مالك في رواية أن السجدات أربعة عشر، فأبو حنيفة يقول بسجدة ص ولا يقول بثانية الحج، والشافعي وأحمد رحمهما اللَّه على الأشهر على العكس، وعند مالك رحمه الله إحدى عشرة، وليس في المفصل عنده سجدة، وقد يروى عن أحمد رحمه الله أنها خمسة عشر، وقد ضعف بعضهم حديث عمرو بن العاص، واللَّه أعلم. وقال عبد الحق: ابن منين بنونين مصغرًا راوي هذا الحديث عن عبد اللَّه بن عمرو لا يصلح للاحتجاج، وقال ابن قطان: وهو مجهول ولا يعرف حاله،
(1) فقول ابن عباس: سجدة (ص) ليست من عزائم السجود، معناه أنها ليست مما أمر بها ابتداء تعبدًا بل وجوبها للسبب المذكور، وعلى ما ذكر الشيخ ابن الهمام يقول: قول ابن عباس قبل قصة منام بكر بن عبد اللَّه المزني، واللَّه أعلم، (منه).
1030 -
[8] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِأَنَّ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ؟ قَالَ:"نَعَمْ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ.
ــ
كذا قال الشيخ ابن الهمام (1)، وعند الحنفية المراد بالسجدة الثانية في الحج سجدة الصلاة لاقترانه بالأمر بالركوع، والمعهود في مثله من القرآن كونه من أوامر ما هو ركن الصلاة نحو:{وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43].
1030 -
[8](عقبة بن عامر) قوله: (فضلت سورة الحج (2)) بحذف همزة الاستفهام، ولا حجة في ذلك للخصم لاحتمال أن يكون التفضيل لاشتماله على ذكر سجدة التلاوة وسجدة الصلاة، فإن في ذلك أيضًا فضلًا ولكن جوابه صلى الله عليه وسلم يدل على أن المراد سجدتا التلاوة.
وقوله: (فلا يقرأهما) أي: لم يقرأ آيتهما قراءة كاملة موافقة للسنة المؤكدة من سنن القراءة.
وقوله: (ليس إسناده بالقوي) لأن فيه ابن لهيعة وقد ضعِّف، ونقل عن الحاكم أنه قال: عبد اللَّه بن أبي لهيعة أحد الأئمة، وإنما حصل له اختلاط في آخر عمره، وقال الشيخ ابن الهمام (3): وروى أبو داود في (المراسيل) عنه صلى الله عليه وسلم: فضلت سورة الحج بسجدتين، قال: وقد أسند ولا يصح.
(1)"شرح فتح القدير"(2/ 12).
(2)
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في سُجُودِ الْحَجِّ: الأُولَى عَزِيمَةٌ، وَالأُخْرى تَعْلِيمٌ، فَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا نأْخُذُ. "مرقاة المفاتيح"(2/ 814)، و"شرح معاني الآثار"(1/ 362).
(3)
"شرح فتح القدير"(2/ 12).
وَفِي "الْمَصَابِيحِ": "فَلَا يَقْرَأْهَا" كَمَا في "شَرْحِ السُّنَّةِ". [د: 1402، ت: 578].
1031 -
[9] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ فَرَأَوْا أَنَّهُ قَرَأَ {تَنْزِيلَ} السَّجْدَةَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 807].
1032 -
[10] وَعَنْهُ: أَنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ. . . . .
ــ
وقوله: (وفي "المصابيح": فلا يقرأها) أي: السورة، وفيه من المبالغة ما لا يخفى، كأن بترك السجدتين تفوت فضيلة قراءة السورة كلها، وقد صوب بعضهم رواية: فلم يقرأهما، بضمير التثنية، وهو الظاهر، ثم لا يخفى أن الظاهر (فلم) مكان (فلا) كما في (المصابيح)، واللَّه أعلم.
1031 -
[9](ابن عمر) قوله: (ثم قام فركع) أي: لما قام من سجدة التلاوة ركع ولم يقرأ بعد القيام شيئًا، يعني: لم يقرأ باقي السورة، وفيه: إن من شاء أن يقرأ باقي السورة بعد السجدة جاز، ومن شاء أن لا يقرأ باقيها جاز أيضًا لكنه يلزم قراءة بعض السورة، وهو جائز في الجملة، ولا يلزم من هذا الحديث عدم اكتفاء الركوع عن سجدة التلاوة كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله؛ لأنه ليس بواجب بل جاز أن يكتفي، والأفضل أن يسجد كما لا يخفى، فتدبر.
وقوله: (فرأوا أنه قرأ {تنزيل} السجدة) أي: عملوا ذلك بأن سمعوا بعض آية، وقد سبق بيانه في (باب القراءة).
1032 -
[10](وعنه) قوله: (كان يقرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علينا القرآن) مطلقًا في الصلاة وغيرها، فعلم منه أن سجدة التلاوة ثابت على القاريء والسامع جميعًا.
وَسَجَدْنا مَعَه (1). رَوَاهُ أبو دَاوُدَ. [د: 1413].
1033 -
[11] وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ سَجْدَةً، فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْهُمُ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ عَلَى الأَرْضِ، حَتَّى إِنَّ الرَّاكِبَ لَيَسْجُدُ عَلَى يَدِهِ (2). رَوَاهُ أَبو دَاوُدَ. [د: 1411].
1034 -
[12] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 1403].
ــ
1033 -
[11](وعنه) قوله: (قرأ عام الفتح سجدة) أي: آية سجدة، والظاهر أن المراد غير قضية قراءة {وَالنَّجْمِ} وسجود المسلمين والمشركين كلهم كما مر؛ لأن المشركين الذين كان فيهم من أخذ كفًّا من حصى ورفعه إلى جبهته، وقال: يكفيني، لم يكونوا عام الفتح بل كان ذلك بمكة قبل الفتح، فتدبر.
1034 -
[12](ابن عباس) قوله: (لم يسجد في شيء من المفصل) هذا مخالف لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، وحديثه هو الراجح، وأيضًا كثير من الصحابة رووا السجدة
(1) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ إِلَّا لِلسُّجُودِ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُكَبِّرُ لِلإِحْرَامِ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلسُّجُودِ، اهـ. "مرقاة المفاتيح"(2/ 815).
(2)
أَي: الْمَوْضُوعَةِ عَلَى السَّرْجِ أَوْ غَيْرِه لِيَجِدَ الْحَجْمَ حَالَةَ السَّجْدَةِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ يَسْجُدُ عَلَى يَدِهِ يَصِحُّ إِذَا انْحَنَى عُنُقُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، اهـ. وَهُوَ غَيْرُ مَشْهُورٌ في الْمَذْهَبِ، فَفِي "شَرْحِ الْمُنْيَةِ": لَوْ سَجَدَ بِسَبَبِ الزِّحَامِ عَلَى فَخِذِهِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِهِ عُذْرٌ مَنَعَهُ عَنِ السُّجُودِ عَلَى غَيْرِ الْفَخِذِ في الْمُخْتَارِ، وَلَا يَجُوزُ بِلَا عُذْرٍ عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا في "الْخُلَاصَةِ"، وَلَوْ وَضَعَ كَفَّهُ بِالأَرْضِ وَسَجَدَ عَلَيْهَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ إِلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ، اهـ. قَالَ ابْنُ الْهمامِ: إِذَا تَلَا رَاكِبًا أَوْ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ أَجْزَأَهُ الإِيمَاءُ. "مرقاة المفاتيح"(2/ 816).
1035 -
[13] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ في سُجُودِ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ: "سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. [د: 1414، ت: 580، ن: 1129].
1036 -
[14] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُنِي اللَّيْلَةَ وَأَنَا نَائِمٌ، كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ، فَسَجَدْتُ فَسَجَدَتِ الشَّجَرَةُ لِسُجُودِي، فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ: اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَحُطَّ (1) عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا،
ــ
فيها، والإثبات مقدم على النفي كما مرّ.
1035 -
[13](عائشة) قوله: (بالليل) ليس هذا للتخصيص بل بيان لوقت السماع فإنه صلى الله عليه وسلم كان يسر بالنهار، وقد عرف قوله صلى الله عليه وسلم هذا القول في مطلق سجود التلاوة، كذا قيل، واللَّه أعلم. وقيل: يقرأ هذا الدعاء: رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي، وقيل:{سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} [الإسراء: 108]، لأنه حكي في القرآن من الساجدين أنهم يقولون ذلك، كذا قال الشُّمُنِّي، والظاهر من مذهب الحنفية رحمهم الله أن التسبيح المسنون في سجدة الصلاة يكفي في سجدة التلاوة؛ لأن السجدة الصلاتية أفضل من سجدة التلاوة، فإذا كفى هناك كفى ها هنا بطريق الأولى، ومع ذلك فلا شبهة أنه إن صح رواية شيء من الأدعية في سجدة التلاوة كان قراءته فيها أولى، واللَّه أعلم.
1036 -
[14](ابن عباس رضي الله عنهما) قوله: (إلا أنه لم يذكر وتقبلها مني. . . إلخ)
(1) في نسخة: "ضَعْ".