الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المكاتبة والمذاكرة
فضل علماء مصر على صاحب المجلة في يوبيله إلى فضيلة
العلامة الأب انستاس ماري الكرملي حفظه الله.
يرفع هذه التحية القلبية إلى فضيلتكم نفر من أدباء مصر الذين يقدرون منزلتكم العلمية والأدبية العالية وما نحن إلا بعض الجم الغفير من أهل الأدب ومحبيه في العالم العربي الذي يشعر شعورنا بديننا الباقي لمواهبكم السامية في انتصاركم للأدب الشريف وخدمتكم النبيلة للغة القرآن التي أصبحتم تعدون عن جدارة أمام أئمتها.
وقد دعتنا إلى مخاطبتكم تلك الفرصة المباركة وهي إتمامكم في 16 أيلول من هذا العام 35 سنة منذ اشتغالكم بتدريس العربية وآدابها باللسان والقلم لنفع طلبتكم وقارئيكم ومريديكم العديدين في عالم الضاد. وسرنا أن غيرنا من محبيكم في العراق لم يفته الانتباه إلى هذا الحادث التاريخي الأدبي، وانه يعنى بأعداد حفلة يوبيل عامة لائقة بقدركم يشترك فيها أدباء جميع الأمم العربية ومعاهدها الدراسية، فضلا عن الأعلام المستشرقين.
ويزيدنا سرورا أن تتنازلوا لقبول هديتنا الصغيرة التي نرفعها لهذه المناسبة إلى (لغة العرب) الغراء وهي صك قيمته ثلاثون جنيها مصريا اعترافا بتضحيتكم المتواصلة في سبيل العلم والأدب، وتقديرا لعنايتكم الممتازة بتهذيب اللغة والنقد الأدبي، وبث روح النزاهة والشجاعة الأدبية والإخاء الفكري، ونصرة الحق والفضيلة، ولعلكم لا ترفضون نشر اعترافنا هذا بمجلتكم الغراء.
ونسأل الله أن يمد عمركم الثمين، ويوفق العالم العربي لزيادة الانتفاع من جهودكم المنوعة الفذة، وأن يبقيكم ذخرا للعلم والأدب، وفخرا للعالم العربي. وتفضلوا بقبول أجل الاحترام عنهم.
عن مصر القاهرة: محمد شرف
(لغة العرب)
إن هذه السطور تدل على كرامة أصحابها أكثر مما تدل
على ما نستحقه، إذ ليس فينا إلا
العجز والقصور. على أن تقدير صاحب السعادة العلامة الكبير الدكتور محمد شرف بك ومن انضم إليه لما فعلناه من القيام بفرائض لغتنا، مما يدفعنا إلى مواصلة الخدمة لنكون أهلا لهذا المديح الذي نرانا بعيدين عنه إلى اليوم كل البعد.
ونشكر اخوتنا المذكورين المصريين الكرام شكرا ثانيا لمساعدتهم إيانا بمالهم لنرأب بها صدع الخسائر التي تتكبدها ولا نزال نتكبدها لخدمة هذه اللغة الشريفة بواسطة مجلتنا الضعيفة فعسى أن يصلح حسن النية وإخلاصها ما يعوزنا من العمل والله الميسر.
المضخة والمنضحة
في مطالعتي الجزء التاسع من السنة الخامسة من (لغة العرب) الوضاءة استوقفني منها الكلام المثبت في آخر سطر من صفحة 545 وهو (باتخاذ المضخات التي تديرها المحركات). إلا أن من يرجع إلى استشفاف وجه هذا الكلام في ذلك الموطن لا يكون له بد من الوقوف عند لفظة (المضخات) المخرجة إلى غير حيزها استعمالا وتفسيرا؛ وذلك لأن الكاتب قد تخيل هذه اللفظة من الوضع الميسر للدلالة على الآلة العصرية المستنبطة للسقي أي على الآلة التي يقال لها ولكن الصحيح - وهو الذي لا مشاحة فيه - أن اللفظ الذي قد أطلق على هذا المعنى هو (المنضحة) ولا تسمية سواها مما تبارت في اشتقاقه قرائح الواضعين لتجاري تمثيل حقيقة المعنى وإما (المضخة) فهي اللفظة التي أفردت على وجه التخصيص (للدوش) الشائع استعماله في حمامات الأمصار التي توفر حظها من الحضارة ومن أخذ أخذها وذلك لمن يتوخى الاستحمام ضخا لمقاصد صحية، وفاقا لطرقه المختلفة. وحيث قد وهم الكاتب في حقيقة حكم هذا الوضع ووجه استعماله تحتم التنبيه عليه، ابتغاء رده إلى نصابه.
(ل. ع) لا فرق في الأصل بين مادتي (ض خ) و (ن ض ح) والمادة
الأولى أقدم من الثانية لوجودها في حالة خلقها الأول. وإما الثانية فادخل عليها النون لزيادة في المعنى وإما وضع الحاء في موضع الخاء المعجمة فهو من لغات بعض القبائل وألا فانهما في جوهر واحد بقي هناك أمر لابد منه هو التخصيص فإذا خصصت المضخة بالدوش والمنضحة بالطلمبة انتفى اللبس وهو الغاية من وضع الألفاظ. أما اللغة فأنها لا تأبى وضع الواحدة موضع الأخرى.
أغلاط الجزء الأول من الأغاني
اقتنيت حديثا كتاب الأغاني الجديد الطبع فرأيت فيه بعض الأوهام اعرضها على القراء وهي:
في التصدير
ص 5 س 8 ما معناها: ما بين معناها - ص 10 س 19 وصفت: رصفت - ص 32 س 7 شيابه: شبابه
في الكتاب
ص 18 س 6 عقبة أبي: عقبة بن أبي - ص 28 س 19 قال ويقال: قال ويقال فيه في آسيه أي في اصله والاسي الأساس واحد وذرى كل شيء أعاليه وهو جمع واحدته ذروة ويروى. . . - ص 94 س 2 من الحاشية: ململام: مملام - ص 197 س 12 من الحاشية: آوقة: آونة - ص 205 س 9 من المتن: آية: آيه (لان المعنى ورد مكررا في القرآن الكريم) - ص 215 س 7 من الحاشية: سنينا: سخينا (لان السنين لا معنى لها هنا ويوصف الدمع بالسخين) ص 241 س 10 من المتن: ومنها. مع أن الشعر ليس من تلك القصيدة - وص 252 س 4 وص 309 س 9 وص 380 س 7 ومن النساء قال ابن سريج: (ولم ينوه به عنه وإن قال أن أحسن الرجال غناء من تشبه بالنساء؛ فكان التنويه لازما حسبما أرى) - ص 343 س 4 عدا: غدا - ص 365 س 11 من الحاشية، أحيل على الحاشية رقم 5 ص 346 والصواب رقم 6 - ص 392 س 2 وذكر - وذكرا - ص 393 س 10 من الحاشية: وجاء يعدو فقال: وجاء يعدو فعثر وتبدد الجمر فقال (كما في القاموس والأمثال) - ص 397 س 6 من المتن: وقضى: وكان قضى أو وقد قضى (فهلا صحح) - ص 402 س 10
من الحاشية: الحشاش الذي يحش الحشيش (ولا معنى له هنا بل هو الذي يكتسح الحش وهو الخلاء) - ص 414 س 10 من المتن: قوله بابي حنيفة أيها القاضي، ولا اذكر إنه ولي قضاء فهلا علق عليه كلمة.
بغداد: عبد اللطيف ثنيان
الكتابات الأثرية العباسية
كان طير إلى صديقي العزيز العلامة الأب الكرملي منشئ هذه المجلة الجامعة بطاقة بالبريد الجوي مؤرخة في 28 حزيران سنة 1928 يقول فيها إنه جاءه في يوم واحد - 9حزيران - أربع رسائل من أربع مدن بخصوص الآثار العباسية ستنشر في الجزء السابع الذي يصدر بعد أسبوع.
فاغتبطت بهذا الخبر ظانا أن مقالتي عن الكتابات الأثرية العباسية المدرجة في صفحة 116 من المجلد السادس قد حملت بعض العلماء الذين يعرفون مثل هذه الآثار فكتبوا عنها ما يخدم العلم وينفع الناس وكتبت إلى الصديق الكرملي من عرض الكرمل أعلنه هذا الاغتباط وسروري بمقالتي التي جرت وراءها أربع مقالات وبت أرقب وصول الجزء السابع بنافد الصبر.
فلما جاءني بالأمس وجدت أن الرسائل الأربع التي تكاد تتفق في المعنى هي في نقد ما كتبته وإن اختلفت في المبنى. وبالرغم من تضمن إحداها عاطفة رقيقة فإنها كانت بمجموعها عاصفة تحامل شديد يراد به نسبة كل فضل وفضيلة إلى المستعربة من الغربيين الذين لا ننكر أياديهم البيضاء في خدمة لغتنا وتاريخنا ولكننا لا نرتضي لأنفسنا أن نكون عالة عليهم في القول والتفكير بل في الأمور التي قد نصل إليها ونطلع عليها أكثر منهم لأنها من تراث أجدادنا.
لذلك كنت شديد الأسف على التسرع الذي بدر من بعض أصحابنا على غير هدى. في حين أني لا ادعي العصمة ولا أبرئ نفسي من الخطأ والزلل.
والذي يتلخص من تلك الرسائل الأربع هو:
1 -
إن هذه الكتابات جمعها فإن برشم وعلق عليها فوائد جليلة ولعل الكتاب نشر قبل أيام في مطبعة المعهد الفرنسي في القاهرة.
2 -
إن هذه القضية قد طرقها السيد جرجي أفندي يني الطرابلسي منذ سنة 1892 في مجلة المقتطف الغراء في العددين الثامن والتاسع من المجلد السادس عشر وذلك بترجمة ما كتبه كليرمون غانو عنها.
3 -
إن مجلة الهلال الغراء نشرت مقالة بتوقيع أحمد زكي باشا تتضمن نحو ثلاثة أرباع ما في مقالتي وإن زكي باشا نقلها ببعض تصرف عن مقالتي فإن برشم وكليرمون غانو
وانه استفاد من مقالة السيد يني وأنني انتفعت بهذه المقالات الثلاث دون أن أشير إليها بكلمة واحدة.
4 -
إنه كان يحسن بزكي باشا وبكاتب هذه السطور أن يذكرا المصادر التي أخذا عنها مقالتيهما ولا ينتحلاها لنفسيهما إذ في ذلك الأمانة والإقرار بالمعروف ونسبة كل ذي حق إلى حقه.
انتهى ملخص الرسائل الأربع المدرجة في الصفحتين 353 و536 من المجلد السادس من لغة العرب المحبوبة.
وقبل أن أتولى الرد على السادة النقدة أرى من واجبي أن اشكر للأب الكرملي ذلك الثناء والإطراء الذي قدمهما بين يدي مقالتي وتوج بهما رأسها فأثار هذه العاصفة الأدبية ولولا ذلك ما تنبهت الأذهان إلى هذا الجرح والتعديل والمقابلة التي حفت بها مقالتي عن الإيمان وعن الشمائل. ولا يسعني وأنا أصوغ قلائد الشكر للصديق إلا أن أقول للناقدين إنني لم ادع في مقالتي الابتكار ولما زعم إنني أتيت بما لم يطلع عليه قبلي انس ولا جان وإنما عين الرضى جعلت الأب انستاس ينظر إلى المقالة بذلك النظر الكليل عن كل عيب. في حين إنه لم ينسب إليّ الابتكار والابداع، ولم يغمط حق المتقدمين في هذه المباحث. بيد إنني أستطيع القول لمن يريد: أنني وفقت لاكتشاف أشياء من هذا النوع لم يعلم بها غيري قبل أن أعلنها بين الملأ وآتي على قولي هذا ببرهانين نشرتهما في مجلة الزهراء الغراء، فمن كان في ريب مما اقول، فليرجع إليها في الصفحة 526 من المجلد الثاني والصفحة 578 من المجلد الثالث. وفي مجموعتي عشرات من الكتابات التي لم يسبق نشرها أو بالحري لم يمكن الاطلاع عليها لغيري.
ولم تكن عنايتي بجمع أمثال هذه الكتابات الأثرية من باب التقليد الأعمى
بل أن الذي حداني إلى ذلك إنني كنت بدمشق زائرا قبل خمسة عشر عاما فبينما كنت أتجول في شوارعها وجوادها وقع نظري على بعض الكتابات الأثرية المنقورة في الحجارة وقد أدخلت في بعض البنايات الحقيرة فورد على خاطري أن جمع مثل هذه الكتابات قد يجدي نفعا للتاريخ وقد أدليت برأيي هذا حين ذاك إلى صديقي صاحب المقتبسين العلامة الأستاذ السيد محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي وزير المعارف في الحكومة السورية
الآن فاستحسنه ولكنه قال أن مثل هذا المشروع يتطلب عناء ونفقة وهو أحرى بعلماء المشرقيات في الغرب منا نحن المشارقة العرب ومع ذلك فإني أخذت بنقل ما عثرت عليه من الرقم في فلسطين ولا أقول إنني تمكنت منها جميعا لأن في الزوايا كثيرا من الخبايا إلا أن الذي أستطيع أن أجاهر به وأفاخر إنني طوفت بأكثر مدن فلسطين وقراها باحثا منقبا وأنني صححت بعض أغلاط النقلة من العلماء المستشرقين الذين جمعوا كتابات معينة محدودة ولعل صديقي الأب يذكر حديثي له في هذا الشأن في دير مار الياس على رأس الكرمل سنة 1925 بل أقول أكثر من هذا إنني وجدت لكلرمون غانو ولفان برشم أغلاطا من هذا النوع سأنشرها متى جاء وقتها. ولا لوم ولا تثريب عليهما في ذلك فانهما ليسا من الناطقين بالضاد ولا هما من أبناء البلاد الذين يستطيعون التغلغل في أحشائها وقد قيل: أهل مكة أدرى بشعابها.
والذي أريد أن أقوله بجلاء ووضوح هو أنني نقلت تلك الكتابات عن أرقامها الأصلية ولم استعن بأحد كما توهم أصحابنا. على أن المتأخر إذا نقل عن المتقدم لا يكون قد ارتكب شططا أو جاء أمرا فريا. أما ردودي على كرام الكاتبين فهي:
1 -
إن المأسوف عليه فإن برشم كان عني بجمع الكتابات الفلسطينية وقضى نحبه قبل أن يقضي لبانته من نشرها وتمثيلها بالطبع. وقد نشر الجزء الأول من مجموعته التي ستقع في ثمانية أجزاء منذ بضع سنين واقتنيت ذلك السفر على الرغم من جهلي اللغة الفرنسية التي علق بها على الكتاب واللغات الأجنبية الأخرى كما
أشار إلى ذلك الأب انستاس في معرض الدفاع عني. وليس في هذا الجزء ما نحن بصدده من الكتابات ولم اطلع على الجزء الذي تلاه بالنشر - ولا أدري إذا كان هذا الجزء هو الذي قال عنه أحد الناقدين إنه صدر قبل أيام في القاهرة - لأتبين أكانت الكتابات التي تناولتها في مبحثي قد نشرت أو لم تنشر بعد! فهل يريد صاحبنا أن يقول إنني اطلعت على مسودات فإن برشم ونقلتها عنه والرجل كان يقيم في وطنه سويسرة ولم يتسن لي الاجتماع به. على إنه لو فرضنا أن فإن برشم قد نقلها إلى مجموعته فلا يمنع هذا من اطلاعي عليها قبله أو بعده وتعليقي عليها بما قدرت عليه.
وعلى ذكر هذه الكتابات أرى أن اذكر اهتمام أحد أساتذة اللغة بها فقد قال لي أن نشرها
على طرازها الأصلي قد أفاد العلماء معرفة طريقة الكتابة في القرن الثالث الهجري وانه لو لم يكن من وراء نشرها سوى هذه الفائدة لكفى.
2 -
يؤسفني أن أقول إنني لم اطلع على ما كتبه الأستاذ يني في المقتطف الأغر قبل سبع وثلاثين سنة تعريبا لما كتبه كليرمون غانو وتعليقا عليه ولكن الذي ألاحظه أن الذي كتب عنه الأستاذ هو المبحث الخاص بالكتابة الأموية المشوهة. وهذه الكتابة ليست من موضوع مقالتي (الكتابات الأثرية العباسية في فلسطين) وإنما ألحقتها بها بسبب التحريف الذي نالها في زمن المأمون العباسي وإذا فليست هي موضع الجدل وإنما كان يجب أن يقصر النقد على الرقيمين العباسيين اللذين بنيت مقالتي عليهما. وأنني اشكر لكل من يكشف لي الغطاء عنهما ويثبت لي بالبرهان انهما قد نشرا قبل أن أنشرهما سواء بالمقتطف أو غيره من المجلات والكتب فإن الكاتب لا يستطيع الإحاطة بكل ما يكتب ولا يفي العمر لقراءة جميع الكتب.
ولو كنت عند ظن أصحابنا النقدة أنني أتناول ما كتبه غيري وانسبه لنفسي لكنت كتمت أسم كلرمون غانو الذي نقلت عنه الرقيم العباسي الثالث المدرج في الجزء الثامن (م 6 ص583) ولم أشر إلى فإن برشم أيضاً فإن في كتم ذلك تضليلا للقراء وتوهيما لهم بأنه من اكتشافاتي الخاصة وهو شيء لا أقبل به ولا أقره.
3 -
ويؤسفني أيضاً أن أقول إنني لم أقرأ مقالة صديقي العلامة الجليلي الأستاذ أحمد زكي باشا في الهلال في حينها لأنقل عنها ثلاثة أرباع ما في مقالتي ولا أعني بذلك إنني استكبر النقل عن الأستاذ الثقة ولكني أقول الحق. وكم كنت أتمنى لو أن الناقد البصير أتى ببعض عبارات الهلال وقابل بينها وبين أقوالي لاقتنع من عند نفسي بتوارد الخاطر ووقع الحافر على الحافر على إنني اربأ بصديقي الزكي أن يكون قد استفاد من فإن برشم ولم يكن قد نشر الجزء الذي يتضمن هذه الكتابة بعد، ولعله لم ينشر إلى الآن، أو أن يكون قد انتفع بكلرمون غانو ولم ينسب أليهما ما نقله عنهما.
لذلك فقد قرأت الآن المقالة الزكية الواردة في المجلد الثاني والثلاثين في الصفحة 41 وعنوانها (الآثار المصرية بين يدي الملك والدين) فإذا بصاحبنا ينسب كل شيء إلى أهله شأن العلماء الأمناء واليك ما قاله في هذا الصدد بعد ذكر ما صنعه المهدي في الروضة
النبوية في المدينة المنورة يثرب من استبدال أسم الوليد بن عبد الملك على الطراز باسمه:
(ونظير ذلك ما فعله المأمون بالهرم الكبير وأمره معروف. لكن الذي لا يعرفه الأكثرون هو ما فعله بقبة الصخرة المعظمة في بيت المقدس. وفد عليها في رحلته إلى مصر فرأى ما بهره مما لا يزال إلى الآن فتنة الناظرين وأعجوبة العالمين فتشبه بجده المهدي في فعلته بالروضة النبوية. وذلك إنه أمر برفع قطعة من القاشاني عليها أسم عبد الملك بن مروان وأمر بتقليد قاشاني يشابهها وطبخ اسمه عليها ثم وضعها بدل التي انتزعها واستراح خاطره وظن أن السرقة قد تمت له على ما يشتهي وإن الأجيال الآتية ستتخيل وتتخيل إنه هو الذي بنى هذه العمارة الفائقة بل هذا الأثر الوحيد في المشرقين والمغربين.
وقد أعماه الله عن إتمام الخديعة فلم يتفطن إلى أواخر الحجارة المرقوم عليها سنة العمارة فبقيت الكتابة الأثرية إلى يومنا هذا كما شاهدتها بعيني شاهدا على جنايته الأدبية وبرهانا قائما على تزويره.
والفضل في اكتشاف هذا التزوير يرجع إلى المستشرق الفرنسي
كليرمون جانو فهو أول من تفطن إليه ونبه عليه وكتب بذلك فصلا بجرنال آسية سنة 1887 ص 484 وضمنه صورة الكتابة منقولة بالفوتوغرافية.) أهـ. كلام زكي باشا الذي نشر في الهلال صورة تلك الكتابة.
وقد نقلت عبارة زكي باشا القصيرة بحروفها ليتبين القارئ من خلال السطور إنه لم يستعن بمقالة جرجي يني ومجموعة فإن برشم وإن كان استفاد من مقالة كلرمون غانو فقد نوه بها وأشار اليها، وانني لم أنقل ثلاثة أرباع ما كتبته عنه فإن ما كتبه زكي باشا أيضاً يتعلق بالكتابة الأموية.
وأنت ترى أنني لم اتفق في الرأي مع الصديق الزكي فقد زعم أن تلك الكتابة قد طبخت على ألواح القاشاني وزعمت إنها رصفت بحجارة ملونة من نوع الفسيفساء ولعل لصديقي بعض العذر فيما يقوله فإن الفسيفساء على ما حددها صاحب القاموس (ألوان من الخرز مركب في حيطان البيوت من داخل وكتابة عبد الملك ليست بالخرز وإنما هي من حجارة ملونة صغيرة الحجم سميناها بالفسيفساء قياسا على أمثالها من الخرز واستنادا إلى ما جاء في معلمة لاروس في التعريف بالفسيفساء بقولها:
(الفسيفساء: مادة مركبة من قطع مجموعة (حجارة وتراب مطبوخ مطلي بالجلاء وزجاج وخشب مختلفة الألوان: يتألف من مجموعها نوع من الأصباغ).
وقولها أيضا:
(أن المادة الأولية للفسيفساء مؤلفة من قطع رخامية صغيرة مختلفة الألوان مربعة الأشكال ومن قطع صغيرة طبخت من تراب ملون طلي بالجلاء.)
والظاهر من قول المعلمة إنه يراد بالقطع الترابية المطلية بالجلاء القاشاني.
على أن في بلاد الأندلس ضربا من القاشاني كثير اللمعان تزين به القباب والمناور ويصنع هذا النوع الذي يسمى عندهم جليز في بلاد المغرب وهي تصحيف زليج.
وفوق ذلك فإن صديقي نقل الكتابة على الوجه الآتي:
(بنى هذه القبة المباركة عبد الله عبد الله الإمام المأمون أمير المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين تقبل الله منه ورضى الله عنه آمين.)
وأنا نقلتها ومقدمتها التي هي:
(بسم الله الرحمن الرحيم. لا اله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه. بنى. . . الخ)
ولهذه الكتابة بقية سأذكرها عند نشري الكتابات الأموية في فلسطين.
4 -
إن أحمد الزكي قد ذكر المصادر التي نقل عنها في مجلة الهلال. أما أنا فقد بسطت لك الكلام على أنني لم أنقل عن أحد من العرب أو المستعربين ولو نقلت عنهم لما استكبرت عن الاعتراف بذلك لهم واحمد الله على أن من دأبي نسبة كل شيء إلى أهله حتى في روايتي وأحاديثي الشفهية احتفاظا بأمانة النقل.
وأرى أن اقتصر على هذا القدر من الكلام فإن فيه الغناء لمن يعقلون.
حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص
ملاحظات
1 -
جرى لي سبق قلم في كتابة تاريخ ولادة ابن الفوطي فقد كتبت سنة 742 (راجع لغة العرب 6: 648) والصحيح هو 642 فقد جاء في الترجمة التي رقمها 2408 من الدرر الكامنة ما نصه: (ابن الفوطي - مولده في المحرم سنة 642 وكذا ورد في تذكرة الحفاظ
للذهبي طبع حيدر آباد 4: 284
(ل. ع) الذي ورد في الأوراق التي جاد بها علينا الصديق هو 742 ولا جرم أن هناك سبق قلم لاشك فيه.
2 -
لما قلت: (باشر كتب)(6: 648 من لغة العرب) قدرت أن أصل الكلام هو: باشر نظارة كتب. أو وكالة كتب أو خزن كتب خزانة الرصد، مما يتحمله باب حذف المضاف إليه. إذ يستحيل عقليا أن يكتب الرجل أربعمائة ألف مصنف. وكثيرا ما يستعمل ابن حجر كلمة (باشر) ويردفها بالمصدر فيقول مثلا: باشر توقيع الدست، وباشر نيابة القضاء إلى غير ذلك. ولهذا أبقيت كلام ابن حجر على حاله. وأنت تعلم أن كلام ابن حجر ليس مما يؤتم به.
(ل. ع) قلنا: وعدم التقدير أحسن من التقدير، ولاسيما لأننا لو أولنا (كتب) بالمصدر لجارينا ابن حجر في مصطلحاته كما لا يخفى.
3 -
قولكم في الحاشية 3 من ص 648 من هذه السنة 6: (في هذا العنوان خطأ ظاهر من الناسخ الماسخ والصواب معجم الآداب في معجم الأسماء والألقاب
كما ورد في كشف الظنون يخالف ما جاء في المخطوط بصريح العبارة: (اختصره في آخر سماه مجمع الآداب ومعجم الأسماء على الألقاب) ونظن أن صاحب كشف الظنون وهم في قوله، أو لعل الوهم من الناسخ لا منه والصحيح ما ذكرناه.
(ل. ع) ونحن نرجح تصويب الأستاذ الصديق.
4 -
يجب أن يكتب مبارك بن المستعصم لا مبارك ابن المستعصم كما ورد سهوا في المجلة 6: 648 وكان أحد أبناء الخليفة المستعصم ومن المحدثين كأبيه.
5 -
صححتم قول ابن حجر خمسمائة إنسانا بقولكم: (والصواب: إنسان بالجر)(ح 7 ص 648: 6) والذي في النسخة الخطية إنسانا بالنصب ولابن حجر فلتات غير هذه.
6 -
صححتم (في قطع الكبير)(ص648: 6) بقولكم: والصواب في القطع الكبير، فاسمحوا لي أن لا أوافقكم في هذا ولا اعتبر أن في الأصل خطأ ففي قوله: في قطع الكبير تقدير هو: في قطع الورق الكبير. ومثل هذا ورد في صبح الأعشى (7: 253 س 7) أما الملطفات ففي قطع الثلث. وفيه (ص 250 س 10) يكتب في قطع البغدادي الكامل. وفيه
(ص 215 س 2) في قطع الشامي الكامل. وفي (6: 426 في عدة مواطن) إنه كتبه في قطع البغدادي الكامل. وجاء فيه مرارا قوله: في قطع الكبير وفي قطع الكامل.
إن أغلاط ابن حجر في مميز العدد لا تنكر أما من جهة اتباع النعت للمنعوت فمما لا أوافقكم عليه. والنسخة الخطية التي بيدي مرت تحت أنظار المؤلف نفسه وأنظار السخاوي وفي الكتاب أوهام وعبارات واستطرادات (لا محل لها من الأعراب). أني موقن بأن النسخة التي بين أيدينا هي المسودة، لما في النسخ الأخرى الحسنة من تبديل مواضع بعض التراجم وكثرة البياض في بعض الصفحات، بياض كان يمكن أن يملأ بكلمة أو كلمات بسهولة عظيمة. ويظهر لي إنه كان للمؤلف كتب خطية عسرة القراءة أو إنه كان يقرأها بصعوبة عظيمة. وقد كتب ابن حجر بنفسه على حاشية مخطوطي:(تجب معارضة الكتاب مرة ثانية) والكتاب الذي يشير إليه ليس عندي وهو (الإحاطة) لابن الخطيب. والترجمة
التي يشير إليها غير موجودة في المجلدين اللذين نشرا في القاهرة والنسخ الخطية التامة ترى في ديار الأندلس أو في ديار المغرب.
7 -
جاء (تكهل) بمعنى (اكتهل) مرارا عديدة في كتاب (الدرر الكامنة) وقد أنكرتموها.
(ل. ع) لم ننكرها إلا لأننا لم نجدها في سفر من الأسفار اللغوية فإذا وجدت لغيره أيضاً سلمنا بمولديتها.
8 -
في مطالعتي مجلتكم وجدتكم بعض الأحيان تستعملون مفرد أفعل المؤنث (أي فعلاء) في مكان الجمع كما يفعل كتاب مصر. فقد جاء في لغة العرب (6: 252 س 20) الأشجار الخضراء في مكان الأشجار الخضر.
(ل. ع) من مزايا لغتنا وصف المنعوت المجموع من غير العاقل بصفة مفردة مؤنثة ومنه في سورة الحاقة: (قطوفها دانية أي دانيات. وقوله: في الأيام الخالية أي الخاليات. وفي سورة البقرة: إن تبدوا الصدقات فنعما هي، وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم.) وهذا لا يحصى.
9 -
رأيت في النص الفارسي الوارد في مقالة بي بروا بعض الأوهام منها في الصفحة 243 (من السنة 6) في السطر 21: نرادد والصواب ندارد. وفي ص 248 س 8: ميدادر والصواب ميدارد. وفي ص 249 س 14 ريدة من: ديدة من. وفي ص 250 س 4
مهناب: مهتاب. وفي ص 252 س 11 بررم: يدرم بباء مثلثة تحتية فارسية.
بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو
(ل. ع) كان حضرة الكاتب الجليل أحمد حامد أفندي الصراف نبهنا على هذه الأغلاط لكن فاتنا أن نصححها. فنشكر حضرة صديقنا كرينكو على ملاحظاته هذه.
الجيل ومعناه
جاء في تذكرة الكتاب للأديب اللغوي اسعد أفندي خليل داغر (في ص 62) ما حرفه: ويستعملون الجيل بمعنى القرن، فيقولون:(كان ذلك في أوائل الجيل الماضي) وفي كتب اللغة: الجيل صنف من الناس. أهـ. قلنا: جاء في التاج: والجيل أيضا: القرن. أهـ. ونزيد على ذلك أن الشاعر قال في هذا المعنى:
أن الغراب وكان يمشي مشية
…
فيما مضى من سالف الأجيال