الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آثار في ضياء أباد إيران
-
على بعد 12 ميلا في الجنوب الغربي من زنجان قرية اسمها (ضياء آباد) كانت أرضها قطعة من قرية أخرى عمرها والدي الشيخ الجليل رحمة الله عليه وأسكن فيها جماعة من الفلاحين والزراعيين وألان هي عامرة وملك لنا.
بين سنة 1320هـ أو سنة 1326هـ عثرت بعض نساء القرية وفي جنوبيها حين اشتغالهن بشؤون الفلاحة على أربعة دراهم من الذهب قطر الواحد منها يقرب من قطر الربية في هذا الزمان: ولكنها ارق منها. وفي واحد وجهيها صورة رجل قاعد على كرسي يشبه أن يكون من صور الملوك أو رجال الدين وفي وجهها الآخر صورتا رجلين حاملين شيئا كالعلم في رأسه صليب مثنى الذراعين أو أن شئت فقل: خط قائم وعلى عرضه خطان متوازيان كحرف الفرنسي مع خطين متوازيين في رأس الحرف. ولما زرت المجمع العلمي في دمشق سنة 1342هـ كان معي أحد تلك الدراهم فرآه أعضاؤه الكرام فظن أحدهم إنه من الدراهم الرومانية العتيقة وأظن إنه أصاب في رأيه، وإن الدرهم أثر لأول زمن انتشار النصرانية في المملكة الرومانية.
ثم تيسر لي أن أرى بعد ذلك الحين بسنين كتابا في كربلاء في النقود والدراهم العتيقة بالفرنسية وبعد الفحص لم أجد صورة هذا الدرهم بين الصور الموجودة فيه.
ووجدت مرة أخرى في هذه القرية عدة أوان كبيرة من الخزف كالآنية المدهونة التي ترى في هذا الزمان. وفي الصيف الماضي خرجت من زنجان متوجها إليها للوقوف على أحوال الفلاحين الزراعية وللنزهة فوجدتهم قد بنوا لهم فيها حماما وحفروا في الجهة الشرقية من بيوت القرية حفرا ليخرجوا منها أحجارا ظنوا بوجودها هناك عثروا على قطع الخزف المخطوطة التي تفضلتم بقراءتها وأنقذتها من أيديهم وكانوا يحاولون وضعها للحمام.
وسألت بعض أهل القرية عن الموضع الذي وجدوا فيه هذه القطع فقالوا
هو موضع تتبرك به نساء القرية إذ يسرجن فيه ويقمن فيه ببعض القربات الدينية.
فشكل الدراهم وكتابة القطع تقوي الظن بوجود النصرانية في نواحي زنجان في سابق العهد فلا شك أن يد الحفر تصل في هذا المكان إلى آثار عتيقة أخرى.
زنجان (إيران): أبو عبد الله الزنجاني
(لغة العرب) كان حضرة الشيخ المجتهد الكبير أبي عبد الله الزنجاني أرسل إلينا صورة شمسية للكتابة التي يشير إليها وهي بالخط الكوفي وهذا نصها: (الى الله. قبر افلوتلا الملائكية سنة. . .) فمعنى (إلى الله): أنت الذاهبة إلى الله؛ - ومعنى قبر افلوتلا إشارة واضحة إلى أن المدفونة نصرانية لأن الاسم المذكور لا يتسمى به إلا النصرانيات وهو روماني الوضع. وافلوتيلا في الأصل أسم قديسة كانت تلميذة القديس بطرس ويحتفل بعيدها في 20 أيار. وقول الكتابة القبرية: (الملائكية) دليل على أن الابنة كانت صغيرة السن. وكنا قد قرأنا السنة المكتوبة على قطعة الخزف لكنها فقدت منا فنسيناها. فنرجو من حضرة صديقنا الوافي الشيخ أبي عبد الله أن يذكرها لنا إتماما للفائدة.
أما أن النصرانية كانت معروفة هناك في سابق العهد، فليس من يجهل ذلك. وتاريخ النصرانية مملوء بذكر شهدائها في عهد المجوس وبعده. ولقد بقيت النصرانية زاهية في فارس إلى عهد غير بعيد. أما في زنجان فقد ذكر الطبري في تاريخه (3: 2140 من طبعة الإفرنج) ما نصه:
(ولليلتين خلتا من رجب منها (أي من سنة 281هـ الموافق 8 أيلول 894م) شخص المعتضد إلى الجبل فقصد ناحية الدينور وقلد أبا محمد علي بن المعتضد: الري وقزوين، وزنجان، وابهر، وقم، وهمذان والدينور. وقلد كتبته: أحمد بن أبي الأصبغ نفقات عسكره والضياع بالري: الحسين بن عمرو النصراني. . .) انتهى. قلنا لو لم يكن في تلك الأنحاء نصارى لما قلد المعتضد نصرانيا وسلم بيده ما سلم.
وكانت زنجان في أمر تدبيرها الديني راجعة إلى أبرشية قزوين. وكان في هذه الأبرشية في نحو سنة 1700م: (أسقف واحد اسمه مار أدى وكان من
كفرتوثا وتحت يده قسوس وشمامسة قدرهم كاف لإدارة الرعية. وكان عدد الكنائس ثلاثة. وعدد المؤمنين أربعة آلاف وجميعهم نساطرة) (راجع التقويم للكنيسة الكلدانية النسطورية ص 21).
وقد أفادنا صديقنا الجليل فائدة عظيمة وهي (أن النساء الوطنيات يذهبن إلى الآن إلى ذلك الموطن ويتبركن ويسرجن فيه السرج ويقمن فيه ببعض القربات الدينية). - وعندنا أن هذا دليل على أن المكان المذكور كان مقبرة للنصارى إذ من عادة المسيحيين أن يسرجوا
السرج على القبور - كما هي العادة إلى اليوم في ديار الغرب - ويتقربون إلى الله ببعض القربات. ولا جرم أن هذه العادة انتقلت من جيل إلى جيل منذ العهد القديم إلى هذا العهد من غير أن ينقطع حبل ذلك التقليد.
واحرص الناس على الأمور الدينية النساء لما في طبعهن من حب الدين والجري على آثار السلف الصالح.
هذه آراؤنا نعرضها على القراء ولا ندعي أننا مصيبون بل هي بمنزلة خواطر عرضت لنا ومن أحب أن يفندها بأدلة قاطعة تاريخية فنحن لا نتوقف في نشرها.
البلور والبلارج وضبطهما
ورد في البستان للبستاني: (البلور (وضبطها كسنور) جوهر أبيض شفاف وهو نوع من الزجاج. معرب. قال في اللسان: هو المهى من الحجر. واحدته بلورة. . . (انتهى المطلوب من إيراده على أن هناك لغة مشهورة جاءت في اللسان وغيره. لم يذكرها البستان وهي البلور (بكسر ففتح فسكون) قال في اللسان: وفي التهذيب: وإما البلور المعروف فهو مخفف اللام. اه فعدم ذكر لغات الكلمة الواحدة تقصير من المؤلف.
وقال في بلرج: البلارج (وضبطها ضبط قلم بكسر الراء) طائر كبير طويل المنقار ليس بأعقف. دخيل. اهـ. والصواب ضبط الراء بالفتح لأنه مفرد بدليل قوله الطائر. وليس في لغتنا كلمة واحدة في المفرد مكسور ما قبل آخرها. وقد أصاب فريتغ هذه المرة بضبطها بالفتح ولم يصب صاحب محيط المحيط بضبطها بفتح الراء وكسرها.