الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره
1 -
مؤتمر المستشرقين أو علماء المستشرقيات في اكسفورد جرت لعلماء المشرقيات عادة حسنة هي أنهم يعقدون مؤتمرا عاما في كل سنة أو سنتين وينتخبون له بعض البلاد المشهورة موطنا للاجتماع، وقد كان عقد مؤتمرهم لهذه السنة في جامعة اكسفورد بعد أن امتنع عقده خمس عشرة سنة بسبب الحرب العامة.
في مساء اليوم السابع والعشرين من شهر آب (أغسطس) الماضي اجتمع رجال المشرقيات وقادة العلم في العالم من جميع أقطار الأرض في الرواق الأكبر من مدرسة الامتحانات وكان عددهم فوق السبعمائة وافتتح المؤتمر بخطبة قصيرة فاه بها رئيس المؤتمر اللورد جلمرس كان موضوعها الترحيب بمندوبي الأمم وقد ذكرها أمة أمة إلا العراق والحجاز فانهما لم يمثلهما أحد رسميا وإذ كنت قد انتخبت مندوب العراق انتخابا غير رسمي لصلتي بجامعة لندن، قدمت إلى رئيس المؤتمر في زمرة الذين شملهم أسم الانبراطورية البريطانية ومن جملتهم كندة وأسترالية والهند ومصر وفلسطين.
وكان عدد المندوبين الرسميين فقط 252 مندوبا ينقسمون إلى 100 عن انكلترة ومستعمراتها و28 عن الولايات المتحدة و25 عن ألمانية ورئيسهم العلامة بكز وزير معارف ألمانية وعن فرنسة 19 وفي ضمنهم مندوبو سورية والجزائر والهند الصينية ورئيسهم الأستاذ مورة وعن بلجكة 11 وعن بولونية 10 وعن روسية 10 وعن إيطالية 5 وعن الدنمرك 5 وعن إيران 5 وعن نروج 5 وعن الفاتيكان 4 وعن هولندة 4 وعن يوغسلافية 3 وعن السويد 3 وعن مصر 2 وعن لطيفية (؟) 2 وعن نثرلند 2 وعن المجر (هنغارية) 2 وعن كل من اليابان والنمسة والترك والبرتغال وملايا واحد.
وتوفيرا للوقت على الخطباء والمستمعين معا قسمت المواضيع إلى شعب وخصصت غرفة لكل شعبة. أما المواضيع التي
طرقت فكانت 27 خطبة عن بلاد آثور وما يتصل بها من الأخبار وكان رئيس هذا الفرع الأستاذ لنكدن و27 خطبة في مسائل عامة ورئيس هذا الفرع الأستاذ مايرس و19 خطبة عن مصر وأفريقية والرئيس لها الأستاذ غريفيث و6 خطب عن آسية الوسطى والشمالية و33 خطبة عن الهند القديمة و14 خطبة عن الهند
الحاضرة، والهند الجنوبية وسيلان و14 خطبة عن إيران وأرمينية والقفقاس وكان الرئيس لهذه الفروع الأربعة الأستاذ توماس و24 خطبة عن الشرق الأقصى والرئيس الأستاذ سوثل و34 خطبة عن الارمية والعبرية والرئيس الأستاذ كوك و36 خطبة عن الإسلام وتركية والرئيس الأستاذ مرجليوث و17 خطبة عن الفنون الفتانة في الشرق والرئيس السر مايكل سدار
وفي نحو الساعة التاسعة وربع من صباح يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من آب (أغسطس) 1928 شرع الخطباء في الخطابة ودام الأمر على هذه الصورة كل يوم صباحا وعصرا وليلا حتى مساء يوم الجمعة الحادي والثلاثين من الشهر المذكور.
وفي صباح اليوم الذي عقبه اجتمع الجميع في رواق الامتحانات كما اجتمعوا في الليلة الأولى وودع بعضهم بعضا بعد أن قرروا أن يعقد المؤتمر القادم بعد سنتين في مدينة ليدن من هولندة.
وكان مندوب سورية حضرة العلامة السيد محمد كرد علي قد دعا المؤتمرين في خطبته التي خطبها بالعربية إلى أن يعقد في الشام فقام الدكتور طه حسين مندوب الجامعة المصرية وقال أني باسم حكومة مصر أدعو المؤتمرين إلى مصر ثم أن رئيس اللجنة قال أن ذلك يتعذر لكثرة النفقات ومشقة السفر وطوله فقام كاتب هذه السطور وفند حجته مبينا أن الفوائد التي يجنيها المستشرقون من الشرق أعظم بكثير من النفقات التي تنفق في هذا السبيل والكلام عن القوم في داخل بلادهم يأتي بثمرة أكثر مما يأتيه الكلام عن القوم في خارج بلادهم وليس هناك دولة من دول الأرض إلا ولها منافع اقتصادية أو سياسية في الشرق فهي لا تخسر إن أنفقت بضع مئات من الليرات في هذا السبيل وأنا لا أدعوكم إلى بغداد لأني أخاف
هجوم الأخوان عليها ساعة حضوركم فيها فتنالكم الأذية فنوسم بسمة التعصب والهمجية (فضحك القوم لذلك). أما من جهة طول السفر ومشقته فلا أرى لهما مانعا لوجود الطيارات (فزاد الضحك والتصفيق استحسانا). ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح إذ قررت اللجنة ما تقدم ذكره.
أما الخطب التي قيلت فبعضها بالافرنسية فالألمانية فالإنكليزية فالهندية فالعربية وكانت خطب الألمانية أمتع من سواها في جلال الموضوع وإشباع البحث والتدقيق في التحقيق.
وقد كان المندوبون عن مصر الدكتور طه حسين والأستاذ جاد المولى وعن سورية العلامة الشهير السيد محمد كرد علي وعن لبنان السيد الحوراني نزيل منجستر وعن تركية الأستاذ كبرلي زاده محمد فؤاد بك وعن إيران الأستاذ ميرزا محمد خان القزويني.
وخطب المستر وولي مدير الحفريات في اور خطبة نفيسة عن أعماله في أور عما اكتشفه فيها وذكر أن قد ثبت له أن مدنية أور أقدم من مدنية مصر ثم قال الأستاذ الأكبر ارنست هرتسفلد المعروف لدى العراقيين وخطب خطبة بديعة عن حفرياته في إيران اظهر فيها أن مدنية فارس أقدم من مدنية أور لأنها ترتقي إلى العصر الحجري. ذكرت هتين الخطبتين خاصة لأنهما صادرتان من منبعيهما وتتعلقان بالعراق خاصة.
لندن: 6 - 9 - 1928
كاظم الدجيلي
وكتب إلينا صديقنا العلامة ف. كرنكو أن أمتع ما سمعناه كان كلام مبعوثي المغرب المسيو ليفي بروفنسال وابن شنب. وتاج هذه المباحث كان الخطبة العربية البليغة التي خطبها السيد محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي (المحنى) ووزير المعارف في سورية فإنه بين بأجلى البراهين ما للمستشرقين من الفضل في إحياء العلوم الغربية في المشرق. ولما كانت عباراته دررا رطبة تنثرها شفتاه لم يصعب فهمها علينا نحن المستعربين المساكين ولاسيما لأن صوته جلي.
وكتب إلينا صديق ثالث (ا. ج) كان لألمانية سبعون عالما ممثلا للجان المؤتمر التسع وقد اظهروا من البراعة في المباحث التي عالجوها ما ادهش جميع حضنة العلم والتحقيق، على إنها كانت
سابحة في جو كله ضباب فكري وتطويلات مملة واستطرادات آخذة بعضها برقاب بعض
2 -
ترفيع درجة ممثلينا السياسيين
صدرت الإرادة الملوكية بترفيع درجة ممثلينا السياسيين في لندن وأنقرة إلى درجة مندوبين فوق العادة ووزيرين مفوضين. فنهنئهما بذلك.
3 -
عودة الوفد العراقي
عاد من الحجاز الوفد العراقي في مساء الخميس 30 آب (أغسطس) غير ناجح في مسعاه.
4 -
الحاج عبد اللطيف جلبي ثنيان
عين حضرة صديقنا مديرا لإدارة الوقف في وزارة الأوقاف وقد كان في هذه الوظيفة سابقا فنهنئه بعودته إليها أو قل بعودتها إليه ونتوقع أعمالا خطيرة على يديه.
5 -
أحمد حامد أفندي الصراف
تعين صديقنا الأديب الشهير أحمد حامد أفندي الصراف مديرا للمطبوعات فنهنئه بها ونتمنى له خدمة طيبة للوطن ورقيا عليا للمطبوعات.
6 -
البعثة العلمية العراقية
قررت وزارة المعارف إرسال 28 طالبا وطالبة في هذه السنة إلى الجامعات العلمية في أوربة وأميركة ومصر وبيروت للتخصص في مختلف العلوم والفنون على الوجه الآتي:
4 -
إلى أميركة للتخصص في الزراعة.
6 -
بنات إلى بيروت للتخصص للتعليم في كلية البنات الأميركية.
4 -
معلمين إلى انكلترة لإكمال الدراسة.
4 -
من التلاميذ إلى الجامعة الأميركية في بيروت للتخصص في العلوم.
6 -
إلى انكلترة للتفرغ في الهندسة.
6 -
إلى انكلترة للتفرغ في سكك الحديد.
2 -
إلى مصر للتضلع من آداب اللغة العربية.
1 -
إلى انكلترة للتفرد بفرع من فروع الحقوق.
28
وسيقرر أيضاً إرسال تلميذة أخرى وتلميذ آخر إلى بيروت للاستفراد بالعلوم كما إنها قررت أن لا ترسل إلى انكلترة أو أميركة طالبا ما لم يكن بيده شهادة الدخول في الجامعات. لذلك أبرمت أن يستعد الطالب في بيروت قبل أن يرسل إلى الجامعات.
7 -
نكبات آل البكر والهاشمي
نكب آل البكر والهاشمي نكبات عديدة في مدة وجيزة: فقد فجع الأولاد بوفاة والدهم قبل برهة غير بعيدة؛ ثم غرق في دجلة أحد الأولاد وهو المرحوم
إبراهيم البكر فأقيمت له مناحة رددت صداها أرجاء العراق. وفي أوائل آب سافر أخوه محمود البكر إلى سورية فهجمت عصابة من قطاع الطرق على السيارات في طريق الصحراء وأطلقت الرصاص على المسافرين فأصيب قدرا محمود البكر ضحية لهذا الهجوم فوقع صريعا يتخبط في دمائه ونقلت جثته إلى دمشق فدفنت فيها وشيعها أبناء العراق في تلك المدينة الفيحاء رحمه الله.
ونحن نقدم إلى خالي الصريعين يس باشا الهاشمي وطه بك الهاشمي المدير العام لمعارف العراق طالبين إلى الله أن لا يريهما بعد هذا مكروها.
8 -
وفاة عبد اللطيف الفلاحي
في صباح 31 آب توفي عبد اللطيف الفلاحي نائب الحلة سابقا. والأستاذ في جامعة آل البيت وغيرها من المدارس وهو من مزاولي التعليم من مدة تقرب من أربعين عاما. وعالج الصحافة أيضاً فأصدر وضيعة (مكتب) باللغات التركية والعربية، والفرنسية في العهد العثماني، ومجلة (العلوم) في الشام وقد أبرز منها أجزاء لم تتم بها السنة. ونشر في بغداد جريدة باسم (الفلاح) بعد تأسيس الحكم الوطني في العراق. ووضع بضعة كتب للمدارس لا بأس بها. ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي. رحمه الله.
9 -
القس عمانؤيل يالينكتيان
توفي هذا القس الفاضل البار في مساء 6 أيلول وكان قد ولد في مرعش سنة 1879 وتلقى دروس الكهنوت في مدرسة القديس لويس للآباء الكبوشيين في بك أوغلي (بيرا. الأستانة) وكهن في سنة 1907 ولما جاء في بغداد في سنة 1923 ليعلم في مدرستنا أكب على درس اللغة العربية لما رأى فيها من المحاسن والاتساع واخذ يزاول مهنته في هذه اللغة ناجحا فيها كل النجاح، ودفن في دار الأيتام الراجعة إلى المبعث، رحمه الله رحمة واسعة.
10 -
ماتت من لسعة زنبور
لسع زنبور السيدة ظريفة حنا جموعة امرأة دانيال باكوس في صباح 29 آب ولم يمهلها
إلا ساعة من الحياة فنقدم إلى نجليها القس حنا باكوس وأخيه سركيس أفندي تعازينا. كما نقدمها إلى نسيبها شكر الله باكوس ونطلب للفقيدة الرحمة والراحة الأبدية.
11 -
جان خياط
جان بن جرجيس خياط شاب عمره 17 سنة كان يتلقى علومه في المدرسة
الثانوية فتحكمت فيه حمى محرقة واختطفت روحه فأبقى والديه وأخاه وأخواته وأولاد عمومه بلا سلوى. فنشاطر الأسرة بأجمعها البلية التي انتابتهم ورحم الله تلك النفس الغضة.
12 -
وفاة محمود سلامة
عظمت خسارة الأدب في العام الفائت وفي هذه السنة بوفاة الكثيرين من علمائه كالأب شيخو والدكتور يعقوب صروف وغيرهما. والآن ننعي لقرائنا مع الأسف الشديد الصحفي المصري القديم الأستاذ محمود سلامة صاحب جريدة (الواعظ) وقد مات قتيلا بفأس شرير في ريف مصر. وكان الفقيد كاتبا بليغا. وشاعرا مقلا مجيدا، ومربيا فاضلا. ومن مأثور نظمه قوله:
ما توانى عن الحبيب كتابي
…
لسلو أو رغبة عن هواه
إنما كلما كتبت رقيما
…
سقط الدمع فوقه فمحاه
رحمه الله رحمة واسعة.
14 -
الدجل في الأدب
لما بدأنا ننقد (ديوان العقاد) كنا نحسب أن صاحبه أول من يرحب بهذا النقد كيفما كانت قيمته، لأننا وجهنا به أنظار الكثيرين من المتأدبين في العراق إلى ديوانه، ووسعنا لهذا النقد موطنا وافيا على قدر الامكان، واتبعنا كعادتنا لهجة معتدلة يشهد بها كل منصف خالي الغرض فذكرنا له حسناته، وآخذناه على سقطاته، تحذيرا لسواه وتنبيها له ايضا، وما تشددنا في مواضع إلا أملا في إصلاحه، وإلا فما كان أهون علينا إغفاله كما أغفلته صحف ومجلات أخرى هي أعرف منا بدجله وشعوذته، وباتخاذه العظمة مركبا له وتحايله على الشهرة بالشذوذ والسباب والغطرسة ونحو ذلك. . . فلما تهجم علينا بهزءه الشائن ومهاترته التي يحسبها نوعا من المهارة لم نجد مطلقا عن جادة الحق، وآثرنا أن نرد أباطيله بالحجة
القوية على السكوت، دفعا لدجله ومغالطته التي هي أسوأ ما عرفناه في هذا العصر لكاتب عربي معروف يدعي إنه شاعر كبير أيضاً!
والمطلع على الصحافة المصرية لن يجد أي مشقة في معرفة قيمة العقاد الحقيقية بين أبناء وطنه الذين يعرفون إنه مصاب بنوع من جنون العظمة، فيهزءون منه إلى حد إشفاقهم عليه، حتى يتجاوز هو حدود السكوت عنه وحينئذ لا يرون مفرا من ردعه. وقد اشتهر العقاد بالدجل السياسي في كتابته، وهو عين ما يتبعه الآن في أدبه الذي لا يمثل الجديد منه إلا ما ينهبه من الأدب الأوربي بعد شيء من التحوير والسفسطة.
وقد نشرنا بعنوان (الفردية في الأدب) مقالا سديدا للأستاذ جورج فرح صاحب مجلة (المهذب) الغراء يغنينا عن أي تعليق عليه لهداية من تعوزه الهداية، ونختم هذه النبذة بكلمة عن العقاد في جريدة (السياسة) المؤرخة في 30 أغسطس سنة 1928، وهي أوسع الصحف المصرية الصميمة انتشارا. قالت بعد كلام: (. . . رجل وقح سليط اللسان، كل تاريخه منحصر في الإساءة لكل من أحسن إليه يوما