الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب الذكر بعد الصلاة
ــ
بعضنا على بعض فإنه يوجب التحابب.
18 -
باب الذكر بعد الصلاة
قد ثبتت شرعية الجهر بالذكر على الإطلاق وبعد الصلاة، ووردت فيه أحاديث كما ستتلى عليك، ثم إنه قد اختلفت الروايات حديثًا وقديمًا في أنه هل يقوم بعد أداء الفريضة متصلًا أو يلبث في مكانه قاعدًا؟ وإذا قام هل يتطوع في مكانه أو يتحول؟ فالمختار أن يقوم من غير لبث إن كان في صلاة بعدها تطوع، وكذلك الإمام، وقال علماؤنا: إذا سلم الإمام من الظهر أو المغرب أو العشاء كره له المكث قاعدًا، فإن شاء أن يصلي تطوعًا لم يصل في مكانه، بل يتأخر ويصلي خلف القوم، أو حيث أحب من المسجد خلا مكان الإمامة، أو ينحرف يمنة أو يسرة، أو يتأخر، وإن شاء رجع إلى بيته يتطوع، وإن كان مقتديًا أو يصلي وحده إن لبث في مكانه يدعو جاز، وكذا إن قام إلى التطوع في مكانه أو تقدم أو انحرف يمنة أو يسرة جاز، والكل سواء، وروي عن محمد أنه قال: يستحب للقوم أيضًا أن ينقضوا الصفوف ويتفرقوا ليزول الاشتباه على الداخل أنهم في الصلاة فيقتدي فيفسد اقتداؤه.
وقال شمس الأئمة: هذا إذا لم يكن من قصده الاشتغال بالدعاء، فإن كان له ورد يقضيه بعد المكتوبات فأراد أن يقضي ورده قبل أن يشتغل بالتطوع؛ فإنه يقوم عن مصلاه ويقضي ورده، إن شاء جلس في ناحية من المسجد فيقضي ورده، ثم يقوم إلى التطوع، فالأمر فيه واسع، وما ذكره شمس الأئمة دليل على جواز تأخير السنن عن أداء الفريضة، وصرح بكراهية تأخير التطوع عن الفريضة في (الاختيار شرح المختار)، وقال: لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يمكث إلا مقدار أن يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وروي أن جلوس الإمام في مصلاه بعد الفراغ مستقبِل القبلة بدعة، ولأن مكثه يوهم الداخل أنه في الصلاة فيقتدي به فيفسد اقتداؤه، فكان المكث تعريضًا لفساد اقتداء غيره، فلا يمكث، ولكنه يستقبل القوم بوجهه إن شاء إن لم يكن بحذائه أحد يصلي؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من صلاة الفجر استقبل بوجهه أصحابه، وقال: هل رأى أحدكم رؤيا، كانه يطلب رؤيا فيها بشرى بفتح مكة، وإن كان بحذائه أحد يصلي لا يستقبل القوم؛ لأنه استقبال الصورة في الصلاة، وهو مكروه؛ لما روي أن عمر رضي الله عنه رأى رجلًا يصلي إلى وجه غيره فعلاهما بالدرة، وقال: أتستقبل الصورة؟ وللآخر: أتستقبل المصلي بوجهك؟ وإن شاء انحرف لأن بالانحراف يزول الاشتباه كما يزول بالاستقبال.
ثم اختلف المشايخ في كيفية الانحراف، قال بعضهم: ينحرف إلى يمين القبلة تبركًا بالتيامن، وقال بعضهم: ينحرف إلى اليسار ليكون يساره إلى اليمين، وقال بعضهم: هو مخير إن شاء انحرف يمنة، وإن شاء انحرف يسرة، وهو الصحيح؛ لأن ما هو المقصود من الانحراف -وهو زوال الاشتباه- يحصل بالأمرين جميعًا، وإن كانت صلاة بعدها سنةٌ يكره له المكث قاعدًا، وكراهة القعود مروية عن الصحابة رضي الله عنهم، روي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما إذا كانا فرغا من الصلاة قاما كانهما على الرضيف، فينبغي أن يتنحى إزالة للاشتباه، أو استكثارًا من شهوده على ما روي أن مكان المصلي يشهد له يوم القيامة، وهذا كله للإمام.
وبالجملة الروايات كثيرة في القيام بعد الفريضة متصلًا، وكذا في تحول الإمام عن مكانه، وقد جاءت روايات على خلافهما أيضًا كما مر، وهذا كله في صلاة بعدها سنة، وأما في غيرها فقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقعد في مكانه بعد الفجر إلى