الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نماذج تراجم من الدرر الكامنة
-
كلمتك مرارا عن هذا الكتاب النفيس الذي يحوي تراجم عدة رجال غير معروفين عند كثيرين من المؤرخين والإخباريين. وكنت قد أخذت بتهيئته للنشر حتى اعترضني كتاب التيجان فأمسكت عن إتمام ما شرعت فيه ريثما أنجز طبع هذا الكتاب الجليل العوائد. أما الآن فقد عدت إلى إتمام مشروعي الأول أي نسخ الدرر الكامنة وتصحيحه ومقابلته على ثلاث نسخ اثنتان منها جيدتان والثالثة سقيمه.
وقد أتممت الجزء الأول من هذا السفر البديع وهو يحوي نحو 2. 500 ترجمة وها أناذا مستعد للإرسال به إلى الهند ليطبع فيها.
وقد استخرجت من هذا التصنيف المفيد أربع تراجم ممن كان لهم صلة بالعراق وبوقائعه وأخباره وهي كالقطر من المحيط.
(حرف الباء)
بوسعيد بن خربندا بن ارغون بن ابغا بن هلاوو المغلي، ملك التتار صاحب العراق والجزيرة وخراسان والروم. قال الصفدي: الناس يقولون أبو سعيد بلفظ الكنية لكن الذي ظهر لي إنه علم ليس في أوله الف، فإني رأيته كذلك في المكاتبات التي كانت ترد منه إلى الناصر هكذا: أبو سعيد، قال: وكان بو سعيد مسلما. حسن الإسلام، جيد الحظ جوادا عارفا بالموسيقى مبغضا في الخمر (كذا لعلها للخمر) أراق منها خزانة كبيرة وكان يرغب في الدخول إلى الإسلام، وهو آخر بيت هلاوو، انقرضوا بهلاكه، أقام في الملك عشرين سنة وكان قبل موته بسنة قد أرسل الركب العراقي إلى مكة فسلب الركب فلما كان في السنة المقبلة جهزهم أيضاً فنهبتهم العرب فسأل عن السبب في ذلك فقيل له: أن هؤلاء أقوام يقيمون في البراري ليس لهم رزق إلا ما يتخطفونه.
فقال: نحن نجعل لهم من بيت المال مقدارا يكفيهم ويكفون عن الحاج. ورتب ذلك أمر به فملت في تلك السنة وكانت وفاته بالازد (كذا) في ربيع الآخر سنة 737هـ (1326م) وتأسف الناصر عليه لما بلغه موته.
ترجمة ثانية من الدرر الكامنة في حرف السين
بو سعيد بن خربندا بن ارغون بن ابغا بن هولا و (كذا) المغلي. ولد على راس القرن وتسلطن وهو شاب ونشأ على خير فكان معه العراق وخراسان وأذربيجان والروم والجزيرة وكان قليل الشر، وادعى يكره الظلم ويؤثر العدل وينقاد للشرع، وكان يكتب خطا منسوبا، وكان يجيد ضرب العود. وابطل مكوسا كثيرة، وقد اختتن وهدم الكنائس ببغداد: واكرم من يسلم من أهل الذمة. وهادى الناصر وهادنه وعمرت البلاد. كل ذلك بواسطته وانقرض بموته بيت هولاو (كذا) وقتل الذي أقيم بعده. بعد شهور وقتل وزيره محمد ابن الرشيد. وكان الذي يحمله على عمل الخير. وكان موته بأذربيجان في شهر ربيع الآخر سنة 736هـ (1235م) ونقل إلى تربته بالسلطانية فدفن بها.
بغداد خاتون بنت النوين جوبان زوج بو سعيد كانت أولاً زوج الشيخ حسن وكان بو سعيد يعشقها وكان أبوها يفهم ذلك فلا يمكنها من دخول الاردو. فلما هرب جوبان وقتل أخوها وخرب الآخر إلى مصر اغتصبها بو سعيد من زوجها، وصارت عنده في أعلى مكانة، ويقال إنه لم تكن في تلك البلاد أحسن منها وصار لها في جميع الممالك الكلمة النافذة، وكانت تركب في مركب حفل من الخواتين، وتشد في وسطها السيف، فلم تزل على علو منزلتها إلى أن مات بو
سعيد فقتلت بعده وذلك في سنة 736هـ (1335م).
جوبان النوين الكبير نائب المملكة القانية. تمكن من المملكة وأباد عددا كثيرا من المغل وكان أبنه (دمشق خجا) قائد عشرة آلاف فلما تنكر له بو سعيد قتل أبنه دمشق وهرب أبنه تمرتاش إلى القاهرة وسار جوبان إلى هراة فاطلعه واليها إلى القلعة ثم غدر به وقتله وكان صحيح الإسلام كثير النصح للمسلمين أجرى الماء إلى مكة حتى لم يكن الماء يباع بها وانشأ مدرسة بالمدينة مجاورة للحرم الشريف وكان أعظم الأسباب في تقرير الصلح بين بو سعيد والناصر، ولما نزل خربندا على الرحبة ونصب المجانيق رمى سمس (كذا) قرا سنقر حجرا يضيع (كذا ولعلها بضبع أي بناحية) القلعة فاحضر جوبان المجانيق وهدده وقال له بعد أن سبه: لئن عدت سمرتك على سهم المنجنيق، وكان ينزع النصل من النشاب ويكتب عليه: إياكم أن ترعبوا فهؤلاء ما عندهم ما يأكلون. واجتمع مع الوزير وقال له: ماذا يقول الناس إذا غلب خربندا على الرحبة وسفك دم أهلها وهدمها في هذا الشهر العظيم (وكان شهر رمضان)؟ أما كان عنده نائب مسلم ولا وزير مسلم؟ فدخلا إلى خربندا وحسنا
له الرحيل عنها وإن يطلب أكابرها ويخلع عليهم ويعطيهم الأمان ففعل. فكان حقن دماء المسلمين على يدي جوبان، وكانت ابنة جوبان زوج بو سعيد فنقلت والدها لما قتل إلى المدينة الشريفة ليدفن في تربته التي بناها بمدرسته فوصلوا به لكن لم يمكنوا من الدفن بمنع السلطنة فدفنوه بالبقيع وكان قتله في سنة 728 وهو ابن ستين سنة. وقد تقدمت له قصة في ترجمة ايرنجن. قال الذهبي: وكان شجاعا مهيبا شديد الوطأة كبير الشأن كثير الأموال عالي الهمة صحيح الإسلام ذا حظ في صلاة (لعلها في صلاح) وبر وتزوج أبو سعيد بابنته وكان ولده تمرتاش متولي ممالك الروم وابنه دمشق خجا قائد عشرة آلاف.
إيرنجن بكسر أوله وسكون التحتانية وراء مفتوحة بعدها نون ثم جيم، الططري، النوين خال القان (بوسعيد) كان اتفق مع بوسعيد على إمساك جوبان وقتله فتحيل عليه هو وقرمشي ودقماق وجماعة ففطن لهم فهرب فطلبوه وحدثوه (كذا لعلها حربوه أي نهبوا أمواله) فلجأ إلى قلعة مرند. ثم توجه إلى بوسعيد فدخل عليه ومعه كفنه فقال قتلت رجالي ونهبت أموالي فإن كنت تريد قتلي فها أنا (كذا والصواب: وها أناذا) بين يديك، فتبرأ بوسعيد من ذلك. فاستخدم رجالا وأوقع بإيرنجن ومن معه فانكسر واسر هو وقرمشي ودقماق فعقد لهم مجلس فقالوا: ما فعلنا شيئا إلا بإذن القان فأنكر بوسعيد فقال إيرنجن: هذا خطك معي. فضربه بسيخ في قمه (لعلها في قمته أي في أعلى رأسه) فقتله وطيف برأسه وتمكن جوبان أباد اضداده وذلك سنة 709هـ (1309م) وقتل دقماق وقرمشي.
بكنهام (انكلترة):
ف. كرنكو
(لغة العرب) أن نسخ ألف صفحة من كتاب الدرر الكامنة ومعارضتها بثلاث نسخ وتصحيحها كل ذلك من الأعمال التي لا يأتيها إلا جبابرة الأدباء وقد أنجز هذا الأمر الشاق صديقنا فريتس كرنكو مما يدل على طول باعه في لغتنا وتمكنه منها، وبالأخص لأنه لم يتلق علوم لساننا عن معلم بل أتقنها بسعي نفسه وكد فكره. والأسماء المذكورة في الدرر الكامنة غريبة وفيها أعلام من جميع اللغات التي كانت معروفة في عهد العباسيين في العراق وما جاوره. زد على هذا أن تلك الأعلام غير منقطة وقد كتبت كلما وردت بصورة غير الصورة الأولى وهذا ما يوجب الناشر على أن يتأكد كتابة كل أسم قبل تدوينه فيحتاج
إلى مراجعة عدة مصنفات وفي لغات عدة ولا يمكن أن يأتي هذا العمل إلا العلامة كرنكو أو من ضارعه، ولهذا نتمنى أن نرى الكتاب مطبوعا في أقرب وقت لتغتني به خزائن الأدباء وعسى أن يتم في القريب العاجل.