المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٣

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌13 - باب الركوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب السجود وفضله

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب الدعاء في التشهد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الذكر بعد الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب السهو

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب سجود القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب أوقات النهي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌23 - باب الجماعة وفضلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌24 - باب تسوية الصف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌25 - باب الموقف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌26 - باب الإمامة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌27 - باب ما على الإمام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌28 - باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌29 - باب من صلى صلاة مرتين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌30 - باب السنن وفضائلها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌31 - باب صلاة الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌32 - باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌33 - باب التحريض على قيام الليل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌34 - باب القصد في العمل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌35 - باب الوتر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌36 - باب القنوت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌37 - باب قيام شهر رمضان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌38 - باب صلاة الضحى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌39 - باب التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌40 - [باب] صلاة التسبيح

- ‌41 - باب صلاة السفر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌42 - باب الجمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌43 - باب وجوبها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌44 - باب التَّنظيف والتَّبكير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌45 - باب الخطبة والصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌46 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌47 - باب صلاة العيدين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌48 - باب في الأضحية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌49 - باب في العتيرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌50 - باب صلاة الخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌51 - باب في سجود الشكر

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌52 - باب الاستسقاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌53 - باب في الرياح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

1341 -

[9] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُلَّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَصَرَ الصَّلَاةَ وَأَتَمَّ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ"[1/ 245].

1342 -

[10] وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، يَقُولُ:"يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا سَفْرٌ". رَوَاهُ أَبُوْ دَاوُدَ. [د: 1229].

ــ

إذا نزل أيضًا، وكذا عند محمد إذا نزل بعد ما صلى ركعة، والأصح هو [الأول وهو] الظاهر.

الفصل الثاني

1341 -

[9](عائشة) قوله: (كل ذلك) بالنصب مفعول (فعل)، وبالرفع على أنه مبتدأ بحذف العائد، و (ذلك) إشارة إلى مبهم يفسره قوله:(قصر الصلاة) أي في السفر تارة (وأتم) فيه أخرى، وهو مذهب الشافعي رحمه الله ومن معه.

وعندنا يجب القصر، وقال صاحب (سفر السعادة) (1): لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى الرباعية في سفر تمامًا، والحديث المروي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم، ويفطر ويصوم لم يصح، انتهى. وقد ادعى الدارقطني صحتها، وأورد حديثًا آخر عن ابن عمر رضي الله عنهما وحكم بحسنه، واللَّه أعلم، وقد سبق الكلام فيه مفصلًا في شرح الترجمة.

1342 -

[10](عمران بن حصين) قوله: (فإنا سفر) بفتح السين وسكون الفاء جمع سافر كصحب وركب، والسافر لا يستعمل هو ولا فعله كذا قيل، وفي شرح (جامع

(1)"سفر السعادة"(ص: 128).

ص: 459

1343 -

[11] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ فِي الْحَضَرِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَهُ فِي السَّفَرِ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ بَعْدَهَا شَيْئًا، وَالْمَغْرِبَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ سَوَاءٌ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَلَا يَنْقُصُ فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ، وَهِيَ وِتْرُ النَّهَارِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 552].

ــ

الأصول): جمع سافر، يقال: سفرتُ السفَرَ سُفورًا فأنا سافر إذا خرجتَ إلى السفر، والقوم سَفْر كراكب ورَكْب، ودل الحديث على أن المقيم إذا اقتدى بالمسافر يصلي أربعًا ولا يتبعه، وأما المسافر إذا اقتدى بالمقيم فإنه يتبعه ويصلي أربعًا.

1343 -

[11](ابن عمر) قوله: (وبعدها ركعتين) الحديث دل على الإتيان بالراتبة في السفر وعدم تخصيصه بسنة الفجر، وقد أشبعنا الكلام في ذلك في (شرح سفر السعادة)(1).

وقوله: (سواء) بالنصب حال، أي: مستوية في الحالتين.

وقوله: (ثلاث ركعات) بيان له أو بدل عنه.

وقوله: (وهي وتر النهار) الظاهر أنه بيان حكم آخر إشارة إلى أن الوتر ثابت بالليل والنهار بحكم إن اللَّه وتر يحب الوتر، وجعله الطيبي (2) جملة حالية كالتعليل لعدم جواز النقصان لئلا يكون شفعًا بإسقاط ركعة أو يبقى ركعة بإسقاط ركعتين وهي في الوتر

(1) انظر: "شرح سفر السعادة"(ص: 234).

(2)

انظر: "شرح الطيبي"(3/ 194).

ص: 460

1344 -

[12] وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ،

ــ

مختلف فيها، ولا يخلو عن تكلف، ثم زيادة قوله بعد هذا البيان لتقرير عدم جواز إسقاط ركعتين:(ولم يرو في النوافل ركعة فذَّة، فكيف بالفرض؟ ) مستدرك لا يتصل بذلك البيان وهو دليل آخر أقامه من عند نفسه على عدم إسقاط الركعتين منها، فافهم.

1344 -

[12](معاذ بن جبل) قوله: (إذا زاغت الشمس) أي: مالت.

وقوله: (جمع بين الظهر والعصر) وهذا جمع تقديم بأن جمع الصلاة المتأخرة مع المتقدمة.

وقوله: (أخر الظهر حتى ينزل للعصر) فجمع بينهما وهذا جمع تأخير، وهكذا في المغرب والعشاء كما بين، اعلم أنه قد وردت أحاديث صحيحة في الجمع بين الصلاتين في السفر بعضها مطلق وبعضها مقيد بحالة السير، وبعضها بالجد في السير، وبعضها بتعجيل السير، ومن ههنا اختلف العلماء فبعضهم قال بجواز الجمع على الإطلاق، والشافعي رحمه الله منهم، وبعضهم خصوه بحالة السير دون النزول، وبعضهم خصوه بصورة الجد في السير والتعجيل فيه، وذكر في (فتح الباري)(1) أن المشهور من مالك هذا.

وقال صاحب (سفر السعادة)(2) رحمه الله: الجمع في السفر لم يكن عادة دائمة له صلى الله عليه وسلم، بل كان إذا عجل في السير جمع، وأما الجمع في حالة النزول والقرار فلم يرو،

(1)"فتح الباري"(2/ 580).

(2)

"سفر السعادة"(ص: 131).

ص: 461

وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. [د: 1220، ت: 553].

ــ

وأيضًا خصه بعضهم بحالة عذر زائد على السفر، وعند بعضهم جاز جمع التأخير دون التقديم، وهو مروي عن الإمام أحمد رحمه الله، وأيضًا عنده مقيد بحالة السير، والمشهور من مذهبه الجواز مطلقًا، وعند الإمام أبي حنيفة رحمة اللَّه عليه لا يجوز مطلقًا، ونحن نقول في إثباته وباللَّه التوفيق: إن تعين أوقات الصلاة قطعي وثابت بالتواتر الذي لم يتطرق إليه شبهة حتى عدوا تأخير الصلاة عن وقته من الكبائر، قال محمد رحمه الله في (موطئه) (1): قد بلغنا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى حكامه في الآفاق، ونهاهم أن يجمعوا بين الصلاتين في وقت واحد، وأخبرهم بأن الجمع بين الصلاتين في وقت واحد كبيرة من الكبائر، قال محمد: أخبرنا بذلك الثقات عن العلاء ابن الحارث أنه روى ذلك عن مكحول، وإذا كان تعيين أوقات الصلاة قطعيًا متواترًا لم يعارضه خبر الآحاد بخلاف الإفطار والقصر في السفر؛ فإنهما ثبتا بالنص القرآني.

وروى البخاري ومسلم (2) عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: ما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة في غير وقتها إلا المغرب والعشاء جمع بينهما بمزدلفة، وقد جاء الجمع بين الظهر والعصر في عرفات، وكان ذلك من جهة مناسك الحج دون السفر، ثم لم يكن الجمع من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دائمًا بل الذي روي من ذلك ووقع التصريح به في الأحاديث إنما هو في غزوة تبوك، ولم يثبت فيه أيضًا الدوام، والتحقيق أن كلمة (كان) لا يدل على الدوام والاستمرار كما حقق في موضعه، ولا يخفى ذلك على المتدبر.

(1)"التعليق الممجد"(1/ 307).

(2)

"صحيح البخاري"(1682)، و"صحيح مسلم"(1289).

ص: 462

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وروي في (جامع الأصول)(1) من حديث أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لم يجمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قط بين المغرب والعشاء في سفر إلا مرة واحدة، وأورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه لم يجمع إلا ليلة حين استُصرخ (2) على امرأته صفية بنت أبي عبيد فخرج إليه فجمع، وفي رواية: لم يجمع إلا مرة أو مرتين، وأورد من حديث الترمذي سئل سالم بن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهم أكان يجمع عبد اللَّه في ليلة الصلاتين في السفر؟ قال: لا إلا بالمزدلفة، والأحاديث في جمع التقديم أقل قليل في الصحاح.

واختلفت روايات البخاري في ذلك، ولهذا ذهب كثير من الأئمة إلى عدم جواز جمع التقديم، ولم يقولوا إلا بجمع التأخير في بعض الأحيان، وتأويله عندنا أن المراد بالجمع بين الصلاتين أن تؤخر الصلاة الأولى وتؤدى في آخر وقتها، وتعجل الثانية وتؤدى في أول وقتها، وسماه بعضهم الجمع الصوري وهو جمع صورة وليس بجمع في الحقيقة والمعنى، وإطلاق الجمع على مثل هذه الصورة التي حمل عليها الحنفية الجمع في السفر، وقد جاء في (باب الاستحاضة) في حديث حمنة بنت جحش كما سبق، فتدبر.

ولفظ الحديث وإن جاء في بعض الروايات هكذا: جمع فصلى الظهر والعصر في وقت العصر، فهو إن صح محمول على هذا المعنى للدلائل التي ذكرناها، وتحقق التخفيف ورفع الحرج الذي ذكر في بعض الأحاديث من أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لئلا يوقع أمته في حرج ومشقة، حاصل فيما ذكرنا، ومعرفة آخر الوقت ظاهرة في المغرب، وكذا في الظهر ميسرة بحسب الظن والتخمين خصوصًا في صورة كثرة القافلة وكثرة الناس الذين لهم مهارة في معرفة الوقت، فلا يرد ما قالت الشافعية العمل بهذه الطريقة التي

(1)"جامع الأصول"(5/ 713).

(2)

كذا في نسخة (ع)، وفي نسخة (ب) و (ر) و (د) و (ك):"استصرح"، وهو خطأ.

ص: 463

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذكرتم فيه حرج ومشقة، وفي تعيين آخر الوقت وأوله إشكال للخواص فما بال العوام، وقد أخرج أبو داود (1) عن علي رضي الله عنه أنه كان إذا سافر يسير بعد غروب الشمس إلى أن تغرب غيبوبة الشفق فينزل ويصلي المغرب، فيدعو الطعام ويتعشى، ثم يصلي العشاء ويرتحل، ويقول: هكذا كان يفعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وقال محمد في (موطئه)(2): بلغنا عن ابن عمر أنه صلى المغرب أخرها إلى قبيل غروب الشفق على خلاف رواية مالك رحمه الله حتى غاب الشفق.

وفي (جامع الأصول)(3) عن أبي داود عن نافع وعبد بن واقد أنه قال مؤذن ابن عمر: الصلاة، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: سر حتى كان قبيل غروب الشفق نزل وصلى المغرب، فانتظر حتى غاب الشفق، وصلى العشاء، ثم قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما عجله أمر يفعل كما فعلت، وجاء في رواية النسائي: حتى إذا كان آخر الشفق، فهذه روايات تنظر إلى الجمع على طريق ذهب إليه الإمام أبو حنيفة، وقد جاء في ذلك روايات كثيرة، والظاهر أن الروايات في عدم الجمع والجمع في وقت واحد والجمع بمعنى التأخير إلى آخر الوقت واردة فيها كلها، فاختار أبو حنيفة عدم الجمع، والجمع بالمعنى الأخير احتياطًا، واختيارًا لمحافظة الوقت لا ردًّا وإنكارًا لأحاديث الجمع.

وقال الشيخ في (فتح الباري)(4): إن الشافعية قالوا: إن ترك الجمع أفضل، وفي رواية عن مالك أن الجمع مكروه، وكان فعله صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز، هذا ما تيسر لنا الكلام

(1)"سنن أبي داود"(1243).

(2)

"التعليق الممجد"(1/ 305).

(3)

"جامع الأصول"(5/ 713).

(4)

"فتح الباري"(2/ 584).

ص: 464

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في هذا المقام بعون الملك العلام، ولم نر من تكلم فيه أحد من الشارحين هذا القدر، ولا الشيخ ابن الهمام، واللَّه أعلم.

هذا في الجمع بين الصلاتين للمسافر، فأما الجمع للمقيم فقال الترمذي (1): ذهب بعض التابعين إلى الجمع بين الصلاتين للمريض، وبه قال أحمد وإسحاق، وذهب بعضهم بالجمع للمطر، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق، ولم يقل الشافعي رحمه الله بالجمع للمريض، هذه عبارة الترمذي، وأورد من ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر، والعمل على هذا عند أهل العلم أن لا يجمع بين الصلاتين إلا في السفر أو بعرفة، انتهى.

وأخرج مسلم (2) بطرق متعددة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعا بالمدينة من غير خوف ولا سفر، فسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك فقال: أراد أن لا يحرج أمته، وفي رواية: في غير خوف ولا مطر، وفي رواية (الموطأ): أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر جميعًا من غير خوف ولا سفر، قال مالك: أرى ذلك كان في مطر، وفيها عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم.

وروى الترمذي وأبو داود والنسائي أيضًا مثل رواية مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الترمذي: وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما روي عنه من غير وجه، ونقل النووي عن الترمذي أنه قال: ليس في كتابي حديث أجمع الأمة على تركه إلا حديث الجمع من غير خوف وسفر ومطر، وإلا حديث قتل شارب الخمر في

(1)"سنن الترمذي"(188).

(2)

"صحيح مسلم"(705).

ص: 465

1345 -

[13] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَافَرَ وَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ بِنَاقَتِهِ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 1225].

ــ

المرة الرابعة، وقال النووي: هذا الكلام من الترمذي في حديث القتل صحيح؛ لأنه منسوخ بالإجماع متروك العمل لجميع الأمة، وأما حديث الجمع من غير خوف ومطر فقد قال به بعض الناس بعذر مرض وجماعة كابن سيرين والأشهب بالجمع لأجل الحاجة أيضًا لمن لا يعتاد ذلك، ولهذا علل بعدم الحرج لا بالمرض ونحوه، انتهى، وهذا كله عند الحنفية محمول على مثل ما ذكرنا من التأويل من التأخير والتعجيل.

وفي (جامع الأصول)(1): من حديث البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ قال: عسى، وفي رواية: قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانيًا جميعًا وسبعًا جميعًا، قال عمرو بن دينار: قلت: يا أبا الشعثاء لعله أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظن ذلك، أخرجه البخاري ومسلم، وبهذا علم أن تأويل الحنفية كانت في التابعين ومن بعدهم في الجمع للمقيم، فليكن في المسافر أيضًا كذلك، فتدبر.

1345 -

[13](أنس) قوله: (استقبل القبلة بناقته فكبر) وفي كتب الفقه الحنفية الصحيح أنه لا فرق بين أن يفتتح الصلاة مستقبل القبلة، وبين أن يفتحها مستدبر القبلة، فكأنهم حملوا الحديث على الاستحباب، واللَّه أعلم.

وقوله: (ثم صلى حيث وجهه ركابه) فاعل وجهه، (ثم) هنا للتراخي في الرتبة على طريقة قوله تعالى:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15]، دليل للحنفية على خروج التكبيرة

(1)"جامع الأصول"(5/ 724).

ص: 466