المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٣

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌13 - باب الركوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب السجود وفضله

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب الدعاء في التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الذكر بعد الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب السهو

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب سجود القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب أوقات النهي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌23 - باب الجماعة وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌24 - باب تسوية الصف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌25 - باب الموقف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌26 - باب الإمامة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌27 - باب ما على الإمام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌28 - باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌29 - باب من صلى صلاة مرتين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌30 - باب السنن وفضائلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌31 - باب صلاة الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌32 - باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌33 - باب التحريض على قيام الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌34 - باب القصد في العمل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌35 - باب الوتر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌36 - باب القنوت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌37 - باب قيام شهر رمضان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌38 - باب صلاة الضحى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌39 - باب التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌40 - [باب] صلاة التسبيح

- ‌41 - باب صلاة السفر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌42 - باب الجمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌43 - باب وجوبها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌44 - باب التَّنظيف والتَّبكير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌45 - باب الخطبة والصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌46 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌47 - باب صلاة العيدين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌48 - باب في الأضحية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌49 - باب في العتيرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌50 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌51 - باب في سجود الشكر

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌52 - باب الاستسقاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌53 - باب في الرياح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

1241 -

[1] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى يُظَنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى يُظَنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 1141].

1242 -

[2] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6464، م: 782].

ــ

مُقْتَصِدٌ} [فاطر: 32]، وما كان بين إفراط وتفريط كالجود بين الإسراف والبخل، والشجاعة بين التهور والجبن، وهو محمود مطلقًا، وتحقيقه في موضعه.

الفصل الأول

1241 -

[1](أنس) قوله: (حتى يظن) يروى بالنون على صيغة المعلوم، وبالتحتانية على لفظ المجهول، وقد يجعل في بعض النسخ بلفظ المعلوم أيضًا، ولعل المراد: يظن ظان أو أحد، واللَّه أعلم.

وقوله: (لا تشاء أن تراه من الليل مصلّيًا إلا رأيته. . . إلخ) يعني: كان يصلي وينام ولا يصلي الليل كله، وكذا يصوم ويفطر، وكان عمله قصدًا، والاستثناء لاحتمال المشبِّه وقوع الرؤية وعدمَه فيكون استثناء الأخص من الأعم، فافهم.

1242 -

[2](عائشة) قوله: (متفق عليه) في بعض الشروح: هذا الحديث من أفراد مسلم، والصواب أنه متفق عليه بتفاوتٍ يسيرٍ في اللفظ، والمؤلف قد لا يلتفت إليه، ففي (البخاري) عن مسروق قال: سألت عائشة رضي الله عنها: أيُّ العمل كان أحبَّ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالت: الدائم، وفي رواية منه:(أحبُّ الدِّين إلى اللَّه أدومه).

ص: 347

1243 -

[3] وَعَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1151، م: 785].

ــ

وقال الطيبي (1): بهذا الحديث ينكر أهل التصوف ترك الأوراد كما ينكرون ترك الفرائض، انتهى. يعني إدامة العمل والتزامهم النوافل والأوراد، ولكن ينبغي أن يعلم أن المداومة على الورد ضربان: بالشخص وبالنوع، أما بالشخص فبأن يواظب ويداوم على ورد واحد بالشخص (2) من صلاة أو صيام أو آية أو دعاء أو ذكر ويكرره كل يوم، وأما بالنوع فبأن يقرأ كل يوم فردًا منها غير ما قرأ اليوم السابق أيًّا شاءه، وبهذا الطريق أيضًا يحصل المداومة، ويحصل تأثيره، كذا قال شيخنا الإمام عبد الوهاب المتقي رحمه الله بل قالوا: هذا الطريق أدخل في الشوق والذوق، وقد تورث المداومةُ بالشخص الملال والسآمة على ما هو خاصية التكرار، واللَّه الموفق.

1243 -

[3](وعنها) قوله: (خذوا من الأعمال ما تطيقون) أي: اعملوا ما يسهل عليكم حتى يدوم، ويدوم بدوامه الثواب.

وقوله: (فإن اللَّه لا يملّ حتى تملّوا) بفتح الميم في الموضعين من الملال، وهو الاستثقال من الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته، وإطلاقه على اللَّه من باب المشاكلة، كما في قوله:{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]، وقوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] وله أمثلة كثيرة، أو باعتبار الغاية، كما في الرحمة والغضب والحياء، أي: إن اللَّه تعالى لا يقطع ثواب عملكم حتى تتركوا العمل ملالًا وسآمة من كثرته وثقله. هذا وأما ما قيل: إن المراد: إن اللَّه لا يمل

(1)"شرح الطيبي"(3/ 135).

(2)

أي: بالذات، أي: مقتصرًا عليه دون غيره، واللَّه أعلم.

ص: 348

1244 -

[4] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، وإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1150، م: 784].

ــ

وإن أظلم (1)، ففيه أن هذا لا يلائم المقصود من سياق الحديث.

وقيل: نفي الملال عن اللَّه تعالى لا يحتاج إلى تأويل، وإنما المحتاج إليه إثباته له، كما قيل في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة: 26]، وفيه نظر؛ لأن سوق البيان ثبوت الملال والحياء، والنفي في الجملة إنما هو لخصوصية تعلقه بالمفعول فيحتاج إلى التأويل، فتأمل.

وفي الحديث: أن القليل من العمل بنشاط أصلح من كثيرٍ لا ينشط ويفضي إلى تركه كلَّه أو بعضه، كما قال تعالى:{فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27]، ولكن ينبغي أن يعتاد الطالب ويجتهد ويعوِّد النفس على كثرة العمل، فبعد التعويد يسهل العمل ويصير الكثير كالقليل، ولا يكون كأصحاب الدعة والكسل يَملُّون بقليل من العمل ويتركونه، حتى من اعتاد هان عليه مثلًا مئة ركعة وعشرة أجزاء، وأزيد وأزيد بعد ما كان يثقل عليه عشر ركعات وتلاوة جزء منها، والطمع في ثواب اللَّه ورضاه والشوق إلى لقائه عز وجل يهوِّن ويسهل أكثر من ذلك ومن اللَّه التوفيق.

1244 -

[4](أنس) قوله: (نشاطه) أي: إلى مدة نشاطه، في (القاموس) (2): نشط: كسمع نشاطًا بالفتح فهو ناشط ونشيط: طابت نفسه للعمل وغيره كتنشط، وفَتَرَ يَفْتُرُ ويَفْتِرُ فُتورًا وفُتارًا: سكن بعد حدّة، ولانَ بعد شدّة، وفي قوله:(فليقعد)(3) دون

(1) كذا في الأصل، والظاهر:"وإن مللتم".

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 635).

(3)

أَيْ: عَنِ الْقِيَامِ بِالْعِبَادَةِ، وَفِي الْعُدُولِ عَنْ "لِيَتْرُكْ" نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: التَّقْدِيرُ: لِيُصَلَّ قَائِمًا، وَإِذَا فَتَرَ فَلْيَعُدْ مُصَلِّيًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَالِكَ طَرِيقِ الآخِرَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْتَهِدَ فِي =

ص: 349

1245 -

[5] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ،

ــ

أن يقول: يضطجع -مثلًا- إيماء إلى أنه ينبغي أن يقعد منتظرًا لحدوث الشوق والنشاط يتذكر ما يبعثه من ترتُّب الجزاء أو رضا الرب وحصول قربه تعالى.

1245 -

[5](عائشة) قوله: (إذا نعس) النعاس بالضم: الوسَن محركة، وهو ثقل النوم أو أوله، وكذا السِّنة بكسر السين [في] قوله تعالى:{لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255]، نعس: كمنع فهو ناعِس ونَعسانُ، كذا في (القاموس)(1)، وقال في (مجمع البحار) (2): نعس نعاسًا ونعسة فهو ناعس ولا يقال: نعسان، وهو الوسن وأول النوم من باب نصر، وهي ريح لطيفة تأتي من قبل الدماغ تغطي على العين ولا تصل إلى القلب، فإذا وصله كان نومًا.

وقوله: (فليرقد (3)) أي: فلينم، والرَّقْد والرُّقاد والرُّقود بضمهما: النوم، من [باب] ضرب، وقيل: الرقافى مخصوص بالليل، والمراد: فليتجوَّز في الصلاة ويتمها وينام، ولا يخفى أنه إن دفع النوم بالقيام ونحوه، لكان أيضًا محصِّلًا للمقصود، اللهم إلا إنْ غلبه النوم، وكان دفعه مضرًا بالمزاج، ومورثًا للثقل، ويعلم ذلك باختلاف

= الْعِبَادَةِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِقَدْرِ الطَّاقَةِ، وَيَخْتَارَ سَبِيلَ الِاقْتِصَادِ فِي الطَّاعَةِ، وَيَحْتَرِزَ عَنِ السُّلُوكِ على وَجْهِ السَّآمَةِ وَالْمَلَالَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَاجَى عَنْ مَلَالَةٍ وَكَسَالَةٍ، وَإِذَا فَتَرَ وَضَعُفَ قَعَدَ عَنِ الْقِيَامِ، وَاشْتَغَلَ بِنَوْعٍ مِنَ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الْكَلَامِ وَالْمَنَامِ عَلَى قَصْدِ حُصُولِ النَّشَاطِ فِي الْعِبَادَةِ، فَإِنَّهُ يُعَدُّ طَاعَةً، وَإِنْ كَانَ مِنْ أُمُورِ الْعَادَةِ، وَلِذَا قِيلَ: نَوْمُ الْعَالِمِ عِبَادَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِعَائِشَةَ:"كَلَّمِينِي يَا حُمَيْرَاءُ". "مرقاة المفاتيح"(3/ 933).

(1)

"القاموس المحيط"(ص: 534).

(2)

مجمع بحار الأنوار" (4/ 755 - 756).

(3)

قال القاري (3/ 934): الأَمْرُ لِلِاسْتِحْبَابِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ وَيُكْرَهُ لَهُ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ.

ص: 350

فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّه يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 212، م: 786].

1246 -

[6] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ. . . . .

ــ

الأوقات والأحوال.

وقوله: (لا يدري) مفعوله محذوف، أي: لا يدري ماذا يفعل ويقول من أفعال الصلاة وأقوالها من القرآن والتسبيحات، وجاء في رواية:(حتى يعلم ما يقرؤه) فلا يحصل الحضور، وهذا يكفي في استحباب الرقود، وزاد في بيان المانع بقوله:(لعله يستغفر فيسب) أي: إذا دعا لنفسه وهو لا يعقل يدعو على نفسه، وقوله:(فيسب) الفاء للسببية، كما في قولهم: الذي يطير فيغضب زيد، والرواية بالرفع والنصب، أما الرفع فبالعطف على (يستغفر)، والنصب بتقدير أنْ في جواب لعل، وقد قرأ عاصم قوله تعالى:{لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} [عبس: 3 - 4] والباقون بالرفع، قال الطيبي (1): النصب أولى، وأقول: كثرة القراءة بالرفع في قوله تعالى: {فَتَنْفَعَهُ} مما يرجِّح الرفع ههنا.

1246 -

[6](أبو هريرة) قوله: (إن الدين يسر) أي: مبنيٌّ على اليسر والسهولة، فلا تشدِّدوا على أنفسكم على دأب الرهبانية.

وقوله: (ولن يشاد الدين أحد) فاعل (يشاد)، و (الدين) مفعوله، وقد جاء في بعض الروايات:(من يشاد الدين [يغلبه])، وقد جاء بلا ذكر (أحد) فيكون فيه ضميره، وقد يرفع (الدين) على هذه الرواية، ويجعل (يشاد) مجهولًا، أي: من يقاويه ويقاومه

(1)"شرح الطيبي"(3/ 136).

ص: 351

إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ. . . . .

ــ

ويكلف نفسه من العبادة فوق طاقته، ويتعمق بترك الرفق، والمشادة: المغالبة، أتى بصيغة المفاعلة لوجود القوة في جانب الدين أيضًا بعد تيسره، والإتيان به كله، فكأنه يقع التنازع والتجاذب بينه وبين الدين.

وقوله: (إلا غلبه) أي: الدين يعجزه عن العمل به كله أو بعضه كقوله تعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27].

وقوله: (فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا) أي: إذا ثبت ما في المشادة من الفترة في العمل فسددوا، أي: فالزموا الطريقة المستقيمة والقصد في العمل والعدل فيه، ومنه حديث:(وما من مؤمن يؤمن باللَّه، ثم يسدد -أي: يقتصد- فلا يغلو ولا يسرف)، وحديث الصديق رضي الله عنه وسئل عن الإزار-: سَدِّدْ وقَارِبْ، أي: فلا تُفْرِط في إرساله ولا تشمره، ومنه حديث:(سل اللَّه السداد، واذكر بالسداد تسديدك السهم) أي: إصابة القصد به. (وقاربوا) أي: اقربوا من السداد، أي: إن عجزتم من السداد فاقربوا منه، وقيل:(قاربوا)، أي: اطلبوا قربة اللَّه، وقيل:(قاربوا) تأكيدٌ لـ (سددوا) مِن قارب فلانٌ في أموره: إذا اقتصد، وروي (قرِّبوا) أي: غيركم إليه. (وأبشروا) بقطع الهمزة من الإبشار، وجاز لغة: ابْشُروا بضم الهمزة والشين من نصر، من البِشر بمعنى الإبشار، كذا قال الكرماني (1)، أي: أبشروا بأن اللَّه رضي لكم الكثير من الأجر بقليل من العمل.

وقوله: (الغدوة) روي بالضم والفتح، فبالضم: البكرة، أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس كالغداة، وبالفتح: السير أول النهار.

وقوله: (والروحة) بالفتح: السير بعد الزوال، و (الدلجة) بفتح أوله وضمه

(1) انظر: "شرح الكرماني"(1/ 162).

ص: 352

وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 39].

1247 -

[7] وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 737].

ــ

اسم من الادِّلاج بتشديد الدال، وهو السير في آخر الليل، وقيل: من الإدْلاج بسكونها، وهو السير في أول الليل، والحمل على الأول أولى وأنسب.

وهذه الثلاثة أطيب أوقات المسافر، يعني: لا تبلغوا النهاية باستيعاب الأوقات كلها، بل اغتنموا أوقات نشاطكم وطيبكم، وهو أول النهار وآخره وبعض الليل، وارفقوا أنفسكم فيما بينها لئلا ينقطع بكم السير، وتبلغوا مقصدكم على راحته، وإذا سافر المسافر الليل والنهار متصلًا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة دام سيره وبلغ المقصد.

وقوله: (وشيء من الدلجة) تنكير (شيء) الدال على القلة إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يترك القيام بالليل ولو يسيرًا، فإن الإكثار منه يتعب الجسد ويضر بالمزاج.

1247 -

[7](عمر) قوله: (من نام عن حزبه) أي: ورده، والحزب في الأصل: النوبة في ورود الماء كالورد، سمي به ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة أو ذكر، كذا ذكره الطيبي (1). ويجيء الحزب بمعنى الطائفة وجماعة الناس، ومناسبة هذا المعنى أيضًا ظاهر، ويجيء بمعنى السلاح أيضًا، ولا يبعد أن يجعل أيضًا أصلًا؛ لأن الورد يكون بمنزلة السلاح لصاحبه، وأمانًا وحفظًا له من الآفات.

وقوله: (بين صلاة الفجر وصلاة الظهر) يعني: قبل الزوال لقربه من الليل

(1)"شرح الطيبي"(3/ 138).

ص: 353

1248 -

[8] وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 1117].

ــ

واتصاله بآخره، فإن الظاهر أن المراد بالحزب الذي نام عنه هو صلاة التهجد، وقد جاء أنه إن فات منه صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان صلاة الليل صلى اثنتي عشرةَ ركعة قبل الزوال، أو كما جاء، ولقرب هذا الوقت من الليل يجوز نية الصوم فيه لا بَعْدَه، وهذا بيان الأَولى والأفضل، وإلا فالظاهر أنه يقرأ ما فات في أيِّ جزء من النهار تيسر، كما يدل عليه إطلاق قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان: 62] على أحد التفسيرين، إلا أن يكون قراءته في هذا الوقت كأنه قراءة في الليل كالأداء مبالغة، وفي غيره كالقضاء كما يؤمي إليه كلام الطيبي (1)، واللَّه أعلم.

1248 -

[8](عمران بن حصين) قوله: (فإن لم تستطع فقاعدًا)، إنْ حمل هذا على الفريضة فظاهر، وإن حمل على النافلة فلبيان الأفضل الأكمل، كما يأتي في الحديث الآتي.

وقوله: (فعلى جنب (2)) يدل على ما هو المختار عند الفقهاء من القولين، والقول

(1) انظر: "شرح الطيبي"(3/ 138).

(2)

زَادَ النَّسَائِيُّ: "فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"، اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِلْقَاءَ فِي مَذْهَبِنَا أَفْضَلُ مِنَ الِاضْطِجَاعِ، وَمَعْنَى الِاسْتِلْقَاءِ أَنْ يَرْتَمِيَ عَلَى وِسَادَةٍ تَحْتَ كَتِفَيْهِ مَادًّا رِجْلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الإِيمَاءِ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الِاسْتِلْقَاءِ تَمْنَعُ الصَّحِيحَ مِنْ إِيمَاءٍ، فَكَيْفَ الْمَرِيضُ؟ كَذَا حَقَّقَهُ ابْنُ الْهُمَامِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَنْتَهِضُ حَدِيثُ عِمْرَانَ حُجَّةً عَلَى الْعُمُومِ، فَإِنَّهُ خِطَابٌ لَهُ، وَكَانَ مَرَضُهُ الْبَوَاسِيرَ وَهُوَ يَمْنَعُ الاسْتِلْقَاءَ فَلَا يَكُونُ خِطَابُهُ خِطَابًا لِلأُمَّةِ، فَوَجَبَ التَّرْجِيحُ بِالْمَعْنَى، =

ص: 354

1249 -

[9] وَعَنْهُ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا. قَالَ: "إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 1115].

ــ

الآخر: الاستلقاء متوجهًا إلى القبلة.

1249 -

[9](وعنه) قوله: (إن صلى قائمًا فهو أفضل) هذا في صلاة التطوع، فإن صلاة الفرض قاعدًا غير جائزة إن كان بلا عذر، فلا يحكم على أدائها قائمًا بأنه أفضل، وإن كان معذورًا سقط القيام فلا يكون أفضل من القعود، ولا يكون للقاعد نصف أجر القائم.

وقوله: (ومن صلى نائمًا) يدل على أنه يجوز أن يصلي التطوع نائمًا مع القدرة على القيام أو القعود، وقد ذهب قوم إلى جوازه، قيل: وهو قول الحسن وهو الأصح (1)، كذا نقل الطيبي (2).

= وَهُوَ أَن الْمُسْتَلْقي تَقَعُ إِشَارَتُهُ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَبِهِ يَتَأَدَّى الْفَرْضُ بِخِلَافِ الآخَرِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَقَّقَهُ مُسْتَلْقِيًا كَانَ سُجُودًا وَرُكُوعًا إِلَى الْقِبْلَةِ، وَلَوْ أَتَمَّهُ عَلَى جَنْبٍ كَانَ إِلَى غَيْرِ جِهَتِهَا، وَبِمَا أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام:"يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ". "مرقاة المفاتيح"(3/ 936).

(1)

قال القاري: وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَقِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ فِي حَقِّ الْمُفْتَرِضِ الْمَرِيضِ الَّذِي أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ، أَوِ الْقُعُودُ مَعَ شِدَّةٍ وَزِيَادَةٍ فِي الْمَرَضِ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ حَجْرِ: فِيهِ أَبْلَغ حُجَّةٍ عَلَى مَنْ حَرَّمَ الاضْطِجَاعَ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقُعُودِ. "مرقاة المفاتيح"(3/ 937).

(2)

"شرح الطيبي"(3/ 139).

ص: 355