الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقيم زنجرلي المنطقة الارمية دون ريب. ومثله أيضاً بطريق اسم ابجر (ابكر) وجبرين (كبرين) موقع قرب نيرب.
أما سياق الكلام في آخر الرقيم الثاني فيتطلب استعمال ضمير المخاطب عوض ضمير الغائب أي (فليجعل سهر. . . موتك تعسا ولتبد ذريتك) لان العبارة السابقة هي للمخاطب. لكن لما كان الأصل الارمي بهذه الصورة اقتضى اتباعه في التعريب مع التنبيه عليه.
تعريف الآلهة الواردة أسماؤها في نصبي نيرب
1 -
الإله (سهر)
الأصح أن يلفظ (سهر) بالسين لا بالشين لأنه هكذا جاء في الكتابة المسمارية. وهو آله نيرب حسب منطوق الرقمين، زلة حق التقدم على بقية الآلهة المذكورة و (سهر) معناه في الارمية (القمر) فهو إذن ارمي لا غبار عليه. ويقابل اسم (سين) نفسه (أي الإله القمر) الآشوري، فلا يحتمل أن سهر (الإله) منقول من آشورية إلى نيرب إذا أنه آله في وطنه. ومن سهر الارمية كلمة الشهر في العربية الدالة على كل قسم من أقسام السنة الأثني عشر وذلك لأنه لما كان القمر يتغير ويتحول جاء اسهل واسطة اتخذها القدماء لقياس الزمان. وسين أو سهر أي القمر كان في الأصل آلها خاصا بمدينة حران لأنها كانت مركزا لعبادته. تدل على ذلك عدة شواهد. إذ هذه المدينة شيد منذ القديم هيكل عظيم للإله سين، وبعد أن أخربه الماذيون جدد بناءه الملك نبونيد.
ولم تكن عبادة سين قد اضمحلت في حران على زمن الرومانيين بل بقيت عند طائفة من الارميين ذكرهم القران باسم الصابئة.
2 -
الإله (شمش)
الظاهر هنا أن هذا الإله آشوري بابلي بل قل أنه من جملة آلهة زون تلك البلاد وإن كان اسمه مذكورا في الغالب بين طائفة الزون السامي. ويستدل على كونه آشوريا بابليا من المشابهة الظاهرة في طائفة الآلهة الرباعية في نيرب والطائفة الرباعية في الآثار الآشورية والبابلية.
3 -
الآلهة (نكل)
يقابل هذه الآلهة في الرقم الآشورية والبابلية (نركل وننكل) فقد جاء
في رقيم نبونيد السابق الذكر عن لسان نفسه إذ يخبر كيف أن الهيكل القديم هيكل الإله سين كان قد هدمه الماذيون وكيف عمره ثانية حسب أمر الإله مردوخ والإله سين وفي مطاوي حديثه يذكر أسماء الآلهة بترتيب يقابل ترتيب رقيم نيرب ب أي سين (سهر) وننكل ونكسو وفي غير موطن تلقب ننكل باسم أم الآلهة وزوجة سين. ويظهر أن لفظ ننكل الآشوري أو قل الشمري قد
نقل إلى الارمية بلفظ نكل (بشد الكاف) على طريق الإدغام الجاري في اللغات السامية كما أن قلب الكاف كافا فارسية أو جيما معروف فيها.
4 -
الإله (نسك)
الإله نسك هو بلا شك الإله نسكو الآشوري الوارد ذكره في الرقم. ولفظه بالسين لا بالشين كما يستدل عليه من كتابة هذا في الخط المسماري وقد أشرنا إلى ذلك في كلامنا عن الإله سهر، وهو خاص بآله قائم بذاته لا يسوغ خلطه بالإله نبو. وأبين برهان على انفراده عن غيره مجيء اسمه في جملة أسماء للآلهة مذكور فيها أيضاً اسم نبو. فهو إذن شئ ونبو شئ آخر.
النتيجة هي أن هناك مضارعة بين آلهة حران وآلهة نيرب تظهر من هذه المقابلة:
آلهة حران: سين شمش ننكل نسكو
آلهة نيرب: سهر شمش نكل (بتشديد الكاف) نسك
أما سدنة هيكل نيرب فالظاهر انهم أن لم يكونوا آشوريين أصلا فلا أقل من انهم كانوا آشوريين بالأسماء والثياب واللغة مما يدلك على نفوذ تلك البلاد في هذه الديار. وأما دخول عبادة الإله سين الحراني إلى نيرب فاثبت ما يمكن القول به هو رأي كليرمون كانو أنه جرى في عهد الحبرين (سين زير بأن وأكبر) المذكورين في الرقمين النيربيين أي في العهد الآشوري أو البابلي الحديث الذي سبق عهد الفرس وان كان في الإمكان من باب الاحتمال أن يرقى به إلى عهد اقدم من ذلك.
مكشوفاتها الحديثة
قلنا في استهلاك المقال أن بعثة من معهدنا الكتابي الأثري أجرت في
نيرب تنقيبا كانت نتائجه غاية في الفائدة. فأول أمر فكر فيه أرباب البعثة هو اختيار المحل الملائم للشروع في العمل وقد رأوا أن احسن موقع لذلك هو موضع الناووس الآتي ذكره في سياق كلام كليرمون كانو وهو يصف النصبين اللذين وجدا بالقرب منه. وما أخذ النقابون في الحفر التمهيدي إلا تحققوا أن التل متقوم من طبقتين متميزتين. ومن مميزات الطبقة السفلى وجود حيطان من لبن لم يكن في إمكانهم تعيين ثخنها لتقطعها وحالتها المتهدمة. فلم يكن
منهم إلا أن حفروا خنادق متعددة في نقاط مختلفة. وقد لاحظوا في هذه الطبقة كثرة أصناف الخرافيات الدالة خواصها على ارتقائها إلى العصر الحديدي. ومما وقفوا عليه أيضاً ضرب من الجرار الواسعة البطن الدقيقة الأسفل الضيقة الفم وفي جملة تلك الجرار جرة علوها متر و20 سنتيمترا ووعاء آخر حاو رفات ولد صغير عمره نحو 3 سنين.
أما العمل الخاص فقد جرى في الطبقة العليا من الربوة وبعد أن فتح النقابون عدة خنادق على عادتهم لم يعتموا أن استدلوا على وجود مدفن قديم واسع متخذ لهذه الغاية مدة قرون طويلة. وقد لاحظوا فيه ثلاث طرائق للدفن:
1 -
طريقة النواويس
وهي قليلة الاستعمال إذ لم يجدوا منها إلا واحدا بمعزل عن اجانة كبيرة من الحجر البركاني. وهذا الناووس هو من الكلس الخشن الصنع ذو شكل غير منتظم. طوله متر و35 سنتيمترا وعرضه 61 سنتيمترا عند الرأس و41 سنتيمترا عند الرجلين منه شئ؟ فيه صقل (هيكل إنسان طاعن في السن مستلق على ظهره وركبتاه وعلى رأس الجثة أناء مشوه وفيه أيضاً حلقتان كبيرتان من النحاس وعرى من معدن.
2 -
طريقة الجرار المدفنية
البائن أن استخدامها كان مقصورا على دفن الصبيان ولم يظفروا إلا باثنتين منها الأولى على علو 7 أمتار من الهضبة وكان فيها صقل (هيكل) ولد ساعده الأيمن مطوق بحلة من نحاس. والثانية يظهر أنها من العهد البابلي الحديث
طولها متر و22 سنتيمترا وقطرها الأوسع 26 سنتيمترا وكان فيها صقل صبي ابن نحو 10 سنوات.
3 -
طريقة القبور
في هذه القبور تشاهد الجثة غالبا محاطة بقطع كبيرة من الحجارة أو بالصلصال المطروق. وعلى جانبها جرة قائمة في التراب أو ملقاة فيه، ولبعض القبور هيئة غريبة؛ فقد وقفوا على قبر تغطيه ست جرار متتابعة تقابل رأس الواحدة اسفل الأخرى. والجرار متخذة من الصلصال الخشن غير المشوي وهي طويلة الشكل ضيقة الأطراف تارة جانبها طول إحداها 85 سنتيمترا وتحت الجرار ترى الجثة موضوعة تارة على جانبها الأيسر وتارة
على الأيمن أو على الظهر. وعدد الجرار ستة أو سبعة.
رأيت أن موقع الحفر مدفن عريق في القدم وإن طرائق الدفن فيه ثلاث: طرائق النواويس والجرار والقبور وقد أجملنا لك وصفها. أما الآن فاعلم أن هذه المدافن على تباين أنواعها لم تكن فارغة بل كانت تحوي أشياء ومحتوياتها لم تكن مقصورة على بقايا الموتى بل فيها شئ كثير من الأوعية والأدوات والحلي والأسلحة والنقوش والكتابات وهلم جرا فضلا عن الجثث البشرية فيجدر بنا أن نوقفك على ضروبها وعدد كل صنف منها إتماما للفائدة ثم نذكر لك المهم منها بوصف أجمالي متبعين النظام الآتي:
أ - 10 تماثيل صغيرة من الفخار.
ب - 20 قطعة من الخزفيات والمصابيح.
ج - 30 أداة من الأدوات المعدنية.
د - 40 خاتما.
هـ - 50 أداة من الحجر البركاني.
و25 لويح بالخط المسماري.
أ - التماثيل من الفخار
وجد بعض هذه التماثيل في الطبقة السفلى والبعض الآخر في الطبقة العليا من قبل الاتفاق. وهي مختلفة الأشكال، بينها طائفة قد امتازت بميزة المدينة
الحثية التي يظهر أنها قد بلغت مقاما ساميا وكان لها أثر بالغ في تاريخ تل نيرب. قياس هذه التماثيل نحو 5 سنتيمترات بوجه عام اغلبها مصنوع من التراب الأحمر أو الأبيض الضارب إلى الحمرة. واغلبها يمثل رجالا بشعرهم ولحاهم وعمرتهم هي العراقية. وبعضها يمثل حيوانات كالحصان والكلب والكبش والأسد.
تماثيل الطبقة العليا
جميع هذه الصور وجدت في طبقة علوها بين 6 و8 أمتار وصنعها أكثر اتقانا من صنع السابقة. أما أنواعها فهي أقل اختلافا وتحصر في ثلاثة ضروب.
الضرب الأول
صور تمثل امرأة مرتدية. ورؤوس جميع هذه التماثيل مقطوعة. وبالأجمال ترى المرأة لابسة قميصا وفي عنقها قلادة مزدوجة من اللؤلؤ وذراعها الواحدة نازلة والأخرى ملوية ويدها على صدرها:
الضرب الثاني
صور تمثل عارية تعصر ثدييها. ومن هذا النوع شئ وافر والبائن انه من صنع البلاد الجامع بين الطراز السوري الآشوري البابلي وعلى كليهما صبغة من الفن المصري: وما يتضارب في هذه الصور غاية التضارب هو شكل العمرة. فهي من العمرة المتدرجة أو المصرية أو من ذوات شكل الإكليل وشعر الرأس فيها مدفوع إلى الوراء ومعصوب من الأمام وفي الرقبة قلادة لؤلؤ ذات ثلاثة اكراس والوجه محاط بتخاريم ملولبة. وقد فقد إجراء البعض منها لتكسرها. ويظن أن عهدها هو من القرن السادس أو السابع ق م.
الضرب الثالث
صور فرسان وحمالات سلاح. وهي أيضاً تظهر من صنع البلاد عليها مسحة أجنبية تصل بها إلى العهد الفارسي. وقد وجد من أمثالها في جهات متعددة من سورية ولا سيما في ديار حمص وأما صورة الفرسان فتمثل راكبا ملتحيا عمرته عراقية مطوية من الجانب الواحد وفرسه من الجنس العادي كأن رأسها خارج من صدرها ولا يكاد يرى انفصال ركبتيها خلافا لذيلها فأنه في غاية الظهور. أما حمالة السلاح فالبائن أن مركوبها جمل عليه ضرب من القتب وكأن المرأة مختمرة (مستورة بخمار) وبين ذراعيها ولدان.
ب - الخزفيات
عثروا على القسم الأعظم من الكسر الخزفية في الطبقات العليا من التل والذي يتبادر إلى الفكر أن هذه الخزفيات قد نقلت إليه من الخارج إذ عليها مسحة الطرز القبرسي الراقي إلى القرن الثامن ق م. إلا أن في جملتها ما يعزى إلى القرون التالية أي السادس والخامس والرابع واغلب هذه القطع صحون وآنية مصنوعة من التراب الأحمر وفيها بعض نقوش غائرة أو بارزة وهناك أيضاً كسر مصابيح وقفوا على كثير منها كانت في جوار الناووس أو إحدى الآبار وفيها ما هو من الطرز الإغريقي.
ج - أدوات معدن أو عظم
محل اكتشاف هذا الضرب من الأدوات طبقات التل المتوسطة أو العليا. أما السفلى منه فلم ير فيها سوى بقايا يعسر الجزم في حقيقة ماهيتها. فمن ذلك سهام وأسنة رماح وشفار وابر وغيرها من الأدوات والأسلحة وجميعها من نحاس ومعها بقية باقية من مرآة. هناك أيضاً نصب سكاكين من عظم وغيرها من الآلات العظمية شئ وافر وجد في الطبقة الوسطى والعليا كما انهم كشفوا آلات حديد بينها حسام.
وبين هذه الأدوات تدرج الحلى التي كشفت على اختلاف أشكالها في الناووس وفي القبور أو غيرها من الامكنة، من ذلك مشابك عديدة منها مدورة ومنها على شكل يد مبسوطة أو مطوية الأصابع وهي شبيهة بالتي وجدها في بابل سابقا هناك أيضاً أسورة مفتوحة وقد رأوا أحدها في ساعد الجثة المدفونة تحت الجرار. ثم حلقات ذات أشكال متنوعة مفتوحة أو مقفلة ووقعوا على قرط من نحاس ومشخلبة (وهو شئ يشبه اللؤلؤ من زجاج أو هي حجارة ملونة).
د - الخواتم
يحسن بنا أن ننظم في مقدمة هذا النوع من اللقى بعض الجعلان المصرية منها واحد فيه تأريخ ملكي باسم (من خبيررع) وهو لقب تحوتمس.
ووجدوا ماخلا هذه الجعلان عددا وافرا من الخواتم المصنوعة من حجارة مختلفة تمثل حيوانات عادية كالأيل أو حيونات غريبة الجنس
ومن هذه الخواتم ما فيه نقوش في الجهتين.
هـ - أدوات من الحجر البركاني
منها صحون متنوعة الصنعة لبعضها قوائم تقوم عليها وللبعض الآخر كزخارف منقوشة أو مصقولة. منها أيضاً أطباق (صواني) أو بقايا من أطباق وجدت في مواقع متعددة ولا سيما في الطبقات السفلى ومنها أصنام صغيرة خشنة الصنع.
واللويحات ذات الخط المسماري
مادتها الصلصال غير المشوي وبين الخمسة والعشرين لويحا يرى ما قد كسر منه جزء
فيها صغير أو كبير. واغلبها لويحات حسابية ومقاولات بالخط المسماري يكثر فيها اسم مدينة نيرب وكذلك اسم الإله نسكو الوارد في النصين اللذين جرى الكلام عليهما فيما تقدم وهذا الرقم اسم الإله نسكو يدخل في تركيب طائفة من الأعلام وتجد على حافلة من هذه الرقم كتابة ارمية كأنها قد رسمت بالمسمار وتاريخها يمتد من السنة الأولى من حكم نبوكد نصر الثاني (604 ق م) إلى الملك قنبوسيا (كنبيز)(529 - 521 ق م) وأكثره مؤرخ في عهد نبونيد (555 - 538) وهذه اللويحات المسمارية سوف يفرد لها حضرة الأب دورم رئيس معهدنا ومدير مجلتنا الكتابية الضليع في الآشوريات بحثا خاصا ينشره في (مجلة الأبحاث الآشورية) الفرنسية.
الخاتمة
هذا مجمل مكشوفات نيرب قديمها وحديثها فيظهر مما سبق أن في تل نيرب طبقتين متميزتين وقد عرفت الطبقة العليا منهما معرفة تفوق معرفة السفلى. والنتائج التي يمكن استخلاصها من أعمال التنقيب هي أننا إذا القينا على المدفن نظرة عامة جاز لنا أن نرقى به إلى العهد البابلي الحديث وقد جاءت هذه النتائج نظرة لرأي كليرمون كانو في شأن النصبين المدفنيين الموجودين اليوم في اللوفر إلا أن هذا المدفن لم يهمل في زمن الفرس. فهناك أدلة تدل على أن المدفن فيه إلى القرن الرابع وما بعده والحضارة أو قل مزيج الحضارات التي ظهرت فيه عقبت تمدنا سابقا بشف من ورائه نفوذ المدينة الحثية على أن ذلك يعسر