الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللغة الكردية
لم ينبغ شاعر من الشعراء البارزين حتى عهد الأديب المعروف بمحمد الفقيه التيراني من أفراد عشيوة (مكري) الهكارية وكان أديبا مشهورا. وله عدة تآليف معروفة في القرن التاسع. ويعقبه الملا أحمد من عشيرة (باتا) من الهكارية أيضا. اشتهر هذا بتأليفه كتاب (المولد النبوي) وهو كتاب لا يزال يتلى في المحافل والأندية الدينية. وانتشرت العشيرة الهكارية بعد عهد هذين الشاعرين حتى منطقة (بايزيد) حيث رسخت أقدامهم.
وفي هذه البقعة نشأ شاعر من أشهر شعراء الكرد وأكثرهم تأليفا. وإنتاجا في الأدب والشعر، اسمه (احمد خان) الهكاري ولا تزال كتبه في العلوم والمعارف والآداب أحسن مما كتب في اللغة الكردية. وانشأ هذا الأديب مدرسة في (بايزيد) وشيد بجانبها مسجدا للمصلين ومن تآليفه معجمه (نوبهار) وهو من اللغة العربية إلى الكردية ولا يزال محفوظا حتى يومنا هذا في دار التحف البريطانية.
ويتلوه تلميذه (إسماعيل) وهو وإن كان دونه شهرة إلا أن مقامه في عالم الأدب غير مجهول. وشاهد ذلك العصر أكبر كاتب من كتاب الكرد وهو (شريف خان) الهكاري الذي ألف تاريخ الأكراد المسمى (شرفنامه) وهذا الكتاب هو التصنيف الوحيد المعول عليه حتى اليوم في مراجعة تاريخ الأكراد. وله عدا ذلك تآليف جمة في اللغة الكردية ودواوين شعر عديدة.
والفاضل الثاني الذي تثبته الكتب الأدبية بعد شريف خان (مراد خان) الهكاري المولود في (بايزيد) ولكنه لم يكن واسع الشهرة. وتوفي في عام 1784م.
هؤلاء معظم مشاهير شعراء الأكراد المشهورين في كردستان الشمالية. أما في كردستان الجنوبية فقد نبغ عدد كبير من الشعراء ولاسيما في ديار عشيرة (كوران خان) الاردلانية في (سنا) إلا أن معظم ما كتبه
هؤلاء كان منحصرا في شعر وقصص عشيرتهم التي ينتمون أليها. ولم يظهر في كردستان الجنوبية شعراء عظام حتى أواخر القرن الثامن عشر. ولكن بعد ذلك أصبحت مدينتا (السليمانية) و (كركوك) موطني عدد جسيم من الكتاب الكبار والصغار يضيق بنا المجال عن ذكرهم هنا.
وتعد عشيرة (الملي) أكبر عشيرة بين العشائر الكردية في يومنا هذا، وموطنها في غربي كردستان الغربية.
وعشيرة (حسنانلو) التي تقطن سهلا من سهول أرمينية:
وعشائر (الهكاريين ومن معهم الذين تقع مواطنهم بين (وان) و (بتليس) وشرقي حدود فارس، ووادي الزاب الأعلى، وجزيرة ابن عمر، حتى تصل إلى حدود اربيل.
و (عشائر راوندوز) من الجنوب ومن معهم من العشائر القاطنة في غربي السليمانية وشماليها. كل هذه العشائر هي من (كرمانج) ومن ثم هي هكارية.
وتمتد منطقتهم نحو الجنوب إلى مدى بعيد حتى تصل إلى (قزل رباط) وطريق بغداد والى كرمنشاه، حيث عشيرة (الجاف) وهي عشيرة كبيرة لا تقل بيوتها عن عشرة آلاف خيمة كلها من الرحل ولغة هذه القبيلة هي الكردية الاصلية، ولكنها أصبحت اليوم مزيجا من لغات أخرى إذ لا تخلو من اصطلاحات وكلمات خاصة بقبيلة اللور.
ولغة (المكري) الذين تقع أراضيهم في جنوبي ارمية من حدود فارس ربما كانت افصح لغة كردية موجودة في يومنا هذا. وإذا قسنا عدد الأدباء المشهورين من أدباء الأكراد بهذا العدد الواسع من العشائر المعروفة نجده ضئيلا لا يكاد يذكر ولكن يجب أن لا ننسى أن عدم الدراسة والتنقيب في تاريخ هذه اللغة هما من الأسباب التي تطلعنا على سر هذه القلة أو الضآلة فالمستشرقون من علماء اللغات والآثار لم يهتموا بالتنقيب عن هذه اللغة ولا عنوا بدراستها عنايتهم بغيرها من اللغات وإذا فتشنا في بطون الكتب عن الذين تفرغوا لهذا البحث نجد الأمة الإنكليزية أقل الأمم اعتناء بها. وليس من الخطأ القول إننا لم نسمع بأن مستشرقا إنكليزيا في عصرنا هذا كتب شيئا أو ألف كتابا عن
اللغة الكردية اللهم إلا المستر صون الحاكم السياسي في السليمانية. وهذا الفاضل لم يأت إلى كردستان باحثا أو دارسا، إنما جاء بمهمة سياسية قضت عليه أن يبقى بين العشائر الكردية أعواما قبيل الحرب وبذلك تمكن من الوقوف على أسرار هذه اللغة فألف كتابين مهمين لا يستغني عنهما الطالب.
وأهم الكتب التي ألفت باللغات الغربية عن اللغة الكردية يعود تاريخها إلى عام 1850 إلى 1890 ويعود القسم الأعظم من هذه المؤلفات إلى مصنفين روس أذكر في مقدمتهم
الموظفين منهم وأشهرهم جابا المستشرق الروسي الذي كان موظفا في السفارة فإنه نشر عام 1860 كتابه المسمى بما معناه (مجموعة فوائد وحكايات كردية) طبع في بترسبورغ (اليوم لنينغراد) وهو مجموعة قصص أدبية، وقصائد شعرية باللغة الكرمانجية. ترجمت إلى اللغة الافرنسية ولكن بغير تعليق أو ملاحظة وهذا الكتاب مصدر بمقدمة بقلم المستشرق مؤلف كتاب أي أبحاث في الأمور الكردية والإيرانية وهو مطبوع في عام 1857 وهو كتاب جامع ومفيد بحث في صاحبه عن لغتي كرمانج وزازا وأطال القياس وضرب الأمثلة بينهما وبين اللغة الفارسية ولم ينس ترجمة قصص وقصائد من القصص والقصائد الكردية المشهورة ونشر سوسين وبريم ومجموعة أسمياها منتخبات كردية طبع بترسبورغ عام 1887 وهي مجموعة تضم مختارات وقصائد جمعها صاحباها أثناء سياحتهما في ديار التيارية والهكارية ولكنهما لم يبحثا عن القواعد الكردية وإن أضافا إليه في الآخر معجما مختصرا للكلمات العويصة الواردة في مطاويه. فهذا التأليف وإن كان مفيدا لمن يحسن اللغة الكردية لكنه لا يفيد شيئا من يجهل القواعد الكردية ولا المبتدئين. وكأني بجستي يشعر بهذا النقص فيسده في كتابه (غراماطيق كردي)(بترسبورغ 1880) والشيء الذي يؤخذ عليه إنه ارصد 105 صفحات من أصل صفحات الكتاب البالغة 250 للبحث عن الحروف الصوتية وغير الصوتية الأمر الذي ما كان يقع في أكثر من عشرين صفحة لو راعى الغرض دون الإطالة كما أن أبحاثه عن القواعد وإن جاءت وافية بالمرام إلا إنها لم تكن مرتبة ترتيبا يرتاح له القارئ.
خلف شوقي أمين الداودي