الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
1439 -
[14] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: "مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ " قَالُوا: كُنَّا نلعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 1134].
1440 -
[15] وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: 542، جه: 1756، دي: 1/ 375].
ــ
الفصل الثاني
1439 -
[14](أنس) قوله: (ولهم يومان) أي: لأهل المدينة.
وقوله: (قد أبدلكم اللَّه بهما خيرًا منهما) يريد أن العيد الحقيقي والفرح والسرور للمؤمن ينبغي أن يكون في العبادة، ففيه نهي عن اللهو واللعب مع إشارة خفية إلى جواز شيء منهما في يوم العيدين مما ليس فيه فاحشة، وخروج عن طريقة الدين وشعاره، فافهم. وعن تعظيم أعياد المشركين ومواسمهم والسرور فيها، ولقد بالغ في النهي عنه بعض العلماء حتى حكموا بالكفر زجرًا وتشديدًا وسدًّا للذرائع واتقاء عن مظان الكفر، كذا في (فتح الباري)(1).
1440 -
[15](بريدة) قوله: (لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي) قالوا: الحكمة في الأكل قبل صلاة عيد الفطر أنه لما كان وجوب الفطر بعد وجوب الصوم أحب تعجيل الفطر قصدًا إلى المبادرة بالامتثال لأمر اللَّه تعالى،
(1) انظر: "فتح الباري"(2/ 442).
1441 -
[16] وَعَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: 536، جه: 1279، دي: 2/ 999، ولكن عن رواية عبد اللَّه بن محمد بن عمار عن أبيه عن جده].
ــ
ولولا قصد مجرد الامتثال لأكل على شبعه، وكان يكتفي بتمرات كما مرّ، وقيل: كان أكله صلى الله عليه وسلم في كل من العيدين في وقت إخراج صدقة خصت لكل منهما، وإذا كان إخراج صدقة الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى أكل ثم غدا إليه، وكان إخراج صدقة الأضحى بعد الذبح ووقته بعد الصلاة ذبح وتصدق فأكل.
1441 -
[16](كثير بن عبد اللَّه) قوله: (عن كثير بن عبد اللَّه عن أبيه عن جده) ضمير جده راجع إلى كثير؛ فإن الصحابي جد كثير، وهو عمرو بن عوف المزني، لا جد أبيه وهو عوف، ثم إن كثير بن عبد اللَّه تكلموا فيه، قال أحمد: لا يساوي شيئًا، وقال أبو داود: كذاب، وقال الشافعي رحمه الله: أحد أركان الكذب، وقال الدارقطني: متروك، وقال أبو زرعة: واهي الحديث ليس بقوي، وقال يحيى: ضعيف الحديث، لكن قال الترمذي لهذا الحديث: حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، وقال في (علله الكبرى): سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: ليس في هذا الباب أصح منه، وبه أقول.
واعلم أن الأحاديث في تكبيرات العيدين جاءت مختلفة، ولذلك اختلفت مذاهب الأئمة، فعند الثلاثة سبع في الركعة الأولى وخمس في الثانية، ولكن عند مالك وأحمد يعدّ مع السبع تكبيرة الإحرام، ولا يعد مع الخمس تكبيرة القيام، وعند الشافعي رحمه الله لا يعد شيء منهما معهما، وقال في شرح (كتاب الخرقي)(1) في مذهب أحمد
(1)"شرح الزركشي على مختصر الخرقي"(1/ 369).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رحمه الله: إنما عدت تكبيرة الافتتاح من السبع؛ لأنها تفعل في القيام، بخلاف تكبيرة القيام في الثانية، فإنها لم تعد من الخمس؛ لأنها تفعل مع القيام، وعند الإمام أبي حنيفة رحمه الله: ثلاث في الأولى وثلاث في الآخرة، زائدة على تكبيرة الافتتاح والقيام، وهذا مذهب ابن مسعود رضي الله عنه، وما ذهب الشافعي رحمه الله وغيره مذهب ابن عباس رضي الله عنه، وقد وقع الكلام في أسانيد مذهبهم.
ونقل الشيخ ابن الهمام (1) عن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال: ليس في تكبيرات العيدين عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح، وإنما أخذ فيها بفعل أبي هريرة، ولكن قال في شرح (كتاب الخرقي): روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر ثنتي عشرة تكبيرة، سبعًا في الأولى وخمسًا في الآخرة، رواه أحمد وابن ماجه، وقال أحمد: أنا أذهب إلى هذا، وكذلك ذهب إليه ابن المديني وصحح الحديث، نقله عنه حرب، وكذلك رواه أبو داود، ولحديث عمرو بن عوف المزني مع أنه روي عن جماعة من الصحابة، انتهى.
وقال الشيخ ابن الهمام (2): إن أبا داود وإن روى ما ذكرنا، ولكن روى ما يعارضه أيضًا وهو أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم فكل كيف كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: كان يكبر أربعًا تكبيره على الجنائز، فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم، وسكت عنه أبو داود ثم المنذري في مختصره، وهو ناطق بحديثين إذ تصديق حذيفة رواية كمثله وسكوت أبي داود والمنذري تصحيح أو تحسين منهما، وتضعيف
(1)"فتح القدير"(2/ 75).
(2)
"فتح القدير"(2/ 75).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابن الجوزي له بعبد الرحمن بن ثوبان نقلًا عن ابن معين والإمام أحمد معارض بقول صاحب (التنقيح) فيه، وثقه غير واحد، وقال ابن معين: ليس به بأس.
وأخرج عبد الرزاق أنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود قالا: كان ابن مسعود رضي الله عنه جالسًا، وعنده حذيفة وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما، فسألهم سعيد بن العاص عن التكبير في صلاة العيد، فقال حذيفة: سل الأشعري، فقال الأشعري: سل عبد اللَّه؛ فإنه أقدمنا وأعلمنا، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: يكبر أربعًا ثم يقرأ فيركع، ثم يقوم في الثانية فيقرأ، ثم يكبر أربعًا بعد القراءة، وجاءت هذه القصة بطريق آخر، رواه محمد ابن الحسن أنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم النخعي عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: كان قاعدًا في مسجد الكوفة. . . الحديث، وروى ابن أبي شيبة حدثنا هشام أنا مجالد عن الشعبي عن مسروق قال: كان عبد اللَّه بن مسعود يعلمنا التكبير في العيدين تسع تكبيرات، خمس في الأولى وأربع في الآخرة، ويوالي بين القراءتين، والمراد بالخمس تكبيرة الافتتاح والركوع وئلاث زوائد، وبالأربعة تكبيرة الركوع، وقد روي عن غير واحد من الصحابة نحو هذا، وهذا أثر صحيح قاله بحضرة جماعة من الصحابة، ومثل هذا يحمل على الرفع؛ لأنه مثل نقل أعداد الركعات، وما جاء على خلافه فمتعارض، ويترجح ما قلنا بأثر ابن مسعود مع أن المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما متعارض مضطرب، انتهى.
وقال مشايخنا: لما وردت أحاديث مختلفة أخذنا بالأقل؛ لأن التكبير ورفع الأيدي خلاف المعهود، فكان الأخذ بالأقل أولى، كذا في (الهداية)(1)، ثم إن المتعارف في بلاد الإسلام من عمل العامة هو مذهب ابن عباس وشيبة رضي الله عنهم أنه لما انتقلت الدولة إلى بني عباس كتبوا إلى الحكام وولاة وجه الأرض أن يعملوا بمذهب جدهم، وشرطوا
(1)"الهداية"(1/ 85).
1442 -
[17] وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُرْسَلًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كبَّرُوا فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا وَخَمْسًا، وَصَلَّوْا قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَجَهَرُوا بِالْقِرَاءَةِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. [مسند الشافعي: 1/ 76].
1443 -
[18] وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا مُوسَى وَحُذَيْفَةَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي الأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا تَكْبِيرَهُ عَلَى الْجَنَائِزِ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: صَدَقَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 1153].
1444 -
[19] وَعَنِ الْبَرَاءِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نُووِلَ يَوْمَ الْعِيدِ قَوْسًا فَخَطَبَ عَلَيْهِ. . . . .
ــ
أن لا يعملوا لغيره، فاستمر العمل على ذلك إلى اليوم حتى في أكثر بلاد الحنفية كذلك، ونقل عن (فتاوى الحجة) أنه إن عمل بقول ابن مسعود جاز؛ لأنه مذهب أصحابنا، وعلى مذهب ابن مسعود رضي الله عنه العمل في بلدنا الدهلي -عمرها اللَّه وعصمها-، وفي نواحيه وسائر البلاد بقي العمل بقول ابن عباس رضي الله عنهما.
1442 -
[17] قوله: (جعفر بن محمد) هو الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر رضي الله عنهما وعن جميع أهل بيت النبوة.
1443 -
[18](سعيد بن العاص) قوله: (كان يكبر أربعًا تكبيره على الجنائز) وهو متمسك أبي حنيفة رحمه الله كما ذكرنا.
1444 -
[19](البراء) قوله: (فخطب عليه) أي: متكئًا عليه، وجاء في بعض الروايات الفقهية أن الاتكاء على القوس والعصا مكروه، والصحيح أنه لا يكره لورود السنة بها، ونقل من (روضة العلماء): أن كل بلدة فتحت عنوة ومحاربة يعتمد فيها
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 1145].
1445 -
[20] وَعَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَطَبَ يَعْتَمِدُ عَلَى عَنَزَتِهِ اعْتِمَادًا. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. [مسند الشافعي: 1/ 77].
1446 -
[21] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: شَهِدْتُ الصَّلَاةَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قَامَ مُتَّكِئًا عَلَى بِلَالٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ وَحَثَّهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ، وَمَضَى إِلَى النِّسَاءِ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِتَقْوَى اللَّهِ وَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. [ن: 1575].
ــ
بالسلاح، وما فتح بغيرها يعتمد على العصا، ولهذا يعتمد الشافعية بمكة على السيف؛ لأن فتحه عندهم بالعنوة، وعند الحنفية بالعصا؛ لأن فتحها عندهم بالصلح، وأما في المدينة المطهرة لا يعتمد بالسلاح اتفاقًا؛ لأنه لم يكن فتحه بالمحاربة.
1445 -
[20](عطاء) قوله: (على عنزته) وهي فوق العصا ودون الرمح في طرفها زج، أي: نصل، وقد كان معه صلى الله عليه وسلم يحملها خدامه كما ورد في الأحاديث.
وقوله: (اعتمادًا) مفعول مطلق للتأكيد.
1446 -
[21](جابر) قوله: (قام متكئًا على بلال) فيه جواز الاعتماد للخطيب على إنسان.
وقوله: (ووعظ الناس) في (القاموس)(1): وَعَظَ يَعِظُ وعظًا وعظةً وموعظةً: ذَكَّرَه ما يُلَيِّن قلبه من الثواب والعقاب، فقوله:(وذكّرهم) كالعطف التفسيري له، وقيل: الوعظ زجر مقترن بتخويف.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 645).
1447 -
[22] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: 541، دي: 1/ 378].
1448 -
[23] وَعَنْهُ أَنَّهُ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَه. [د: 116، جه: 1313].
1449 -
[24] وَعَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى عَمْرِو ابْنِ حَزْمٍ وَهُوَ بِنَجْرَانَ: عَجِّلِ الأَضْحَى وَأَخِّرِ الْفِطْرَ وَذَكِّرِ النَّاسَ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. [مسند الشافعي: 1/ 74].
ــ
1447 -
[22](أبو هريرة) قوله: (رجع في غيره) قد سبق الكلام في سببه.
1448 -
[23](وعنه) قوله: (أصابهم مطر في يوم عيد فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد في المسجد) ظاهره أن الصلاة في الجبّانة أفضل منها في المسجد إلا لعذر، والآن جرت عادة أهل المدينة المطهرة، وكذا المكة المعظمة بالصلاة في المسجد، ولم يرضوا بمفارقة المسجد الشريف والحرام العظيم.
1449 -
[24](أبو الحويرث) قوله: (بنجران) بتقديم النون المفتوحة على الجيم الساكنة، وفي (القاموس) (1): نجران كعطشان موضع باليمن، فتح سنة عشر، سمي بنجران بن زيدان بن سبأ، وموضع بحوران قرب دمشق، انتهى. والمراد في الحديث هو الأول، وفي (النهاية) (2): موضع بين الحجاز والشام واليمن.
وقوله: (عجل الأضحى وأخر الفطر) ولعل الحكمة في ذلك أنه لما أديت صدقة
(1)"القاموس المحيط"(ص: 446).
(2)
"النهاية"(5/ 21).
1450 -
[25] وَعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ ركْبًا جَاؤُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلَالَ بالأَمْس، فَأَمَرَهُمْ أَن يُفْطِرُوا، وَإِذا أَصْبحُوا أَن يَغْدُو إِلَى مُصَلَّاهُمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [د: 1157، ن: 1557].
ــ
الفطر وأكل طعام ولم يبق لهم بعد ذلك، كان التأخير موجبًا لكثرة الجماعة وازياد اجتماع الناس مع أنه قد تطرق ضعف وفتور يمنع عن الإسراع والاستعجال بخلاف الأضحى، فإن بعد الصلاة ذبحًا وتصدقًا وأكلًا فيناسب الاستعجال، وقد حكي عن ابن عمر رضي الله عنهما وهو الإمام في رعاية السنة أنه كان يروح إلى المصلى بعد طلوع الشمس، وهو لا ينافي تأخير الصلاة، ففي الخروج إلى المصلى مبادرة إلى الامتثال واستعجاله إلى الحضرة.
1450 -
[25](أبو عمير بن أنس) قوله: (عن أبي عمير) بلفظ التصغير، (ابن أنس بن مالك) قيل: كان أكبر أولاد أنس رضي الله عنه، كذا في (التقريب)(1).
وقوله: (عن عمومة) العمومة جمع عم كالبعولة جمع بعل كقوله تعالى: {وَوَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228]، ويجمع العم على أعمام وعمومة وأَعَمّ وأعمُمون، ويجمع البعل على بعال وبعولة وبعول، ويجيئان بمعنى المصدر أيضًا كالأبوة والخؤولة.
وقوله: (جاؤوا) أي: بعد الزوال، وقد جاء في رواية ابن ماجه والدارقطني أنهم قدموا آخر النهار، ولفظه عن أبي عمير بن أنس حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالوا: أغمي علينا هلال شوال فأصبحنا صيامًا، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، وقد جاء في رواية: بعد زوال الشمس، وهذا هو المذهب عندنا، قال في (الهداية) (2): فإن غم الهلال وشهدوا عند
(1)"التقريب"(ص: 661).
(2)
"الهداية"(1/ 85).