الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوائد لغوية
الشيخ عبد الله البستاني ولغتنا
خذ بيدك أي ديوان لغة شئت من دواوين لغتنا الشريفة وتصفحة حق التصفح تتحقق أن فيه بعض المغامز. هذا كتاب (العين)، الذي له السبق على سائر المصنفات التي من ضربه، لا يخلو من معايب؛ وقد نبه عليها اللغويون الذي جاءوا بعده. أن في حياته وإن بعد وفاته. وكذا قل عن كتاب الجمرة لابن دريد والتهذيب للأزهري، والصحاح للجوهري، والمحكم لابن سيده، والمجمل والمقاييس وكلاهما لابن فارس، والمحيط لابن عباد، إلى غيرها من معاجم اللغة، فلقد جاء بعدهم من أخذ علهم بعض أمورهم لم يصيبوا فيها وكان النقد صحيحا في اغلب الأحيان أن يكن في جميع المواطن.
على أن تشويه اللغة لم يبدأ إلا لما أخذ المستشرقون في تصنيف المعاجم واستدراك ما لم يجدوه في كتب متون اللغة، بل وجدوه في تصانيف المولدين وأرادوا إيداعه مؤلفاتهم. فكانوا كحاطب ليل، احسنوا في أمور وأساءوا في أخرى، وبين هؤلاء المتعربين: غليوس وفريتغ.
كان غليوس أول من عني بتدوين المستدركات لكنه لم يكن واقفا حق الوقوف على أسرار العربية ومطالعة كتب الخط. فقرأ ألفاظا على ما تصورها وفسرها على ما شاء فجاء بعده فريتغ فكان أوقف منه على مساقط الكلم فاصلح شيئا من أوهام سلفه، بيد أنه حاول أن يدون حروفا عثر عليها في مطالعاته فاخطأ الحفرة هو أيضاً في تعابير كثرة وقرطس في أغراض لا بأس بها.
ثم جاء غيرهما من أبناء الغرب، فكانوا كأخويهم بين مصيبين ومخطئين. وعلى كل حال نعذرهم لأنهم أجانب عن منطقنا ومصطلحنا ولساننا وكتابتنا ونتسمح معهم كل التسمح مهما تمادوا في الضلال.
لكن فساد مفردات اللغة لم يبدأ إلا لما شرع المعلم بطرس البستاني في تصنيف ديوانه الكبير محيط المحيط، فحينئذ جاءت تلك الأوهام والأغلاط كالسيل المنهمر من عل، جاحفا في سيره أصول العربية وفروعها. فشوه كل ما مر به غير محترم أقوال المصنفين. ولا
جرم أنه لم يعتمد ذلك. حاشا لله أن أقول ذلك، إنما أنا انظر إلى العاقبة واحكم على ما أشاهده، فإنه اضر بلغتنا أكثر مما نفعها. وهذا معجمه بأيدينا، لو وزنت ما فيه من المساوئ والمعايب والمغامز والأوهام والهنات. وتجسمت تجسم المحسوسات، لقام في وجهك كالجبال التي لا تتزعزع ولا تزال.
وذنب المؤلف أنه نقل كتابه عن معجم فريتغ وهو في اللغتين العربية واللاتينية، والظاهر أنه كان يشدو اللاتينية ولا يعرف منها إلا الذرء فخبط وخلط، وجاءنا بذاك النتاج الجامع بين الحسنات والسيئات على اغرب وجه وأعجبه.
ولما كان هذا المعجم سهل التناول اقبل على شرائه ومطالعته أبناء العصر ولا سيما المؤلفون منهم والمصنفون والصحفيون فكانت عثراتهم لا تقال، وأصبحت أوهامهم داء عضالا. ثم جاءت بعده مصنفات الآباء اليسوعيين من معاجم عربية فرنسية وفرنسية عربية، وعدا وراء الكل الشيخ سعيد الشرتوني والجميع يأتمون بالمعلم بطرس البستاني. وقد أصبح لهم ولكل من جاء بعده الدليل الوحيد فأصبحت الأغلاط من الشائنات غير الزائلات وهكذا أخذت اللغة تسير في وجه غير وجهها فتفسد شيئا بعد شئ، وتتحكم تلك الأغلاط في النفوس والأقلام وليس من يقوم وينبه على تلك الفظائع الشنيعة.
كنا نفكر في معالجة هذا الداء الوبيل ونتطلب وسيلة لصد السيل الجحاف أو لإيقافه عند حده. إذ قيل لنا أن الشيخ عبد الله البستاني يصنف معجما يكون جامعا للحسنات ومزيلا للسيئات ودواء للادواء، فاستبشرنا خيرا وكنا على أحر من الجمر لرؤية تلك الدرة النفيسة، قاصدين نشر حسناتها وأذاعتها على رؤوس الملا. لكن ما يكاد يصل إلى أيدينا المعجم ونتصفح صفحات منه حتى انقلبنا آسفين على ما برز من قلم الأستاذ الكبير. فانه لم يكتف بتدوين أغلاط من تقدمه من المحدثين، ولا سيما أغلاط المعلم بطرس البستاني والشيخ سعيد الشرتوني -
و (بستانه) ليس إلا نسخة جامعة بين هذين المعجمين لا غير - بل زاد على ذلك ضغثا على ابالة، فجاءنا بأغلاط لم تخطر على بال بشر. ولم تجل في خاطر عربي ألبته.
وذكر هذه الأغلاط أمر صعب إذ يحتاج الكاتب إلى وضع تصنيف بكبر تصنيفه ليعدد تلك الأوهام ويثبتها بشواهد وليظهر فسادها أو ليزيفها. على أن ما لا يدرك كله لا يترك جله،
ونريد بهذا الجل إشارات إلى أنواع ما هناك من المغامز الخاصة بهذا المعجم الغريب.
ولكن لا يتهمنا أديب بالمغالاة أو بالتحزب على شيخنا الوقور، نأخذ صفحة من صفحات كتابه ونعرضها على القراء.
1 -
قال حضرته في ص 1087 من كتابه: (السرق: مصدر و - شقق من الحرير الأبيض معرب سره بالفارسية أي جيد. الواحدة سرقة.)
قلنا: هذه العبارة محيط المحيط للبستاني وعبارة جميع اللغويين الأقدمين لكن اللغوي الناقد إذا وقف على هذه العبارة ومثلها يعدها خرافة إذ كيف يكون معنى بالفارسية جيدا. ويكون في العربية شققا من الحرير الأبيض؟ - هذا أمر لا يقبله العقل. أن السرق أعجمية بمعنى الحرير، لكنها ليست فارسية بل لاتينية أي
2 -
وقال: (السرق كصرد: ضرب من النبات.)
وقد بحثنا عن هذا الحرف في ما لدينا من الكتب النباتية واللغوية من مطبوعة ومخطوطة. فلم نجد ذكرا لهذا النبت عند السلف، إنما وجدنا الكلمة في محيط المحيط وهذا نقلها عن فريتغ ولم يعزها. وفريتغ نقلها عن فورسكال في كتابه ازاهير مصر وجزيرة العرب. فاتضح أن الكلمة عامية. وهذا ما يجب أن يشار إليه كما فعل الأقدمون وكان يجب أيضاً أن يذكر نوع هذا النبات حتى لا يكثر في دواويننا مثل هذا القول الذي أعيا الكبار والصغار: ضرب من النبات من غير أن يحلوه. وهو أمر كان في العصور الأولى، أما الآن فلا يكفينا.
3 -
وترى في تلك الصفحة قوله: (السرقين والسرقين (وضبط الأول بالكسر والثانية بالفتح) الزبل كالسرجين). . . (وضبط زاي الزبل ضبط قلم بالضم).
والصواب ضبط زاي الزبل بالكسر وهو مشهور.
4 -
وفي تلك الصفحة: (السركار (وضبطها بكسر السين) ديوان الوالي فارسية.)
وهي عبارة محيط المحيط وقد نقلها عن فريتغ. وفريتغ لم يضبط اللفظة ولم يقل ديوان الوالي، بل قصر الأمير وهي لم ترد إلا في كلام المولدين المتأخرين من الكتبة ولم ترد في كلام فصيح. ففي قوله إذن غلطان: غلط ضبط وغلط معنى.
5 -
وفيها: (سرمه تسريما: قطعه. تسرم: تقطع مطاوع سرمه.)
ولو زاد على ذلك. وكلتاهما لغة في صرم وتصرم لاهتدى الباحث إلى اللغة المشهورة.
6 -
ومن ألفاظه الخاصة بمعجمه قوله في تلك الصفحة: (ذوات السرم) من الحيوان ما كان له مسلك واحد للنسل والثقل كالطير.)
قوله: (ذوات السرم) لا يقابل ما يريد به. ثم أن هذا التعبير حديث الوضع لا يعرفه الأقدمون ولم يشر إلى حداثة وضعه. وهو قصور باد لكل ذي عينين. والذي وضعه الإفرنج في هذا المعنى هو ولا يطلق على الطير بل على طائفة من الحيوانات ذوات الثدي إلا أنها وسط بينها وبين الطير فقد اخطأ في التسمية واخطأ في الشرح واخطأ في التمثيل ثم ولو قال (الوحيد المسلك) لكان احسن واعف لفظا.
7 -
وفي ذلك الوجه يقول أيضا: سرم الديك نوع من النبات.
قلنا: العبارة عبارة محيط المحيط وهي من سوء النقل عن فريتغ. والصواب أن يقال: هو ثمرة الورد ويكون أحمر وهو من كلام عوام أهل الشام وفصيحه الدليك. راجع ما قاله شرحا لهذه اللفظة فقد قال عنها: تمر (كذا بنقطتين والصواب ثمر) الورد يحمر حتى يكون كالبسر فينضج فيحلو فيؤكل كأنه
رطب. أهـ. إذن سرم الديك ليس نباتا بل ثمر نبات.
8 -
وفي الوجه المذكور يقول: (السرمان بالكسر، والضم لغة. يقال هو العظيم من اليعاسيب و - دويبة كالحجل.
قلنا: الذي في اللسان: (السرمان: العظيم من اليعاسيب والضم لغة. والسرمان (وضبطها بالكسر) دويبة كالحجل وضبطها بالقلم وزان وقد أعاد صاحب التاج هذه الكلم ولم ينسبها إلى ابن مكرم. قلنا: وفي كل عدة أوهام فالسرمان بالكسر والضم لغة هو العظيم من اليعاسيب وهو دويبة كالجحل بتقديم الجيم المفتوح على الحاء الساكنة ومعناه - على ما جاء في التهذيب -: (دويبة) في خلق الجراد إذا سقط لم يضم جناحيه. فهذا هو الحق لا ما مسخه نساخ كتب اللغة فغدا الكلام طلسما من الطلسمات.
9 -
وفي تلك الصفحة ما هذا نصه: (السرموجة بالضم: حذاء يستر مقدمة القدم وعقبها ويبلغ إلى الكعبين ج سرامج.)
قلنا في هذه العبارة ثلاث غلطات: غلط ضبط وغلط تأويل وغلط صرف، بل هناك غلط رابع وهو أن الكلمة ليست فصيحة بل مولدة وإذا أردت غلطا آخر فانك غير مبالغ وذلك
أن سر موجة فارسية الأصل وهو لم يشر إلى عجمة اصله بكلمة. - أما غلط الضبط فهو أن الكتب التي ذكرت اللفظة هي كتب المولدين وحدهم وهم ضبطوها بفتح السين لأنها هي كذلك في الفارسية وأما لان فعلولا أو فعلولة لم يرد مفتوح الأول فهو حديث خرافة قال به الصرفيون وبعض اللغويين. أم الحق فانه وارد في لغتنا من ذلك صعفوق، وصندوق، وكرموص، (التاج) وسحنون، (على رواية)، وقرقوف، وطرخون، وبرشوم، إلى غيرها. وفتح أول سرموج أو سرموجة ذكره البستاني في محيط محيطه إذ يقول: السرموج (وضبطها ضبط قلم بالفتح) نوع من الأحذية والسرموجة أخص منه وتعرف عند العامة بالسرماية وأكثرهم يقولها بالصاد. أهـ. وقال صاحب أقرب الموارد في ذيله: السرموج (وضبطها أيضاً ضبط قلم بالفتح) نوع من الأحذية، والسرموجة أخص منه. دخيل (نقله فريتغ من ألف ليلة وليلة). أهـ. فأين وجد حضرته أن السرموجة بضم الأول؟ - فانه لم يقل ما قال إلا
لكي يوافق على قول اللغويين: العرب لا تعرف وزن فعلول المفتوح العين مع أن هذا التقييد غير صحيح كما ذكرناه.
ومن غريب ما نقله في تعريف السرموج أنه قال: (حذاء يستر مقدم القدم وعقبها ويبلغ إلى الكعبين). أهـ. والذي ساقه إلى الوهم عبارة نسبية الذي قال أن السرموجة تعرف عند العامة بالسرماية وأكثرهم يقولها بالصاد أي الصرماية وهذا غير صحيح البتة والذي دفع البستاني الأول آل هذا القول أنه رأى مشابهة بين أول كلمة سرموجة وأول سرماية فقال لا بد أن العصا من العصية وهو وهم ظاهر فالصرماية مشتقة من الصرم وهو الجلد الذي تتخذ منه ولا يقول العوام أبدا سرماية بالسين فكلام البستاني الصغير لتعريف السرموج يوافق الصرماية (أو الصرم) عند العوام ولا يوافق البتة السرموج. والصرماية عند الشاميين هي الكوندرة عند الترك وعند العراقيين الحاليين، فأين السرموج من الصرماية.
أما السرموج فهو الخف الواسع الذي يلبس فوق الخف. والكلمة فارسية مركبة من (سر) وهي بمعنى فوق في لسان الفرس و (موزه) أي أو خف فيكون معنى السرموج (ما يلبس فوق الخف) فأين هذا من ذاك؟
والأقدمون منا لم يعرفوا السرموج فإن هذه من المعربات الحديثة معربات كتاب ألف ليلة وليلة. أما السلف فقد عرفوهم باسم الجرموق قال صاحب البستان نفسه عن الجرموق: ما
يلبس فوق الخف وقاية له وهو فارسي معرب. أهـ.
فيظهر من كلامه عن السرموج والجرموق أنه لم يعرف أن الواحد هو الآخر بعينه، إنما الفرق هو أن الجرموق من تعريب الأقدمين والسرموج من تعريب المحدثين أو المولدين. ونما فضلوا السرموج على الجرموق موافقة لأصلها الفارسي وهو سرموزه وثانيا خشية اجتماع الجيم والقاف في كلمة واحدة فيكون لها ظاهر الأعجمية فاحبوا أن تكون بنيتها بنية عربية.
وأما غلط الصرف الذي أشرنا إليه في صدر الكلام عن السرموج فهو أنه جمعها على سرامج وهو لم يسمع عن أحد ولا سيما لأنه مخالف لأصول لغتنا وصواب جمعها سراميج حملا على القياس لان فعلول لا يجمع على فعالل بل على فعاليل اللهم إلا في الشعر وذلك عند الضرورة فقط. ونزيدك يقينا في ما نقول أن صاحب
المصباح المنبر ذكر لجمع الجرموق (وهو السرموج عينه) جراميق ولم يقل جرامق ألبته.
والغلط الرابع جاء في كلامه عن السرموج هو أن اللفظ من كلام المولدين أو من كلام عوام العصور المتوسطة وليس من حر اللغة والسلف الصالح ينبه دائما على مثل هذا الأمر كل مرة اقتضت الحال، لان حر اللفظ شئ واللفظ الساقط شئ آخر.
أما أنها فارسية الأصل ولم يشير إلى عجمتها فلقد بيناه فويق هذا وهو غلطه الخامس وذلك كله في كلمة واحدة.
وقال في تلك الصفحة (لأننا إلى ألان نطالع في ص 1087 ولم نخرج عنها إذ هي جنبه من جنبات ذلك (البستان) الزاهي، والمتنزه قلما يود مفارقته):(السرمدي الدائم الذي لا ينقطع وقيل - ما لا آخر له) أهـ.
قلنا: ظن المؤلف أن بين الشرحين فرقا في المعنى ففصل بينهما لاعتقاده أن الأول غير الثاني والحال أن كلا الشرحين واحد وما الفرق إلا في التعبير لا غير.
وفي تلك الصفحة عاد إلى ذكر السرموج بصورة السرموزة وضبطها أيضاً بضم الأول فقال: (السرموزة لغة في السرموجة). أهـ.
نقل ذلك عن محيط الذي ذكرها بفتح الأول وفريتغ لم يضبطها ولم يقل سرموزة بل سرموز (بلا هاء في الآخر)؛ وقد ذكر أنه نقلها عن يعقوب شلت الألماني - إذن تنقل عن
عربي فصيح وعلى كل حال لم ينبه صديقنا المحبوب على هذا الأمر.
وجاء في تلك الصفحة أيضا: السرمق نبات الفطف معرب.
قلنا: صواب الفطف بالفاء: بالقاف والسرمق من الفارسية سرمه وهو القطف أي الإسبانخ الروسي.
ومما ورد في تلك الصفحة قوله: (السرنج (وضبطها كجعفر) نوع من صناعة النقش كالفسيفساء).
والصواب أن تضبط السرنج كسمند أي بفتحتين فسكون وخيم تلك المادة س ر ن ج وتلك الصفحة بقوله: وسرنج كجعفر دوية أي مفازة واسعة بعيدة
الأرجاء. أهـ.
قلنا: سرنج لم ترد في كتاب عربي بالمعنى الذي يشير إليه إنما وجدها في ذيل اقرب الموارد بهذا التصحيف فنقلها عنه وصاحب الذيل يزعم أنه نقلها عن اللسان وهي لا توجد فيه في المادة التي يشير إليها بل ترى في مادة س ر ب ج قال في تاج العروس: سرنج بالباء الموحدة بعد الراء، في اللسان في حديث جهيش: وكأين قطعنا إليك من دوية سربج أي مفازة واسعة الأرجاء. أهـ. فأنت ترى من هذا أن كلا من اللسان والتاج ذكر سربج ولم يذكر (سرنج) فكيف نسبها إلى اللسان وهي ليست فيه؟ - الجواب أن الشرتوني نقلها عن التاج الذي يعزوها إلى اللسان. والتاج ذكرها في مستدرك مادة س ر ن ج فظن سريج من خطأ المؤلف أو الطبع فوقع في تلك الهاوية، مع أن السيد مرتضى ذكر اللفظة في مستدرك المادة في المادة نفسها. فتأمل.
على أننا نقول أن السراج غير صحيحة والصواب السريخ بباء موحدة تحتية وخاء معجمية في الآخر. وهذه ذكرها جميع اللغويين وممن ذكرها ابن الأثير في نهايته وهو حجة ثقة في أيراد الأحاديث وغريب ألفاظها وهو اقدم من ابن مكرم والفيروز ابادي والسيد مرتضى. فأول من صحفها إذن بصورة سرنج هو صاحب اللسان ثم تبعه صاحب التاج. أما السريخ بخاء معجمة في الآخر فقد ذكرها جميع اللغويين قاطبة. إذن التصحيف باد ومن عهد السان لا غير. قال في النهاية في مادة س ر ب خ: (أي جاء كتاب أبي موسى) في حديث جهيش: وكأين قطعنا إليك من دوية سربخ أي مفارزة واسعة بعيدة الأرجاء. أهـ. ولم يذكر شيئا في مادة س ر ب ج. وجرى في أثر ابن الأثير اللسان والقاموس والتاج بل حضرة
الشيخ عبد الله نفسه إذ ذكر هذا الحديث بنصه في مادة س ر ب خ وقدم عليه قوله: السربخ كجعفر: الأرض الواسعة التي لا يهتدي فيها لطريق. وفي حديث جهيش. . .
إلا هنا انتهت بنا مطالعة هذه الصفحة ونحن لا ندعي بأننا وفيناها حق النقد من جميع وجوهه وأتينا على ما فيها من السقط فلعل غيرنا يرى فيها ما لم نره وعلى حال أننا كتبنا ثماني صفحات من مجلتنا لإظهار ما في صفحة واحدة
مما نظنه أوهاما، فكيف بنا لو أنعمنا النظر في المجلد الأول كله وفيه 1831 ص فنحتاج إذا إلى ثماني مرات 1381 و11048 أي نحو اثني عشر ألف صفحة فمن ذا الذي يكتبها ومن هذا الذي يطبعها ومن ذاك الذي يطالعها. . ذلك ما نتركه للقراء ليحكموا فيه، والله الهادي إلى سواء السبيل.
(يهرف ليس اسم سبع)
جاء في تاج العروس، في مستدرك مادة هـ ر ف ما هذا حرفه: ومما يستدرك عليه (أي على المجد الفيروزابادي صاحب القاموس): يهرف كيضرب: اسم سبع سمي به لكثرة صوته. أهـ. وقد بحثنا في الدواوين التي بأيدينا فم نجد ذكرا لهذا السبع، إنما وجدنا ابن سيده يقول في مخصصه (75: 8): ويقال لبعض السباع هو يهرف بصوته أي يتزيد فيه. أهـ. ولم يجد أكثر من هذا القدر. وقد قال صاحب اقرب الموارد في الذيل: (يهرف كيضرب: اسم سبع سمي به لكثرة صوته (التاج) أهـ. وأنت ترى أنه لم ينقل إلا نص التاج وكان عليه أن يحقق الأمر بنفسه. فأنظر كيف يجب أن يعتمد على أن ينقله المؤلف رحمه الله.
الحرباء
قال المعلم بطرس البستاني في محيط محيطه في مادة ح ر ب: الحرباء. . . معرب حربا (وضبطها بضم فسكون فباء مفتوحة فألف مقصورة) بالفارسية. ومعناه: حافظ الشمس أهـ. وقف على هذه العبارة صاحب البستان. فقال. . (وهو فارسي الأصل مركب من (حر) أي الشمس ومن (باء)(كذا ممدودة) والمجموع حرباء أي حافظ الشمس).
قلنا: وكل هذا الوهم سرى من فزيتغ وعنه أخذ البستاني الأول عبارته. على أن المستشرق الألماني يقول: ويظن بعضهم أن الحرباء من الفارسية خربا (بلا مد) ومعناه: حافظ الشمس
(لا حافظة الشمس، لان الحرباء مذكر لا مؤنث ومؤنثها حرباء أو أم حبين).
نعم. خور أو خر يعني الشمس، لكن (با) أو كما قال الشيخ عبد الله (باء) لا تعني الحافظ أو الحافظة؛ فمن أين أتى بهذا التأويل؟