الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1346 -
[14] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَجِئْتُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 1227].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
1347 -
[15] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنَى رَكْعَتَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَعُمَرُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بَعْدُ أَرْبَعًا (1)، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ. . . . .
ــ
الأولى من الصلاة، وإنما خص الاستقبال بحالة التكبير لكونه مقارنًا للنية، فنوى الاستقبال في جملة الصلاة، والركاب ككتاب: الإبل، واحدتها راحلة، كذا في (القاموس)(2).
1346 -
[14](جابر) قوله: (ويجعل السجود أخفض من الركوع) قالوا: لا يسجد وإن قدر عليه على سرجه، هكذا السنة فكأنه كره حقيقة السجود إلى غير القبلة.
الفصل الثالث
1347 -
[15](ابن عمر) قوله: (إذا صلى مع الإمام) أي: أمير المؤمنين
(1) لِأَنَّهُ تَأَهَّلَ بِمَكَّةَ عَلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ أَنَّهُ صَلَّى بِمِنَى أَرْبَعَ ركَعَاتٍ، فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي تَأَهَّلْتُ بِمَكَّةَ مُنْذُ قَدِمْتُ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ الْمُقِيمِ". ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ، وَفِي إِنْكَارِ النَّاسِ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَكُنْ يُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ، وَأَنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلإِنْكَارِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: لِيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْقَصْرِ وَالإِتْمَامِ جَائِزٌ، فَمَدْفُوعٌ فَإِنَّ الْمُبَيِّنَ لِلْجَوَازِ لَيْسَ إِلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَفِي وُقُوعِ هَذَا مِنْ عُثْمَانَ مُتَكَرِّرًا مَعَ عَدَمِ إِنْكَارِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ أَظْهَرُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَمُنْكَرٌ مِنَ الْقَوْلِ نَشَأَ مِنْ قِلَّةِ اطلَاعِهِ. "مرقاة المفاتيح"(3/ 1005).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 98).
صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِذَا صَلَّاهَا وَحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1655، م: 694].
1348 -
[16] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الأُولَى. قَالَ الزُّهْرِيُّ: قُلْتُ لِعُرْوَةَ: مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ؟ قَالَ: تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1090، م: 685].
1349 -
[17] وَعِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 687].
ــ
عثمان رضي الله عنه.
1348 -
[16](عائشة) قوله: (وتركت صلاة السفر على الفريضة الأولى) يؤيد مذهب الحنفية كما سبق.
وقوله: (تأولت كما تأول عثمان) قد مر وجوه في إتمام عثمان الصلاة أربعًا بمنى، ومنها ما لا يتسع جريانها في تأويل عائشة رضي الله عنها، وذكر أن الصحيح أن عثمان وعائشة رضي الله عنها كانا يريان أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر من ذلك على أمته وكان مخيّرًا بالقصر والإتمام فأخذا أنفسهما بالشدة، ويمكن أن يكون تأويلهما أنهما كانا يريان القصر مختصًّا بمن كان شاخصًا سائرًا، وأما من قام في مكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم، ويمكن أن يكون التشبيه في مطلق التأويل من غير أن يكون مشتركًا بينهما، فافهم.
1349 -
[17](ابن عباس) قوله: (وفي الخوف ركعة) أخذ بظاهره طائفة من
1350 -
[18] وَعَنْهُ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَا: سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، وَالْوِتْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. [جه: 1194]
1351 -
[19] وَعَنْ مَالكٍ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مِثْلِ مَا يَكُونُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ، وَفِي مِثْلِ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَعُسْفَانَ، وَفِي مِثْلِ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَجُدَّةَ، قَالَ مَالِكٌ: . . . . .
ــ
السلف، وحمله الجمهور على أنه إنما قال ذلك لأنه يصلي مع الإمام ركعة كما يجيء تفصيل ذلك في (باب صلاة الخوف).
1350 -
[18](وعنه، وابن عمر) قوله: (وهما تمام غير قصر) أي: في الثواب، أو المراد أنهما المشروع في السفر كما نطق به حديث عائشة رضي الله عنها، قد وقع عليه إطلاق القصر في كتاب اللَّه تعالى حيث قال:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا} [النساء: 101].
وقوله: (والوتر في السفر سنة) أي: طريقة مسلوكة مستمرة لا يترك في السفر كالنوافل وإلا فالوتر إن كان واجبًا فليس بسنة، وإن كان سنة فهو سنة في الحضر والسفر، فما وجه التخصيص بالسفر.
1351 -
[19](مالك) قوله: (في مثل ما يكون بين مكة والطائف) المراد طريق القرى التي يسير فيها الإبل، وأما طريق وادي نعيمان التي فيها الجبل فهو قريب، والطائف اسم لبلاد ثقيف التي في الحجاز، سميت به لأنها طافت على الماء في الطوفان، أو لأن جبرئيل عليه السلام طاف بها على البيت، أو لأنها كانت بالشام فنقلها اللَّه تعالى إلى الحجاز بدعوة إبراهيم عليه السلام، وهذا أطول المسافات الثلاث المذكورة، والظاهر من عبارة الحديث أنها متساوية مقدار أربعة برد إلا أن تكون الإشارة بذلك إلى الأخير، واللَّه أعلم.
وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ. رَوَاهُ فِي "الْمُوَطَّأ". [ط: 342].
ــ
و(البرد) جمع بريد وهي أربعة فراسخ، فأربعة برد تكون ستة عشر فرسخًا، والفرسخ ثلاثة أميال، وميل الأرض منتهى مد البصر؛ لأن البصر يميل إلى وجه الأرض إلى أن يفنى إدراكه، وقال بعضهم: حده أن ينظر إلى شخص في أرض مستوية ولا يدري أنه رجل أو امرأة أو ذاهب أو جاءٍ، وقدره بعضهم بستة آلاف ذراع، والذراع أربعة وعشرون أصبعًا على عرض، وهذا القول أشهر، وقيل: اثنا عشر ألف قدم [بقدم] الإنسان، وقيل: أربعة آلاف ذراع، وقيل: ثلاثة آلاف، كذا في (فتح الباري)(1).
ثم اعلم أنهم قالوا: لم يثبت في كتاب ولا سنة نص قطعي في مسافة معينة، والذي وقع فيهما مطلق السفر، والمسافر والأسفار التي قصر فيها متفاوتة، بعضها قريب وبعضها بعيد كما يظهر من الأحاديث، ولكن للصحابة والتابعين ومن بعدهم في تحديده اختلافًا كثيرًا، والذي عليه أئمة المذاهب الأربعة أن الشافعي قدره في قول بيوم وليلة، وفي قول آخر بيومين كما في (الهداية)(2) وشروحه، وفي (الحاوي) (3) في مذهبهم: عينه ستة عشر فرسخًا وهي ثمان وأربعون ميلًا وهي أربعة برد، وهو قول مالك وأحمد، وتمسكوا بحديث جاء عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما قالا: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا أهل مكة! لا تقصروا في أقل من أربعة برد في مثل ما يكون بين مكة إلى عسفان، رواه أحمد، وكذا في رواية (الموطأ) عن ابن عباس رضي الله عنهما. وفي رواية: من مكة إلى الطائف، وفي رواية: من مكة إلى جدة، وفي صحة هذه الأحاديث كلام.
وعند أبي حنيفة رحمه الله المعتبر مسافة ثلاثة أيام بسير إبل ومشي أقدام، قال
(1)"فتح الباري"(2/ 567).
(2)
"الهداية"(1/ 80)، و"فتح القدير"(2/ 29 - 30).
(3)
"الحاوي"(3/ 445).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شمس الأئمة السرخسي: إذا سافر من أول النهار إلى وقت الزوال ووصل إلى المنزل واستراح وبات فيه، وفي اليوم الثاني إلى ما بعد الزوال، وفي اليوم الثالث إلى وقت الزوال، ووصل إلى القصد يصير مسافرًا، ويترتب عليه أحكام السفر في القول الصحيح، ولا يشترط أن يسير من الصبح إلى المغرب، والمعتبر عندهم مراحل دون الفراسخ وهو الصحيح، وبعضهم يعتبر الفراسخ وقدروه بإحدى وعشرين فرسخًا، وبعضهم بستة عشر فرسخًا، وبعضهم بخمسة عشر، والأولى التقدير بثمانية عشر وهو الوسط، وعليه الفتوى، كذا في بعض شروح (الهداية)، وكل من قدر بشيء ظن أن ذلك مسيرة ثلاثة أيام، وعند أبي يوسف يومان وأكثر اليوم الثالث؛ لأن للأكثر حكم الكل.
وقد يستدل على مذهب الإمام أبي حنيفة بحديث البخاري (1) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع محرم)، فعلم أن غاية طول حد السفر والمشقة وعروض لوازمه مسافة ثلاثة أيام، وما هو أقل منها قصير، ولا يعتد به، وأنت خبير بأن في دلالة هذا الحديث على نفي كون السفر أقل من ثلاثة أيام خفاء ظاهرًا، وفي بعض طرق هذا الحديث مسيرة يوم، والأكثرون استدلوا بحديث مسح الخفين: يمسح المقيم يومًا والمسافر ثلاثة أيام ولياليها؛ لأن اللام للاستغراق، فيكون المعنى يمسح كل مسافر ثلاثة أيام ولياليها، فلو اعتبر حد السفر أقل لزم أن يكون مسافر لا يمكن له المسح ثلاثة أيام، وإرادة أن المسافر يمسح إن استوعب سفره ثلاثة أيام خلاف ظاهر العبارة، وكذا كون ثلاثة أيام ظرفا للمسافر لا للمسح كذا ذكره، فليفهم.
وبالجملة بعض الأحاديث والأخبار ناظر إلى ثلاثة أيام وبعضها إلى أقل منها،
(1)"صحيح البخاري"(1086).
1352 -
[20] وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَفَرًا، فَمَا رَأَيْتُهُ تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [د: 1222، ت: 550].
ــ
وبعضها في أربعة برد، ووقع في بعضها ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ كما جاء في حديث أنس: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ -على شك الراوي- قصر الصلاة، رواه مسلم وأبو داود (1)، وقالوا: هذا أصح حديث ورفى في هذا الباب، وقال بعضهم: المراد بهذا مسافة أن يكون ابتداء القصر منها لا غاية السفر، كذا في (فتح الباري)(2)، وذهب أصحاب الظواهر إلى أن السفر سواء كان ممتدًّا أو قصيرًا يباح قصر الصلاة فيه؛ لأن نص القرآن والأحاديث ورد في مطلق السفر وهو شامل للقريب والبعيد، وأيضًا اختلفت الأئمة في تحديده وتعيينه حتى بلغ عشرين قولًا، فالرجوع إلى حكم ظاهر النصوص أولى، ولا شك أن مذهب الإمام أبي حنيفة رحمة اللَّه عليه أقرب إلى الاحتياط، واللَّه أعلم.
1352 -
[20](عن البراء) قوله: (فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر) الظاهر أنهما سنة الظهر القبلية (3)، وإنكار ابن عمر رضي الله عنهما رأي خولف فيه، كذا في شرح الشيخ، واختلفت روايته أيضًا كما علم، وقول من قال: لعل هاتين الركعتين غير الرواتب ليس بشيء.
وقوله: (حديث غريب) قال الترمذي: وسألت عنه محمدًا فلم يعرفه إلا من
(1)"صحيح مسلم"(691)، و"سنن أبي داود"(1203).
(2)
"فتح الباري"(2/ 567).
(3)
قال القاري: لَعَلَّهُمَا شُكْرَ الْوُضُوءِ، أَو الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِمَا فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ. "مرقاة المفاتيح"(3/ 1007).