الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
1052 -
[1] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ. . . . .
ــ
أتى مسجدًا آخر للجماعة فحسن، وإن صلى في مسجد حيه منفردًا فحسن، وذكر القدوري: يجمع بأهله ويصلي بهم، واختلف في الأفضل من جماعة مسجد حيّه وجماعة المسجد الجامع، وإذا كان مسجدان يختار أقدمهما، وإن استويا فالأقرب، وإن صلوا في الأقرب وسمع إقامة غيره فإن كان دخل فيه وإلا فيذهب إليه.
والجماعة تسقط بالعذر، فمن الأعذار المرض وكونه مقطوع اليد والرجل من خلاف أو مفلوجًا أو مستخفيًا من سلطان أو لا يستطيع المشي كالشيخ العاجز وغيره وإن لم يكن بهم ألم، وفي (شرح الكنز): والأعمى عند أبي حنيفة، وقيل بالاتفاق، والخلاف في الجمعة لا الجماعة، ففي (الدراية): قال محمد: لا تجب على الأعمى، والمطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة في الصحيح، وعن أبي يوسف سألت أبا حنيفة عن الجماعة في طين ورَدْغَةٍ فقال: لا أحب تركها، وقال محمد: الحديث رخصة، يعني قوله صلى الله عليه وسلم:(إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال)(1).
الفصل الأول
1052 -
[1](ابن عمر) قوله: (صلاة الجماعة تفضل) في (القاموس)(2): الفضل ضد النقص كنصر وعلم، وأما فضل كعلم ويفضل كينصر فمركبة منهما، كذا في
(1)"مسند الشافعي"(185).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 961).
صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 645، م: 650].
ــ
(القاموس)، وقال الجوهري (1): وهو شاذ لا نظير له، والرواية ههنا بضم الضاد.
وقوله: (صلاة الفذ) مفعول (تفضل) يقال: فضله ويفضله: كان أفضل منه، و (الفذ) بفتح الفاء وتشديد الذال المعجمة: الفرد، يقال: فذ الرجل من أصحابه: انفرد وشذ عنهم، وهل هذا الفضل والتضعيف مختص بالجماعة في المسجد؟ اختلف فيه، قيل: يختص.
وقوله: (بسبع وعشرين درجة) وفي رواية: (بخمس وعشرين)، وقال الترمذي (2): وفي الباب عن عبد اللَّه بن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي سعيد وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما، حسن صحيح، وعامة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قالوا: خمسة وعشرين إلا ابن عمر رضي الله عنهما فإنه قال: سبعًا وعشرين، انتهى.
ووفق بين الحديثين بأن ذكر القليل لا ينافي الكثير، وهذا قول من لا يعتبر مفهوم العدد، وبه يقول الكرماني في مواضع من شرح البخاري، وبأنه أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بالخمس، ثم بالزيادة تفضلًا وإنعامًا من اللَّه سبحانه، وبأن ذلك من جهة اختلاف حال المصلي والصلاة، وقيل: إن السبع مختص بالجهرية والخمس بالسرية.
ثم إن تخصيص العدد من الأسرار التي لا يعلمها بالحقيقة إلا الشارع، وهكذا حال العدد في كل ما ورد به الشرع، فقيل في توجيه خمس وعشرين: إن المكتوبات خمس فأريد المبالغة في تكثيرها فضربت في مثلها، وأن الأربعة أصل جميع مراتب الأعداد؛ لأنه يتركب منه العشرة؛ لأن منها واحدًا واثنين وثلاثة وأربعة، وهذا مجموع
(1)"الصحاح"(5/ 1791).
(2)
"سنن الترمذي"(كتاب: 2، باب: 47).
1053 -
[2] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ.
ــ
العشرة، ومن العشرات المئات، ومنها الألوف، فزيد فوق الأصل واحد آخر إشارة إلى المبالغة في الكثرة، ثم ضربت الخمسة في نفسها، وذكر في سبع وعشرين أن عدد ركعات الفرائض ورواتبها على رواية ركعتين قبل الظهر سبع وعشرون، وقالوا في عدم اعتبار الوتر واحدًا أو ثلاثًا: لعله شرع بعد ذلك، ولا يخفى ما في هذه الوجوه من التكلفات، فالحق مذهب التفويض.
1053 -
[2](أبو هريرة) قوله: (فيحطب) أي: يجمع الحطب، في (القاموس) (1): حطب كضرب: جمعه كاحتطب، وفي رواية:(يحتطب)، وكلاهما صحيح، وهو منصوب، وكذا قوله:(فيؤذن)، وقوله:(فيؤم)، (فأحرق)، وصححت بالرفع أيضًا.
وقوله: (ثم آمر بالصلاة) اختلفت الأحاديث في تعيين الصلاة التي وقع التهديد بسببها، فروي أنها العشاء، وروي الجمعة، وروي مطلق الصلاة، وهو الظاهر؛ لأن المقصود بيان وجوب الجماعة، والكل صحيح، كذا في (مجمع البحار)(2).
وقوله: (ثم آمر رجلًا) إنما آمر رجلًا بالإمامة؛ لأنه بنفسه الشريفة يشتغل بالإحراق اهتمامًا به، وفيه من المبالغة ما لا يخفى مع ما في عبارة الحديث من التأكيدات والتشديدات على ما [لا] يخفى على المتأمل.
وقوله: (ثم أخالف إلى رجال) أي: آتيهم، يقال: خالفت زيدًا إلى كذا:
(1)"القاموس المحيط"(ص: 83).
(2)
"مجمع البحار"(3/ 354).
وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا. . . . .
ــ
إذا قصدته وهو موَلٍّ عنك، وخالفته عنه: إذا كان الأمر العكس، أي: إذا قصد [ك] وأنت موَلٍّ عنه، أو أخالف ما أظهرت من إقامة الصلاة، وأرجع إليهم فآخذهم على غفلة، أو يكون بمعنى أتخلف عن الصلاة لمعاقبتهم حال لم يخرجوا إلى الصلاة، أو آتيهم من خلفهم لأخذهم على غرّة.
وقوله: (فأحرق) بالتشديد مبالغة في عقوبتهم، قال الطيبي (1): في الحديث دليل على أن الإِمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلي بالناس، انتهى. ويشهد لذلك عدم خروجه صلى الله عليه وسلم للحج في العام الأول، واستخلافه أبا بكر رضي الله عنه في ذلك لاشتغاله بمهمات الدين من قتال المشركين وغيره كما قالوا.
وقوله: (أحدهم) أي: المتخلفين من الجماعة، والظاهر أن المراد المنافقون لأنهم الذين شأنهم ما ذكر، ويمكن أن يراد الناس كلهم تهديدًا وتشديدًا وبيانًا للاهتمام بالجماعة، و (العرق) بفتح المهملة وسكون الراء وكغراب: العظم أُكِلَ لحمه، وجمعه ككتاب، وغراب نادر، أو العرق: العظم بلحمه، فإذا أُكِلَ لحمه فعُرَاق، أو كلاهما لكليهما، كذا في (القاموس)(2).
وقوله: (سمينًا) إشارة إلى [أن] باعثه الطمع والرغبة فيه لدنائة الهمة وعدم الفطنة كما قال.
(1)"شرح الطيبي"(3/ 27).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 836).
أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِمُسْلِمٍ نَحْوَهُ. [خ: 644، م: 651].
ــ
وقوله: (أو مرماتين حسنتين) قال القاضي (1): (مرماتين) يروى بفتح الميم وكسرها، قال أبو عبيد: هو ما بين ظلفي الشاة من اللحم، فعلى هذا الميم أصلية، وقال الداودي: وقيل: هما بضعتان من اللحم، وقال غيره: هو السهم الذي يرمى به، بكسر الميم، فالميم ههنا زائدة، وقيل: هو سهم يلعب به في كوم التراب، فمن رمى به فثبت في الكوم غلب، وقيل: المرماتان السهمان اللذان يرمي بهما الرجل فيحرز سبقه، فمن فسرهما بالسهمين لم يكن فيهما غير الكسر، وهو أنسب لقوله:(حسنتين)، انتهى. وكأن وجه الإنسبية أن الظلفين لا حسن فيهما، ولعله لهذا الوجه جعل الطيبي (2)(حسنتين) بدلًا من (مرماتين) على تقدير إرادة الظلفين، وجعله صفة على تقدير إرادة السهمين بجعله بمعنى جيدتين، وهو تكلف، إذ يكفي جعله صفة على توهم الحسن والرغبة فيها لغاية الطمع ودناءة الهمة، وسمعت من بعض مشايخي أن المراد بالمرماتين الشاتين، كالحافر يراد به الفرس، وعبر عنهما بالظلف تحقيرًا لهما، ولعل إرادة الظلف أدخل في الحقارة والدناءة.
وحاصل المعنى أنه لو علم أحدهم أنه لو حضر وقتها أو صلاتها حصل له أدنى حظ دنيوي، وإن كان في غاية الخسة والحقارة لحضر، ولا يحضر لإحراز ذلك الثواب العظيم الدائم الذي لا يحاط ولا يحصر ولا يقدر قدره.
وقوله: (لشهد العشاء) ربما يؤيد تعيين الصلاة المذكورة بالعشاء، فافهم. ثم
(1)"مشارق الأنوار"(1/ 465).
(2)
"شرح الطيبي"(3/ 26).
1054 -
[3] وَعَنْهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ في بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ:"هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:"فَأَجِبْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 653].
1055 -
[4] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: . . . . .
ــ
في هذا الحديث ما يلوح منه دليل وجوب الجماعة؛ لأن مثل هذا التهديد والتشديد لا يعهد في غير الواجب إلا أن يقال: هذا كله لتأكيد السنة والمبالغة فيه ولا يخلو عن بعد.
1054 -
[3](وعنه) قوله: (رجل أعمى) قيل: هو ابن أم مكتوم كما جاء صريحًا في الروايات الآخر، وقيل: غيره.
وقوله: (فأجب) هذا أيضًا مما يدل ظاهرًا على الوجوب، وقول من قال: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له، وأما الترخيص أولًا فللعذر، ويحتمل أن يكون المراد التأكيد والتنبيه على الأفضل الأليق بحال ذلك الرجل لا سيما إذا كان ابن أم مكتوم فإنه كان من فضلاء المهاجرين، وقد خلفه صلى الله عليه وسلم إمامًا لأهل المدينة في غزوة تبوك مع وجود علي رضي الله عنه، وذلك لأنه خليفة على الأهل والعيال مشغولًا بتفقد أحوالهم.
1055 -
[4] قوله: (وعن ابن عمر: أنه أذن) صحح بصيغة المجهول، أي: أذن عنده أو في مسجده.
وقوله: (ثم قال) أي: للمؤذن أن يقول: صلوا في الرحال، أو قال مؤذنه بأمره،
أَلَا صَلُّوا في الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ يَقُولُ: "أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 632، م: 697].
1056 -
[5] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَؤُوا بِالْعَشَاءِ، وَلَا يَعْجَلْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ"، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ، وَتُقَامُ الصَّلَاةُ، فَلَا يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 673، م: 559].
ــ
وبلفظ المعلوم، وهو أظهر وأوفق بسياق العبارة، وعبارة البخاري ههنا عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما أذن بالصلاة، وفي (باب الأذان): أذن ابن عمر رضي الله عنهما، ويفهم منه أن (أذن) على صيغة المعلوم، فافهم. والمراد بـ (الرحال) المساكن والمنازل، والرحل مسكن الرجل وما يستصحبه من الأثاث، والأكثر أنه يراد به ما معه في سفر (1).
1056 -
[5](وعنه) قوله: (إذا وضع عشاء أحدكم) بفتح العين.
وقوله: (فابدؤوا) الأمر بالجمع متوجه إلى المخاطبين في (أحدكم)، وبالأفراد في (ولا يعجل) للأحد، قيل: وذلك عند الاحتياج وضياع الطعام.
وقوله: (فلا يأتيها حتى يفرغ منه) ليس لفظ (منه) في بعض النسخ.
(1) الْحَدِيثُ رُخْصَةٌ كما صرح به مُحَمَّدٌ في "مُوَطَّئه"، وَيُوَافِقُهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ:"خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمُطِرْنَا، فَقَالَ: لِيصَلِّ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ"، وَصَحَّ:"كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَصَابَنَا مَطَرٌ قَلِيلٌ لَمْ يَبُلَّ أَسْفَلَ نِعَالِنَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَلُّوا في رِحَالِكُمْ". "مرقاة المفاتيح"(3/ 834).
1057 -
[6] وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "لَا صَلَاة بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 560].
1058 -
[7] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 710].
ــ
1057 -
[6](عائشة رضي الله عنها) قوله: (ولا هو يدافعه الأخبثان)(1) تقديره: ولا صلاة حال مدافعة الأخبثين إياه، فقوله:(هو يدافعه الأخبثان) جملة حالية، وقيل: تقديره: ولا هو مصل في هذه الحالة، فقوله:(يدافعه) حالية، وفي رواية:(لا يصلي الرجل وهو يدافع الأخبثين)، وهذه الرواية تبين المقصود، والأخبثان: البول والغائط (2)، وصيغة المفاعلة للمبالغة، ولأن الدفع من الجانبين، وقالوا: إذا ضاق الوقت بحيث لو اشتغل به خرج الوقت صلى على حاله حرمة للوقت، ذكره الطيبي (3).
1058 -
[7](أبو هريرة) قوله: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) ويتفرع عليه أنه لا يصلي سنة الفجر إذا أقيم لفرضه بل يوافق الإِمام، وبه قال الشافعي
(1) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْهُ أَخَذَ أَكْثَرُ أَئِمَّتنَا كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ مَعَ مُدَافَعَةِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ. وَقَالَ جَمْعٌ مِنْهُمْ: وَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ وَفَسَادِ الصَّلَاةِ إِنْ أَدَّى إِلَى ذَهَابِ خُشُوعِهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: "لَا يَحِل لِمُؤْمِنٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ"، وَحَمَلَهُ الأَوَّلُونَ عَلَى مَا إِذَا اشْتَدَّ بِهِ الْحَالُ، وَظَنَّ أَنْ يَضُرَّهُ فَحَبْسُهُ حِينَئذٍ حَرَامٌ. "مرقاة المفاتيح"(3/ 835).
(2)
وَفِي مَعْنَاهُ الرِّيحُ وَالْقَيْءُ وَالْمَذْيُ. "مرقاة المفاتيح"(3/ 835).
(3)
"شرح الطيبي"(3/ 29).
1059 -
[8] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يَمْنَعْهَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5238، م: 442].
ــ
رحمه الله، وعندنا إن خشي أن تفوته ركعة وتدركه الأخرى يصلي ركعة الفجر عند باب المسجد، ثم يدخل مع الإِمام لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين، وإن خشي فوتهما دخل مع الإِمام لأن ثواب الجماعة أعظم، والوعيد بالترك ألزم، كذا في (الهداية)(1).
وقال الشيخ ابن الهمام (2): ولو كان يرجو إدراكه في التشهد، قيل: هو كإدراك الركعة عندهما، وعلى قول محمد لا اعتبار به كما في الجمعة، وما نقل عن الفقيه إسماعيل الزاهد أنه ينبغي أن يشرع في ركعتي الفجر، ثم يقطعهما فيجب القضاء فيتمكن من القضاء بعد الصلاة، دفعه الإِمام السرخسي بأن ما وجب بالشروع ليس أقوى مما وجب بالنذر، ونص محمد أنَّ المنذور لا يؤدى بعد الفجر قبل الطلوع، وأيضًا هذا شروع في العبادة بقصد الإفساد، فإن قيل: بل ليؤديها مرة أخرى، قلنا: إبطال العمل قصدًا منهي عنه، ودفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، انتهى.
1059 -
[8](ابن عمر) قوله: (فلا يمنعنها) وهو محمول على عجوز غير مشتهاة لم تخرج بطيب ولا زينة، وفي زماننا خروج النساء للجماعة مكروه لفساده، وقيل: لأن الغرض من حضورهن كان ليتعلمن الشرائع، ولا احتياج إلى ذلك في زماننا لشيوعها، والتستر بهن أولى (3).
(1)"الهداية"(1/ 71).
(2)
"شرح فتح القدير"(1/ 476).
(3)
وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ، عَنْ عَائِشَةَ:"لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ". "مرقاة المفاتيح"(3/ 836).