الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
1115 -
[10] عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَفَّ الرِّجَالَ،
ــ
قالوا: المراد بالحجرة المحل الذي اتخذه صلى الله عليه وسلم في المسجد من حصير حين أراد الاعتكاف، وبالصلاة ما كان يصلي فيها ليالي رمضان، وأما إرادة حجرة عائشة رضي الله عنها (1) أو حجرة إحدى أمهات المؤمنين فيتعقب بأن صلاته صلى الله عليه وسلم في بيته مع اقتداء الناس به في المسجد أمر لا يعقل، ويشترط لمثل هذه الصورة رؤية المأمومين الإمام عند بعض أو اطلاعهم على أحواله عند آخرين، وهذا مفقود في الظاهر هناك، وأيضًا لو فعل ذلك صلى الله عليه وسلم لفعله في مرضه، وقد ثبت في حديث زيد بن ثابت (2) رضي الله عنه، وهو حديث صحيح ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر حجرة في المسجد من حصير فصلى فيها ليالي حتى اجتمع عليه ناس، ثم فقدوا صوته وظنوا أنه قد نام، الحديث الذي ورد في قيامه صلى الله عليه وسلم في رمضان عدة ليال، ثم تركه إياه مخافة أن لا يصير فرضًا على الأمة.
الفصل الثالث
1115 -
[10](أبو مالك الأشعري) قوله: (وصفّ الرجال) خلفه، الضمير في (صفّ) لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وصفّ متعد مطاوعُه اصطفّ، يقال: صففت القوم فاصطفّوا: إذا أقمتُهم في الحرب صفًّا.
(1) لَا تَصِحُّ كَوْنَهَا حُجْرَةَ عَائِشَةَ، كَيْفَ وَكَانَتْ عَلَى يَسَارِ الْمَسْجِدِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ بِهِ؟ مع أَنَّه لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَكَلَّفْ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنْ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ. كذا في "التقرير". وبسطه القاري (3/ 860).
(2)
"شرح معاني الآثار"(1/ 350).
وَصَفَّ خَلْفَهُمُ الْغِلْمَانَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ، فَذَكَرَ صَلَاتَهُ، ثُمَّ قَالَ:"هَكَذَا صَلَاةُ -قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى: لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَالَ: - أُمَّتِي". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 677].
1116 -
[11] وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ، فَجَبَذَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي جَبْذَةً، فَنَحَّانِي وَقَامَ مَقَامِي، فَوَاللَّهِ مَا عَقَلْتُ صَلَاتِي، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِذَا هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ: يَا فتَى! . . . . .
ــ
وقوله: (وصفّ خلفهم الغلمان) وكأنه لم يذكر النساء لعدم حضورهن.
وقوله: (فذكر صلاته) أي: ذكر أبو مالك تمام صفة صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (ثم قال (1): هكذا صلاة) بترك المضاف إليه للصلاة.
وقوله: (قال عبد الأعلى) الراوي عن أبي مالك: (لا أحسبه) أي: أبا مالك، (إلا قال: أمتي) أي: عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هكذا صلاة أمتي، أي: هكذا ينبغي أن يصلّوا بعدي.
1116 -
[11](قيس بن عباد) قوله: (ابن عباد) بضم المهملة وتخفيف الموحدة، مخضرم مات بعد الثمانين، ووهم من عدّه من الصحابة، كذا في (التقريب)(2).
قوله: (ما عقلت صلاتي) أي: ما دريت كيف أصلي وكم صليت، لما حصل عندي بسبب تأخري عن المكان الفاضل مع سبقي إليه.
(1) إن كان ضمير (قال) للنبي صلى الله عليه وسلم فالمعطوف عليه محذوف، أي: صلّى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال، وإن كان للراوي فالمراد: قال راويًا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، (منه).
(2)
"تقريب التهذيب"(457).
لَا يَسُوءُكَ اللَّهُ، إِنَّ هَذَا عُهِدَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا أَنْ نَلِيَهُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: هَلَكَ أَهْلُ الْعُقَدِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا عَلَيْهِمْ آسَى وَلَكِنْ آسَى عَلَى مَنْ أَضَلُّوا. قُلْتُ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ! مَا تَعْنِي بِأَهْلِ الْعقَدِ؟ قَالَ: الأُمَرَاءُ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. [ن: 808].
* * *
ــ
وقوله: (لا يسوءك اللَّه)(1) أي: ينبغي أن لا يسوءك ما فعلته لأنه بأمر اللَّه ورسوله. في (القاموس)(2): ساءه: فعل به ما يكره.
وقوله: (أن نليه) بدل من (عهد) أي: أمرنا بقوله: (ليلني أولو الأحلام منكم) وأنت لست منهم.
قوله: (ثم استقبل) أي: إلى (القبلة) أي: بعد الصلاة استحضارًا للكعبة في قسمه برب الكعبة، والمراد بأهل العُقَد (3) الأمراء؛ لأن عليهم رعاية أمور المسلمين دنياهم وآخراهم حتى رعاية صفوفهم في الصلاة ورعاية الموقف فيها شكاية عن أمراء زمانه أو عمن يجيء بعدهم أنهم سيفعلون ذلك، والظاهر هو الأول، فتدبر.
وقوله: (ثلاثًا) يحتمل تكرير القسم فقط أو تمام الكلام.
وقوله: (ما عليهم آسى) أي: أحزن، يقال: أسيت عليه كرضيت إسًا: حزنت، من سمع يسمع، والأسا: الحزن.
وقوله: (على من أضلوا) الظاهر من عبارة الطيبي أن فاعل (أضلوا) الأمراء،
(1) وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ: لَا يُحْزِنْكَ اللَّهُ بِي وَبِسَبَبِ فِعْلِي. "مرقاة المفاتيح"(3/ 861).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 54).
(3)
بضم العين وفتح القاف.