الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
1153 -
[4] عَنْ بُسْرِ بْنِ مِحْجَنٍ عَن أَبِيه أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى وَرَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ؟ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٌ؟ " فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلَكِنِّي كُنْتُ قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِذَا جِئْتَ الْمَسْجِدَ وَكُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ". . . . .
ــ
كذا في بعض الشروح، وفي (القاموس) (1): ارتعد: اضطرب، والاسم الرعدة بالكسر والفتح، وأُرْعِدُ بالضم: أخذته الرعدة، والفرائص جمع فريصة بالمهملة، وهي لحمة بين جنب الدابة والكتف، وهي ترجف عند الخوف، وقد يشاهد ذلك في البقر عند إرادة الذبح، وفي (القاموس) (2): اللحمة بين الجنب والكتف لا تزال تُرعد، وذلك لهيبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والخوف من غضبه الذي لا يكاد يثبت الجبل عنده.
الفصل الثالث
1153 -
[4](بسر بن محجن) قوله: (عن بسر) بضم الباء وسكون المهملة. (ابن محجن) بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الجيم.
وقوله: (فأذن) بلفظ المجهول.
وقوله: (وإن كنت قد صليت) تكرير وتأكيد، وقال الطيبي (3):
(1)"القاموس المحيط"(ص: 270).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 577).
(3)
"شرح الطيبي"(3/ 80).
رَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ. [ط: 296، ن: 857].
1154 -
[5] وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ قَالَ: يُصَلِّي أَحَدُنَا فِي مَنْزِلِهِ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ، وَتُقَامُ الصَّلَاةُ فَأُصَلِّي مَعَهُمْ، فَأَجِدُ فِي نَفْسِي شَيْئًا من ذَلِك، فَقالَ أَبُو أَيُّوبَ: سَأَلَنَا عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"فَذَلِكَ لَهُ سَهْمُ جَمْعٍ".روَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ. [ط: 299، د: 578].
ــ
وتحسين للكلام.
1154 -
[5](رجل من أسد بن خزيمة) قوله: (من أسد بن خزيمة) قبيلة من مضر، وهو أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وأسد أيضًا قبيلة من ربيعة ابن نزار.
وقوله: (فأصلي معهم) فيه التفات من الغيبة إلى التكلم؛ لأن الأصل: يصلي، وأراد بقوله:(يصلي أحدنا) نفسه، فإن قلت: فيكون قوله: (فأصلي معهم) جاريًا على مقتضى الظاهر، فكيف يكون التفاتًا؟ بل الالتفات في قوله:(يصلي أحدنا) من التكلم إلى الغيبة على مذهب السكاكي، قلنا: لما عبر عن نفسه بالغائب وإن كان على خلاف الظاهر صار الظاهر أن يجري بعده على طبقه، وإن كان في نفسه ظاهرًا، ففيه التفات آخر من الغيبة إلى التكلم، كما تقرر في علم المعاني.
وقوله: (فأجد في نفسي شيئًا من ذلك) أي: حزازة هل ذلك لي أم عليَّ؟ وذلك إما لأن فيه اقتداء متنفل بمفترض، والجماعة تقتضي الاشتراك، وإما لغير ذلك، وقد يراد بقوله:(شيئًا من ذلك) الروح والراحة والأنس والحضور، وقوله في الجواب:(فذلك له سهم جمع) أي: نصيب جماعة، أي: ثوابها، ومعناه على الأول: لا ينبغي
1155 -
[6] وَعَن يَزِيدَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَجَلَسْتُ، وَلَمْ أَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَآنِي جَالِسًا، فَقَالَ:"أَلَمْ تُسْلِمْ يَا يزِيدُ؟ " قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ أَسْلَمْتُ. قَالَ: "وَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَعَ النَّاسِ فِي صَلَاتِهِمْ؟ " قَالَ: إِنِّي كُنْتُ قَدْ صَلَّيْتُ فِي مَنْزِلِي أَحْسِبُ أَنْ قَدْ صَلَّيْتُمْ. فَقَالَ: "إِذَا جِئْتَ الصَّلَاةَ فَوَجَدْتَ النَّاسَ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ، تَكُنْ لَكَ نافِلَةً وَهَذِه مَكْتُوبَةٌ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 577].
ــ
أن تجد من ذلك حزازة، فإن ذلك لك لا عليك، وليس فيه بأس، بل فيه فضل الجماعة وثوابها، وعلى الثاني: ذلك الذي يجد من الروح والأنس حظ من الجماعة وأثرها ونورها.
1155 -
[6](يزيد بن عامر) قوله: (أحسب) حال من فاعل (صليت).
وقوله: (تكن لك نافلة وهذه مكتوية) جعل الطيبي (1) الضمير في (تكن) للصلاة التي صلاها في البيت، والإشارة في (هذه) إلى التي صلاها مع الجماعة، وقال: جعل الصلاة الواقعة وقتها المسقطة للقضاء نافلة، والصلاة مع الجماعة التي هي غير مسقطة للقضاء فريضة، دلالة على أن الأصل في الصلاة أن يصلي مع الجماعة وما ليس كذلك فهو غير مقيد بها، ولا يذهب عليك أنه قد مرّ في حديث يزيد بن الأسود في مسجد خيف وغيره أن الثانية نافلة، وأما الإشارة بـ (هذه) إلى الصلاة الأولى السابقة فصحيحة لقربها في الذكر، والأمر في ذلك سهل.
(1) انظر: "شرح الطيبي"(3/ 81 - 82).
1156 -
[7] وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي، ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الإِمَامِ أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ الرَّجُلُ: أَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَذَلِكَ إِلَيْكَ؟ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عز وجل يَجْعَلُ أيَّتَهُمَا شَاءَ. رَوَاهُ مَالِكٌ. [ط: 297].
1157 -
[8] وَعَنْ سُلَيْمَانَ مَوْلَى مَيْمُونَةَ قَالَ: أَتَيْنَا ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلَاطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ. فَقُلْتُ: أَلَا تُصَلِّي مَعَهُمْ؟ فَقَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ". . . . .
ــ
1156 -
[7](ابن عمر) قوله: (وذلك إليك) بتقدير حرف الاستفهام الإنكاري أي: أو ذلك إليك؟ وفي نسخة: (وما ذلك إليك).
وقوله: (يجعل أيتهما شاء) فيه تائيد لما اختاره بعض الشافعية، واختاره الغزالي أن الفرض أحدهما لا بعينها، لكن أكثر الأحاديث مصرح بأن الثانية نافلة وهو الأقيس؛ لأن الذمة قد برئت بأداء الأول، واللَّه أعلم.
1157 -
[8](سليمان) قوله: (على البلاط) موضع بالمدينة مفروش بالبلاط نوع من الحجارة، قال في (القاموس) (1): البلاط كسحاب: الأرض المستوية الملساء، والحجارة التي تفرش في الدار، وكل أرض فرشت بها أو بالآجر، وموضع بالمدينة، وفي (مقدمة فتح الباري) (2): وذلك موضع اتخذه عمر رضي الله عنه لمن يتحدث.
وقوله: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين) يخالف الأحاديث السابقة والذي مر
(1)"القاموس المحيط"(ص: 608).
(2)
"مقدمة الفتح"(1/ 88).
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [حم: 2/ 19، 41، د: 579، ن: 860].
1158 -
[9] وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوِ الصُّبْحَ،
ــ
من الأثر من ابن عمر رضي الله عنهما نفسه من إفتائه به رجلًا سأله، فيحمل هذا الحديث على من صلى بالجماعة أولًا، والأحاديث الأخر على من صلى منفردًا، كما هو مذهبنا، أو على من أراد أن يعيد منفردًا، ومذهب الشافعية أن صلاته منفردًا لا تنعقد عندهم، كما في شرح الشيخ، قالوا: لأن الأصل عدم الإعادة إلا ما ورد فيه الإعادة، وهو الأداء مع الجماعة فيقتصر عليه، وهذا التأويل ينافي قوله:(ألا تصلي معهم) فإنه ظاهر في الجماعة، فافهم، على أن الكلام في صحة هذا الحديث وحسنه، والأحاديث الدالة على خلافه صحيحة أو أصح منه، كذا قالوا، وقال التُّورِبِشْتِي (1): يحمل حديث ابن عمر رضي الله عنهما على إقامة الصلاة في مسجد مرتين إيثارًا أو اختيارًا، أو على إعادة الصلاة بعد أن صليت بجماعة.
وقد زعم بعض أهل الحديث أن حديث يزيد بن الأسود ناسخ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما لأنه سمعه في حجة الوداع، وهي من آخر أيام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو قول غير سديد؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما صحب بعد حجة الوداع إلى أن توفي، فلعله سمع بعد يزيد بن الأسود، ثم إن حديثه لا يبلغ حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحة والاشتهار، ولم يختلف أحد في صحته، وحديث يزيد بن الأسود اختلف في إسناده، انتهى.
1158 -
[9](نافع) قوله: (من صلى المغرب أو الصبح) يؤيد مذهب مالك رحمه الله من عدم الإعادة في هاتين الصلاتين، وعندنا العصر أيضًا، وعند الشافعي
(1)"كتاب الميسر"(1/ 303 - 304).