الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أي ح ج و). قال لغويونا. حجت الريح السفينة: ساقتها. ومن السلف وقبائلهم من كان يجعل الجيم دالا وبالعكس فقالوا في حجا: حدا ومنه قولهم: حدا فلان الإبل: وحدا بها زجرها وساقها. وحدت الريح السحاب ساقته كحجته وهكذا لو أردنا أن نتتبع هذه المادة وفروعها لكشف لنا أسرارا هي غامضة في نظر البعض. إلا أنها جلية واضحة في نظر اللغوي متقفي الخبايا في الزوايا.
ولو كتبنا عن هذه المادة خمسين صفحة لما كفتنا لقتل الموضوع بحثا إلا أننا أردنا أن نشير إلى ما في ثناياها من الأسرار والغموض لقياس عليها مئات من الألفاظ يسار بها هذا السير من التحقيق والتدقيق، فتتلاقى فيه اللغتان اليونانية والعربية وتتصافحان لتعرفا بأن الواحدة هي أخت الأخرى وليس كما يظن أبناء الغرب أنهما عدوان لا يتلاقيان في شئ من
الألفاظ أبد الدهر!
اعتراض
ورب معترض يقول: أن الحرف الأول في اليونانية هو حرف رقيق (أي همزة أما العربية فهو حرف ضخم مفخم فالكلمتان غير متشابهتين؟
قلنا: من شأن لغات الغربيين أن يخففوا الحروف الحلقية تيسيرا للتلفظ بها. فهم يقولون مثلا هوا ونوء واساك وياكوب. أما نحن العرب مع جميع الساميين فنبقي الحروف الحلقية على حالها ونقول: حواء، ونوح، وإسحاق ويعقوب وأمثال هذا التعبير لا يعد بالعشرات أو بالمئات بل بالألوف، فهو أشهر من أن يذكر.
الختام
وفي الختام نصرح للقراء أننا جميعا مثل هذه الكلم شيئا كثارا لا يحصى ونزيد على ذلك: أن بعض الألفاظ اليونانية أو الرومية لا تنجلي معانيها إلا بمراجعة العربية التي فيها، وفيها وحدها جميع المغلقات. ولا بد من أننا نبين شيئا من هذه الغوامض كلما اتسع لنا المجال أو وافقتنا الأحوال، ونحن لا نرتاب أبدا في صحة قولنا، وأن خالفنا به أبناء الغرب من المستشرقين بل خالفنا به أبناء هذه اللغة الأغرار الذين يدعون العلم ومعرفة أصول اللغة وهم بعداء عنها بعد الثريا عن الثرى. فلينصفوا أنفسهم وأمتهم ولغتهم ووطنهم.