الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
1044 -
[6] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"صَلَاةُ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ" فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي لَمْ أكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا فَصَلَّيْتُهُمَا الآنَ. . . . .
ــ
فقيل: هي كراهة تحريم، وقيل: كراهة تنزيه كذا في (فتح الباري)(1).
وفي (فتح القدير)(2): المراد كراهة التحريم لما عرف من أن النهي الظني الثبوت غير المصروف عن مقتضاه يفيد كراهة التحريم، وإن كان قطعيًّا أفاد التحريم، فالتحريم في مقابلة الفرض في الرتبة، وكراهة التحريم في رتبة الواجب، والتنزيه برتبة المندوب، والنهي الوارد ههنا من الأول، فكان الثابت به كراهة التحريم.
الفصل الثاني
1044 -
[6](محمد بن إبراهيم) قوله: (صلاة الصبح) بالنصب تقديره: أتصلي صلاة الصبح ركعتين، وتصلي بعدها ركعتين، وليس بعدها صلاة؟ والاستفهام للإنكار، وركعتين الثاني تأكيد، كذا قال الطيبي (3)، وكذا في شرح الشيخ، وليس في بعض النسخ:(ركعتين) مكررًا، وعلى تقدير وجوده يجوز أن يكون المعنى: أتصلي صلاة الصبح هكذا ركعتين ركعتين؟ أي: ركعتين من الفرض، وتصلي بعدها ركعتين من غيره، وعلى تقرير عدمه يكون التقدير: فرض اللَّه صلاة الصبح ركعتين لا أكثر، واللَّه أعلم.
(1)"فتح الباري"(2/ 63).
(2)
"فتح القدير"(1/ 231).
(3)
"شرح الطيبي"(3/ 19).
فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ، وَقَالَ: إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ؛ . . . . .
ــ
وقوله: (فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) ففيه تقريره على ذلك، وذلك مذهب الشافعي ومحمد رحمهما اللَّه، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما اللَّه: لا قضاء لسنة الفجر بعد الفوت لا قبل طلوع الشمس ولا بعدها؛ لأنه يبقى نفلًا مطلقًا؛ لأن السنة ما أداها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت أنه أداهما في غير الوقت على الانفراد، وإنما قضاهما تبعًا للفرض في ليلة التعريس، والنفل المطلق لا يقضى بعد الصبح ولا بعد ارتفاعها، وقال محمد: أحب إلى أن يقضيهما إلى وقت الزوال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قضاهما بعد ارتفاع الشمس غداة ليلة التعريس، ولهما أن الأصل في السنة أن لا يقضى لاختصاص القضاء بالواجب، والحديث ورد في قضائها تبعًا للفرض، فبقي ما وراءه على الأصل، وإنما يقضى تبعًا وهو يصلي بالجماعة أو وحده إلى وقت الزوال، وفيما بعده اختلاف المشايخ، وأما سائر السنن سواها فلا يقضى بعد الوقت وحدها، واختلف المشايخ في قضائها تبعًا للرفض، كذا في (الهداية)(1).
وقال الترمذي: قد قال قوم من أهل مكة بحديث قيس، ولم يروا بأسًا أن يصلي الرجل ركعتين بعد المكتوبة قبل أن تطلع الشمس، وأورد حديثًا آخر عن أبي هريرة في إعادتها بعد طلوع الشمس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (من لم يصل ركعتي الفجر فليصلها بعد ما تطلع الشمس)، وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه فعله، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق رحمهم الله.
(1)"الهداية"(1/ 72).
لأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو. وَفِي "شَرْحِ السُّنَّةِ" وَنُسَخِ "الْمَصَابِيحِ" عَنْ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ نَحْوَهُ. [د: 1267، ت: 422].
ــ
وقوله: (لأن محمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس بن عمرو) ليس في (جامع الترمذي) ابن عمرو بل أطلق قيسًا، وهو يشمل قيس بن عمرو وقيس بن قهد على اختلاف فيه، ثم إن محمد بن إبراهيم بن الحارث وثقه ابن معين والجمهور، وذكره العقيلي في (الضعفاء)، روي عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل أنه قال: سمعت أبي: في حديثه شيء يروي مناكير، قلت: المنكر أطلقه محمد وأحمد بن حنبل وجماعة على الفرد الذي لا متابع له، فيحمل ههنا على ذلك، وقد احتج بمحمد الجماعة، كذا قال الشيخ في مقدمة (فتح الباري)(1).
وقال في (التقريب)(2): محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد اللَّه المدني، ثقةٌ، له أفراد، من الرابعة، عن قيس بن قهد بفتح القاف وسكون الهاء وبالدال المهملة، هكذا ضبط في (جامع الأصول) و (النهاية) و (الإكمال) و (التقريب) و (الإصابة)(3) وغيرها، ونقل في (التهذيب)(4) أن رواية أكثر المحدثين قيس بن عمرو، وذكر الترمذي: هو قيس بن عمرو، ويقال: ابن قهد، والأول هو الصحيح عند الحفاظ، وذكروا له حديث الركعتين بعد الصبح، وهو حديث ضعيف، وقالوا: قيس بن عمرو جد يحيى بن سعيد الأنصاري، وقال ابن ماكولا: قيس بن قهد صحابي شهد بدرًا
(1)"فتح الباري"(1/ 437).
(2)
"تقريب التهذيب"(465).
(3)
"جامع الأصول"(12/ 791)، و"الإكمال"(7/ 60)، و"تقريب التهذيب"(457)، و"الإصابة"(5/ 372).
(4)
"تهذيب التهذيب"(8/ 401).
1045 -
[7] وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأبو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [ت: 868، د: 1894، ن: 585].
ــ
وما بعدها، توفي في خلافة عثمان رضي الله عنه، وأما المزني قال فيه: قيس ولم ينسبه للاختلاف، انتهى.
وذكر في (التقريب)(1): قيس بن عمرو بن سهل الأنصاري جد يحيى بن سعيد، صحابي من أهل المدينة، ولم يذكر قيس بن قهد، وكذا في (الكاشف) للذهبي، ذكر قيس بن عمرو ولم يذكر قيس بن قهد.
وقال في (جامع الأصول)(2): قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة بن الحارث الأنصاري المدني، وهو جد يحيى بن سعيد وعبد ربه، وقيل: إن جد يحيى وإخوته قيس بن قهد، وقيل: إن قيس بن عمرو وقيس بن قهد كلاهما من بني النجار، وقيس هذا هو الذي روى عن محمد بن إبراهيم التيمي حديث ركعتي الفجر، وفي إسناده مقال، قيل: إنه ليس بمتصل، واللَّه أعلم.
1045 -
[7](جبير بن مطعم) قوله: (يا بني عبد مناف) وفي رواية: يا بني عبد المطلب.
وقوله: (لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء) ظاهره أنه يجوز فيه الصلاة بعد الطواف، فيختص بركعتي الطواف، وعند الشافعي رحمه الله تجوز
(1)"تقريب التهذيب"(457).
(2)
"جامع الأصول"(12/ 791).
1046 -
[8] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. [مسند الشافعي: 1/ 63].
ــ
الصلاة ولو من غير طواف، قال الطيبي (1): التقييد بالطواف ليس بقيد مانع، بل (أحدًا طاف) بمنزلة: أحدًا دخل المسجد الحرام؛ لأن كل من دخله فهو يطوف بالبيت غالبًا، وعند أحمد جاز بمكة ركعتا الطواف خاصة في الأوقات كلها لهذا الحديث، ولأن الطواف جائز في كل وقت مع كونه صلاة كما ورد، فكذا ركعتاه لأنهما تبع له، وعند أبي حنيفة رحمه الله حكم مكة حكم سائر البلاد في الحرمة وفي الكراهة، لعموم حديث النهي، وقيل: إنه ناسخ لما سواه، ولأن المحرم راجح.
1046 -
[8](أبو هريرة) قوله: (إلا يوم الجمعة) وهذا أيضًا مذهب الشافعي رحمه الله، وقد سبق دليله، وقد روى أبو داود وابن عدي عن أبي قتادة حديثًا في استثناء يوم الجمعة، ولكن قال أبو داود: وأبو الخليل راوي الحديث عن أبي قتادة رضي الله عنه لم يلق أبا قتادة، وإسناد ابن عدي أيضًا ضعيف، نعم رواه الشافعي رحمه الله والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولكن الأحاديث الواردة في إطلاق النهي مشاهير لا تصلح لمعارضتها هذه الروايات، مع أن المحرم راجح على المبيح عند التعارض، وقال الشيخ ابن الهمام (2): الاستثناء عندنا تكلم بالباقي فيكون حاصل النهي مقيدًا بغير الجمعة، ويكون حكم الجمعة مسكوتًا عنه، فيقدم حديث عقبة عليه، وهو محرم، واللَّه أعلم.
(1)"شرح الطيبي"(3/ 21).
(2)
"فتح القدير"(1/ 235).