الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلَانَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 8/ 418].
1233 -
[15] وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ وَفِي رِوَايَتِهِ: "لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ". [ت: 2527].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
1234 -
[16] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: . . . . .
ــ
الجنة غرفًا) بضم الغين وفتح الراء جمع غرفة بالضم، أي: المنازل المرفوعة، وهي عبارة عن البيت فوق البيت.
وقوله: (يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها) لغاية صفائها ولطافتها ونورانيتها.
وقوله: (لمن ألان الكلام) وروي: (ليَّن الكلام) من التليين.
وقوله: (تابع الصيام) المراد به الكثرة لا الدوام، من المتابعة بمعنى الإتيان على أثر أحد، وقد يجيء بمعنى الإتقان والإحكام يقال: تابع عمله: إذا أتقنه وأحكمه، وورد: تابَعْنا الأعمال فلم نجد فيها أبلغ من الزهد، كذا في (مجمع البحار)(1)، والثلاثة إشارة إلى استجماع صفة الجود والتواضع والعبادة المتعدية واللازمة.
الْفَصْل الثَّالِث
1234 -
[16](عبد اللَّه بن عمرو بن العاص) قوله: (يا عبد اللَّه لا تكن مثل
(1)"مجمع البحار"(1/ 252).
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1152، م: 1159].
1235 -
[17] وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كَانَ لِدَاوُدَ عليه السلام مِنَ اللَّيْلِ سَاعَةٌ يُوقِظُ فِيهَا أَهْلَهُ يَقُولُ: يَا آلَ دَاوُدَ قُومُوا فَصَلُّوا، فَإِنَّ هَذِهِ سَاعَةٌ يَسْتَجيبُ اللَّهُ عز وجل فِيهَا الدُّعَاءَ إِلَّا لِسَاحِرٍ أَوْ عَشَّارٍ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 4/ 22].
ــ
فلان) تنبيه على منعه من كثرة قيام الليل والإفراط فيه بحيث يورث الملالة والسآمة على ما عرف من قصته رضي الله عنه أنه كان يقوم الليل كله ولا ينام، وكان يمنعه من ذلك أبوه، فجاء به إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فنهاه عن ذلك، كما جاء في الأحاديث، وفلان لم يعرف اسمه، قال الشيخ في مقدمة (فتح الباري) (1): لم أقف في شيء من الطرق على تسميته.
1235 -
[17](عثمان بن أبي العاص) قوله: (إلا لساحر) يفهم منه أن عمل السحر لا يكون كفرًا، كما ذهب إليه بعضهم.
وقوله: (أو عشار) أي: آخذ العشور من أموال الناس، وهو يكون مؤذيًا للناس، وقد وقع في حديث ليلة النصف من شعبان استثناء الشرطي والجابي من المغفورين، والشرطي أعوان الولاة، والجابي بالجيم والباء الموحدة من الجباية، وهي تحصيل الغَلات، وهما في حكم العشار، والمقصود التشديد والتغليظ، كأنَّ كل الناس يرجى لهم المغفرة إلا هؤلاء، نعوذ باللَّه من ذلك.
(1)"فتح الباري"(3/ 221).
1236 -
[18] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَفْرُوضَةِ صَلَاةٌ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 2/ 344].
1237 -
[19] وَعَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ، فَقَالَ:"إِنَّهُ سَيَنْهَاهُ مَا تَقُولُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 2/ 447، شعب: 7/ 262].
ــ
1236 -
[18](أبو هريرة) قوله: (صلاة في جوف الليل (1)) هذا باعتبار الزمان، والصلاة في البيت أفضل باعتبار المكان، وقد حكي عن سيد الطائفة جنيد البغدادي -قدس اللَّه سره- أنه قال في المنام: تاهت العبارات، وفنيت الإشارات، وما نفعنا إلا رُكَيعاتٌ صليناها في جوف الليل.
1237 -
[19](وعنه) قوله: (سينهاه) في بعض النسخ بالتحتانية، وفي بعضها بالفوقانية، أي: يورثه التوفيق بالتوبة.
وقوله: (ما تقول)، أي: ما تَحْكي عنه وهي الصلاة، تلميح إلى قوله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45].
(1) قَالَ مِيرَكُ: فِيهِ حُجَّةٌ لأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، عَلَى أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الرَّوَاتِبَ أَفْضَلُ، وَالأَوَّلُ أَقْوَى لِنَصِّ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ: مِنْ أَفْضَلِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ خِلَافُ سِيَاقِ الْحَدِيثِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: التَّهَجُّدُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةُ مَشَقَّتِهِ عَلَى النَّفْسِ وَبُعْدِهِ عَنِ الرِّيَاءِ. وَالرَّوَاتِبُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ الآكَدِيَّةُ فِي الْمُتَابَعَةِ لِلْمَفْرُوضَةِ، فَلَا مُنَافَاةَ، أَوْ يُقَالُ: صَلَاةُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْوِتْرِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ. "مرقاة المفاتيح"(3/ 930).
1238 -
[20] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا -أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ- جَمِيعًا كُتِبَا فِي الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 309، جه: 1335].
1239 -
[21] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَشْرَافُ أُمَّتِيْ حَمَلَةُ الْقُرْآنِ وَأَصْحَابُ اللَّيْلِ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَان". [شعب: 6/ 227].
ــ
1238 -
[20](أبو سعيد، وأبو هريرة) قوله: (فصليا أو صلى ركعتين جميعًا)(أو) للشك من الراوي، ويكون المعنى على الثاني: صلى كل واحد منهما، فيصح التأكيد لـ (جميعًا)، كذا في (شرح الشيخ)، وقال الطيبي (1): يكون التقدير: صلى وصلت، فافهم.
وقوله: (كتبا في الذاكرين والذاكرات) أي: المداومين على الذكر والمبالغين فيه والمكثرين له لأجل هذه الخصوصية من القيام وإيقاظ الأهل.
1239 -
[21](ابن عباس) قوله: (حملة القرآن) أي: القائمين والعالمين به، فإنهم هم الحملة حقيقة (2).
(1)"شرح الطيبي"(3/ 132).
(2)
قَالَ الطَّيبِيُّ: الْمُرَادُ: مَنْ حَفِظَهُ وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ، وَإِلَّا كَانَ فِي زُمْرَةِ مَنْ قِيلَ فِي حَقِّهِمْ:{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] وَ"أَصْحَابُ اللَّيْلِ"، أَيْ: أَصْحَابُ الْعِبَادَةِ الْخَالِصَةِ فِي الْوَقْتِ الْبَرِيءِ مِنَ الرِّيَاءِ مَعَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالْعَنَاءِ، يَعْنِي: الأَشْرَافُ هُمُ الْجَامِعُونَ بَيْنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ الرَّافِعِ، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَشْرَفُ مِنْ بَقِيَّةِ الأُمَّةِ، فَالأَوَّلُونَ أَفْضَلُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الذَّاكِرِينَ، وَالآخِرُونَ أَفْضَلُ الْعُمَّالِ الْحَاضِرِينَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وإِضَافَةُ الأَصْحَابِ إِلَى اللَّيْلِ تَنْبِيهٌ عَلَى كَثْرَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ، كَمَا يُقَالُ: ابْنُ السَّبِيلِ، لِمَنْ يُوَاظِبُ عَلَى السُّلُوكِ. اهـ.=