الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوربية تحب عراقيا
وما (حسن) إلا فتى ذو ملاحة
…
وقد نال في الآداب أسمى المراتب
وفي البصرة الفيحاء حط متاعه
…
يتاجر بالأموال تحت المتاعب
وسار إلى الميناء يختار مركبا
…
وليس له إلا بضاعات كاسب
رأى مركبا ينوي البراح بركبه
…
وشيكا إلى قطر الحجاز المقارب
فأودعه تلك البضائع مزمعا
…
رحيلا إلى ما فيه خير المكاسب
رأته فتاة غضة الجسم كاعب
…
تطل على الركاب من كل جانب
وتلك لربان السفين سليلة
…
أبوها فرنجي رفيع المناصب
فنادته من شوق أثار بقلبها
…
سعير غرام أقلق النفس غالب
ولم يصطبر حتى أجاب نداءها
…
إجابة مسكين لإكرام واهب
بناء صرح الحب
وقد بنيا صرح الوداد بسرعة
…
يؤولها القاصي بشتى المذاهب
وسارا ببحر يرعب الأسد موجه
…
وكل له في الحب سر العجائب
أضاءهما البدر المنير تحننا
…
كأن له في الحب عنوان راغب
فكم قضيا الساعات لهوا وبهجة
…
وفوقهما البدر الجميل كراهب
سقوط حسن في البحر الأحمر
مضى الصب كيما يستحم بجانب
…
ولم يدر أن يلقى عظيم المصائب
ومن قدم زلت به وهو غافل
…
إلى البحر لم يعلم به غير راكب
وغاص بأمواج يهول اضطرابها
…
وقد ظن أن الموت أقرب صاحب
وكان بأنواع السباحة ماهرا
…
فلم يبد للأمواج مظهر تاعب
نعي الحبيب في المركب
ونادى مناد في السفينة ناعيا
…
حبيبا هوى في رحب بحر الغرائب
فيا لنداء مفجع يبعث الأسى
…
إلى كل قلب للحنان مؤالب
وجاءوا إلى الربان يبغون عطفه
…
لإنقاذه قبل امتداد النوائب
فقال عمري لات ساعة منقذ
…
فقد قضى الأمر الرديء العواقب
شعور الحبيبة
ولما أحست بنته هاج حزنها
…
فلم تر حبا لم ينغص بشائب
وشبت لها في القلب نار لفقده
…
فلم تتأخر عن تحري المواجب
فصاحت بصوت يسلب العقل وقعه:
…
أبي أحيني حتما بإرجاع غائبي
وإلا فهذا البحر لاشك منقذي
…
من الحزن من بعد الحبيب المصاحب
فقال لها: يا بنتي استيقظي فما
…
تألمك يجدي اندحار المصاعب
فهمت بما قالت وهم بردها
…
ولم تقتنع إلا بنيل المطالب
البحث عن الحبيب
فأرسل من يأتي به فوق قارب
…
إذا كان حيا بعد تلك المصائب
رأى شبحا فيه حراك وفوقه
…
جناح حياة خافق غير واصب
فألفاه كرارا بميدان معرك
…
من الموج ليس الموت فيه بناشب
فأنقذه والخوف ضعضع جسمه
…
وأبدت به الأهوال أردى الشوائب
وجاء به للراكبين بفرحة
…
وجفت دموع العين بعد المساكب
وهشت فتاة الحسن هشة مبهج
…
به تبتغي من ذاك ردع النوائب
وآن لصبين التقاء مخفف
…
عذابا له في القلب أنكى المثالب
الفراق
وإذ قاربا ميناء (جدة) أصبحا
…
على جرف التفريق قصد التذاهب
فقالت له: ويل لقلبي فإنه
…
سيضنى من البعد الكثير المتاعب
فيا صبر رافقني لتدفع لوعتي
…
وتدحر حزنا لا يحن لناصب
وقال أبوها: لا تفارق عزيزتي
…
وحقق مناها بالوداد المواظب
أحبتك جما وهي في الحب حرة
…
ولست على استحبابها بالمشاغب
أجابهما والقلب يذوي بحسرة
…
على الطائر الميمون ذات المناقب
فحبك في قلبي أثيل وموقد
…
حشاي دهيني اختبط في الغرائب
حبيب بأرض الشرق ظل معذبا
…
ومحبوبة تهواه عند المغارب
فما أنحس الأوقات أوقات مفصم
…
لعروة حب مفعم بالعجائب
وما الحب إلا نعمة مستديمة
…
إذا لم تمزقها النوى بالمخالب
الكاظمية: مصطفى جواد