الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البحرين والزبارة
من مآخذ التاريخ ما تركه السلف من الأوراق التي لم يكتبها لغاية النشر وهي مع ذلك لا تخلو أحيانا من كشف اللثام عن الماضي أكثر من الكتب التي وضعت لمثل هذا الغرض وتزداد الحاجة في أحوال عديدة إلى أشباه هذه المتروكات التي كان قد حفظها أصحابها أولاً لقصد مادي أو معنوي ثم صانها المتأخرون كأثر لأسلافهم، أو أهملها هؤلاء في الزوايا منسية فعاشت هنيئة مطمئنة. ويتفق أن تقع هذه الوثائق تحت نظر من يجلها ويحلها محلها. وتكون أحيانا المرجع الوحيد للتاريخ، وتفيده أيما إفادة إذا كانت المدونات قليلة. وكم تأتي بخبر ذي بال لم تعره المطولات آذانها أما لأنها فاتتها أو أنها اعتبرتها تافهة لا قدر لها.
ومن الأوراق التي يمكن أن تفيد التاريخ المكتوب الذي قدمت عليه هذه السطور فهو يبحث عن أحد الأقطار العربية التي قل من كتب عن وقائعها في القرن الماضي. أريد بهذا القطر جزيرة البحرين وما جاورها. وكانت الاضطرابات تتقاذفها إذ ذاك ويسمع فيها صراخ المقاتلين ودوي آلات الحرب كما تلاطمها أمواج البحر الواقعة عليه.
اصدر الشيخ محمد النبهاني كتابه التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية مطبوعا طبعة ثانية بمصر سنة 1342 هـ (1923م) فتصفحته في هذه الأيام فذكرني بمكتوب بيدي يبحث عن البحرين والزبارة وعن مسعود من آل سعود وبني عتبة وغير ذلك. والمكتوب للسيد عبد الجليل ابن السيد ياسين
(الطباطبائي) كتبه في البحرين إلى نعمة الله يوسف عبود في حلب وقبل أن أنقل المكتوب أقول عن المتخاطبين:
للسيد عبد الجليل ديوان طبع في مطبع نبات المصري وليس فيه سنة طبعه ولا المدينة التي طبع فيها. وقد تخللت قصائده نبذ كثيرة طويلة فيها الأسباب التي دعته إلى إيراد تلك القصائد. وكانت ولادة صاحب الديوان بالبصرة في سنة 1190 هـ (1776 م) ووفاته في الكويت في سنة 1270 هـ (1853 م) على ما جاء في ترجمته الواردة في أول ديوانه. وكان تاجرا ولاسيما كان يتجر باللؤلؤ كما يبين من مكاتيبه العديدة إلى نعمة الله عبود المذكور. ومن بيت الطباطبائي أفاضل يقيمون اليوم في البصرة أو الزبير أو في كلاهما.
وكان للتاجر الشاعر مع آل عبود أواصر صداقة وصلات منها تجارية ومنها أدبية تربط بعضهم ببعض. فقد جاء في ديوانه (ص 20) قوله: (وقد ورد عليه (على عبد الجليل) كتاب من نعمة الله بن يوسف (عبود) النصراني الحلبي وفي طيه ورقة في تخميس وتشطير البيت المشهور. لبعض أهل حلب وقد اقترح عليه أن يخمسه ويشطره كما صنعا (كذا) وهذا تخميس نصر الله ابن فتح الله (الطرابلسي) الحلبي. . . .) أهـ.
وجاء في ديوانه (ص 135 وما بعدها) تهنئة نثرا ونظما رفعها إلى السلطان عبد المجيد بظفر واستعطفه في إسقاط الميري عن نخل له عدوه أربعة آلاف وهو متفرق في انهار البصرة وعن دكان جزار له في إحدى أسواق البصرة لأن الميري - على ما قال - قد استحوذ على الغلة والأجرة. وبعث بتهنئته هذه في ربيع الأول سنة 1257هـ (1841 م) ضمن كتاب إلى أحد كبار النصارى
المقيمين في الأستانة ولم يذكر اسمه وكان ذلك بوساطة (صاحبه وابن صاحبه القديم المودود جناب الخوجه فتح الله بن نعمة الله يوسف عبود الذي عرفه بهذا النصراني كما قاله: (مذ علم (فتح الله) أن لنا حاجة تقتضي واسطة شفيق حازم. . . لم يجد أهلا لقضاء لوازم الأصحاب. . إلا ظريف ذلك الجناب. . . فبمقتضى ذلك دلنا عليك في رفع الحاجة إليك. . .) وطلب منه أن يبعث بالفرمان الشريف عن يد فتح الله أيضاً إذا من الله تعالى بالحصول على المراد. وكان فتح الله عبود همزة وصل بين السيد عبد الجليل وبين بطرس كرامة (الديوان ص 177).
وبعض ترجمة آل عبود في هذه المجلة الغراء (3 (1913 - 1914): 563 و4 (1914): 19). وليوسف والد نعمة الله تأليف دونه بنفسه عن أيامه في وقائع حلب لا يزال غير منشور ونسخته وحيدة والموجود منه قد سقط منه الأول وفيه نقص في موضعين في نحو الوسط. تراءى لي ذلك لعدم ارتباط الكلام بعضه ببعض. وهو يبتدئ بقسم من سنة 1185 هـ (1771 م) وينتهي في سنة 1220 هـ (1805 م) وآخره تام لكنه خال من الخاتمة. وفي الأربع السنوات الأخيرة أخبار عن بغداد كنت قد شرعت في نشرها في لغة العرب في جزئها الثاني من سنتها الرابعة (آب 1914) وذلك عن أوراق للمصنف قبل أن أجد تأليفه مجموعا. ويقع المخطوط في مائة وثمان وثلاثين ورقة يختلف طول وعرض كل منها بسنتيمتر أو نحوه والورق ليس من جنس واحد بل من أجناس عديدة مما
يدل على أن المخطوط هو أول نسخة منه كان صاحبه يكتبها على توالي السنين وكانت كراريس غير مجلدة يوم صارت بيدي. وأطول ورقة فيها قياسها نحو 23 سنتيمترا في نحو 16 س وفي أوراقها حاشية بيضاء قدرها نحو 8 سنتيمترات تكثر فيها تواريخ وفيات النصارى ومواليدهم في حلب وغير ذلك وصفوة القول عن حجم المخطوط إنه لو طبع لجاء في نحو ثلاثمائة صحيفة من قطع هذه المجلة وهو بخط مؤلفه الجلي للفصيح على الطريقة الحلبية. وكان
هذا المخطوط للأب الفاضل نرسيس صائغيان الذي وصفه في هذه المجلة (3 (1913 - 1914): 364 ح) وبين لنا أحد مضامينه الحاكي عن أمور طائفية. أما الكتاب فنحو ثلثيه لا مساس له بطائفة المؤلف الرومية الملكية بل هو تاريخ لحلب يروي لنا وقائعها مع أسماء ولاتها وسلوكهم وما أصابها من اضطرابات وقلاقل وأوبئة وغلاء ورخص وشدة وفرح وغير ذلك. وكان الأب نرسيس قد ظن أن الكتاب حينما وصفه لأحد بيت عجوري (عجور) الحلبيين ثم اتفق كلانا لأسباب أكيدة يطول شرحها إنه ليوسف عبود المتوفى في حلب في 23 شباط (حسابا شرقيا) سنة 1806 م وانه بخطه بلا ريب. والمخطوط اليوم عندي بعد أن أهداه إليّ الأب صائغيان فشكرا له على هدايته الثمينة.
وألان أنقل إلى القراء مكتوب السيد عبد الجليل بعلاته. ومكاتيبه إلى نعمة الله عبود جميعها على هذا النسق من الأغلاط. وهو مؤرخ في 19 ذي الحجة سنة 1226 (1811م) وقد بعث به من البحرين إلى حلب.
(. . . كتابك وصل، وبه الأنس حصل، لما افهم عن وصولك للأهل والوطن فلله النعمة والفضل وله الثناء الحسن. وجميع ما ذكرت صار في البال ولاسيما من قبل ما عتبت به من عدم المراسلة للعام الماضي فلك العتبى ولكن قد قيل: (فرب لها عذر وأنت تلوم) وذلك أن طرفنا العام قد وقع فيه اضطراب عظيم. واقل ما وقع أن أهل الزيارة جلو منها وتحولوا إلى البحرين وحاربوا بن سعود. وهذا ما وقع إلا لأمور شاقة متعبة. وقد جلو منها في النصف من ربيع الثاني سنة 1225هـ (1710م) وبقي حربهم مستمر إلى ربيع أول سنة 1226 وهذه المدة التي فيها الحرب لا يزال لبني عتبة في البحر ستين، سبعين سفينة تدور في البحر وجميع الناس ما لهم شغل ولا عمل إلا أخذ السلاح والأهبة للقتال وقد
عدموا الراحة والبيع والشراء والغوص وتعطلت جميع الأسباب بالكلية حتى أنهكتهم الحرب ولما أراد الله الفرج تصادم خشب بني عتبة
وخشب اتباع الوهابي واقتتلوا مع أول إشراق الشمس إلى بعد الزوال حتى فنا غالب الفريقين واحترقت ثمانية مراكب: خمسة لبني عتبة وثلاثة لضدهم. وباقي خشب اتباع بن سعود استولوا عليه بني عتبة ونصرهم الله عليهم. وقد فني منهم قدر عظيم ما بين قتل وحرق وغرق في البحرين وقتل من بني عتبة قدر سبعمائة رجل وصارت الدائرة على اتباع بن سعود.
وأما الفقير ففي أول ضعون بني عتبة من الزبارة كنت بأيدي اتباع بن سعود وحيل بيني وبين أهلي ومالي وبرحت عندهم من صفر سنة 1225 إلى صفر سنة 1226، حول كامل. وبقيت أجوب البلاد فتارة في (قطر) وآونة في الحسا، ومقدار ثلاثة أشهر في الدرعية عند سعود إلا أني محشوم موقر عندهم ولي وجاهة عندهم والحمد لله. وصارت حرفتي في استخلاص شيوخ بني عتبة، آل خليفة، من حبس سعود لأنهم محبوسين عنده من ذي الحجة سنة 1224 (1809م) إلى رمضان سنة 1225 (1810م). وحبس الجماعة هو سبب تحويل بني عتبة عن طاعة سعود وصرنا أنا ومعي اثنين من كبار الجماعة أهل الزبارة عند سعود يعرف منا الصدق معهم ونحن على ذلك. واجتهدنا في خلاص آل خليفة من يد سعود بالعهود والأيمان على انهم إذا وصلوا إلى رعيتهم مكرمين يرجعونهم إلى الزبارة ويعملون بطاعة سعود فصدقنا، ونحن ما لنا باطن غير ظاهرنا معه. وقد أخذنا المواثيق على آل خليفة بذلك فارخصنا (سعود) وهم معنا.
فلما وصلنا إلى البحرين نبذوا طاعته ونقضوا عهده بحربه وحضروا الوقعة المذكورة ونحن ما أمكننا إلا التسليم لأن المال والعيال عندهم في البحرين ولا بيدنا حيلة. والذي ألجأهم إلى نقض العهد هو ما أذاقهم سعود من الذل والهوان واخذ كرايم الأموال من الخيل والركاب والسلاح مقدار 30. 000 ريال فرنسة وأردف ذلك بحبسهم وصدور هذا الأمر منه معهم بعد العهد فكأنه
تبين منه أولاً عدم الوفاء بعهده معهم. هكذا فهموه وربما له عذر يطول شرحه وكل متأول أمر. ويستبين الأمر للجميع إذا وقفوا بين يدي الحكم العدل سبحانه وتعالى.
والآن نحن في البحرين مستقرين على أحسن حال. وفي مبدأ هذا الأمر لما كنا في أرض
بن سعود وكنت في أسوأ حال من مفارقة الخل والصاحب والوطن كارها معاشرة غير المشاكل والمجانس وفي أرض لا نعرفها وناس ما ألفناهم ومع ذلك ونحن مباشرين القتال مع اتباع سعود فالمفازيع والقتال بكرة وعشية والمراد أننا أقمنا حولا كاملا على حال صعب، متعب، مهلك، مفاليس من المال والأهل والعيال إلى أن إذن الله بالفرج ورجعنا كما شرحناه لكم والحمد لله على كل حال.
وقد صنفت فيما وقع علينا وما قاسيناه من الشدايد رسالة عربية تشابه مقامة من مقامات الحريري كالرحلة وأرسلتها لبعض الأصحاب في البصرة فاعرف لشدة ما وقع علينا حتى أحوجنا الحال إلى تصنيف رسالة فيه والله المستعان.
ثم إن جماعتنا بني عتبة بعد ما منّ الله عليهم بالنصر والظفر على عدوهم وأهلكه وقطع دابره بني سعود من جميع ساحل البحر استراحوا واستقروا وكل أخذ في البيع والشراء والغوص وامتدت سبلهم وقد بلغ عندنا اللؤلؤ هذه السنة أقيام، مذ خلقه الله ما بلغ قيمة هذه السنة مع نزوله في البلدان وسبحان عامر الكون. وقد تعوضنا الذي قسمه الله وبعنا غالبه أبكارا لحصول المصلحة ولغلائه فما جرعنا (جرأنا) نقطعه إلا القليل. وقد صار عندنا بعض المخرق بقدر ربع المادة لأن الأكثر بعناه أبكارا. وقد طلع عندنا قبل الناس ربطة مقدار مثقال 600 شيرين وأرسلناها ليوسف الزهير يبيعها
وكتبنا لأخيك ميخائيل - على العادة كما كنا نكتب لك عند إرسال المال - إجراء لحقوق الصداقة لأجل تنبيهه. فإن كانت له رغبة فالأمر يصير واضحا لديه. وهذا في شوال وحال التاريخ طلع عندنا قدر مثقال 160 يكة اليكة عال العال وأرسلناها ليوسف أيضاً وعرفنا أخيك بها. وعندنا بعض (الكنبايتي) مهما زهب (أي تهيأ وحضر) نعرفه بإرساله إن شاء الله وهذا كله لأجل بقاء الملازمة للصداقة والقيام بمقتضياتها. . . واسأل لنا خاطر خالكم العزيز صديقنا الخواجه نصر الله. . .) هذا ما أردت نقله حفظا للتاريخ.
الطرابلسي وعبود وبعض الأدباء
من المعلوم أن الشيء بالشيء يذكر وهذا ما دعاني إلى الدخول في موضوع آخر. رأى القراء الكرام أني أضفت نسبة الطرابلسي إلى ذلك الشاعر نصر الله بن فتح الله النصراني الحلبي. وأظن أن الفرصة تبيح لي الكلام عنه زيادة في تعريفه لمن تهمه ترجمته وفي ذلك
ترد أسماء أدباء وتجار كانوا في البصرة.
إن إضافتي هذه النسبة ليست لمجرد أن نصر الله المذكور كان من شعراء ذلك العصر وإن اسمه واسم أبيه متفقان مع أسم الشاعر الشهير بالطرابلسي بل لوقوفي على أن نعمة الله عبود كان صديقا قديما للطرابلسي الذي كان قد عرفنا به المشرق. فقد جاء في صورة لمكتوب - والصورة عندي - لنعمة الله كتبه إلى الطرابلسي يمدح فيه الشيخ خالدا ابن الشيخ أحمد بن رزق الساكن في البصرة ويثني عليه ثناء عاطرا زكيا ومما يقوله عنه إنه من التجار وله شغف عظيم بالأدب والعلوم حتى أن ذلك يلهيه عن أشغاله التجارية وانه (اطلع على مجموعتي من شعر جنابكم (يعني شعر الطرابلسي) فصارت كأنها نديمه الخاص
وانه شرع في بناء دار جديدة له يتم بناؤها في سنة 1232هـ (1816م) ولوح له (لنعمة الله) من بعيد في طيات الكلام برغبته في قصيدة من شعركم يزين بها الدار مع أن كلا من الشيخ عثمان بن سند والشيخ عبد الله بن جامع والشيخ أحمد الكردي قد نظم قصيدة بتاريخها إلا إنه لا يظن أن ينقش الشيخ خالد شيئا من ذلك في الدار أملا بالحصول على قصيدة من نظمكم. ويرجو نعمة الله في كتابه من الطرابلسي أن يحقق رغبته وبهذا يكون قد دفع أيضاً قول من نكر عليه أن نظم المجموعة لأحد المسيحيين فلبى الطرابلسي سؤال صديقه بمكتوب مؤرخ 25 ج سنة 1232 وقد استهله بهذا العتاب لأمر نجهله كان قد وقع بينهما:
(. . . ثانيا لنبدي لجنابكم أني منذ فارقتكم ووقوع المجروية المعهودة منكم فلابد أن صافي سماء المودة تكدر بغيوم الانفعال وأوشك أن يشوب عقد الصحبة الانحلال وزاد على ذلك مع مرور كذا أشهر بل أعوام. لم يظهر من جنابكم ولا أدنى إشارة حتى سلام. فهنالك زدنا تحقيقا بمودتكم الوردية وكدنا نقاوم طبعنا وننزع عنا محبتنا الآسية. وشهدت لنفسي بالألمعية إذ:
الألمعي الذي يظن بك ال
…
ظن كأن قد رأى وقد سمعا
كون سابقا مر لنا مع الجناب واقعة مزاح نظمنا لها أبيات جاء شطر منها:
فينفر عني مغضبا وله الذنب
ربما في حفظكم. وقد غيرت الشطر الأول فقلت:
يحب ولكن لا يدوم له حب
…
وينفر عني مغضبا وله الذنب
ولولا الذمام لصارت قصيدة طويلة ولكن ما الحيلة، وما زالت تتفاقم هذه الظنون. . . حتى تلبد ذاك الغيم المتكاثف. . . حتى ورد كتابكم الكريم المستحق التعظيم. . . فحالا أصبح ما عندنا كأنه هشيم. . . ورأينا من السماحة السماح. . .
ثم أردف الطرابلسي قائلا: (ثم إننا لكي نحقق لجنابك عدم تغيرنا على أي حال كان. . . فقد قبلنا بكل رغبة رجاءكم في نظم أبيات تهنئة وكتابة في الدار الجديدة التي أحدثها الشيخ خالد. . . فبادرنا بتحرير رسالة وهي خاصة له
ضمنه. . . وربما تستحسنون اختيارنا إذ جعلنا رجاكم انفذ توأما. . . ثم بعد ألحقناها بقصيدة لائقة بالمقام) أهـ. وهو يشكو من الزمان الذي ألم به فإنه قال: (هذا مع كثرة الأشغال وتشعب البال وعدم الإمكان على الإدمان وتعس الزمان.
إذا الفتى ذم عيشا في شيبته
…
فماذا يقول إذا عصر الشباب مضى
وقد تعوضت عن كل بمشبهه
…
فما وجدت لأيام الصبا عوضا
أي نعم! وجاد الحيا عهد الصبي حبذا الصبي
…
لقد كنت خلو البال لا أعرف الوجدا
ثم قال أيضا: (ثم نعرف الجناب أن القصيدة الحالية هي من بحر الرمل وهو يأتي غالبا مقبوض العروض سالم الضرب فنحن أتينا به في بعض أبيات سالم العروض والضرب. وجاء في شعر المولدين وهذا شيء يدريه العروضيون إنما ذكرناه ليعلم أننا قلنا عمدا لا عفوا وقصدا لا سهوا.) أهـ.
وإني لآسف لأني لم اعثر على مجموعة الطرابلسي المحكي عنها ولا على صورة رسالته وقصيدته. ولعل هذه الرسالة والقصيدة في ديوانه الذي وجدت نسخة منه عند أحد أدباء بيت ابيلا في صيدا أو في مقاطيعه التي كانت عند الخوري توما أيوب في حلب على ما ذكرهما كتاب المخطوطات العربية للمكتبة النصرانية للأب شيخو (ص 138 - 139) وفي المشرق (3 (1900): 397) ترجمة الطرابلسي مع طائفة من قصائده وعندي إحداها مختلفة الرواية قليلا عن التي في المشرق، وترجمة الطباخ في كتابه في تاريخ حلب (7: 269) نقلا عن المشرق وقال أن قسطاكي الحمصي ترجمه أيضاً في كتابه أدباء حلب. وذكرت (نصر الله طرابلسي)(كذا) المجلة السورية (1: 534) ثم نقل ذلك كتاب (أهم
حوادث حلب) (ص 57) ومجلة القربان (2: 399) وكان نصر الله ترجمانا لقنصل خالد وبيته في سبائك المسجد وفيه ترجمة الشيخ عبد الله بن عثمان بن جامع.
هذا ما عنّ لي تدوينه عن أمراء وتجار قضى عليهم الزمان وأمسوا في خبر كان.
يعقوب نعوم سركيس